%@ Language=JavaScript %>
|
لا للأحتلال |
|
---|
بين النقد والتشهير
هناك خلط بين النقد الذي يطرحه شخص كوجهة نظر في موضوع يبين فيه سلبيات ذلك الفعل او المشروع او ايجابياته كما يراها الشخص الناقد 00 وقد تكون وجهة النظر هذه مختلفة مع وجهة نظر الاخرين في نفس القضية فهي وجهة نظر على اية حال في ظواهر سلوكيات بعض الناس داخل مجتمعهم او في نتائج اعمالهم او نقدا لتصرفاتهم وطريقة تعاملهم وغير ذلك من النشاط البشري المتنوع المادي والمعنوي وفي قضية محددة بالذات 00 وقد يطلق البعض على مثل هذا النقد بالنقد البناء وهو ما يطلق عليه الناقد في معظم الاحوال وهناك من يطلق عليه بالنقد الهدام وهو كثيرا ما يصدر عن المنتقد وهو الاكثر شيوعا باعتبار ان من يوجه له هذا النقد يزعجه ويثير اعصابه فيطلق عليه بالنقد الهدام ويتصدى للناقد بكل الاسلحة المتوفرة لديه 00 حيث ان كل امرء يرى في نفسه الكمال وان كل ما يصدر عنه وما يبدر منه هو الصح والصواب ان كان حديث فلا شائبة فيه وان كان عملا فهو خير ما يصنع او ينتج ومثل هؤلاء الناس ينطلقون من دوافع النرجسية وحب الذات والاعتداد بالنفس الكامنة والمتجذرة داخل العقل البشري 00 وهي مشاعر يستحيل انتزاعها مهما اطنبنا من نصائح وقدمنا من وعظ وارشاد بل ان من يعظ قد يكون هو نفسه مصاب بهذا الداء الوبيل وهذه العلة المتأصلة 00 وقد تكون هذه المشاعرسببا لاعتبار كل ما يصدر عن الغير هو مس له وطعن لكرامته وإسائة اليه وتشهير به 00 ولكن لو سلمنا بهذه الاراء لتوقف العالم الى ما نحن فيه من تأخر وتراجع وتخلف 00 اذا لابد وان نضع بعض المعايير التي يمكننا بواسطتها التفريق بين التشهير والتجريح والنقد المشروع على الاقل كي نتمكن من ان نطور انفسنا بايضاح جوانب الخلل فينا والمزالق التي نقع فيها كي نتجنبها 00 فالمرء عادة يصعب ان يكتشف اخطائه او يشعر بها غير ان الغير الذي يستمع اليه او ينظر اليه او يقرا ما يكتب بامكانه ان يكتشف الاخطاء بما يقدمه الاخر فيزيل الغشاوة ويظهر الاخطاء جلية للعيان 00 ولكن علينا في نفس الوقت ان نضع للنقد حدود وملامح اذا ما تجاوزها الناقد قد تدخل باب التجريح والتشهير وهو امر غير مسموح به وغير مقبول لااجتماعيا ولا قانونيا 00 فالنقد قد يتماشى مع ما يقدمه المرء من كتابات او ما يتحدث به من احاديث داخل مجتمعه او ما يمس سلوكه مع الاخرين فهو امر مقبول ومفهوم ولا غبار عليه وليس فيه مثلبة او اعتداء 00 اما التجريح والتشهير هو ذلك الحديث الذي يمس كرامة الشخص ويطعن في شرفه ويخترق خصوصيات الناس او يمس شخوصهم او يتدخل في حياتهم الشخصية خاصة داخل جدران بيوتهم او علاقاتهم مع عوائلهم 00 فهي خطوط حمراء وحدود محرمة لايحق لاي انسان تجاوزها لاعرفا ولا قانونا وانها بالتأكيد تدخل في نطاق التجريح والتشهير الممنوع والغير مسموح به لاي شخص مهما كانت صفته الوظيفية او الاجتماعية 00 فالتدخل في العقائد او في الاديان فهي امور تدخل ضمن الحريات الشخصية التي ليس من حق احد التدخل بها او انتقادها كذلك الامر بما يفعله الانسان داخل بيته كان يصلي او يصوم او بالعكس قد يشرب الخمر او يدخن السكاير او يغني او حتى ان يمارس الشذوذ الجنسي فهو حر في جسده ولكن كل ذلك على ان لايؤثر على حرية غيره او يفعل ذلك في محل عام فهي من خصوصيات الانسان وحرياته الشخصية فافشائها تجريح به 00 فالمتعبد علاقته بربه وكذا الكافر ايضا علاقته بربه يحاسبه على افعاله السيئة منها والحسنة فلا تضر او تنفع غيره وكذلك السلوكيات الشاذة التي تمارس في السر وداخل الابواب المغلقة مهما كانت سيئة من وجهة نظرنا فطالما يفعلها في الخفاء فلا علاقة لنا بها وفضحها ونشرها هي عملية تشهير بكل تأكيد 00 فهناك شخصيات عامة وعالمية تمارس مختلف العلاقات الجنسية الشاذة منها والطبيعية داخل بيوت مغلقة 0ومع ذلك فهي امام الناس ذات مقامات رفيعة وموضع تقدير واحترام بما تقدمه من فنون او ابداع في مختلف مجالات الحياة كذلك لو ان مسؤول في احد المؤسسات ارتبط بعلاقة عاطفية مع احدى موظفاته لكنه يؤدي واجبه على خير ما يرام فلا يحق لاحد انتقاده على هذه العلاقة حتى لو كان متزوجا فمن حق الزوجة فقط الاعتراض عليه ومحاسبته فقط 00 فهو شأن يمس الزوجة ولا يؤثر على حياته الوظيفية فنشر الخبر من قبل الاعلام يعتبر تشهيرا به 00 فليس من حق من يطلع على ما يفعله في السر ان يثير الزوابع حوله ويحاول النيل من مكانته فهو تشهير يعاقب عليه القانون ويرفضه المجتمع 00 فالتشهير اذا هو غير النقد المشروع وبعيد عنه فحتى في الامور الاجتماعية وداخل النشاطات الاقتصادية فالتشهير باي شخص من اجل تسقيطه والنيل من كرامته او اتهامه بارتكاب جريمة دون تقديم الدليل يعتبر تشهيرا به كذلك الاساءة الى منتجاته او لبضاعته التي يتاجر بها من اجل صرف الناس عنها دون تقديم الدليل على فسادها يعتبر تشهير غير مبرر00 فاتهام أي مسؤول في الدولة مثلا بالسرقة دون تقديم الدليل يعتبر تشهيرا دون وجه حق ويقع فاعله تحت طائلة القانون 00 ولكن كشف الظواهر السلبية في دائرة المسؤول دون ذكر اسمه يعتبر نقدا لهذه الظاهرة ولا تشكل اية مخالفة قانونية خاصة اذا كان التخلف او الظاهرة واضحة للعيان ويشكو منها العديد من الناس كظاهرة البطاقة التموينية التي اساءت الى الشعب العراقي برمته او ظاهرة انقطاع التيار الكهربائي لساعات عديد في اليوم الواحد00 فنقد هذه الظواهر لاتعتبر تشهير بالمسؤول عنها بل تقصير يجب علاجه بل يجب ملاحقة المسؤول ومتابعته لمعرفة سبب الخلل 00 فالفرق بين النقد والتجريح واضح وجلي فهو لايمس المنتقد بالتقصير إلا من خلال عمله ومسؤوليته عن ذلك العمل فالشعب لايهمه ان كان المنتقد مسلم او مسيحي او شيعي او سني او متعبد او فاسق او سكير بل ما يهمه سوء تصرفه وعجزه عن اداء مهمته في ما انيط به كما لايحق للمسؤول عن عمل ان يبرر عجزه بضروفه الشخصية او يتذرع بذرائع ذاتية لاعلاقة للناس بها فعليه ان يعالج قضاياه الشخصية وعوائقه الذاتية بنفسه فان وجدها تعيقه عن تأدية واجبه فعليه ان يتنحى لياتي من يستطيع ان يؤدي المهمة بدلا عنه وإلا فمن حق الناس فردا كان او مجاميع من الناس ان يوجه لهذا المسؤول اقسى انتقاد لتخلفه عن اداء الواجب ولا يعتبر ذلك تشهير به حتى لو ذكروا الاسباب الشخصية التي يتذرع بها حيث انه قد اخرجها من النطاق الشخصي وجعلها من العوائق العامة التي يجوز ذكرها ولا تعتبر تشهيرا او يحتج على طرحها 00 كما فعل احد القادة العرب الكبار عندما خسر الحرب ودمر البلاد وتذرع بانه كان مدعوا في حفلة ساهرة استغل ضروفها العدو وفاجئه بالهجوم فمثل هذا العذر مرفوض لما يجب على القائد العسكري ان يكون حذرا وجاهزا لكل المفاجئات فانتقاد الناس له مهما كان قاسيا لايعتبر تشهيرا به لانه قصر في واجبه تجاه شعبه في قضية عامة تمس حياة الناس برمتها لانه كان ساهرا في حفلة ليلية وترك امور جيشه وقواته ومصير بلده في خطر000
ومع ذلك فعلينا ان نتوخى الدقة والحذر في ما نكيله للاخرين من نقد نحاول ان نتجنب بالمساس باموره الشخصية قدر الامكان ولكن الى درجة لاتجعل المسؤول يتمادى في تهاونه وتخلفه عن اداء واجبه بما يسبب الاضرار بالصالح العام بل يجب ان يكون النقد سيفا مصلتا على المسؤول حتى يشعره دائما بكونه تحت المراقبة والمحاسبة حتى يسير بخطى حثيثة ويعمل بجد دون تهاون او كلل وليس من حق هذا المسؤول ان يعتبر كل نقد هو مساس بشخصيته وطعنا بكرامته وتشهيرا به وإلا فستجد الحال في كل البلاد من سيء الى اسوأ000 بسبب احتجاج المسؤولين واعتبار كل نقد لسلبياتهم تشهير بهم !!!
تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا
جميع الحقوق محفوظة © 2009 صوت اليسار العراقي
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا |
|
---|