<%@ Language=JavaScript %>

 

 

 

 

الوفاء للشهداء مصل مضاد للانتهازية.....

 

(2)

 

محمد الحنفي 

sihanafi@gmail.com

إهداء إلى:

ــ الشهداء الذين قضوا من أجل التغيير، في إطار حركة 20 فبراير، لإرواء الوطن المغربي بدمائهم الزكية.

ــ من أجل التخلص من الممارسة الانتهازية، التي وقفت وراء استفحال أمر الفساد، الذي يعاني منه الشعب المغربي.

محمد الحنفي

 

والعلاقة القائمة بين الوفاء للشهداء، وبين الممارسة الانتهازية، لا يمكن أن تكون جدلية، ولا يمكن أن تكون كذلك عضوية، لأنها لا يمكن أن تكون إلا علاقة تناقض؛ لأن:

 

أولا الوفاء للشهداء الذين ضحوا بأرواحهم، يقتضي التضحية، والبذل، والعطاء، والالتزام بنهج الشهداء، والسير على خطاهم، والعمل على تطور أفكارهم، والسعي إلى تجسيدها على أرض الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي، والانخراط في كل الأشكال النضالية، الهادفة إلى التحرير، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، في أفق الاشتراكية.

 

ثانيا: خيانة الشهداء، تقتضي عدم التضحية، وعم البذل، وعدم العطاء، وعدم الالتزام بنهجهم، وعد السير على خطاهم، وتجنب تفعيل أفكارهم في الواقع، وعدم تجسيدها في المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وتجنب تفعيل النضال المطلبي، والسياسي، وعدم الانخراط في كل الأشكال النضالية، من أجل المحافظة على الواقع، كما هو، حتى يبقى في خدمة الطبقة الحاكمة، وسائر المستفيدين من الاستغلال المادي، والمعنوي، وكافة الانتهازيين، أنى كان لونهم الجماهيري: النقابي، أو الحقوقي، أو الثقافي، أو السياسي.

 

ولذلك، فالتناقض القائم بين الوفاء للشهداء، وبين الانتهازية، هو تناقض رئيسي، نظرا لكون الانتهازيين، يسعون إلى تحقيق تطلعاتهم الطبقية، على حساب العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ولأنهم لا يمكن أن يكونوا، بممارستهم الانتهازية، إلا في خدمة الطبقة المستغلة: البورجوازية، أو الإقطاعية، أو من يدور في فلكهما.

 

وهذا التناقض القائم بين الوفاء للشهداء، وبين الانتهازية، يتجسد في ممارسة الأوفياء للشهداء، وفي ممارسة الانتهازيين، على المستويات الجماهيرية، والحزبية المختلفة، وفي المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، حتى يتأتى التفريق الواضح بينهما.

 

فالأوفياء للشهداء، يتمرسون على استحضار التضحيات العظيمة، التي قدمها الشهداء في حياتهم، حتى استشهادهم، من أجل انتزاع مكاسب معينة: اقتصادية، واجتماعية، وثقافية، وسياسية، لصالح الجماهير الشعبية الكادحة، سعيا إلى أن يصير الشعب سيد نفسه، حتى يتمكن من تقرير مصيره.

 

والانتهازيون، لا يستحضرون إلا مصالحهم الخاصة، من أجل أن يتحسسوا انتهاز الفرص، من أجل تحقيق خدمة تلك المصالح، وسعيا إلى جعل العمل الانتهازي، هو القاعدة، في المجال الذي يتحركون فيه، وأملا في أن تصير الانتهازية مشروعة، حتى يصير الانتهازيون محققين لتطلعاتهم الطبقية، التي تشكل هدفا مركزيا للممارسة الانتهازية.

 

ولذلك، نجد أنه لا مجال للالتقاء بين قيمة الوفاء للشهداء، وبين قيمة الانتهازية، لا على مستوى العلاقة الجدلية، ولا على مستوى العلاقة العضوية، اللتين تصيران منتفيتين، لطغيان علاقة التناقض، الذي لا يكون إلا رئيسيا.

 

وانطلاقا من هذه الخلاصة، فإن علاقة التناقض القائمة بين الوفاء للشهداء، وبين الانتهازية، تفرض إيجاد آليات علمية دقيقة، تعتمدها الحركات المناضلة، من أجل تسييد قيم الوفاء للشهداء، ونفي الممارسة الانتهازية، من المسلكية الفردية، والجماعية، من أجل الارتقاء بالمجتمع، إلى مستوى وحدة الطموحات الكبرى، المتمثلة في التحرير، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، في أفق الاشتراكية.

 

ومن هذه الآليات، نجد:

 

أولا: آلية الفضح، التي يجب أن تستهدف الممارسة الانتهازية، ومن ينتجها، وتشريح تلك الممارسة، وبيان خطورة نتائج اعتمادها على مصير الشعب، بصفة عامة، وعلى مصير العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بصفة خاصة، سواء كانت الانتهازية إدارية، أو نقابية، أو جمعوية، نظرا لكون مصادرها متعددة، ومحددة.

 

ثانيا: آلية المساءلة، التي تقتضي إخضاع كل الانتهازيين، أو كل من يثبت في حقه أنه يسعى إلى إنتاج الممارسة الانتهازية، أو أنه مارسها، فعلا، في واقع عيني معين، حتى يتم الحد من إنتاج الممارسة الانتهازية، في أفق استئصالها من الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، ومن الإدارة، ومن النقابات، والجمعيات، والأحزاب السياسية.

 

ثالثا: آلية المحاسبة الفردية، والجماعية، في حالة التحقق من إنتاج الممارسة الانتهازية، في الإدارة، أو في النقابة، أو في الجمعية، أو في الحزب السياسي، واتخاذ الإجراءات الضرورية للحد من إنتاج الممارسة الانتهازية، في حق ممارسي الانتهازية، وفي حق منتجيها.

 

رابعا: ممارسة النقد، والنقد الذاتي، بعد ثبوت القيام بالممارسة الانتهازية، من أجل تأنيب الممارس لها، وتأليب الوسط الذي يعيش فيه ضده، ومن أجل الدفع به إلى تقديم النقد الذاتي، أمام الإطار الذي مورست فيه الانتهازية، وأمام من مورست في حقه الانتهازية، من أجل الإمساك عن إنتاجها، وبصفة نهائية.

 

خامسا: آلية محاكمة الانتهازيين، الذين تثبت في حقهم الممارسة الانتهازية، ويرفضون المحاسبة، والنقد، والنقد الذاتي، عن طريق إحالتهم على القضاء الحر، والنزيه، الذي يقول كلمته فيهم.

 

وهذه الآليات، وغيرها، مما يمكن اعتماده من آليات أخرى، إذا تم تفعيلها، لا بد أن تعمل على الحد من الممارسة الانتهازية، على المدى القريب، والمتوسط، والبعيد.

 

000000000

ويعتبر الوفاء للشهداء مصلا ضد الانتهازية، نظرا لكونه يؤدي إلى العمل على استئصال كافة أشكال الانتهازية، في مستوياتها المختلفة، وفي كل التنظيمات المناضلة: جماهيريا، وسياسيا، وفي الإدارة، وفي صفوف أفراد الشعب، سعيا إلى:

أولا: بناء مسلكية فردية، وجماعية، نافية لكل أشكال الانتهازية، ومواجهة للمتشبعين بها، ومشكلة للبديل الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي، حتى يتطهر النسيج الجماهيري: النقابي، والجمعوي، والنسيج الحزبي، والنسيج الاجتماعي / الشعبي، والإدارة، من الانتهازية التي تنخر كل شيء، والتي لا يستفيد منها إلا الانتهازيون، الذين لا يخدمون إلا مصالح الحكام، وكل المستغلين.

 

ثانيا: بناء منظمات نقابية مبدئية: ديمقراطية، وتقدمية، وجماهيرية، ومستقلة، ووحدوية، تسعى إلى جعل النضال من أجل تحسين الأوضاع المادية للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، على يد مناضلين أوفياء، لا تعرف الانتهازية إلى مسلكيتهم سبيلا، لتصير الممارسة النقابية خالية من الانتهازية.

 

ثالثا: بناء منظمات حقوقية، مبدئية: ديمقراطية، وتقدمية، وجماهيرية، ومستقلة، وكونية، وشمولية، تكون مرجعيتها الأساسية: هي المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، ول ما له علاقة بتلك المواثيق، يقود نضالاتها مناضلون أوفياء، متحصنين من الممارسة الانتهازية، التي صارت تنخر العمل الحقوقي، حتى تصير المنظمات الحقوقية وفية لمبادئها، ومستحضرة لتضحيات الشهداء، من أجل أن يتمتع جميع الناس، بجميع الحقوق.

 

رابعا: بناء جمعيات تربوية مبدئية: ديمقراطية، وتقدمية، وجماهيرية، ومستقلة، تسعى إلى العمل على إيجاد تربية بديلة، لتنشئة الأجيال الصاعدة على أساسها، حتى تصير تلك الأجيال قادرة على المساهمة في تغيير الواقع، انطلاقا من القيم التربوية، التي تنشأ عليها، والتي لا تكون إلا خالية من الممارسة الانتهازية، التي تسيئ إلى الأجيال الصاعدة، وتخرب مستقبلها الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي، كما هو حاصل في واقع الشعب، بسبب التربية المنحرفة، التي تتلقاها الأجيال الصاعدة، انطلاقا من الأسرة، ومرورا بالمجتمع، وبالجمعيات اللا مبدئية، وبالمؤسسات اللا تربوية المختلفة، وانتهاء بالمدرسة التي تعتمد نظاما تربويا / تعليميا، لا ديمقراطيا، ولا شعبيا، لا يمكن أن ينتج إلا المنحرفين، الذين ينقلون انحرافهم إلى الواقع، في تجلياته المختلفة. وهو ما يعني، أن بناء جمعيات تربوية مبدئية، لا بد أن يساهم في إيجاد تربية بديلة، لتنشئة أبناء الشعب على التحصن، ضد كل أشكال الممارسة الانتهازية، التي تسيء إلى كرامة الإنسان.

 

خامسا: بناء جمعيات ثقافية مبدئية: ديمقراطية، وتقدمية، وجماهيرية، ومستقلة، تسعى إلى إيجاد ثقافة بديلة: ديمقراطية، وجماهيرية، وتقدمية، ومستقلة، تهدف إلى جعل القيم الديمقراطية، والتقدمية، ملتصقة بالمسلكية الفردية، والجماعية، لأبناء الشعب كقيم ثقافية متقدمة، ومتطورة، وساعية إلى التغيير، الذي يحرص أبناء الشعب على تحقيقه في المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، خاصة، وأن القيم التربوية الثقافية: الديمقراطية، والتقدمية، تعتبر وسيلة أساسية، لاستئصال الممارسة الانتهازية، من المسلكية الفردية، والجماعية، حتى يصير أفراد المجتمع، محصنين ضد الانتهازية، التي تنخر كيانهم.

 

سادسا: بناء أحزاب ديمقراطية، وتقدمية، ويسارية، وعمالية، خالية من كل أشكال التحريف، الذي يقودها إلى خدمة مصالح الطبقة الحاكمة، ومن يدور في فلكها، حتى تصير في خدمة مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وساعية إلى تحقيق أهدافها المرحلية، والإستراتيجية، ومناضلة، من أجل جعل الكادحين، وطليعتهم الطبقة العاملة، تلتف حول برامجها النضالية، التي تعمل على تغيير الواقع، وجعله في خدمة مصالحهم، بالتحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.

 

فبناء مسلكية فردية، وجماعية، نافية لكل أشكال الانتهازية، وبناء منظمات نقابية مبدئية، ومنظمات حقوقية مبدئية، وجمعيات تربوية مبدئية، وجمعيات ثقافية مبدئية، وبناء أحزاب ديمقراطية، وتقدمية، ويسارية، وعمالية، وتفعيلها جميعا، انطلاقا من برامج محددة، لا بد أن تساهم، بشكل كبير، في التقليص من حدة انتشار الممارسة الانتهازية، في صفوف النقابيين، وفي صفوف المستهدفين بالعمل النقابي، وفي صفوف الحقوقيين، والمستهدفين بالعمل الحقوقي، وفي صفوف التربويين، والمستهدفين بالعمل التربوي، وفي صفوف المثقفين، والمستهدفين بالعمل الثقافي، وفي صفوف الحزبيين الديمقراطيين، والتقدميين، واليساريين، والعماليين، والمستهدفين بالعمل الحزبي الديمقراطي، والتقدمي، واليساري، والعمالي، حتى يصير أفراد الشعب جميعا، محصنين ضد الانتهازية.

 

وتحصن أفراد المجتمع ضد الانتهازية، لا بد أن يؤدي إلى انتفاء الكثير من الأمراض الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، لينتفي، بسبب ذلك، الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، الذي يقف عرقلة في سبيل التقدم، والتطور الذي ينشده البشر باستمرار، باعتباره مساعدا على تغيير شروط استمرار الوجود الإنساني على وجه الأرض، وفي صفوف الشعب.

 

ولذلك، نعتبر أن الوفاء للشهداء، يقف وراء استئصال الانتهازية من الواقع. والأوفياء للشهداء، وحدهم، يقومون بعملية استئصالها، لتأكيد استمرار الشهداء على أرض الواقع.

 

وكما يعتبر الوفاء للشهداء مصلا ضد الانتهازية، فإنه يؤدي إلى التحرر من الممارسة الانتهازية، الذي يعتبر هدفا مركزيا، في حد ذاته، نظرا للتناقض الصارخ بينهما.

 

وحتى نتملك التحرر من الممارسة الانتهازية، لتحقيق الوفاء للشهداء، الذين ضحوا بأرواحهم، في سبيل تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية، لا بد من:

 

أولا: القطع مع مختلف التنظيمات، المعروفة بانتهازيتها، وعدم الارتباط بها جماهيريا، وسياسيا، حتى لا يصير الارتباط بها، معبرا لمرور الانتهازية إلى المسلكية الفردية، والجماعية، داخل التنظيمات، وفي صفوف الجماهير الشعبية الكادحة، وحفاظا على سلامة المجال، وسلامة العلاقات من الممارسة الانتهازية، التي تؤدي إلى خراب المجال، وخراب العلاقات الاجتماعية، والإنسانية.

 

ثانيا: القطع مع العناصر الممارسة للانتهازية، في التنظيمات المختلفة، والعمل على فضحها داخل التنظيم، وخارجه، حتى يعي بخطورتها المنتمون إلى التنظيم، ويعملون على إبعادهم، حتى يتأتى للتنظيم استعادة عافيته، من مرض الممارسة الانتهازية، الذي يبتلي به بعض أفراده.

 

ثالثا: الحرص على تحصين الشخصية الفردية، والجماعية، للمناضل الجماهيري، والحزبي، ولجميع المنتمين إلى التنظيم الجماهيري، أو الحزبي المناضل، ضد تسرب الممارسة الانتهازية، الفردية، والجماعية، حتى يتأتى العمل على جعل المجال المستهدف بالتنظيم الجماهيري، أو الحزبي، خاليا من الانتهازية الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، بعد قيادة الحملات ضد الانتهازية، في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، انطلاقا من استحضار التضحيات التي قدمها الشهداء، من أجل مجتمع خال من الممارسة الانتهازية، وتعبيرا عن الوفاء لهم.

 

رابعا: الانخراط في النضالات، الهادفة إلى محاربة الفساد: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، والإداري، والناتج، بالدرجة الأولى، عن الممارسة الانتهازية، نظرا للدور الذي يلعبه الفساد في تخريب الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، مما يؤدي إلى خراب المسلكية الفردية، والجماعية، ليتحول المجتمع، برمته، إلى مفرخة للفساد، الناتج عن مفارخ الممارسة الانتهازية.

 

ولذلك، نجد أن الانخراط في محاربة الفساد، في مستوياته المختلفة، يكتسي أهمية خاصة؛ لأنه يقود إلى استئصال الفساد، والانتهازية، في نفس الوقت، من الواقع، في تجلياته المختلفة.

 

خامسا: الانخراط في النضالات، الهادفة إلى محاربة الاستبداد، الذي يعتبر إطارا لإنتاج الفساد: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، باعتباره الوسيلة المثلى، لخدمة مصالح الطبقة الحاكمة، وسائر الممارسين للاستغلال المادي، والمعنوي للمجتمع، ولتعميق استغلال العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، وتكديس المزيد من الثروات، على حساب المزيد من إفقار الجماهير الشعبية الكادحة.

 

فالاستبداد، يعتبر كارثة، تصاب بها البشرية، ومحاربته، تعتبر ضرورة سياسية، وتاريخية، وإنسانية، من أجل وضع حد له، حتى تتحرر الجماهير الشعبية الكادحة منه.

 

سادسا: الانخراط في النضالات، الهادفة إلى وضع حد للاستغلال، في مظاهره: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، من أجل التقليص من حدته، وفي أفق القضاء عليه، بتحقيق تحويل الملكية الفردية، إلى ملكية جماعية، من أجل صيرورة فائض القيمة، في خدمة مجموع الجماهير الشعبية الكادحة، عن طريق أجرأة التوزيع العادل للثروة الوطنية، بين جميع أفراد المجتمع.

 

سابعا: الانخراط في النضالات الهادفة إلى محاربة الاستعباد، الذي صار سمة أساسية، في العلاقات الاجتماعية، وبين الطبقات الممارسة للاستغلال، والتي يمارس عليها الاستغلال، وبين الحكام، والمحكومين، وبين العاملين في الإدارة، والمواطنين، وبين المدرسين، والتلاميذ، وبين الآباء، والأبناء، وبين التجار، والمستهلكين، من منطلق صيرورة الاستعباد، داء عضالا، يصاب به كل ذي نفوذ، حتى وإن كان ذلك النفوذ بسيطا. والقضاء على الاستعباد، يؤدي إلى التحرر منه، والسعي إلى إحلال الحرية محل الاستعباد، على جميع المستويات.

 

ثامنا: الانخراط في النضالات الهادفة إلى تحرير الإنسان، عن طريق تمتيعه بكافة حقوقه: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، كما هي في المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، التي تستحضر إنسانية الإنسان، على جميع المستويات؛ لأنه بدون التمتع بالحقوق المختلفة، يبقى البشر مستعبدا، ولأن التمتع بها، يدفع في اتجاه التحرر من العبودية، التي صارت مرض العصر، لتناقضها مع ما وصل إليه الإنسان من تطور اقتصادي، واجتماعي، وثقافي، ومدني، وسياسي.

 

تاسعا: الانخراط في النضال الديمقراطي، الهادف إلى جعل الشعب مصدرا للسلطات المختلفة، عن طريق تمكينه من اختيار المؤسسات التمثيلية الحقيقية، في إطار انتخابات حرة، ونزيهة، لا وجود للفساد السياسي فيها، وتحت إشراف هيأة مستقلة، انطلاقا من إقرار دستور ديمقراطي / شعبي، يضعه مجلس تأسيسي، ويعرضه على الاستفتاء الشعبي، بعد إخضاعه للمناقشة الجماهيرية الواسعة، وبعد الاسترشاد في إعادة صياغته، بكافة المقترحات، حتى يصير الشعب فعلا سيد نفسه، ومقررا لمصيره، بتحقيق الديمقراطية، بمضامينها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

 

عاشرا: الانخراط في النضال، من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية، المتمثلة في التوزيع العادل للثروة، بتمتيع جميع أفراد الشعب، بحقوقهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، عن طريق ملاءمة القوانين الوطنية، مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، ومع كل الاتفاقيات الدولية المتعلقة بتلك الحقوق، حتى يصير الالتزام بتطبيق القوانين الوطنية، وسيلة لتمكين أفراد الشعب، من التمتع بكل حقوقهم المختلفة، حتى يشعروا بإنسانيتهم، التي تعتبر ضرورة، في تحقيق العدالة الاجتماعية.

 

وبذلك، يتبين أن القطع مع التنظيمات المعروفة بانتهازيتها، والقطع مع العناصر الممارسة للانتهازية، والحرص على تحصين الشخصية الفردية، والجماعية للمناضل الجماهيري، أو الحزبي، وللمنتمين إلى نفس التنظيم الجماهيري، أو الحزبي، والانخراط في النضالات الهادفة، إلى محاربة الفساد، في مظاهره المختلفة، وفي النضالات الهادفة إلى محاربة الاستبداد القائم، والاستبداد البديل، وفي النضالات الهادفة إلى وضع حد للاستغلال، وفي النضالات الهادفة إلى محاربة الاستعباد، وفي النضالات الهادفة إلى تحرير الإنسان، وفي النضال الديمقراطي، الهادف إلى جعل الشعب مصدرا للسلطات المختلفة، وفي النضال من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية، لا يمكن أن يصدر كل ذلك، إلا من الأوفياء للشهداء، الذين ضحوا بأرواحهم، من أجل كل ذلك. والأوفياء، هم، وحدهم، الذين يدركون أهمية تضحيات الشهداء، مما يجعلهم يستمرون على نهجهم، وفاء، وتضحية، ونضالا، واستعدادا للاستشهاد، من أجل تحقيق الأهداف الإنسانية النبيلة.

 

000000000

 

والشهداء، قد يصيرون منطلقا لممارسة الانتهازية، في جميع الاتجاهات، نظرا لكون مستغلي دماء الشهداء، يجعلون الجماهير الشعبية تعتقد: أن ما يمارسه الانتهازيون على أرض الواقع، هو ما ضحى من أجله الشهداء، كما حصل مع استغلال الشهيد المهدي بنبركة، على المستوى الحزبي، والجماهيري، والوطني، والدولي، وكما حصل مع استغلال الشهيد عمر بنجلون، والشهيد محمد كرينة، وكما يحصل مع كافة الشهداء، الذين استشهدوا من أجل العمل على تحقيق ما يومنون به، وعلى جميع المستويات.

 

فالشهداء، عندما يستشهدون، لا يستشهدون من أجل الحزب الذي ينتمون إليه، أو الجماعة التي يعتبرون أنفسهم من بين أعضائها، أو الجمعية التي كانوا يعملون في إطارها، بل من أجل الشعب، الذي سعوا إلى رفع الحيف عنه، وإخراجه من حالة القهر، والظلم، والطغيان، التي يعيشها في ظل سيادة الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، عن طريق التحرير، والبناء الديمقراطي، وتحقيق العدالة الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

 

وما دام الشهداء، شهداء الشعب، فإن استغلالهم لا يمكن أن يكون إلا خيانة لأفكارهم، التي استشهدوا من أجلها. والخيانة لا يمكن أن تعبر أبدا عن الوفاء، الذي لا يعني إلا الالتزام بمنهج الشهداء، والنضال على أساس ذلك المنهج، من أجل تحقيق أفكارهم على أرض الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.

 

واستغلال الشهداء من منطلق انتهازي، لا يخدم، في نهاية المطاف، إلا مصالح الانتهازيين، العاملين على تحقيق التطلعات الطبقية، من أجل صيرورتهم إلى جانب ناهبي ثروات الشعب، وتهريبها إلى الأبناك الخارجية، من أجل تعميق فقر أبناء الشعب، الذين يحرمون من خيرات وطنهم.

 

والمستغلون لدماء الشهداء، ممن يدعون النضال من أجل تحقيق أفكارهم، يعملون على:

 

أولا: توظيف النقابات، التي كان ينتمي إليها الشهداء، أو أحدهم، من أجل القيام بالسمسرة مع الجهات، التي تشرف على قطاع معين، لتحقيق المزيد من المكاسب، على حساب العمال: قطاعيا، ومركزيا، وعلى حساب باقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين تزداد أوضاعهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية ترديا، في الوقت الذي يزداد فيه الانتهازيون النقابيون استفادة. وهو ما يعني: تنكرهم للشهداء، وعدم استحضار تضحياتهم المادية، والمعنوية، والتي بلغت حد الاستشهاد، من أجل تحسين الأوضاع المادية، والمعنوية للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

 

ثانيا: توظيف الجمعيات، التي عمل الشهداء على بنائها، من أجل عقد صفقات معينة، مع جهات مشبوهة، من أجل تمويل المشاريع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والحقوقية، والتربوية، من أجل أن يصير ذلك التمويل في خدمتهم، عن طريق التحايل الذي يمارسونه، حتى يصب في حساباتهم الخاصة، بطريقة، أو بأخرى، لتصير الجمعيات، وما يقوم به مناضلو الجمعيات، في خدمتهم. وهو ما يعني: أن نضال الجمعيات، التي أسسها الشهداء، من أجل تحقيق أهداف معينة لصالح الشعب، يبقى غير وارد.

 

ثالثا: توظيف الأحزاب السياسية، التي عمل الشهداء على تأسيسها، أو كانوا ينتمون إليها، من أجل الوصول إلى مراكز القرار، واستغلال تلك المراكز، من أجل ممارسة كافة أشكال الانتهازية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، بهدف تحقيق التطلعات الطبقية، من خلال نهب الثروات العمومية، التي هي ملك للشعب، والتموقع اجتماعيا إلى جانب الطبقات المستغلة، والمستفيدة من الاستغلال المادي، والمعنوي، للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، لينخرط الانتهازيون المستغلون لأحزاب الشهداء، في عملية إنتاج نفس الواقع، الذي لا يخدم إلا مصالح الطبقة الحاكمة، وسائر المستغلين، الذين لا يهتمون إلا بنهب ثروات الشعب، وبأبشع صور النهب المادي، والمعنوي، ليصير الانتهازيون، بذلك، عملاء، وخونة، لأفكار، ومبادئ، ومنهج، وأهداف الشهداء، ولينفصلوا، وبصفة نهائية، عن الشعب، وعن كادحيه، وطليعتهم الطبقة العاملة، بتصنيفهم إلى جانب الطبقات الممارسة للاستغلال، والمستفيدة منه.

 

ذلك أن وسائل استغلال الشهداء كثيرة، ومتعددة، إلا أننا اكتفينا هنا، بذكر استغلالهم في الممارسة النقابية، والجمعوية، وفي الأحزاب السياسية، نظرا لدور المجال النقابي، والجمعوي، والحزبي، في جعل الشهداء مجالا للاستغلال، وفي العلاقة مع الجماهير المعنية، ومع الإدارة المعنية، من أجل ممارسة كافة أشكال الابتزاز على الجماهير الشعبية، وعلى الإدارة في نفس الوقت، وباسم الشهداء، مع التنكر المطلق لما استشهدوا من أجله.

 

إلا أن الممارسة الانتهازية، في استغلال دماء الشهداء، لا تنفي وجود المناضلين الأوفياء في المجال النقابي، وفي المجال الجمعوي، وفي المجال الحزبي. والذين يتصدون، وبكافة الوسائل، للانتهازية النقابية، والجمعوية، والحزبية، من أجل فرض استحضار ما ضحى من أجله الشهداء.

 

والجهات المعنية باستغلال دماء الشهداء، لتحقيق أهداف معينة، نجد أنها تتنوع بتنوع مجال الاستغلال، مما يجعل انتهازيتها، تختلف باختلاف المجال الذي يتحرك فيه الانتهازي. وهو ما يجعل، كذلك، استفادته تختلف من مجال، إلى آخر.

 

وهذه الجهات، لا تخرج عن كونها قيادات نقابية، أو جمعوية، أو حزبية، محلية، أو إقليمية، أو جهوية، أو وطنية.

 

فالقيادات النقابية، التي تعرف جيدا، من أين توكل الكتف، تستغل الحركة النقابية، بملفاتها الكبرى: القطاعية، والمركزية، والمتوسطة، والصغرى: الفردية، والجماعية، من أجل تكريس أبشع صور الانتهازية، على حساب المعنيين بالعمل النقابي: القطاعي، والمركزي، عن طريق ممارسة الابتزاز على الإدارة، في القطاعين: العام، والخاص، وعلى العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، سعيا على تحقيق الهدف من الممارسة الانتهازية، المتمثل، بالخصوص، في تحقيق التطلعات الطبقية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وعلى  مختلف مستويات التنظيم النقابي. وهو ما يجعل كل مسؤول نقابي انتهازي، حتى يثبت العكس، وكل عامل أو أجير مستهدف بالممارسة الانتهازية، حتى يثبت العكس.

 

والممارسة الانتهازية التي خربت العمل النقابي، وجعلت من الإطارات النقابية، إطارات فاسدة، على مدى تاريخ استقلال المغرب، رغم الجهود التي بذلها المناضلون الأوفياء للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من أجل أن يصير العمل النقابي، خاليا من الممارسة الانتهازية.

 

والغاية من إفساد الممارسة النقابية، عن طريق إفساد الإطارات النقابية، هي المحافظة على المجال المناسب، لتحقيق التطلعات الطبقية، التي تمكن الانتهازيين، من مراكمة المزيد من الثروات، بطرق غير مشروعة، مما يمكنهم من التصنيف إلى جانب أثرياء التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف.

 

والقيادات الجمعوية اللا مبدئية، التي تنخر كيان العمل الجمعوي، عن طريق إفساد الجمعيات، تعمل على استغلال العمل الجمعوي، لصالح تحقيق أهدافها الخاصة، عن طريق استغلال العلاقة مع الإدارة، ومع المستهدفين، ومع الجهات الممولة للأنشطة الجمعوية المختلفة، والتي لا يكون تمويلها للمشاريع الجمعوية، إلا مشروطا بتقديم خدمات معينة لتلك الجهات، التي تحرص على النفاذ إلى المجتمع، عن طريق تمويلها للمشاريع الجمعوية.

 

فالقيادات الجمعوية اللا مبدئية، تمارس بدورها الابتزاز على:

 

أولا: الإدارة المعنية بعمل جمعية معينة، والتي تتجنب الدخول معها، في صراع معين، مما يضطرها، بسبب فسادها، إلى القبول بالابتزاز الممارس عليها، من قبل قيادة جمعوية معينة، من أجل تجنب فضح الفساد المستشري فيها، والذي لا يزيد مع تكريس الانتهازية الجمعوية إلا استفحالا.

 

ثانيا: المستهدفين بالعمل الجمعوي العام، أو المختص، والذين يسعون إلى الاستفادة منه اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، مما يجعلهم يقبلون بانتهازية القيادة الجمعوية الممارسة عليهم، من أجل التقليص من استفادتهم لصالح القيادة الجمعوية، وعلى حساب المستهدفين.

 

ثالثا: الجهات الممولة لمختلف المشاريع الجمعوية، والتي تمارس، بدورها، الانتهازية، عن طريق استغلال القيادات الجمعوية، لتحقيق أهدافها، مما يجعلها تنصاع إلى ابتزاز القيادات الجمعوية، التي تحرص على تحقيق أهدافها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، من أجل تحقيق تطلعاتها الطبقية.

 

وهذا الابتزاز الثلاثي، الذي تمارسه القيادات الجمعوية اللا مبدئية، وبعض العناصر الفاسدة من قيادات الجمعيات المبدئية، هو الذي يقف وراء إفساد الجمعيات، وإفساد الممارسة الجمعوية، مهما كان لونها، وحرمان الجماهير المستهدفة بالعمل الجمعوي، من الاستفادة منه، وتكريس اضطهاد الجماهير من قبل الانتهازيين، وبواسطة الجمعيات.

 

وما رأيناه في القيادات النقابية اللا مبدئية، وفي العناصر الفاسدة من القيادات النقابية المبدئية، وفي القيادات الجمعوية اللا مبدئية، وفي العناصر الفاسدة من القيادات الجمعوية المبدئية، يظهر بشكل متضخم، في القيادات الحزبية اللا مبدئية، وفي العناصر الفاسدة من القيادات الحزبية المبدئية: الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية، نظرا لكون العمل الحزبي يتخذ طابعا شموليا، ويقود إلى الوصول إلى مراكز القرار في مؤسسات الدولة، وخاصة مؤسسة البرلمان، ومؤسسة الحكومة، وفي الجماعات المحلية، والإقليمية، والجهوية. وعن طريقه يمكن استثمار العمل في الجمعيات، وفي النقابات، وبواسطته يمكن تضخم الممارسة الانتهازية بشكل كبير، مما يجعل الانتهازيين الحزبيين، يمارسون النهب في السر، وفي العلن، وبكل الوسائل، من أجل الانتقال إلى صفوف البورجوازيين، والإقطاعيين الكبار، على مستوى الثروات، التي يكدسونها، والتي لا تستثمر إلا في العقار؛ لأن الانتهازيين الممارسين للنهب، لا يهتمون أبدا بالتنمية الصناعية، التي، بدونها، لا يمكن أن تسود إلا التنمية المعاقة.

 

فالانتهازية الحزبية، التي تزداد تضخما، بفعل تضخم تطلعاتها الطبقية، تبالغ في استغلال دماء شهداء الشعب المغربي، أو أي شعب آخر، من خلال:

 

أولا: اعتماد ممارسة العمالة الطبقية، للطبقة الحاكمة، وللتحالف البورجوازي الإقطاعي المخزني المتخلف، وللإدارة المخزنية، التي تتمكن من إرضاء جميع المنتمين إلى الأحزاب الانتهازية، وتفسح المجال أمامهم من أجل الوصول على مراكز القرار، في الجماعات المحلية، والإقليمية، والجهوية، وإلى البرلمان، ومن خلاله، إلى الحكومة، حتى تتفانى هذه الأحزاب، في خدمة مصالح الطبقة الحاكمة، ومصالح التحالف البورجوازي الإقطاعي المخزني المتخلف، حتى تصير تلك الخدمة الانتهازية، مبررا لتحقيق التطلعات الطبقية، بطريقة، أو بأخرى، من أجل صيرورة الانتهازيين المنتمين إلى الأحزاب اللا مبدئية، والعناصر الانتهازية من الأحزاب المبدئية، جزءا لا يتجزأ من التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف.

 

ثانيا: استغلال الموارد الجماعية، بعد الوصول إلى مراكز القرار الجماعي، لممارسة النهب الممنهج، من أجل الرفع من الثروات المتجمعة لدى المسؤولين الجماعيين، المنتمين إلى الأحزاب اللا مبدئية، ولدى المسؤولين الجماعيين، المنتمين إلى الأحزاب المبدئية، مما يجعل الجماعات المحلية مستمرة في المعاناة من الخصاص، على مستوى تجهيزات البنيات التحتية، وعلى مستوى الخدمات، وعلى مستوى ضياع مصالح المواطنين، المعنيين بالعمل الجماعي، ليستمر الوضع على ما هو عليه، إلى حين، نظرا للنهب الممنهج للموارد الجماعية: المحلية، أو الإقليمية، أو الجهوية.

 

ثالثا: استغلال العضوية في البرلمان المخزني، من أجل الحصول على المزيد من الامتيازات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، مما يسرع، وبشكل صاروخي، بانتقال المنتمين إلى الأحزاب اللا مبدئية، أو الأحزاب المبدئية، بطريقة انتهازية، إلى مصاف التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، لينفصل هؤلاء الانتهازيون، وبصفة نهائية، عن الشعب المغربي، ويتنكروا لشهدائه، خيانة لهم، وسعيا إلى إلغاء أفكارهم، ودوس المبادئ التي بنوا عليها تلك الأفكار، حتى لا يتم إحياؤها، والتأثر بها، والتفاعل معها، واعتمادها أساسا للفعل في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي.

 

رابعا: استغلال التواجد في الحكومة، من أجل تمرير المخططات التي تخدم مصالح الانتهازيين على المدى القريب، والمتوسط، والبعيد، وتوظيف الإمكانيات المتاحة، لفرض خدمة مصالح الطبقة الحاكمة، والتحالف الطبقي البورجوازي الإقطاعي المخزني المتخلف، والتخطيط لنهب ثروات الشعب المغربي، والعمل على إزالة كل السمات التي تذكرنا بالشهداء، الذين قضوا من اجل تحرير الشعب المغربي، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، وتحقيق الديمقراطية، بمضامينها المختلفة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، بأبعادها المختلفة.

 

فالانتهازية الحزبية، إذن، تسعى إلى التنكر المستمر للشهداء، بممارسة العمالة الطبقية، واستغلال الموارد الجماعية، واستغلال العضوية في البرلمان، من أجل التمتع بالمزيد من الامتيازات، التي لا حدود لها، في أفق تحقيق التطلعات الطبقية، واستغلال التواجد في الحكومة، من أجل تمرير المخططات، التي تخدم مصالح انتهازيي الأحزاب السياسية، لتكريس الخيانة العظمى، لشهداء الشعب المغربي، الذين قدموا دماءهم من أجل انعتاق هذا الشعب، ومن أجل فرض احترام كرامته.

 

وهكذا، يتبين أن الجهات المعنية باستغلال دماء الشهداء، لا تخرج عن كونها نقابية، أو جمعوية، أو حزبية؛ لأن هذه الجهات، هي التي تدرك أهمية ما تناله بممارستها للخيانة، مما يجعلها تغرق فيما تكدسه من ثروات، وتسعى إلى المحافظة على الوضع القائم، المناسب لتكريس الخيانة، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، حتى لا يحصل أي تغيير، بالتمسك بالسير على منهج الشهداء، خدمة للانتهازية، ولمن يستجيب لتحقيق تطلعات الانتهازيين.

 

000000000

 

وبالنسبة للجهات المعنية بالوفاء لدماء الشهداء، واعتماد هذا الوفاء لمحاربة الانتهازية المترتبة عن استغلال دمائهم، فإن هذه الجهات التي تستحضر في الفكر، وفي الممارسة، دماء الشهداء، وتعمل على الالتزام بأفكارهم في العمل النقابي، والعمل الجمعوي، والعمل الحزبي، وتعمل على نبذ كل الممارسات التي تهدف إلى النيل من الحرية، والكرامة الإنسانية، وتحرص على أن تحقق الأهداف التي تحسن الأوضاع المادية، والمعنوية للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وتسعى إلى تغيير الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي، حتى يصير في خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من خلال ملاءمة القوانين الوطنية، مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، حتى تصير تلك القوانين الوطنية، وسيلة لتمتيع جميع الناس، بجميع الحقوق، والعمل على إيجاد دستور ديمقراطي شعبي، تنبثق عنه انتخابات حرة، ونزيهة، تحت إشراف هيأة مستقلة، لإيجاد مؤسسات تمثيلية حقيقية: محلية، وإقليمية، وجهوية، ووطنية، تصير في خدمة مصالح الشعب المغربي، وتنفرز عن برلمانها حكومة ديمقراطية، من الأغلبية البرلمانية، تكون مسؤولة أمام البرلمان، وتحاسب من قبله، وتصير في خدمة مصالح الشعب المغربي، وفي إطار قيام ضمانات تكرس الفصل التام بين السلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية، والسلطة القضائية.

 

وهذه الجهات المعنية بالوفاء لدماء الشهداء\ن تتمثل في:

 

أولا: النقابات المبدئية\\\ن التي يفترض فيها محاربة الممارسة الانتهازية\\\\ن في صفوف قيادييها\ن وفي صفوف العاملين فيها، حتى لا تتحول إلى وكر لتفريخ الممارسة الانتهازية، كما هو حاصل الآن في صفوف بعض النقابات، التي يفترض فيها كونها مبدئية، وفي العناصر المناضلة، والمستميتة في النضال، إلى جانب العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، والمنتمية إلى النقابات اللا مبدئية. فالمبدئية شرط في ممارسة المناضل النقابي، والذي يحمل، بالخصوص، صفة التمثيلية المحلية، أو الإقليمية، أو الجهوية، أو الوطنية، التي تعتبر وسيلة مثلى لممارسة الانتهازية، في أبشع صورها، من أجل ممارسة الابتزاز على الإدارة، وعلى المعنيين بالعمل النقابي، وعلى الأجهزة النقابية، كما تعتبر وسيلة لتجسيد الإخلاص إلى العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

 

والعمل النقابي المبدئي، الذي يجسد الوفاء للشهداء، ينتظر منه:

 

1) الالتزام بأفكار الشهداء، الموجهة لمسلكية المناضلين النقابيين: الفردية، والجماعية، محليا، وإقليميا، وجهويا، ووطنيا، سعيا إلى جعل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، يعون أهمية الالتزام بأفكار الشهداء، وأهمية النضال من أجل تجسيد تلك الأفكار على أرض الواقع.

 

2) اعتماد منهج الشهداء، في الممارسة الفردية، والجماعية، وبواسطة الإطارات النقابية: القطاعية، والمركزية، من أجل رفع وعي العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بأوضاعهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، مما يدفعهم إلى الانخراط، عن وعي، في النضال النقابي المطلبي، في ارتباطه بالنضال السياسي.

 

3) تحويل النقابة، إلى مدرسة لتكوين العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، في المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، وفي تقنيات، التواصل، وتقنيات التعامل مع مختلف الملفات القطاعية، والمركزية، وفي تدبير الشأن النقابي، وفي المبادئ النقابية الصحيحة، وفي تاريخ العمل النقابي، وفي التفريق بين العمل النقابي المبدئي، والعمل النقابي اللا مبدئي، وفي الممارسة الانتهازية، ومظاهرها، وفي مسلكية الانتهازيين، وما تجره الانتهازية على العمل النقابي من ويلات، على جميع المستويات، وفي الطرق التي يجب اتباعها، لاستئصال الممارسة الانتهازية، من العمل النقابي، وفاء للشهداء، والتزاما بمنهجهم، وتجسيدا لأفكارهم.

 

4) تفعيل الملفات المطلبية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وتعبئة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، حول تلك الملفات، وخوض النضال المطلبي، من أجل فرض الاستجابة إليها، مهما كانت الممارسات القمعية، التي تمارس ضد المناضلين النقابيين المبدئيين الأوفياء، سعيا إلى تأكيد: أن النضال النقابي المبدئي، هو النضال الذي يستطيع قيادة النضالات المطلبية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التي تجعل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، يمتلكون وعيهم الطبقي، الذي يعتبر شرطا للوعي بالذات، وبدورها، في خوض أشكال الصراع، في أفق التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.

 

وانطلاقا من رأينا، فإن العمل النقابي المبدئي، المعبر عن الوفاء للشهداء، متجسد بالالتزام بأفكار الشهداء، وفي اعتماد منهج الشهداء ، في الممارسة الفردية، والجماعية، وفي تحويل النقابة إلى مدرسة لتكوين العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وتفعيل الملفات المطلبية، والنضال من أجل الاستجابة إلى المطالب. وإلا، فإن العمل النقابي سوف يصير عملا نقابيا لا مبدئيا، لا وجود فيه لشيء اسمه الوفاء للشهداء.

 

ثانيا: الجمعيات المبدئية: الحقوقية، أو الثقافية، أو التربوية، أو التنموية، التي تحرص على الالتزام بالمبادئ، وبالبرامج التي تسطرها، وبالهداف التي تسعى إلى تحقيقها، وتقطع مع الممارسة الانتهازية، أنى كان مصدرها، وتحارب الانتهازيين في صفوفها، وتلتزم بمواقفها، مهما كانت الإغراءات التي تقدم لها، من أجل أن تتخلى عن تفعيل برامجها الحقوقية، والثقافية، والتنموية، التي تعمل على بث الوعي الحقوقي، والثقافي، والتنموي، الذي يجعل الجماهير الشعبية المستهدفة، تمتلك وعيها الحقوقي، أو الثقافي، أو التربوي، مما يجعلها وفية، بممارستها المترتبة عن وعيها، إلى دماء الشهداء.

 

ووفاء الجمعيات المبدئية، أو العناصر المبدئية في الجمعيات اللا مبدئية، يقتضي من المنتمين إلى العمل الجمعوي المبدئي، أن يحرصوا على:

 

1) احترام مبادئ العمل الجمعوي، المتمثلة في الديمقراطية، والتقدمية، والجماهيرية، والاستقلالية، بالإضافة إلى الكونية، والشمولية، بالنسبة للعمل الحقوقي، من منطلق أن المبادئ المشار إليها، تعمل باحترامها، على تحصين الإطار الجمعوي من جهة، وعلى تحصين المناضلين الأوفياء لدماء الشهداء، ضد كل المسلكيات، التي تسيء إلى العمل الجمعوي، وإلى العاملين في مختلف الجمعيات، والتي تقود إلى تحريف الممارسة الجمعوية، وإلى خيانة دماء الشهداء، بالسقوط في المستنقع الانتهازي.

 

2) الحرص على التكوين، في إطار الجمعيات الحقوقية، والثقافية، والتربوية والتنموية، باعتبارها مدارس للتكوين المستمر، والمتطور، والمتفاعل مع الواقع، في تحولاته الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، حتى يستطيع العاملون في مختلف الجمعيات، استيعاب روح مبادئ العمل الجمعوي، ودور تلك المبادئ، في تحصين المناضل الجمعوي، واستيعاب البرامج بمضامينها المختلفة، وكيفية تفعيل تلك البرامج، واستيعاب الأهداف في مستوياتها المختلفة، والغاية من تلك الأهداف، وما يترتب عن تحقيقها، من تحولات في الواقع العيني، وكيف تطور الجمعيات أهدافها الآنية، والمستقبلية.

 

3) الحرص على جعل الواقع الجمعوي، وسيلة لتحسين الأوضاع المادية، والمعنوية، للفئات المستهدفة: اقتصاديا، واجتماعيا، وحقوقيا، وثقافيا، وسياسيا، من منطلق أن الغاية من العمل الجمعوي، هي العمل على خدمة مصالح الجماهير الشعبية الكادحة، عن طريق تحقيق الأهداف الجمعوية، باعتبارها أهدافا جماهيرية، ذات بعد اقتصادي، أو اجتماعي، أو ثقافي، أو سياسي، يمكنها من الارتقاء بالوضعيات الجماهيرية، إلى مستوى أحسن.

 

4) التمرس على الربط الجدلي، بين النضال الجمعوي، في مستوياته المختلفة، وبين النضال السياسي، حتى يتأتى الانتقال بوعي المستهدفين إلى مستوى أرقى، مما يجعلهم يحرصون، بالاستمرار على التعاطي، جدلا، مع الواقع، والتفاعل معه، والفعل فيه، والعمل على تغييره، من منطلق أن العمل الجمعوي، في مظهر من مظاهره، هو في نهاية المطاف، مظهر سياسي، يسعى إلى انتزاع مكاسب معينة، لصالح الجماهير الشعبية.

 

فالحرص على احترام مبادئ العمل الجمعوي، وعلى التكوين، في إطار الجمعيات الحقوقية، والثقافية، والتربوية، والتنموية، باعتبارها مدارس للتكوين المستمر، وعلى جعل الواقع الجمعوي وسيلة لتحسين الأوضاع المادية، والمعنوية للفئات المستهدفة، وعلى التمرس على الربط الجدلي، بين النضال الجمعوي، والنضال السياسي، هو الذي يعطي للعمل الجمعوي، أهمية لا يستهان بها، على المستوى العام، وعلى المستوى الخاص، مما يجعلها إطارات مناسبة، لتجسيد الوفاء للشهداء، الذين قدموا أرواحهم، من أجل سيادة عمل جمعوي مبدئي، مناهض لكافة أشكال الممارسة الانتهازية.

 

ثالثا: الأحزاب السياسية المبدئية، والمناضلة، والوفية بأيديولوجيتها، وبتنظيماتها، وبمواقفها السياسية، للشهداء، الذين استشهدوا من أجل تغيير الأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، انطلاقا من التحليل الملموس، للواقع الملموس، من أجل امتلاك نظرية علمية عن الواقع، يمكن اعتمادها لوضع برنامج يقود إلى التغيير الشامل للواقع، في أفق نفي الاستعباد، بتحقيق الحرية، ونفي الاستبداد، بتحقيق الديمقراطية، ونفي الاستغلال، بتحقيق العدالة الاجتماعية، في أفق تحقيق الاشتراكية.

 

والأحزاب السياسية المبدئية، والمناضلة، لا بد أن تبرهن عن وفائها للشهداء ب:

 

1) الوضوح الأيديولوجي، باعتباره محددا أساسيا للهوية الحزبية:

 

وهل هو حزب للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين؟

 

أم أنه حزب للبورجوازية الصغرى؟

 

أو حزب للبورجوازية؟

 

أو حزب للإقطاع؟

 

أو حزب لمؤدلجي الدين الإسلامي؟

 

أو حزب للتحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف؟

 

ذلك، أن عدم الوضوح الأيديولوجي، يخفي هوية الحزب، وإخفاء هوية الحزب، لا يعني إلا تضليل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، كما ذهب إلى ذلك الشهيد عمر بنجلون، في تقديمه للتقرير الأيديولوجي، في المؤتمر الاستثنائي للحركة الاتحادية، الذي انعقد بتاريخ 25 يناير 1975.

 

2) التعبير التنظيمي عن الانتماء الأيديولوجي، حتى يصير التنظيم منسجما مع الأيديولوجية، التي يقتنع بها مناضلو الحزب المبدئي، والمناضل، والوفي للشهداء؛ لأنه بدون ذلك الانسجام، يحصل التناقض بين الأيديولوجية، والتنظيم، ليصير التنظيم في واد، والأيديولوجية في واد آخر، لتتحول الأيديولوجية إلى مجرد شعار للاستهلاك، يلوكه المنتمون إلى التنظيم، في الوقت الذي يعتمدون فيه شيئا آخر، لا علاقة له بأيديولوجية الحزب.

 

يتبع.. الوفاء للشهداء مصل مضاد للانتهازية.....(3)

 

ابن جرير في 20 / 03 / 2012

محمد الحنفي

 

الوفاء للشهداء مصل مضاد للانتهازية.....

(1)

محمد الحنفي 

 

 

الوفاء للشهداء مصل مضاد للانتهازية.....

(2)

محمد الحنفي 

 

 

الوفاء للشهداء مصل مضاد للانتهازية.....

(3)

محمد الحنفي 

 

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

21.01.2015  

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org