<%@ Language=JavaScript %>

 |  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

  

 

(الشرق الاوسط الجديد)

الفوضى الخلاقة وضحايا التغيير(2)

 

د.علي عبد داود الزكي

 

القدسية الوطنية والحدود الوطنية ماذا تعني؟ انها وثنيات صماء وضعت من قبل فرنسا وبريطانيا في معاهدة سايكس بيكو ومعاهدات ما بين القوى العظمى التي كانت مسيطرة على الشرق الاوسط. فلماذا حتى اليوم تقدس اوثان المحتل اوثان من لا يريد من ذلك سوى مصالحه.

 للاسف الانظمة العربية ودول الشرق الاوسط بشكل عام اصبحت تابعا ذليلا لكل فكرة تطلق ولكل راي ولكل غباء امبريالي يرسخ الهيمنة على الشرق الاوسط من قبل الغرب. وهذا ما رسخ مفاهيم جديدة لقيام ونشوء الدول الهزيلة المتصارعة والفاقدة للقدسية الوطنية الجامعة والعميلة للقوى العظمى في العالم. وضعت الحدود لصالح ادامة وحفظ مصالح اسرائيل واوربا وامريكا.

 ترسخت هذه المفاهيم في العصر الذي كان العالم فيه مكون من معسكرين الشيوعي والراسمالي.

 بدات مع سقوط الكتلة الشرقية سياسة نشر افكار الفوضى الخلاقة والعولمة (الامركة) واعاده هيكلة العالم بنشر افكارا جديدة لاعادة تقسيم العالم من جديد لصالح المعسكر المنتصر عالم القطب الواحد عالم الشركات العظمى التي ستحكم العالم بدلا من مفهوم الدولة القديم الذي كان ولازال سائدا ومنذ عقود.

 ان الفوضى الخلاقة التي تعمل على انهاء قدسيات الحدود بخلق الفوضى والصراع الفكري والثقافي والعرقي والمنطقي داخل حدود الدول. بدات الفوضى في العراق وافغانستان والبعض يظن بان الفوضى الخلاقة هي نظرية تخص العراق وحده لغرض اعادة تشكيل الخارطة السياسية العراقية والتخلص من الذين لا ينسجمون مع الرؤى الامريكية ومصالحها وخلق حكومة عراقية تابعة وراعية للمصالح الامريكية بظل هذه الفوضى. لكن يبدو ان هذا الراي ذو صحة جزئية فامريكا لا تسعى الى ذلك انها تسعى لخلق الفوضى في العراق وتهشيم كل اواصر التلاحم وايقاد نار الفتن هنا وهناك وجعل المجتمع في حالة صراع وضياع وتناقض مما يفقد المجتمع هويته الوطنية ليتقبل افكار جديد ويتقبل مفاهيم جديدة.

 تدعم امريكا ذلك وتعمل على بقاء الفوضى في العراق ومن ثم تصديرها تدريجيا لكل دول الشرق الاوسط من العراق وافغانستان لتعم الفوضى الخلاقة المنطقة كما نرى الان بوادر ذلك في الباكستان والهند واليمن والسعودية والمغرب العربي والسودان وغيرها من الدول.

الفوضى ستدخل الى كل دول المنطقة ولم يكون العراق سوى البداية. لا يمكن تقسيم العراق لخلق شرق اوسط جديد الا بعد تهيئة الارضية لتقسيم الدول الاخرى في المنطقة ككل وذلك لن يتم الا بالفوضى.

 ايران يبدو ان اقدامها سحبت ايضا الى حلبة الفوضى بتيارات التناقض الداخلية المدعومة من قبل امريكا والغرب يبدو ان ايران كلما حاولت التخلص والخروج من الفخ وقعت فيه اكثر.

 اما السعودية فانها الطرف الاكثر سرعة باتجاه الدخول الى مستنقع الفوضى طبعا هذا كله ياتي بتشجيع امريكي عبر خلق ورسم اشباح واعداء وهميين لغرض تنمية روح العداء وشراء وتكديس السلاح الامريكي في سباق تسلح سيدمر المنطقة. ان وفرة السلاح ستمهد الى استخدامه لخلق شيء من الفوضى البسيطة والتي سينفلت زمامها بضربات اقتصادية كبيرة للخليج مما يمهد الى فوضى عارمة لا يمكن ان تستوعبها حكومات المنطقة وتبقى اللعبة بيد امريكا التي تتحكم بها بالريموت كونترول تتحكم بكل اقزام الشركات الاقليمية واقزام الاستثمار الاغبياء. انها تعرف الجرع التي تحتاجها كل دولة هنا وهناك وتعرف كيف تعطي السلاح ولمن تعطيه لخلق الفوضى وبذلك ستنتشر الفوضى وتعم المنطقة ككل.

القيم الوطنية التي اسس  لها الاستعمار القديم تحت اطر الحدود التي رسمت من قبل بريطانيا وفرنسا ستكون في مهب الريح وتنشأ صراعات ضياع الهوية لتنمو الهشاشة في المنطقة وتتصارع المكونات العرقية والطائفية في المنطقة بظل الفوضى والجهل والعولمة والتغرب ونشر الفاسد ونشر الخلاعة.

مما سيسبب ليونة ونزوحات شعبية وصراعات دموية قد تستمر الى عقد او اكثر من الزمن مما سيسهل على امريكا رسم خطوط مقدسة جديدة وحدود جديدة للدول حيث ستنمو سيطرة الشركات العالمية العظمى وتنشيء مافياتها هنا وهناك. وستتجاوز الشركات مفهوم الحدود وتدخل العالم كله في صراع الفوضى بين النمو الاقتصادي المزعوم الذي سيعمل على  الاجهاز على البساطة والسلام وتدمير البيئة لصالح المجتمعات في دول العالم الثرية والتي ستصدر السموم الى بلدان العالم الفقيرة والضعيفة.

لا نعرف هل المقدسات التي ستخلق شرق اوسط جديد هي  فعلا  تستحق ان تحترم ام لا؟ ان الكثير من الكتاب والمواطنين العاديين عندما يسمع الشرق الاوسط الجديد وخارطته ينتفض صارخا ورافضا لها وهو لا يعرف ان واقعه الذي يعيشه ويعتبره مقدس هو ايضا ليس بمقدس لانه وضع من قبل محتل سابق. فهل القدسية الجديد التي تسعى لخلقها امريكا وفق حدودا وطنية جديدة لشعوب المنطقة افضل من القدسية السابقة ام لا؟

 من المتوقع بظل الفوضى التي ستنفذها امريكا في الشرق الاوسط ستكون هناك صرعات ونمو افكار جديدة وتغربات فكرية هائلة ستجعل الصراع على اوجه لعقد او اكثر من الزمن مما سيمهد لتقبل فكرة اعادة التقسيم التي يرفضها الجيل الذي كان يعيش استقرار او انه كان يعيش الرفاهية الظالمة لحقوق المجتمع وفقا للقدسية القديمة لحدود الدولة والوطن. ان مفهوم ؛؛القومية والوطنية والعرقية والاثنية؛؛ مفاهيم حديثة لم تكن متداولة في العهود الاسلامية القديمة انها مفاهيم جاءت وافدة نتيجة ترجمة افكار نشوء الدول الاوربية بمفهومها الحديث بعد الثورة الصناعية وتم على اثر ذلك حدوث كوراث عالمية منها الحربيين العالميتين ومن ثم حدوث كوارث في كل من تبنى هذه المفاهيم في الشرق.

 ان مفهوم الدولة الجديد الذي تسعى الى خلقه امريكا في عالم القطب الواحد يعد مفهوما يصعب ادراكه اليوم وتوقعات احداثه واشكاله تكاد تكون خيال. لكن امريكا لها استراتيجيتها وستنفذها وعلى مدى عقود من الزمن. وسيكون الخاسر الاكبر من كل هذه التغييرات هم من لا يؤمنون بهكذا تغييرات حيث ستستغل امريكا الجهل المسلح والفوضى لتجبر هؤلاء اما الى الرضوخ او تعمل على تصفيتهم وسيحاول ذوي التفكير الاني الارتجالي من المفكرين الى خلق اجواء افلاطونية لتوعية المجتمع لكن كل ذلك سيضيع بظل موجة الفوضى الخلاقة التي سيكون اول ضحاياها هم المفكرون الوطنيون الذين لديهم رؤى وطنية في بناء دولهم بشكل سليم ومثالي  فكلما سيتقدمون خطوة سيجدون انفسهم ابعد عشرين خطوة الى الوراء عن هدفهم  بسبب الارتجال والتغرب والجهل الذي سينمو بقوة بظل الرعاية الامريكية فلا فوضى الا بجهل ، والجهل اليوم اخذ مفهوما جديدا فقد لا يعني من لا يعلم ولا يعرف بل انه يعني المتعصب الذي يقرا لونا واحدا من الافكار السوداء التي ستجعله يحارب جميع الافكار الاخرى التي لا يؤمن بها وليس لدي الجيل الجديد الوقت لقراءة الرؤى الصالحة في ظل العولمة الهائلة ونشر الخلاعة ونشرى الامراض النفسية في المجتمع مما سيزيد التناقض ويزيد التغرب ويزيد جهل المجتمع وتناقضاته. فلو نشر في مدينة ما مراكز ثقافية تدعوا لفكر معين باستغلال تاريخ وثقافة هذه المدينة وتم دعمه هذا الفكر بشكل غير منطقي لينمي روح الصراع والعنصرية وفي مدينة اخرى مجاورة لهذه المدينة عمل نفس الشيء واستغلت ذات الظروف وتم دعم افكار التطرف والتناقض مع المدينة الجارة فخلال فترة 10 سنوات سيكون هناك جيل التغرب والصراع الكبير بين هاتين المدينتين وبذلك ممكن تهشيم اواصر التلاقي بينهم مما سيولد تشرذم يخدم مفهوم الفكر والاخلاق الغربية التي تؤسس لخلق الفوضى والضياع لتسهل عملية نشر العولمة (الامركة) وهذا سيخدم العولمة والاجهاز على القيم والتقاليد المحلية واواصر التلاحم الوطنية والانتماء. هذا ما يحصل في العراق اليوم ويبدو ان هذا بدا يتسرب الى كل دول المنطقة وباساليب مختلفة.

لذا يجب ان نحدد مفهوم الوطن والارض والثروة والعدالة لماذا الانسان الشرقي مستعد للتنازل عن هويته مقابل الحصول على جنسية دولة اوربية، اين مفهوم قدسية الوطن؟؟ لماذا وزراء ونواب عراقيون اليوم لا يتخلون عن جنسياتهم الاخرى ويفضلونها على جنسيتهم العراقية؟!!!!! وهل هناك معنى للوطن بظل وجود الفساد والظلم؟!!! وهل الوطن يمكن ان يعيش على ارضه اعراق واطياف مختلفة؟

 ما هي قدسية الحدود الوطنية؟ هل حدود الصحراء مقدسة؟! ام انها رمال تجلب الهم والفقر والبؤس!!

هل الوطن هو الثروات ام انه شعور بالانتماء وشعور بالحب والالفة مع من نعيش معهم على ارضا واحدة؟!! ومتي يكون هذا الشعور صادق؟ ما هي منطقيات الكلام عن الوطن وقدسيته؟

 

ان قدسية الحدود يجب ان تعاد صياغتها بتفاهمات اقيليمة ناضجة لتجنب كوارث ما سيحصل. ان قدسيات الحدود ستزول بمفهوم الولايات المتحدة الشرق اوسطية فهل ستكون هذه الدولة هي دولة عظمى تحترم حقوق مجتمعاتها وتنمي الثقافات الجامعة لكل الشرق بعيدا عن التغرب ونكران الذات الاقليمية؟؟؟....

 

  >>الجزء الأول

>> الجزء الثالث

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

 

 

 صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org 

 
 

 

لا

للأحتلال