<%@ Language=JavaScript %>  المحامي يوسف علي خان الدين ايمان ام هوية
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org               مقالة للكاتب يوسف علي خان                    

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

الدين ايمان ام هوية

 

 

 المحامي يوسف علي خان

 

 

ولد الاسلام دينا عندما خرج النبي محمد ( ص ) على عشيرته قريش ليبشر بهذا الدين الجديد وكانت قريش في ذلك الوقت تعبد الاصنام وتدين بديانة وثنية لم يذكر التاريخ مصدرها وجذورها وهل كانت قد استقتها عن الديانات الوثنية الافريقية القريبة منها ام تاثرت بالديانات الاسيوية الزراداشتية التي كانت شائعة في ذلك الوقت 00 وهل كان القوقس الحبشي الذي ارسل الرسول اليه مجاميع المسلمين هربا من ملاحقة قريش وتخلصا من اذاهم مسيحيا لربما وإلا ما دفع بالمسلمين اليه  ؟؟؟ كما كانت قريش تحمل  الهوية القبلية والعشائرية والاجتماعية والقومية العربية اضافة لهويتها الوثنية التي يرجح بانها قد استقتها عن ما كان يعبده الفراعنة في مصر 00امور مشوشة هلامية غير واضحة المعالم 00 وعلى اية حال فقد انتفض محمد ليعلن دعوته الجديدة الى عبادة الله خالق السماوات والارض ويبشر بها بين قومه في قريش يدعوهم فيها الى نبذ الوثنية و عبادة الاصنام

00واستطاع بعد نضال مرير دام اكثر من عشرين سنة ان ينتصر وينشر الاسلام في ربوع الجزيرة العربية عبادة وايمان بالله وكتابه الحكيم القران الكريم واخذ هذا الدين يترسخ في عقول الناس شيئا فشيئا وبمرور الايام والسنين00 وتأسست الدول الاسلامية مبنية على اركان العقيدة الاسلامية الصادقة  وايمانا بها خاصة في زمن الخلفاء الراشدين الاربع كما وصلنا من الاخبار في كتب التاريخ والعهدة على المؤرخين 00

غير انه ومنذ تأسيس الدولة الاموية التي ابتنت على النظام الاسلامي ظاهريا  وعلى نظام الزعامة القبلية والحكم المدني بما سار عليه الخلفاء الاموييون برمتهم حقيقة وواقعا  في حكم البلاد انذاك وكما نعلم بان مؤسسها هو معاوية ابن ابي سفيان عم الرسول  وابن هنود اكالة الكبود التي قيل بانها اكلت قلب الحمزة بعد قتله  00 فان ابو سفيان على ما يبدو لم يؤمن ايمانا صادقا بالدعوة المحمدية بل اسلم مرغما بدليل الدعوة التي وجهها الرسول عند فتح مكة اذ قال من دخل بيت ابي سفيان فهو امن تشجيعا له وتكريما و اتقاءا لاذاه

00 وهذا يدل على ان الدولة الاموية ابتنت على السلطان والجاه اكثر مما ابتنت على الايمان بالعقيدة الاسلامية فلم يكن الاسلام قد ترسخ فعلا في قلب معاوية بدليل انتفاضته على اصحاب الرسول والمقربين منه واستعدائه لهم ومقارعتهم على السلطة حتى تمكن ان يتمرد ويعلن العصيان في الشام ويؤسس دولته المستقلة  على انقاض دولة الخلفاء الراشدين ومع ادعائه ظاهريا بانه خليفة المسلمين وان دولته دولة اسلامية تحكم بموجب القواعد والشرائع الاسلامية واركانها لكنه في حقيقة الامر كان مرغما على هذا الادعاء حتى يتمكن ان يلف حوله مجاميع المسلمين ويكسب دعمهم وتأييدهم لحكمه  ويخلق المبررات لفتوحاته

00 واستمر الحال بالنسبة للخلفاء الاموييين يحكمون ويقيمون سلطانهم تحت يافطة الاسلام ويفتحون البلدان والامصار لنشر الدعوة المحمدية بمبادئها وقيمها العالية رافعين راية القران وما جاء فيه من شرائع وقوانين كانت مثالا للقيم والمباديء الانسانية الرفيعة فكان لابد لهم ولجميع الخلفاء الامويين ان يحذوا حذومؤسس دولتهم مع ما ظهر من بعض الخلفاء من تمسكهم الحقيقي بقيم الاسلام مثل عمر بن عبد العزيز وعبد الملك بن مروان الخلفاء الذين عرفوا بالتقوة والصلاح00 والمؤمنون ايمانا راسخا بمعتقدهم اضافة لما اشادوه من ملك عظيم بالقيام بالفتوحات شرقا وغربا موسعين نطاق الامبراطورية الاسلامية ونشر الدعوة المحمدية بكل ايمان صادق ولكن مع ذلك فقد ظهر بعض الخلفاء الامويين من تنكر للاسلام وما فعله الوليد ابن يزيد خير شاهد على تجرده من كل  القيم الدينية بل وارتداده عن الدين الحنيف وما ينسب له من بيت الشعر التالي الذي انشده وهو يقذف بالقران الكريم  ويمزقه يؤكد ويدعم ما نقول  والعهدة على الراوي والمورخين حيث قال موجها كلامه للقران الكريم0000

    اذا قابلت ربك يوم حشر     

                          فقل ياربي مزقني الوليد

 

فهذا يدل على ان الكثير من الخلفاء الذين تعاقبوا على حكم الدول الاسلامية ومع الكثير من ابناء شعوبهم الذين عاشوا في فترات حكمهم تحولوا بهذا الدين من عقيدة وايمان والتزام بكل شعائره الى مجرد حاملين هويته والتكني باسمه والذي قد يدون في سجلاتهم الرسمية فقط في الوقت الذي قد يصل البعض منهم الى درجة الا لحاد كما جرى للشيوعيين من المسلمين الذين اعتنقوا هذا المبدأ الذي يعتبر الاديان افيون الشعوب ومع ذلك كانوا لازالوا يطلقون على انفسهم مسلمين ويحتفظون في سجلاتهم الرسمية بهذه الصفة اضافة للعديد من غيرهم مما يتعاطون كافة الموبقات والفواحش والمفاسد التي ينهى عنها الدين الاسلامي من الكفر والكذب والغش والسرقة والاحتيال والاعتداء على الاخرين والتفسخ الخلقي وكل ما يرفضه الدين الاسلامي ويعتبره من المحرمات ومع ذلك فيستمرون باعتبار انفسهم مسلمون متمسكين بهذه الصفة الراسخة مع انهم لا يؤدون أي شعيرة من شعائر الاسلام او فريضة من فرائضه او يتخلقون بالمباديء التي ذكرها القران الكريم ومع ذلك تجدهم يدافعون عن هذه الصفة التي يتصفون بها لا ايمانا بجوهرها واعتناقا بصدق عقيدتها كما قلنا بل باعتبارها هويتهم التي يحملوها ويعرفون داخل مجتمعهم بها000 ومع كل ما مر بهذا الدين من فترات ايمانية ظهرخلالها العديد من المصلحين والفقهاء ورجال الدين والدعاة الذين حاولوا ان يعيدوا جمهرة المسلمين الى السراط المستقيم والى حضيرة الورع والتقوى الصادقة والتمسك بتعاليم الدين وادائها بشكل سليم بعد ان لم تعد سوى مجرد هوية يسمون بها الخالية من المضمون وهو الايمان الحقيقي بها وذلك عندما اخذت تظهر العديد من الحركات الدينية والمذاهب وفرق المتصوفة والمريدين والمقلدين الذين استمروا في محاولة ترسيخ المباديء الاسلامية في نفوس من ضعف ايمانهم وتخلوا عن شعائرهم وتوقفوا عن اداء فروضها كل بطريقته واجتهاداته المتنوعة والمختلفة 00 فقد استجاب البعض الى تلك الدعوات غير انها بقيت في حقيقتها مجرد وسائل تمارس من اجل تحقيق المصالح الذاتية والمنافع الشخصية وليست عن ايمان صادق وتوجهات روحانية سليمة 00 ومع ذلك فقد ترسخت في عقول المسلمين وتوارثها الناس جيل بعد جيل لايستطيعون الانفصام عنها مع تحولها لمجرد هوية لا اقل ولا اكثر ولكنها هوية راسخة ومتجذ رة في النفوس يستحيل انتزاعها من عقول الشرائح المسلمة عند المؤمنين الحقيقيين و كذلك عند الفاسقين الفاسدين المتخلين عن كل طقوس العبادات وحتى المنغمرين في قمة الفسق والفجور فانك تجدهم يدافعون تجاه من يتعرض الى دينهم او يتحدث عنه بسوء وهو ما حدث مع العديد من المسلمين المقيمين في الدول الاوربية الذين انبروا في ثورة عارمة ضد من حاول المساس بسمعة الرسول او من حاول الطعن بالدين الاسلامي مع ان معظم هؤلاء من الفاسدين الغارقين الى قمة رؤوسهم في الفساد في الدول الاوربية وذلك من منطلق الدفاع عن هويته الدينية الملتصقة به والتي لازال يحمل عنوانها بانه مسلم00 حيث اضحت جزء لاينفصل من هويته الشخصية  وكيانه وليس عن عقيدة وايمان ملتزم بها 00 وباعتباره جزء من هذا العالم الكبير الذي ينتمي اليه بهذه الهوية التي تمثل تاريخ مجده الموغل في عمق التاريخ الذي كان له شأن عظيم يفتخر به00 استطاع هذا الدين ان يؤسس حضارة عريقة طغت على كل الحضارات التي سبقتها وابتزتها وتفوقت عليها حيث استطاع العالم الاسلامي ان يؤسس كل تلك الحضارة العريقة والمليئة بالمفاخر العلمية والادبية التي تجعل كل مسلم مهما بلغ من الانحطاط الخلقي  ان لا يتخلى عنها ويتمسك بها 00 فقد استطاعت الحضارة الاسلامية ان تذيب داخلها العديد من الهويات التي كانت سائدة قبل الفتح الاسلامي وتدمجها كي تنتج هوية جديدة تمكنت ان تجمع خلال الف واربعمائة سنة كل المتناقضات القومية والعرقية وتصيغها في بودقة واحدة هي بودقة الاسلام الذي لازال يعتز بالانتساب اليه كل من حمل هويته بغض النظر عن سلوكه الشخصي فلم يعد الاسلام دين قريش او دين العرب بل اضحى دين كل من اعتنق هذا الدين مهما اختلفت اصوله وجذوره العرقية او منطقته الجغرافية فقد جمعتهم جميعا هويتهم الاسلامية ولقرون عديدة فمهما استطاع الشخص ان يجمع من هويات فتبقى الهوية الدينية هي السائدة الجامعة فقد يقال بان فلان هو جبوريا حلاويا شيعيا عراقيا مسلما والاخر مصلاوياعبيديا  سنيا عراقيا  مسلما وان فلان مصريا صعيديا سنيا مسلما والاخر باكستانيا مسلما 00

 فقد جمعت كل هؤلاء هوية جامعة شاملة هي الهوية الدينية 00 وقد يكون كلهم من الاشرار الفاسدين الفاسقين ولكن تبقى هويتهم الدينية ملتصقة بهم   وقد حاول الاستعمار تمزيق هذا الصف المتراص ولا زال يحاول تمزيقه باشاعة التفرقة في صفوفه بخلق الانتسابات والانتماءات الفرعية البعيدة كل البعد عن النهج الاسلامي الشامل  بمحاولة ازاحة هذه الهوية الجامعة بين كل هذه الملايين المنتشرة في مختلف اصقاع العالم الشرقي والغربي والذي يجب على كل المسلمين الدفاع عن هذه الهوية وإلا فسوف يتشتت الجميع وتزول كل الهويات المحلية  الاخرى الضعيفة التي كثيرا ما تكون فيما بينها متصارعة متضاربة غير موحدة ولا يمكن رص صفوفها بغير هوية الدين 00 فلم تعد هذه الهوية مجرد هوية دينية كما ابتدأت فقد اضحت هوية بشرية دنيوية  عامة وشاملة  ولم تعد كما كانت تقتصر على العبادات والالتزام بالفروض السماوية فقط فهي الدرع الحصين للدفاع عن انفسنا فان فرطنا بها ذهبت ريحنا 00فاليتخذ المسلم السلوك الذي يرتأيه في حياته اليومية واليفعل ما يشاء فهو حر في تصرفاته الشخصية وان يؤدي الشعائر الدينية او لا يؤديها فله رب يحاسبه ولا يحق للبشر ان ينصب نفسه وكيلا عن رب العالمين 00 ولكنه فاليبقى متمسكا بهويته التي تمنحه القوة وتلم وتجمع شتات هذه الملايين من البشر الذين ينضوون تحت يافطة هذا الدين كي يواجهوا الحملات المضادة التي لازالت تترقب الفرص للانقضاض علينا ولا تستطيع إلا بتفرقتنا ومحاولة ازاحة هذا الغطاء والدرع الحصين فلنجعله سياج قلعتنا ونتحصن داخله واليعش كل منا كيفما يشاء داخل هذا الحصن العظيم 00 فقد حاول الاتحاد السوفييتي وكاد ان ينجح بازاحة هوية الدين باشاعته كونه افيون الشعوب واستطاع ان يخدع الكثير من الشعوب ولم تكتشف دكتاتوريته واستبداده وخداعه وستاره الحديدي المقبور إلا بعد سبعون سنة حتى انهار هو نفسه وانتهت تلك الخدعة 00 كما  حاول الغرب قبل اكثر من الف سنة محاربتنا عن طريق القضاء على هذه الهوية بحملته الشعواء التي تصدى لها صلاح الدين الايوبي الذي لم يكن عربيا حينما تصدى للحملة الصليبية بل كان كرديا مسلما فلم يدافع عن العرب بل دافع عن الدين الاسلامي الذي اعتنقه وهو نفس ما حدث قبل عشر سنوات حينما اعلنها بوش حربا صليبية وهو يحاول تدميرنا عن طريق القضاء على هويتنا الدينية  لانه يعلم بان هذه الهوية هي التي  تجمعنا فلا يتمكن من الاطاحة بنا إلا بضرب هذه الهوية  فيسهل عليه بعد ذلك القضاء علينا فاخترع بدعة الارهاب ووصم المسلمون كل المسلمين بها 000 فهي حرب ليست ضد المعتقد في حقيقتها بل هي حرب بين الشرق والغرب فقط فالادارة الامريكية مثلا تعلم ان بامكانها ان تحتل الدول بصفتها الوطنية كما فعلت مع افغانستان والعراق وبامكانها ان تفعل مع غيرها من الدول وتطيح باستقلالها وتزيح عن الشخص هويته الوطنية بان يقال هذا عراقي وهذا مصري وهذا ليبي وهذا سوداني او تقضي على هويته العرقية وكما فعلت وتفعل مع العديد من الاعراق في العالم ولكن يتعذر عليها الوقوف في وجه الهوية الدينية والاطاحة بها خاصة الهوية الاسلامية والتي تنتشر في نصف مجاميع العالم البشري  وفي جميع دول الكرة الارضية ومهما حاولت افساد اخلاق المسلمين الشخصية فسوف يبقون متمسكين بهويتهم الدينية التي يتعذر على كل قنابل الاستعمار النووية  القضاء عليها  0

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا