<%@ Language=JavaScript %>  المحامي يوسف علي خان بين النقد والتشهير
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org               مقالة للكاتب يوسف علي خان                    

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

بين النقد والتشهير

 

  المحامي يوسف علي خان

 

هناك خلط بين النقد الذي يطرحه شخص كوجهة نظر في موضوع يبين فيه سلبيات ذلك الفعل او المشروع او ايجابياته كما يراها الشخص الناقد 00 وقد تكون وجهة النظر هذه مختلفة مع وجهة نظر الاخرين في نفس القضية فهي وجهة نظر على اية حال في ظواهر سلوكيات بعض الناس داخل مجتمعهم  او في نتائج اعمالهم او نقدا لتصرفاتهم وطريقة تعاملهم وغير ذلك من النشاط البشري المتنوع  المادي والمعنوي وفي قضية محددة بالذات 00 وقد يطلق البعض على مثل هذا النقد بالنقد البناء وهو ما يطلق عليه الناقد في معظم الاحوال وهناك من يطلق عليه بالنقد الهدام وهو كثيرا ما يصدر عن المنتقد وهو الاكثر شيوعا باعتبار ان من يوجه له هذا النقد يزعجه ويثير اعصابه فيطلق عليه بالنقد الهدام ويتصدى للناقد بكل الاسلحة المتوفرة لديه 00 حيث ان كل امرء يرى في نفسه الكمال وان كل ما يصدر عنه وما يبدر منه هو الصح والصواب ان كان حديث فلا شائبة فيه وان كان عملا فهو خير ما يصنع او ينتج ومثل هؤلاء الناس ينطلقون من دوافع النرجسية وحب الذات والاعتداد بالنفس الكامنة والمتجذرة داخل العقل البشري 00 وهي مشاعر يستحيل انتزاعها مهما اطنبنا من نصائح وقدمنا من وعظ وارشاد بل ان من يعظ قد يكون هو نفسه مصاب بهذا الداء الوبيل وهذه العلة المتأصلة 00 وقد تكون هذه المشاعرسببا لاعتبار كل ما يصدر عن الغير هو مس له وطعن لكرامته وإسائة اليه وتشهير به 00 ولكن لو سلمنا بهذه الاراء لتوقف العالم الى ما نحن فيه من تأخر وتراجع وتخلف 00 اذا لابد وان نضع بعض المعايير التي يمكننا بواسطتها التفريق بين التشهير والتجريح  والنقد المشروع على الاقل كي نتمكن من ان نطور انفسنا بايضاح جوانب الخلل فينا والمزالق التي نقع فيها كي نتجنبها 00 فالمرء عادة يصعب ان يكتشف اخطائه او يشعر بها غير ان الغير الذي يستمع اليه او ينظر اليه او يقرا ما يكتب بامكانه ان يكتشف الاخطاء بما يقدمه الاخر فيزيل الغشاوة ويظهر الاخطاء جلية للعيان 00 ولكن علينا في نفس الوقت ان نضع للنقد حدود وملامح اذا ما تجاوزها الناقد قد تدخل باب التجريح والتشهير وهو امر غير مسموح به وغير مقبول لااجتماعيا ولا قانونيا 00 فالنقد قد يتماشى مع ما يقدمه المرء من كتابات او ما يتحدث به من احاديث داخل مجتمعه او ما يمس سلوكه مع الاخرين فهو امر مقبول ومفهوم ولا غبار عليه وليس فيه مثلبة او اعتداء 00 اما التجريح والتشهير هو ذلك الحديث الذي يمس كرامة الشخص ويطعن في شرفه ويخترق خصوصيات الناس او يمس شخوصهم او يتدخل في حياتهم الشخصية خاصة داخل جدران بيوتهم او علاقاتهم مع عوائلهم 00 فهي خطوط حمراء وحدود محرمة لايحق لاي انسان تجاوزها لاعرفا ولا قانونا وانها بالتأكيد تدخل في نطاق التجريح والتشهير الممنوع والغير مسموح به لاي شخص مهما كانت صفته الوظيفية او الاجتماعية 00 فالتدخل في العقائد او في الاديان فهي امور تدخل ضمن الحريات الشخصية التي ليس من حق احد التدخل بها او انتقادها كذلك الامر بما يفعله الانسان داخل بيته كان يصلي او يصوم او بالعكس قد يشرب الخمر او يدخن السكاير او يغني او حتى ان يمارس الشذوذ الجنسي فهو حر في جسده ولكن كل ذلك على ان لايؤثر على حرية غيره او يفعل ذلك في محل عام  فهي من خصوصيات الانسان وحرياته الشخصية فافشائها تجريح به 00 فالمتعبد علاقته بربه وكذا الكافر ايضا علاقته بربه يحاسبه على افعاله السيئة منها والحسنة فلا تضر او تنفع غيره وكذلك السلوكيات الشاذة التي تمارس في السر وداخل الابواب المغلقة مهما كانت سيئة من وجهة نظرنا فطالما يفعلها في الخفاء فلا علاقة لنا بها وفضحها ونشرها هي عملية تشهير بكل تأكيد 00 فهناك شخصيات عامة وعالمية تمارس مختلف العلاقات الجنسية الشاذة منها والطبيعية داخل بيوت مغلقة 0ومع ذلك فهي امام الناس ذات مقامات رفيعة وموضع تقدير واحترام بما تقدمه من فنون او ابداع في مختلف مجالات الحياة  كذلك لو ان مسؤول في احد المؤسسات ارتبط بعلاقة عاطفية مع احدى موظفاته لكنه يؤدي واجبه على خير ما يرام فلا يحق لاحد انتقاده على هذه العلاقة حتى لو كان متزوجا فمن حق الزوجة فقط الاعتراض عليه ومحاسبته فقط 00 فهو شأن يمس الزوجة ولا يؤثر على حياته الوظيفية فنشر الخبر من قبل الاعلام  يعتبر تشهيرا به 00 فليس من حق من يطلع على ما يفعله في السر ان يثير الزوابع حوله ويحاول النيل من مكانته فهو تشهير يعاقب عليه القانون ويرفضه المجتمع 00 فالتشهير اذا هو غير النقد المشروع وبعيد عنه فحتى في الامور الاجتماعية وداخل النشاطات الاقتصادية فالتشهير باي شخص من اجل تسقيطه والنيل من كرامته او اتهامه بارتكاب جريمة دون تقديم الدليل يعتبر تشهيرا به كذلك الاساءة الى منتجاته او لبضاعته التي يتاجر بها من اجل صرف الناس عنها دون تقديم الدليل على فسادها يعتبر تشهير غير مبرر00 فاتهام أي مسؤول في الدولة مثلا بالسرقة دون تقديم الدليل يعتبر تشهيرا دون وجه حق ويقع فاعله تحت طائلة القانون 00 ولكن كشف الظواهر السلبية في دائرة المسؤول دون ذكر اسمه يعتبر نقدا لهذه الظاهرة ولا تشكل اية مخالفة قانونية خاصة اذا كان التخلف او الظاهرة واضحة للعيان ويشكو منها العديد من الناس كظاهرة البطاقة التموينية التي اساءت الى الشعب العراقي برمته او ظاهرة انقطاع التيار الكهربائي لساعات عديد في اليوم الواحد00 فنقد هذه الظواهر لاتعتبر تشهير بالمسؤول عنها بل تقصير يجب علاجه بل يجب ملاحقة المسؤول ومتابعته لمعرفة سبب الخلل 00 فالفرق بين النقد والتجريح واضح وجلي فهو لايمس المنتقد بالتقصير إلا من خلال عمله ومسؤوليته عن ذلك العمل فالشعب لايهمه ان كان المنتقد مسلم او مسيحي او شيعي او سني او متعبد او فاسق او سكير  بل ما يهمه سوء تصرفه وعجزه عن اداء مهمته في ما انيط به كما لايحق للمسؤول عن عمل ان يبرر عجزه بضروفه الشخصية او يتذرع بذرائع ذاتية لاعلاقة للناس بها فعليه ان يعالج قضاياه الشخصية وعوائقه الذاتية بنفسه فان وجدها تعيقه عن تأدية واجبه فعليه ان يتنحى لياتي من يستطيع ان يؤدي المهمة بدلا عنه وإلا فمن حق الناس فردا كان او مجاميع من الناس ان يوجه لهذا المسؤول اقسى انتقاد لتخلفه عن اداء الواجب ولا يعتبر ذلك تشهير به حتى لو ذكروا الاسباب الشخصية التي يتذرع بها حيث انه قد اخرجها من النطاق الشخصي وجعلها من العوائق العامة التي يجوز ذكرها ولا تعتبر تشهيرا او يحتج على طرحها 00 كما فعل احد القادة العرب الكبار عندما خسر الحرب ودمر البلاد وتذرع بانه كان مدعوا في حفلة ساهرة استغل ضروفها العدو وفاجئه بالهجوم  فمثل هذا العذر مرفوض لما يجب على القائد العسكري ان يكون حذرا وجاهزا لكل المفاجئات فانتقاد الناس له مهما كان قاسيا لايعتبر تشهيرا به لانه قصر في واجبه تجاه شعبه في قضية عامة تمس حياة الناس برمتها لانه كان ساهرا في حفلة ليلية وترك امور جيشه وقواته ومصير بلده في خطر000

ومع ذلك فعلينا ان نتوخى الدقة والحذر في ما نكيله للاخرين من نقد نحاول ان نتجنب بالمساس باموره الشخصية قدر الامكان ولكن الى درجة لاتجعل المسؤول يتمادى في تهاونه وتخلفه عن اداء واجبه بما يسبب  الاضرار بالصالح العام بل يجب ان يكون النقد سيفا مصلتا على المسؤول حتى يشعره دائما بكونه تحت المراقبة والمحاسبة حتى يسير بخطى حثيثة ويعمل بجد دون تهاون او كلل وليس من حق هذا المسؤول ان يعتبر كل نقد هو مساس بشخصيته وطعنا بكرامته وتشهيرا به وإلا فستجد الحال في كل البلاد  من سيء الى اسوأ000 بسبب احتجاج المسؤولين واعتبار كل نقد لسلبياتهم تشهير بهم !!! 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا