<%@ Language=JavaScript %> محمد الحنفي    بين ضرورة عدم القفز على المراحل وضرورة حرقها في أفق الاشتراكية  الأجزاء 21 و 22

 

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                                

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

بين ضرورة عدم القفز على المراحل

 

وضرورة حرقها في أفق الاشتراكية 

 

  الأجزاء 21 و 22

 

  محمد الحنفي   

 

.....21

 

 الحديث عن الاشتراكية باق ما بقي الاستغلال الرأسمالي:

 

وبناء على ما رأيناه في الفقرات السابقة، وانطلاقا من الممارسة البيروقراطية، التي عرفها الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفياتي السابق، كما عرفتها، في نفس الوقت، الدولة الاشتراكية فيه، مما أدى إلى شيوع عداء شعبي للممارسة البيروقراطية، مهما كان مصدرها، وتكونت الرغبة في التخلص من الأجهزة البيروقراطية، وتحقيق الديمقراطية، حتى وإن كانت هذه الديمقراطية ليبرالية. وهو ما يعني أن الحديث عن الاشتراكية، والتطور الاشتراكي، لم يعد واردا، نظرا لهذا الانهيار الذي عرفته الدولة الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي السابق. وإذا صار الحديث عن الاشتراكية غير وارد، فإن الحديث عن النضال من أجل تحقيق الاشتراكية سيصير أيضا غير وارد، ونظرا للعلاقة الجدلية القائمة بين التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، فإن هذه العلاقة الجدلية تدفعنا إلى القول بأن تحرير الانسان، والارض، سوف يصير أيضا غير وارد، وتحقيق الديمقراطية سوف يصير كذلك غير وارد، والنضال من أجلها سوف يصير غير ذي جدوى.

 

وهذا التوجه في التفكير، وفي الممارسة، لا ينسجم إلا مع نظرية نهاية التاريخ، التي تراجع عنها حتى فوكو ياما الأمريكي الجنسية، الذي نظر لها في كتابه الذي روجت له الرأسمالية العالمية كثيرا، خلال التسعينيات من القرن العشرين. فنهاية التاريخ في التحليل الاشتراكي العلمي غير واردة. فكل شيء يتغير، ويتطور، والتاريخ يتمرحل، والنظام الرأسمالي في زمن ما، وفي مكان ما، لا بد أن يتحول، ولا بد أن يتطور، والتطور لا يتأتى إلا بانتقال التشكيلة الاقتصادية / الاجتماعية الرأسمالية إلى تشكيلة اقتصادية / اجتماعية اشتراكية.

 

ولذلك، فتطور النظام الرأسمالي، أي نظام رأسمالي، وبعد إنضاج شروط ذلك التطور: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، لا يتأتى إلا بانتقاله إلى نظام اشتراكي، بقوة التطور التاريخي: المادي، والمعنوي.

 

ذلك، أن النظام الرأسمالي لا يمتلك شروط اعتباره نهاية للتاريخ، والتاريخ لا يعرف شيئا اسمه الثبات الأبدي، فكل شيء يتحرك، وكل متحرك يتطور، وكل تطور يفضي في مرحلة معينة إلى الارتقاء بالتشكيلة الاقتصادية / الاجتماعية القائمة، الى تشكيلة اقتصادية / اجتماعية أرقي. والرقي، في هذه الحالة، عندما تنضج شروطه، لا يمكن أن يصير إلا اشتراكية. والاشتراكية لا تتحقق إلا بتحقق الحرية، والديمقراطية؛ لأن المجتمع الذي تتحقق فيه الاشتراكية، لا يمكن أن يكون إلا حرا، ولا يمكن أن يكون كذلك إلا ديمقراطيا، والمجتمع الاشتراكي الحر، والديمقراطي، لا يمكن أن يعرف الممارسة البيروقراطية، لا في أجهزة الحزب، ولا في أجهزة الدولة، ولا في المنظمات الجماهيرية. فالحرص على تمتيع أفراد المجتمع الاشتراكي بالحرية، والديمقراطية، شرط لاستمرار الاشتراكية، واستمرار الحرية، واستمرار الديمقراطية؛ لأن كل ذلك، يتخلل النسيج الاجتماعي، ويدخل في بنية المجتمع، ولا يمكن ان يزول إلا بالارتقاء إلى المرحلة الأرقى، والمرحلة الأرقى بعد الرحلة الاشتراكية، هي المرحلة الشيوعية، التي تنتفي فيها الدولة، وينتفي فيها الاستغلال، ويصير فيها كل واحد يحكم نفسه بنفسه، وبصفة تلقائية، بعد إعداده لهذه المهمة التاريخية، والمستقبلية، التي تزداد تطورا اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وإنسانيا، من خلال المقولة الماركسية: "على كل حسب قدرته، ولكل حسب حاجته".

 

ولذلك، فتوقف الحديث عن الاشتراكية، سيكون منبوذا تاريخيا، وواقعيا، ومستقبليا.

 

فعلى المستوى التاريخي، نجد أن المرحلة التاريخية، التي نعيشها، لا يمكن أن تقبل بشيء اسمه أن يعتبر النظام الرأسمالي، والرأسمالي التبعي، نهاية التاريخ، لشيء واحد، وهو أن التاريخ لا ينتهي عند مرحلة معينة، ولا يؤبد نظاما معينا، ولا يقبل بالرجوع إلى الوراء، إلا من باب التضليل، والتضليل ليس إلا معرقلا لحركة التاريخ، والتاريخ يقضي بانتقال النظام الرأسمالي المتعفن، الذي يسود فيه الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، إلى نظام اشتراكي، تتحقق في إطاره الحرية، والديمقراطية، والاشتراكية. وهذا الانتقال، يعتبر، في حد ذاته، انتقالا من مرحلة تاريخية، عرفت سيادة النظام الرأسمالي، إلى مرحلة تاريخية أخرى، تعرف النظام الاشتراكي، الذي سيفضي، هو بدوره، إلى مرحلة تاريخية أرقى، وهي المرحلة الشيوعية.

 

وعلى مستوى الواقع، فإن البشرية التي تعاني من الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، في ظل النظام الرأسمالي، أو الرأسمالي التبعي، لا يمكن أن تقبل بتأبيد الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، لكون ذلك يهدر كرامة الانسان الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. ولذلك، فالبشرية المحكومة بالنظام الرأسمالي، والرأسمالي التبعي، لا بد أن تناضل من أجل تحقيق الحرية، والديمقراطية، والاشتراكية؛ لأن الحرية تخلصها من الاستعباد، والديمقراطية تخلصها من الاستبداد، والاشتراكية تخلصها من الاستغلال. ولذلك، فالواقع سوف يستحضر الحديث عن الاشتراكية، كأمل قابل للتحقق على المدى القريب، أو المتوسط، أو البعيد. والحديث عن الاشتراكية في الواقع، لا يمكن أن يكون إلا حديثا عن الانسان، وعن إنسانية الانسان، التي لا تعرف الهدر في ظل الاشتراكية. والحديث عن الاشتراكية لا يتم إلا بتحرير الانسان، وتمكينه من الممارسة الديمقراطية. والواقع الاجتماعي لا يتحمل أن يصير سليما، إلا بصيرورة المجتمع القائم فيه حرا، وديمقراطيا، واشتراكيا.

 

وعلى المستوى المستقبلي، فكل ما يجري في ظل النظام الرأسمالي ينبئ عن ضرورة النضال الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، بواسطة النقابات، والجمعيات الحقوقية، والثقافية، وبواسطة الأحزاب السياسية، وانطلاقا من برامج مرحلية، في أفق التقليص من حدة الاستغلال، قبل القضاء عليه، بتحقيق الاشتراكية.

 

ولذلك، فالمستقبل، على المدى المتوسط، والبعيد، ليس للنظام الرأسمالي، وليس لتأبيد هذا النظام الذي يعمل باستمرار على إقحام البشرية في عذابات لا حدود لها. والبشرية تتحين مختلف الفرص، من أجل التخلص من الاستغلال الرأسمالي، بالعمل على تحقيق الاشتراكية، وبناء النظام الاشتراكي.

 

وانطلاقا من المستوى التاريخي، والواقعي، والمستقبلي، فإن الحديث عن الاشتراكية كحلم، وكمستقبل، وكخلاص من الاستغلال الرأسمالي، وكفضاء للحرية، والديمقراطية، سيبقى قائما في الواقع. هناك نظام رأسمالي يستغل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وانطلاقا من هذه الخلاصة، فإن القول بضرورة العمل على المرور من المرحلة الرأسمالية، بالنسبة للمجتمع المحكوم بالنظام الرأسمالي التبعي، هو قول قابل للنقاش، لاعتبارات نذكر منها:

 

الاعتبار الأول: أن النظام الرأسمالي المتطور، الذي عرف تفعيل ممارسة ديمقراطية معينة، تؤدي إلى تداول السلطة، وتقود إلى تمتيع أفراد المجتمع الرأسمالي، بالتمتع بمجموعة من الحقوق. والتمتع بالحقوق، لا يمكن أن يسمح به، في ظل نظام رأسمالي تبعي.

 

والاعتبار الثاني: أن النظام الرأسمالي التبعي، هو نظام متخلف على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية. وتخلفه هذا، هو المفرخة التي تنتج المزيد من الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، مما يجعل شرائح عريضة من المجتمعات المحكومة، بأنظمة رأسمالية تابعة، تعيش تحت عتبة الفقر، ولذلك، فالبلدان ذات الأنظمة التابعة، أكثر قبولا للنضال من أجل تحقيق الحرية، والديمقراطية، والاشتراكية، من غيرها من الدول الرأسمالية المتقدمة، والمتطورة.

 

الاعتبار الثالث: أن البديل الذي يجب طرحه في البلدان ذات الأنظمة التابعة، لا يمكن أن يكون إلا بديلا اشتراكيا. وما سواه ليس إلا خوضا في اللا بديل، نظرا لكون الرأسمالية التابعة، ليست مؤهلة لأن تتحول إلى رأسمالية متطورة، نظرا لخصوصيتها المتمثلة، بالخصوص، في تأصيلها من الإقطاع، الأمر الذي يجعلها مستمرة قي اقتناعها بالأيديولوجية الإقطاعية، وفي عدم اقتناعها بالأيديولوجية الرأسمالية، وفي اعتبار نظامها مناخا خصبا لقيام الأحزاب الدينية، والدينية المتطرفة، القائمة على أساس أدلجة الدين. هذه الأحزاب التي يعتبر قيامها مخالفا لما هو وارد في المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الانسان.

 

ومادامت البلدان ذات الأنظمة التابعة، هي المرشحة للنضال من أجل تحقيق الحرية، والديمقراطية، والاشتراكية، فإن هذه البلدان في حاجة إلى إنضاج الشروط الموضوعية، لتحقيق الحرية، والديمقراطية، والاشتراكية.

 

وهذه الشروط لا يتم إنضاجها إلا بالنضال من أجل:

 

1) قيام دستور ديمقراطي، تكون فيه السيادة للشعب، الذي يصير مصدرا لجميع السلطات، وتصير فيه السلط مستقلة عن بعضها، ويضمن تمتيع جميع المواطنين في كل بلد من البلدان العربية بالحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، كما هي في المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الانسان.

 

2) إجراء انتخابات حرة، ونزيهة، لإيجاد مؤسسات تمثيلية حقيقية، تعكس احترام إرادة الشعب، سواء كانت تلك المؤسسات محلية، أو إقليمية، أو جهوية، أو وطنية.

 

3) إيجاد حكومة من أغلبية البرلمان، تكون مهمتها خدمة مصالح الشعب، عن طريق:

 

ا ـ العمل على محاربة كل أشكال الفساد الإداري والسياسي.

 

ب ـ إيجاد الحلول المناسبة لمشاكل السكن، التي غالبا ما تكون مزمنة.

 

ج ـ إيجاد حلول لمشكل العطالة، عن طريق إحداث تنمية شاملة، تؤدي، بالضرورة، إلى تشغيل العاطلين، والمعطلين.

 

د ـ محاكمة ناهبي الثروات الشعبية، وإرجاع تلك الثروات، وتوظيفها في خدمة مصالح الشعب.

 

ه ـ إيجاد الحلول للمشاكل التعليمية، والصحية، حتى يصير قطاع التعليم مستوعبا لجميع التلاميذ، في سن التمدرس، ويصير قطاع الصحة في خدمة جميع المرضى.

 

و ـ تحرير الاقتصاد الوطني من التبعية، وجعله في خدمة الحاجيات الضرورية للشعب، قبل التفكير في خدمة الحاجيات الخارجية.

 

ز ـ إحالة القوانين على البرلمان، من أجل ملاءمتها مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الانسان، حتى تقف وراء تمتيع جميع أفراد الشعب بحقوقهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية.

 

4) ضمان تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، حتى يتمكن جميع أفراد الشعب، من القطع مع الماضي المليء بالاستعباد، والاستبداد، والاستغلال.

 

5) محاكمة المسؤولين عن كافة الانتهاكات الجسيمة، في مختلف المجالات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، من منطلق أان جرائم الانتهاكات الجسيمة لا تتقادم، من أجل القطع معها، وبصفة نهائية.

 

6) تقديم الدعم للأحزاب، والنقابات، والجمعيات المؤطرة للمواطنين، على أساس المساواة فيما بينها، بشرط أن لا تقوم على أسس جنسية، أو عرقية، أو قبلية، أو لغوية، أو دينية، مع إخضاعها للمراقبة، والمحاسبة، دون اشتراط أن تكون متواجدة في المؤسسات، أو غير متواجدة فيها، حتى تقوم بدورها، لصالح المواطنين الذين يجب أن يمتلكوا وعيا صحيحا، و متقدما، بالأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

 

وهكذا، يتبين أن الحديث عن الاشتراكية، وعن النضال من اجلها، سيبقى حاضرا في خضم الصراع القائم، في إطار الدولة الرأسمالية، أو الدولة الرأسمالية التابعة، من أجل العمل على تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، وصولا إلى قيام الدولة الوطنية الديمقراطية، باعتبارها دولة مدنية، علمانية، ودولة للحق، والقانون، التي يمكن أن يتمتع جميع أفراد الشعب في إطارها، بجميع حقوقهم، بما في ذلك حق الانتماء إلى الحزب الاشتراكي، أو الشيوعي، الذي يمتلك القدرة الكاملة، بديمقراطيته، وبحرية المنتمين إليه، في المساهمة في بناء هذا الحزب: تنظيميا، وإيديولوجيا، وسياسيا، على الانتقال بالمجتمع من المرحلة الرأسمالية، إلى المرحلة الاشتراكية، الضامنة للتوزيع العادل للثروة. وهذا ما يؤكد أن حلم تحقيق الاشتراكية، يبقى مشروعا، وتحقيقها على أرض الواقع، يبقى ممكنا.

 

 

  22   

  

 

الرأسمالية صنيعة للنظام الرأسمالي، وللأنظمة الرأسمالية التابعة.

 

وإذا تبين لنا، من خلال هذا التحليل المسهب، بأن الحديث عن الاشتراكية، كحلم، يبقى مشروعا، وبان تحقيقها في البلدان ذات الأنظمة التابعة، يبقى ممكنا، فإن الرأسمالية القائمة في البلدان ذات الأنظمة التابعة، هي رأسمالية خليعة، وغير منتجة، ولا وطنية، وغير متحررة من التبعية للأنظمة التابعة، وللنظام الرأسمالي العالمي، فهي رأسمالية صنيعة للنظام الرأسمالي العالمي، وللنظام الرأسمالي التابع، في نفس الوقت، نظرا لوقوف هذه الأنظمة الرأسمالية العالمية، والتابعة، وراء وجود الرأسمالية في البلدان التابعة، نظرا لكونها لن تنفرز عن ممارسة الصراع الطبقي المرير للإقطاع، الذي لم يكن بدوره موجودا بشكل طبيعي، بقدر ما وجد بعد الاحتلال الأجنبي، عن طريق نزع الأراضي من أصحابها، الذين تحولوا، بفعل ذلك، إلى إقطاعيين، ليصير الإقطاع، العميل للاحتلال الأجنبي، حاميا لمصالح الاحتلال الأجنبي في البلدان التابعة، وبعد خروج الاحتلال، وتسلم عملائه لمسؤولية الحكم، تحول إلى رأسماليين، أي ان الرأسمالية في البلدان ذات الأنظمة التابعة، كما الإقطاع، لم تنفرز من خلال ممارسة الصراع، بقدر ما جاءت الرأسمالية، نتيجة تحول الإقطاعيين إلى رأسماليين، أو نتيجة لامتيازات اقتصاد الريع.

 

وهذه الرأسمالية التي اعتبرناها صنيعة للاحتلال الأجنبي، ليست رأسمالية قائمة على التصنيع، في البلدان ذات الأنظمة التابعة، بقدر ما هي ناتجة عن:

 

1) تحول الإقطاعيين إلى رأسماليين، انطلاقا من الثروات التي حصلوا عليها، عن طريق الامتيازات التي كانوا يتمتعون بها، كعملاء، في عهد الاحتلال الأجنبي، نظرا للخدمات الكثيرة التي كانوا يقدمونها لهذا الاحتلال، وفي مقدمة هذه الامتيازات: نزع الأراضي من أصحابها الحقيقيين، وتسليمها لعملاء الاحتلال الأجنبي، الذين يتحولون، بفعل ذلك، إلى إقطاعيين، ليجدوا أنفسهم، وبفعل التراكم الحاصل عندهم، يتحولون، بعد الاستقلال إلى رأسماليين، يستثمرون ثرواتهم في المشاريع الخدماتية، وفي الزراعة العصرية، وغيرها، ويساهمون في المشاريع الصناعية، التي يسمح بإقامتها في البلدان ذات الأنظمة التابعة، عن طريق ارتباط هؤلاء الإقطاعيين الرأسماليين بالشركات العابرة للقارات، وبالمؤسسات التي تمول المشاريع ذات الطابع الرأسمالي، في مختلف البلدان ذات الأنظمة التابعة.

 

2) تقديم امتياز رخص النقل ورخص الصيد في أعالي البحار، ورخص التصدير، والاستيراد، مما جعل أصحاب الامتيازات المذكورة، يتمتعون بدخل مرتفع، وينتقلون بسرعة البرق، إلى مصاف الرأسماليين الكبار، الذي يستغلون موارد رخص الامتياز في:

 

ا ـ شراء العقار، مهما كانت قيمته، من أجل الاطمئنان على ثرواتهم من التلاشي، ومن أجل أن تصير العقارات المطلوبة، وسيلة لمضاعفة الثروات، وبدون جدوى.

 

ب ـ فتح حسابات في الأبناك الخارجية، حتى تصير وسيلة لتهريب الثروات، التي يجمعها رأسماليو الامتيازات، مما يحول هؤلاء الرأسماليين إلى وسيلة لنهب الثروات الوطنية على المدى القريب، والمتوسط، لتصير تلك الثروات في خدمة تنمية البلدان الرأسمالية، بدل أن تبقى في خدمة البلدان ذات الأنظمة التابعة.

 

ج ـ الاستهلاك الخاص، والأسري، الذي يتجاوز كل الحدود، ليتحول إلى تبذير للثروة الوطنية، وعلى جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ليتحول ذلك التبذير إلى ممارسة للتباهي على مستوى الرؤيا، وعلى مستوى الممارسة.

 

د ـ استغلال الثروات المتراكمة في إفساد الحياة السياسية، في مختلف المحطات الانتخابية، من أجل الوصول إلى المؤسسات المنتخبة، المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية، التي يتم استغلال مسؤولياتها، في حالة الوصول إلى تلك المسؤوليات، في نهب ثروات الشعوب، في البلدان ذات الأنظمة التابعة. وهو ما يجعل أصحاب الامتيازات، أساسا لقيام لوبيات للفساد الإداري، والسياسي، التي تنخر كيان الاقتصاد الوطني، في مجموع البلدان المذكورة.

 

3 ـ استغلال النفوذ، الذي جعل المسؤولين في الإدارات العمومية يحصلون، بطريقة، أو بأخرى، على ثروات هائلة، تمكنهم من أن يتصنفوا، بذلك، إلى جانب أصحاب الثروات الهائلة، ليصيروا، بذلك، رأسماليين رأسمالية خليعة، لا توظف الثروات غير المشروعة، التي صاروا يمتلكونها، إلا في امتلاك العقار، وفتح حسابات في الأبناك الخارجية، وفي الاستهلاك المتفاحش، الذي يتجاوز حدود المعقول.

 

فالمسؤولون الذين يستغلون نفوذهم، لا يتورعون عن اقتناص الفرص، التي تمكنهم من عملية نهب الثروات العمومية، التي تقع تحت تصرفهم، بالإضافة إلى الارتشاء المبالغ فيه، وخلق شروط مناسبة لتلقي رشاوى مضاعفة، عن الخدمات التي يقدمونها للمواطنين، والتي تعتبر حقا من حقوقهم.

 

4 ـ تنظيم عملية التهريب، التي تمكن مهربي البضائع من الحصول على أرباح مضاعفة، سرعان ما يتصنفون، بسببها، إلى جانب أصحاب الثروات الهائلة، مما يجعلهم ينخرطون معهم في الأحزاب، والتنظيمات التي يتواجدون فيها، سعيا إلى استغلالها في الوصول إلى المؤسسات التمثيلية: المحلية، أو الإقليمية، أو الجهوية، أو الوطنية، وإلى مسؤوليتها من أجل استغلال تلك المسؤولية في نهب ثروات الشعوب، أو الثروات العمومية، ونهب الممتلكات العامة، بما في ذلك الأراضي التي تعود ملكيتها إلى الدولة، أو إلى الجماعات المحلية، عن طريق التفويت غير المشروع، وغير القانوني، كما حصل في غالبية الجماعات المحلية.

 

وعملية النهب التي يمارسها المهربون، الذين قد يصلون إلى درجات أرقى على مستوى ملكية الثروات، تساعد على إنتاج الفساد الإداري، والفساد السياسي، وإعادة إنتاجه. وهو ما يساهم بشكل كبير في تكريس تخلف الواقع: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.

 

5 ـ الاتجار في الخمور، والمخدرات، الذي يدر أرباحا لا حدود لها، على المشتغلين بتجارة الخمور، والمخدرات، تلك الأرباح الناتجة عن تجارة غير مشروعة أصلا، ترفع أصحابها إلى مصاف كبار الأثرياء، الذين يستبدون بسوق المال، والأعمال، ويقفون وراء إفقار غالبية الشعب، في كل بلد من البلدان ذات الأنظمة التابعة.

 

وكغيرهم من الأثرياء، فان المشتغلين على الاتجار في الخمور، وفي المخدرات، لا بد أن يسلكوا نفس سلوك الأثرياء، الذين يشاركون في الانتخابات، من أجل شراء ضمائر الناخبين، والوصول إلى المجالس، وإلى مسؤولياتها الأساسية، من أجل ممارسة نهب ثروات الشعب، الذي يحمل ناخبوه وعيا متخلفا، يدفع بهم إلى القبول ببيع ضمائرهم، في سوق نخاسة الانتخابات.

 

ولذلك، فالمشتغلون بالاتجار  في المخدرات، والخمور، يحصلون على ثروات غير مشروعة، تقودهم إلى المراكز التي تمكنهم من نهب ثروات الشعب، الذي ينتمون إليه.

 

وبناء على ما رأيناه، فإن تحول عملاء الاحتلال إلى إقطاعيين، في مرحلة الاحتلال الأجنبي، وتحول هؤلاء الإقطاعيين إلى رأسماليين، في مرحلة الاستقلال، وقيام أنظمة تابعة، ونهج سياسة تقديم الامتيازات، إلى عملاء مسؤولي الدولة التابعة، واستغلال النفوذ في نهب ثروات الشعب، وتنظيم عملية تهريب البضائع، والاتجار في الخمور والمخدرات غير المشروع، يعتبر وسيلة لجمع ثروات هائلة، توصل إلى مراكز القرار، من أجل استغلالها في نهب الثروات العمومية، أو ثروات الشعب.

 

ومعلوم أن مثل هؤلاء، يصيرون أعداء الاشتراكية، والاشتراكيين. ولذلك نجد أنهم يوظفون بطريقة، أو بأخرى، أموالا طائلة لنشر الفساد الإداري، والسياسي في المجتمع، إلى جانب أشكال الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، حتى لا يملك أفراد الشعب وعيهم بما يجري على أرض الواقع، ذلك الوعي، الذي يؤهلهم لمقاومة كافة أشكال الفساد، الذي ينخر كيان المجتمع، الذي لا يقوى، بفعل ذلك الفساد، على التقدم، والتطور.

 

وهذا الفساد المتعدد الأوجه، والذي لا يستفيد منه إلا الأثرياء، الذين يستغلون المجتمع، وينهبون ثروات الشعب، هو الذي يصير مسوغا ل:

 

1) تمسك الرأسمالية ذات العقلية الإقطاعية بالامتيازات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التي تعتبر بالنسبة إليها قنطرة لتحقيق المزيد من تراكم الثروات، التي لا حدود لها، على حساب المزيد من إفقار أبناء الشعب.

 

2) وهذه الرأسمالية، ونظرا لعقليتها الإقطاعية المتخلفة، لا يمكن أن تعلن القطيعة لا مع الأنظمة التابعة، التي وقفت وراء وجودها، ونمو ثرواتها، ولا مع النظام الرأسمالي العالمي، الذي يمول مشاريعها عن طريق القروض، التي تتحول إلى دين على الشعب، الذي عليه أن يخدمه على المدى المتوسط، والبعيد، وهي التي ترفض أن تصير رأسمالية وطنية، حتى لا تتحول إلى رأسمالية في خدمة متطلبات الاقتصاد الوطني المتحرر، من التبعية للمؤسسات المالية الدولية، وللنظام الرأسمالي، ومن أجل أن تستمر في التمتع بمختلف الامتيازات، التي تمنحها لها الأنظمة التابعة، وحتى تستمر، كذلك، في نهب ثروات الشعوب، عن طريق تلك الامتيازات.

 

3) ورأسمالية من هذا النوع المذكور، لا يمكن أن تسعى إلى خلق الكثافة اللازمة للطبقة العاملة، مع تمتيع هذه الطبقة بحقوقها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، كما هي في المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الانسان؛ لأن هذه الرأسمالية،  تعتبر عدوة للطبقة العاملة، ولحقوق الانسان، وللحرية، وللديمقراطية، وللعدالة الاجتماعية؛ لأن كل ذلك يتناقض مع مصالحها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التي تتكلف كثيرا، من أجل المحافظة عليها.

 

4) والأنظمة التابعة، الراعية لحفظ مصالح الرأسمالية المذكورة، لا تسمح بقيام أحزاب ديمقراطية، أو تقدمية، أو يسارية، أو عمالية، تقود نضالات العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، في ظل رأسمالية تابعة، تنهب ثروات الشعوب، بمختلف الطرق، بما فيها الاستغلال الهمجي للعمال، وباقي الأجراء، والتمتع بمختلف الامتيازات، وغيرها. وإذا وجدت هذه الأحزاب، التي لا ترغب فيها الدولة، فإنها تعاني من التضييق المادي، والمعنوي، ومن الحصار الإعلامي، ومن الحرب النفسية، التي تشنها أجهزة الدولة التابعة، وعملاؤها، والمنتمون إلى أحزابها، على المنتمين إلى الأحزاب الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية؛ لأن سماح الدولة التابعة بقيام الأحزاب المذكورة، يجعل ممارستها تتناقض مع مصالح الرأسمالية، خاصة، وأن الدولة التابعة، لا يمكن أن تكون ديمقراطية على الأقل، كغيرها من الدول الرأسمالية في أوروبا وفي أميريكا الشمالية، وفي غيرها من البلدان ذات الأنظمة الرأسمالية، التي تحترم فيها قواعد الديمقراطية بمفهومها الليبرالي، ولأنها لا تستطيع أن تكون كذلك، فإنها تعتمد ممارسة ديمقراطية الواجهة، التي تعتبر إطارا لتزوير إرادة الشعوب بامتياز.

 

 

sihanafi@gmail.com

 

 

إقرأ للكاتب أيضا

 

 

بين ضرورة عدم القفز على المراحل

وضرورة حرقها في أفق الاشتراكية

    1 و 2

 

بين ضرورة عدم القفز على المراحل

وضرورة حرقها في أفق الاشتراكية

   3 و 4

 

بين ضرورة عدم القفز على المراحل

وضرورة حرقها في أفق الاشتراكية

  5 و 6

 

بين ضرورة عدم القفز على المراحل

 وضرورة حرقها في أفق الاشتراكية

 7 و 8

 

بين ضرورة عدم القفز على المراحل

وضرورة حرقها في أفق الاشتراكية

 9 و 10

 

بين ضرورة عدم القفز على المراحل

وضرورة حرقها في أفق الاشتراكية

11 و 12

 

بين ضرورة عدم القفز على المراحل

وضرورة حرقها في أفق الاشتراكية

13 و 14

 

بين ضرورة عدم القفز على المراحل

وضرورة حرقها في أفق الاشتراكية

15 و 16

 

بين ضرورة عدم القفز على المراحل

وضرورة حرقها في أفق الاشتراكية

17 و 18

 

بين ضرورة عدم القفز على المراحل

وضرورة حرقها في أفق الاشتراكية

19 و 20

 

بين ضرورة عدم القفز على المراحل

 وضرورة حرقها في أفق الاشتراكية

 21 و 22

 

ماذا تنتظر جماهير الشعب المغربي

 من الموقف من الانتخابات في المغرب؟

 

حركة 20 فبراير حركة شعبية،

 لا دين لها، ولا حزب،

 ولا نقابة، ولا جمعية..!!

 

الجزء الأول >>

التحالف الحزبي الإداري ـ الدولتي:

 تكتل طبقي ضد الشعب المغربي ..1

 

 

الجزء الثاني >>

التحالف الحزبي الإداري ـ الدولتي:

 تكتل طبقي ضد الشعب المغربي...!!

 

 

 الجزء الثالث >>

التحالف الحزبي الإداري ـ الدولتي:

 تكتل طبقي ضد الشعب المغربي...!!

 

 

الجزء الرابع >>

التحالف الحزبي الإداري ـ الدولتي:

 تكتل طبقي ضد الشعب المغربي...!!

 

الجزء الخامس>>

التحالف الحزبي الإداري ـ الدولتي:

 تكتل طبقي ضد الشعب المغربي...

 

 

 

ثورة الشباب العربي(7)

 ثورة من أجل مؤسسات تمثيلية حقيقية

الجزء الأول

 

ثورة الشباب العربي(6)

 ثورة من أجل محاكمة

 ناهبي أموال الشعوب في البلاد العربية.....

الجزء الثالث

 

 

ثورة الشباب العربي(6)

ثورة من أجل محاكمة ناهبي

أموال الشعوب في البلاد العربية.....

الجزء الأول والثاني

 

 

ثورة الشباب العربي(5)،

ثورة من أجل وضع حد

 لنهب ثروات الشعوب..

 

 

ثورة الشباب العربي (4):

 ثورة من أجل التحرر، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية

 

 

ثورة الشباب العربي (3)

 ثورة من أجل قيام دولة الحق، والقانون.....

محمد الحنفي 

 

 

ثورة الشباب العربي (2)

 ثورة من أجل التحرر

 والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.....

 

 

ثورة الشباب العربي (1)، ثورة الأمل

 في بسط سيادة الشعوب على نفسها

 

 

المناضلون الأوفياء لحركة 20 فبراير،

 هم الذين ينسون: من هم؟

 في الانتماء إلى حركة 20 فبراير..!

 

 

المزايدون في إطار حركة 20 فبراير

يعملون على إضعافها..... !!!

 

 

حركة 20 فبراير حركة شعبية،

لا يحق لأحد فرض وصايته عليها.. !

 

 

أحزاب الدول

 وأحزاب الشعوب.....

( تسعة أجزاء)

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا