(الشرق الاوسط الجديد)
الفوضى الخلاقة وضحايا التغيير(1)
د.علي عبد داود الزكي
ان الفوضى الخلاقة التي بدا مسلسل حلقاتها في العراق سوف لن تنتهي
كما كنا نظن على ارض العراق فقط بل انها ستنتشر الى كل دول المنطقة
وبذورها بدات تنمو بقوة في العديد من دول المنطقة. ان ما يدعى
الفوضى الخلاقة هي فرض السيطرة الامريكية بالريموت كنترول على
الشرق الاوسط واعادة هيكلته وفقا للمصالح الامريكية. لن تنتهي فوضى
العراق بل ستستمر وفق ما خططت له وستعمل امريكا على توسيع دائرة
الفوضى لتعم كل دول المنطقة خلال عقد او عقدين من الزمن.
نرى اليوم بان الفوضى بدات في السودان واليمن والسعودية
والباكستان كحلقات اضافية للعراق وافغانستان. ان وقوع السعودية في
مسلسل الفوضى والفتن سوف يكون حلقة ذات سيناريو امريكي بامتياز
وستمثل هذه الحلقة الانهيار الاقتصادي لكل الخليج ودويلاته
وإماراته لصالح الشركات الامريكية العظمى وهذا لن يتم الا من خلال
الصراعات التي ستتزايد بين المكونات الشعبية على الارض السعودية
حيث سوف تتفجر فوضى المتناقضات والتصارعات وستكون السيطرة امريكية
على كل ما يجري بشكل غير مباشر.
ستعمل امريكا على توفير كل مستلزمات الصراع المادية من سلاح
ومعدات وتكنولوجيا قذرة واتصالات وشذوذ وخلاعة واعلام مبرمج لدعم
وترويج افكار التناقض. وستدعم قوى التشرذم والفكر الاسود الذي
سيغذي الصراع لاجيال قادمة مما سيولد تنافرات هائلة. بعدها سينهار
الخليج الثري ليصبح ممر للفقر والالم في كل المنطقة. خصوصا وان
الخليج لا يمتلك مقومات الاستقرار الاقتصادي بدون النفط.
انها الهمينة الامريكية الجديدة على الشرق الاوسط والعالم والتي
ستعمل باستراتيجية خلق الفوضى لغرض جني الارباح والمكاسب الهائلة
واحكام السيطرة على العالم. من المتعارف عليه بان الادارة
الامريكية هي ادارة غالبا ما تعتمد المبدا البرغماتي الارتجالي في
سياستها وتتنصل كثيرا من وعودها وعهودها وتسوف عن طريق تقلب
حكوماتها وسياساتها من دورة انتخابية الى اخرى.
ان المنهج البرغماتي غالبا ما يكون فعالا وحازما في حل المشاكل
الانية. لكن امريكا لا تضحي بالمستقبل الاستراتيجي لصالح الربح
الاني كما يفعل العرب غالبا. لذا فان البرغماتية سياسة معالجة
احداث انية فقط بحلول عقيمة مستقبلا ستولد مشاكل عظيمة سيكون فيها
رضوخ اكثر لامريكا. حيث ان الحدث الاستراتيجي لا يخرج عن نطاق
السيطرة الامريكية المباشرة. المنهج الامريكي ممكن فيه ان تتبدل
خطط اليوم ويتبدل عملاء اليوم حسب مقتضيات الساحة لكن خطط
واستراتجيات الغد ثابتة توظف فيها كل الامكانات لغرض النجاح فيها
وفرض الرؤية الامريكية على العالم كواقع حال لا يمكن تجاوزه. اي
مشكلة انية في الشرق الاوسط لا تحل الا وفق منظور آني اهوج. وتستند
الحلول الى مربكات كثيرة ويؤسس الحل الى استقرار آني واتفاق آني
يزيد من هشاشة الانظمة وهشاشة البنى ويمهد للفوضى الكبيرة والتي
تعتبر هي الهدف الامريكي الاستراتيجي.
ما هي حلول لمواجهة ذلك؟!! المفروض ان تكون هناك مؤسسات اكاديمية
عليا ذات استقلالية عالية ورؤية واقعية تعمل في التخطيط للبلدان
العربية لتقليل الخسائر وتوفير فرص نجاح اكثر لكسب الانسان والنهوض
بالاقتصاد والحفاظ على خصوصياتنا الثقافية امام هجمات التغرب
والعولمة.
هذا المقترح يبدوا وكانه افلاطوني لان حتى مؤسساتنا الاكاديمية
العربية فصلت بشخصياتها على مقاسات الجهل والفساد. فمن سيضع الحلول
اذن؟! من سيكون صاحب القرار؟!
انه الشعب الذي يرفض الموت .. الشعب الذي يريد الحياة ... اننا
اليوم بحاجة الى كتاب ومفكرون لاستنهاض الهمم وتوحيد الرؤى وتوليد
موجات التغيير.
>>
الجزء الثاني
>>
الجزء الثالث