مقالات مختارة - صوت اليسار العراقي

مواضيع متنوعة

يا صبر أيوب

إحدى روائع
الشاعر العراقي عبد الرزاق عبد الواحد

إلى جوقة المنطقة الخضراء

     تمهلوا

 قصيدة بقلم شاعرها

حوار بين طفل فلسطيني و آخر يهودي

يحصل على جائزة أفضل كاريكاتير في أمريكا

مجرم الحرب دونالد رمسفيلد في

زيارة الى أحد الفنادق في واشنطن

مقطع من فيلم فيديو

____

كاريكاتير

 

ماهو رأيكم بالوضع السياسي ؟

 

__

فتى عراقي يفك رموز معادلة

 برنولي الرياضية

______

حول تقرير برنامج الامم المتحدة للبيئه

 لتقييم المناطق الملوثة في العراق 2005

لمصلحة من يتم تجاهل التلوث

 الاشعاعي في العراق؟؟

الجزء الأول

إعداد عزام محمد مكي

حول تقرير برنامج الامم المتحدة للبيئه

 لتقييم المناطق الملوثة في العراق 2005

لمصلحة من يتم تجاهل التلوث الاشعاعي

 في العراق؟؟

الجزء الثاني

إعداد عزام محمد مكي

________

كاريكاتير

ديمقراطية وحرية وسلام

 

 

 الصفحة الرئيسية | مقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | أرشيف الأخبار | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

  

صحافة وتعليقات

الموازنة المائية في العراق

 وأزمة المياه في العالم

 

فؤاد قاسم الأمير

ثانياً: بعض نتائج "الثورة الزراعية"

فيما يلي اهم النتائج  :

(1) زيادة في إنتاجية (وإنتاج) الحبوب

لقد كانت الزيادة في الإنتاج للبذور المحسنة الأولى للحنطة  بحدود 20% ، و ذلك بسبب تركيز التمثيل الضوئي على منطقة البذور وذلك عند تقزيم النبات، وثم طورت بذور أخرى مقزمة لتزداد الإنتاجية في الحبوب الرئيسية (الحنطة والرز والذرة) بمقدار 50%. إذ تم إعطاء ما يحتاجه الورق والساق والجذور من التمثيل الضوئي، وحوّل الباقي البالغ حوالي 60% من التمثيل الضوئي إلى منطقة البذور. لقد حاول العلماء تحسين كفاءة عملية التمثيل الضوئي، ولكن لم يتمكنوا من ذلك، إذ أن إنتاجية التمثيل الضوئي لمساحة محددة من الأوراق بقيت كما هي ولم تتحسن، وما حدث في التقزيم هو تقليل التمثيل الضوئي في السيقان، والحصول على مساحة أكبر للأوراق. كما لاحظ الباحث دون دوفيك Don Duvick من شركة Poineer Hybrid الشركة الخاصة المتخصصة في التحسين الجيني للبذور وعلى الاخص  بذور الذرة وفول الصويا ، بأن مفتاح تحسين الإنتاجية العالية في الذرة هي إمكانية الإنبات في نفس المساحة كمية  من النوعيات المقزمة أو شبه المقزمة أكثر من الأنواع الأخرى، إذ أن الارتفاع العالي و للنبات للحصول على أشعة الشمس والتزاحم بين النباتات الطويلة يقلل من إنتاجيتها من الحبوب.

ويبين لنا الجدول (8-2) معدل الإنتاجية العالية في الأقطار المبينة لأكثر الدول إنتاجية للحنطة في العالم، وكما في سنة 2002، وسنرى لاحقاً أن هذه لم تتغير كثيراً في السنوات اللاحقة. مع ملاحظة ان الارقام في الجدول (8-2) تمثل معدل انتاجية الدولة ، و قد تكون هناك انتاجية اعلى بنفس الدولة في رقع تجريبية ، او ماكن احسن ظروفا للانتاجية اعلى من المعدل .

الجدول (8-2)

إنتاجية الحبوب حسب الدول

الدولة

الإنتاجية (طن/الهكتار)

فرنسا

6.8

المكسيك

5.0

الصين

3.8

الهند

2.7

الولايات المتحدة

2.7

الأرجنتين

2.2

كندا

2.0

روسيا

1.8

أستراليا

1.7

كازاخستان

1.1

نلاحظ أن إنتاجية المكسيك تقارب ضعفي إنتاجية الولايات المتحدة بسبب أن جميع إنتاج المكسيك تقريباً من الحنطة يعتمد على السقي، بينما يعتمد إنتاج الحنطة في الولايات المتحدة  أساساً على الأمطار. ونفس الحالة نراها فيما يتعلق بالهند وأستراليا، إذ أن الإنتاجية في سنة 1950 كانت في كلا البلدين حوالي (1) طن/الهكتار من الحنطة، وفي سنة 2002 قفزت في الهند إلى (2.2) طن، بينما ازدادت في أستراليا إلى  (1.7) طن/الهكتار فقط، ليس بسبب إن المزارع الهندي أكثر كفاءة من المزارع الأسترالي، ولكن بسبب أن الجزء الأكبر من إنتاج الهند للحنطة يأتي من مناطق السقي، كما أن المزارع الهندي يستخدم أسمدة كيمياوية أكثر. إن ظروف الزراعة في فرنسا خصوصاً، وأوربا عموماً تعتبر مثالية، إذ أن المياه متوفرة في موسم الحاجة إليها، كما وأن الشمس متوفرة في فترة الحاجة لها ولمدة زمنية كافية. و في الواقع إن الدول الأوربية الغربية تقع على نفس خطوط العرض لكندا وروسيا، ولكن الإنتاجية في أوربا (وبالأخص في فرنسا) أكثر منها في كندا أو روسيا، والسبب أن شتاء أوربا الغربية أخف حدة بسبب تيارات الخليج الدافئة Gulf stream والتي تساعد في تحسين دورة زراعة الحنطة. أما سبب انخفاض الإنتاجية في كازخستان، فهو الجفاف وقلة الأمطار. وبهذا نرى أن جميع هذه الدول تستخدم نفس نوعية بذور الحنطة المحسنة، مع الأخذ بنظر الاعتبار المواصفات المختصة بتلك الدولة باختيار الصنف الذي يلائمها أكثر، ولكن الإنتاجية اختلفت من دولة إلى أخرى والسبب الأساسي هو الظروف الطبيعية المتعلقة بتوفر المياه الكافية، أو الظروف الجوية، أو مدة توفر أشعة الشمس اللازمة للإنبات والنمو.

إن هذا الأمر نراه أيضاً في إنتاجية الرز، فبالرغم من أن اليابان هي الدولة التي طورت ثقافة زراعة الرز القزم، وحسنت في إدارة زراعته، ولكن إنتاجية الرز في كاليفورنيا وأستراليا هي دائماً أعلى وبحدود 20 ـ 30% أكثر من اليابان لأسباب خارجية عن إرادةة الفلاح الياباني، وذلك بسبب طول فترة النهار، و شدة حدة أشعة الشمس  في كاليفورنيا وأستراليا، بينما زراعة الرز في اليابان تنمو خلال فترة الإمطار الموسمية حيث تزداد الغيوم.

إن الجدول (8-3) يرينا تطور الزيادة السنوية في إنتاجية الغلة في الحنطة في بعض الدول النامية (بضمنها الهند والصين) بين السنوات 1966 ـ 2000 مقسمة على عدة مراحل، إذ أن سنة 1966 تعتبر بداية الثورة الزراعية في البلدان النامية، ونرى من الجدول أن قمة التطور الزراعي في الصين يبدأ مع الإصلاح الاقتصادي فيها الذي بدأ في سنة 1978. إن جميع أرقام التطور (أي الزيادة)، تمثل نسبة الزيادة السنوية عن السنة التي قبلها، في إنتاجية الحنطة (طن/الهكتار). علماً أن الجداول المذكورة في هذا الفصل كانت قد أخذت من دراسات منظمة الفاو FAO ( منظمة الغذاء و الزراعة الدولية ) .

الجدول (8-3)

الزيادة اسنوية في الإنتاجية

الدولة

التطور للسنوات 1966 ـ 1977 %في السنة

التطور للسنوات 1977 ـ 1985 %في السنة

التطور للسنوات 1985 ـ 2000 % في السنة

التطور للسنوات 1966 ـ 2000 % في السنة

الصين

4.39

8.36

2.16

4.27

الهند

4.00

3.85

2.37

3.11

دول آسيا الأخرى عدا الشرق الأوسط

4.79

1.87

2.06

2.45

الشرق الأوسط مع شمال إفريقيا

2.34

1.67

1.75

2.18

الأرجنتين

3.27

2.69

2.88

2.13

لقد ازداد إنتاج الحبوب في الصين من (300) مليون طن في سنة 1977 إلى حوالي (400) مليون طن في سنة 1985، وإلى (456) مليون طن في سنة 1993، وارتفع إلى قمة إنتاجيته في سنة 1998 ليصل إلى (512) مليون طن، ثم ينخفض (460) مليون طن في سنة 2000، ويظل في معدلات (480) مليون طن بسبب عدم توفر المياه.

أما لو أخذنا  الجدول (8-4) المتعلق بزيادات العالم لانتاجية  الحبوب فسنجد ما يلي:

الجدول (8-4)

الزيادات الستوية للإنتاجية محسوبة على مدة اعقد (10 سنوات)

السنة

معدل الإنتاجية طن/الهكتار

معدل الزيادة السنوية % محسوبة على مدة العقد

1950

1.06

ـ

1960

1.29

2.0

1970

1.65

2.5

1980

2.00

1.9

1990

2.47

2.1

2000

2.79

1.2

2010

2.99

0.7

إن معدل الزيادات العالمية المذكورة في الجدول السابق، يختلف من دولة إلى أخرى ومن منتج إلى آخر. ففي الوقت الذي ازدادت فيه إنتاجية الهكتار من الحنطة في فرنسا من حوالي (2.25) طن/الهكتار في سنة 1960 إلى ما يتجاوز (7.2) طن/الهكتار في السنوات 1998 ـ 2000، انخفضت بعد ذلك إلى دون (7) طن/الهكتار. فإن إنتاجية الصين ارتفعت من حوالي (0.7) طن/الهكتار في سنة 1960 إلى ما يقارب (4) طن/الهكتار في السنوات (1988 ـ 2004). بينما لم تزداد إنتاجية الولايات المتحدة في نفس المدة (أي 1960 ـ 2004) إلاّ فقط من (1.9 ـ 2.8) طن/الهكتار.

أما إنتاجية الذرة، فلقد ازداد في الولايات المتحدة من حوالي (3.5) طن/الهكتار في سنة 1960 إلى ما يصل إلى (9) طن/الهكتار في سنة 2004. وبنفس الفترة الزمنية ازدادت إنتاجية الذرة في الصين، من (1.2) طن/الهكتار إلى (5.1) طن/الهكتار، وازدادت إنتاجية البرازيل للذرة من (1.3) إلى (3.2) طن/الهكتار. إن الزيادة الكبيرة للذرة ي الولايات المتحدة هي لزيادة الطلب على الذرة لإنتاج الكحول الاثيلي كبديل للوقود (البنزين)، مما جعل شركات تطوير الجينات الأميركية تعمل بكد لتحسين الإنتاجية.

وبالنسبة للرز فإن اليابان استطاعت أن تزيد إنتاجيتها التي كانت تعادل حوالي (3.5) طن/الهكتار في سنة 1960 إلى ما يقارب (4.5) طن/الهكتار في سنة 2004. بينما ازدادت إنتاجية الصين من (1.2) طن/الهكتار في سنة 1960 إلى ما يقارب إنتاجية اليابان في سنة 2002، أي وصلت إلى (4.5) طن/الهكتار، ولكن لم تزد الإنتاجية في الهند بنفس المدة إلاّ من (1) طن/الهكتار إلى (2) طن/الهكتار فقط.

كما نلاحظ من الجدول السابق ان معدل الزيادة السنوية في الانتاجية قد بدأ بالتناقص في التسعينيات من القرن الماضي و لحد الان .

(2) زيادة في استهلاك الأسمدة الكيميائية

ان استهلاك الأسمدة في العالم قد ارتفع بين سنتي 1950 و1989، من (14) مليون طن إلى (146) مليون طن، أي أكثر من (10.4) مرة خلال (40) سنة. والمقصود في كميات الأسمدة المذكورة أعلاه هي مجموعة العناصر الغذائية فيها فقط، أي كميات K2O أوكسيد البوتاسيوم و P2O5 وخامس أوكسيد الفوسفور، وN2 النتروجين، ولو أردنا أن نحسب كمية السماد الفعلية المستعملة، (مثلاً اليوريا، أو نترات الأمونيا، أو الأمونيا، أو السماد الفوسفاتي المركز، أو فوسفات الأمونيا، أو كلوريد البوتاسيوم...إلخ)، لوصلنا إلى أكثر من ضعف الكميات المذكورة أعلاه.

عند ملاحظة منحنيات Curves استهلاك الأسمدة على نطاق العالم ومنذ سنة 1950، وذلك في الإحصائيات العالمية حول هذا الموضوع، نجد أن أعلى استهلاك حصل للأسمدة الكيميائية في العالم كان في سنة 1989، وانخفض الاستهلاك بعد ذلك. إن انخفاض الاستهلاك العالمي، كان بسبب انخفاض استهلاك السماد في دول الاتحاد السوفيتي السابق، و الذي بدأ في سنة 1988 بعد  بداية ما سمي بـ "الإصلاحات الاقتصادية"، واستمر الانخفاض وبوتيرة أسرع بعد تفكك الاتحاد السوفيتي في 1990، والاستمرار بـ "الإصلاح الاقتصادي"، أو ما يجب أن نسميه "الخراب الاقتصادي"، والذي كان ايكور كايدار Yegor Gaidar (والذي توفي في كانون الأول 2009)، الدور الرئيسي كقائد (أو كمخرب) اقتصادي لعملية انفتاح الاقتصاد الروسي على "الطريقة الأميركية" !!، وما صاحب ذلك من فساد مالي وإداري وانتشار المافيات، بصورة لم يسبق لها مثيل في تاريخ روسيا!!  و كما يظهر فاننا في العراق نسير بنفس هذا الاتجاه "الإصلاحي" منذ الاحتلال! ، و ذلك بفضل المعاهدة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة ، و دورها في " اصلاح " الاقتصاد العراقي !! ، و لنتذكر ان الاميركان جلبوا ايكور كايدار الى العراق في السنوات الاولى للاحتلال لمساعدتهم في حل هذا الامر !!.

يقدر انخفاض استهلاك الأسمدة الكيمياوية في دول الاتحاد السوفيتي السابق بين (1988 ـ 1995) بحوالي 80% مما كان يستهلك قبل رفع الدعم عن الأسمدة في سنة 1988، مما أدى ذلك إلى تدهور كبير في الزراعة. بدأ استهلاك الأسمدة في دول الاتحاد السوفياتي السابق بالصعود ابتداءاً من سنة 1995 ولكن دون المعدلات السابقة، و لهذا رجع مستوى الاستهلاك العالمي إلى مستواه العالي السابق في سنة 2003 بفضل الزيادات الكبيرة في الاستهلاك في الصين والهند.

من بين منتجي الحبوب الثلاث الكبار (الولايات المتحدة والصين والهند)، فإن الصين تقود العالم في استهلاك الأسمدة الكيمياوية، فمن استهلاك يقارب الصفر قبل سنة 1955، إلى استهلاك وصل إلى (40) مليون طن في سنة 2003 (وكما أوضحنا سابقاً فإن أرقام الأسمدة محسوبة على المادة الغذائية في الأسمدة الكيمياوية، أي أن الأرقام تصل إلى ما يقارب الضعف عند احتساب الكمية الفعلية للأسمدة). بينما زاد استهلاك الأسمدة الكيمياوية في الولايات المتحدة، أيضاً محسوباً على المادة الغذائية من السماد، من (4) ملايين طن في سنة 1950 إلى (20) مليون طن فقط في سنة 2003. ولحقت الهند بالولايات المتحدة في كمية استهلاك السماد، فلقد ارتفع استهلاكها من  ما يقارب الصفر في سنة 1950 إلى ما يقارب (19) مليون طن في سنة 2003.

ما نلاحظه أيضاً أن مستويات استهلاك الأسمدة في الدول المتقدمة قد وصلت حدودها العليا في السنوات الأخيرة، إذ أن معدلات الاستهلاك في الولايات المتحدة كانت ومنذ سنة 1980 وحتى الآن تتراوح بين (17 ـ 21) مليون طن/السنة، فهي في حالة تشبع ، وأن زيادة الأسمدة لن تفيد في زيادة الإنتاج بل قد تؤدي إلى ضرر بسبب تلوث البيئة والمياه، وهذا الأمر ينطبق أيضا على بقية الدول المتقدمة صناعياً مثل أوربا الغربية واليابان. إن الطفرات في في زيادة الاستهلاك في الصين ومنذ بدء الإصلاحات الاقتصادية فيها في سنة 1978، حين كان استهلاكها بحدود (4 ـ 5) مليون طن، بدأت أيضاً بالتباطؤ، وتقترب من التشبع بعد أن وصلت إنتاجية الحبوب فيها حدودها القصوى، وستلحق بها الهند أيضاً . ويبقى النمو في استهلاك الأسمدة فقط في الدول النامية وكذلك في البلدان الصاعدة كالبرازيل ، وفي كل الأحوال فإن استهلاك هذه الدول  للسماد يمثل نسبة ضئيلة بالنسبة لاستهلاك العالم.

(3) التوسع في إنتاج اللحوم

إن الثورة الزراعية لم تؤد فقط إلى الزيادات في الإنتاج الزراعي ككل، حيث تحدثنا سابقاً على الزيادات في إنتاج الحبوب فقط، وإنما حدث توسع كبير في انتاج اللحوم (البروتين الحيواني) أيضا ، ليس فقط لسد حاجة الزيادة في عدد نفوس الأرض بما يقارب (3) مليار نسمة بين سنة 1950 والآن، ولكن أيضاً لسد حاجة تغير أنماط التغذية في زيادة استهلاك اللحوم للفرد الواحد، وبالأخص في الدول المتقدمة صناعياً والدول الصاعدة اقتصادياً وحتى بعض الدول النامية. إضافة لذلك عملت الثورة الزراعية على تقليل المجاعات التي كانت تحدث على نطاق واسع في النصف الأول من القرن الماضي، مثل ما كان يحدث في الصين أو الهند ، و كمثال المجاعة التي حدثت في الهند في سنة  1943 ،  ايام الاحتلال البريطاني ، و التي سميت بمجاعة البنغال ، و ذهب ضحيتها ما بين ( 2 – 3 ) مليون نسمة .

إن زيادة كفاءة إنتاجية الحبوب، أدت أيضاً الى زيادة في إنتاج البروتين الحيواني (اللحوم) بطريقة أكثر كفاءة من قبل، وان حوالي (37%) من الحبوب المنتجة في العالم، (أي حوالي 700 مليون طن) تستخدم لإنتاج اللحوم.

لقد زاد استهلاك اللحوم (بأنواعها) على نطاق العالم، من (47) مليون في سنة 1950 إلى حوالي (240) مليون طن في سنة 2002، أي عملياً ازداد استهلاك اللحوم للفرد الواحد بمقدار (5.1) مرة، مقارنة بالزيادة السكانية في نفس المدة والبالغة (2.4) مرة، والذي يوضح تبدل النمط الغذائي في العالم باتجاه استهلاك اللحوم. إن استهلاك الفرد للحوم ازداد من (18) كغم/الفرد/السنة في سنة 1950 إلى حوالي (40) كغم/الفرد/السنة في سنة 2000.

والجدول (8-5)  يرينا تطور نمو إنتاج أنواع اللحوم في العالم بين سنتي 1990 و2002، أي خلال (12) سنة فقط:

الجدول الجدول (8-4)

الزيادات الستوية للإنتاجية محسوبة على مدة اعقد (10 سنوات)

 (8-5)

نمو الإنتاج الحيواني على مستوى العالم

 

الإنتاج (مليون طن/السنة)

 

المادة

1990

2002

معدل النمو السنوي %

مزارع الحيوانات المائية

13

38

10.2% (وهذه تشمل الأسماك والروبيان والصدفيات)

الدجاج

41

72

4.8%

البيض

38

58

3.6%

لحم الخنزير

70

94

2.5%

لحم الغنم

10

12

1.5%

الصيد البحري للأسماك

86

91

0.5%

لحم البقر

53

58

0.8%

يلاحظ من الجدول (8-5) أن التوسع الأكبر هو في إنتاج مزارع الأسماك، وقاعات الدجاج، والسبب هو لإنتاج ( 1 )  كغم - كغم واحد- من لحم البقر، فإن هناك حاجة إلى (7) كغم من الحبوب لتغذية الأبقار، وحاجة الحبوب تقل بالنسبة للحم الخنزير لتصل إلى (4) كغم  لانتاج كيلوغرام واحد، وتقل حاجة الحبوب أكثر لتصل الى (2) كغم لكل كغم من لحم الدجاج ، وتقل عن (2) كغم في مزارع الأسماك. أما الصيد البحري للأسماك والحيوانات البحرية الأخرى فلقد وصل حدوده منذ فترة طويلة وأن زيادة الصيد قد تقضي على الحياة البحرية لذلك صدرت تعليمات وقوانين صارمة بالنسبة لهذا النوع من الصيد.

إن الصين متقدمة جداً فيما يتعلق بمزارع الأسماك (وغالبيته من نوع سمك الكارب)، ويقدر حوالي إنتاج أسماك الأحواض في الصين ثلثي إنتاج العالم، وتوجد مزارعها على اليابسة و على السواحل البحرية. وأن كفاءة الإنتاج لمزارع الأسماك عالية جداً، فلقد ازدادت الإنتاجية للحوم الاسماك  من الأحواض من (2.4) طن/الهكتار في سنة 1990 إلى (4.1) طن/الهكتار في سنة (1996)، ولكن هذه الزيادة كانت على حساب كميات الحبوب المنتجة المستهلكة في الصين، والتي استعملت لتغذية الأسماك.

أما لو نظرنا إلى التطور في إنتاج اللحوم في العالم بين سنتي 1950 ـ 2002، فسنرى صورة أخرى للزيادة اعتماداً على نوعيات اللحوم المختلفة، إذ أن انتاج لحم الغنم ارتفع من (6) إلى (12) طن فقط في مدة تزيد عن نصف قرن (أي بمرتين)، بينما ارتفع انتاج لحم الدجاج بنفس الوقت من (6) طن إلى (72) طن، أي (12) مرة. وارتفع لحم الخنزير بأكثر من (5.5) مرة، ولحم البقر (3.4) مرة.

إن الملاحظة الأخرى التي من الواجب النظر فيها هو ما قامت به الهند وبنجاح، في استخدام القش وعضود الذرة و مخلفات زراعة و تنظيف الحبوب كغذاء للجاموس والبقر، إذ أن البقايا الناتجة بعد فصل الحبوب تعادل وزن الحبوب نفسها تقريباً، وبهذا يمكن أن نسمي هذه العملية بالحصاد الثاني للحبوب. لقد زاد إنتاج الحليب في الهند من (20) مليون طن في سنة 1961 إلى 85 مليون طن في سنة 2002، أي بحوالي (4.3) مرة، اعتماده بصورة تامة تقريباً على مخلفات الحبوب، وبهذا تجاوزت الهند في سنة 1997 الولايات المتحدة لتصبح أكبر منتج للحليب في العالم. إن زيادة إنتاج الحليب للفرد الهندي الواحد، قد ازدادت خلال هذه المدة من (0.9) لتر/الأسبوع إلى (1.6) لتر/الأسبوع. أي أن الزيادة تقارب كوب/اليوم/الفرد، وهذه قد لا تكون كمية كافية بالنسبة للمقاييس الأوربية ولكنها زيادة جيدة لشعب يفتقر إلى البروتين.

أما في الصين فلم تطبق هذه التجربة لحد الآن إلاّ على نطاق ضيق جداً رغم أن مخلفات الحبوب في الصين تقارب من (500) مليون طن/السنة، وذلك بسبب الصعوبات في جميعها بطريقة منتظمة نظراً لأن الأراضي الصينية تزرع مرتين في السنة، اعتيادياً حنطة وذرة، أو حنطة و رز ، و لهذا تستخدم هذه البقايا كوقود في الوقت الحاضر ، و هناك توجهات بحذو الهند بهذا الأمر. علماً أن هذه البقايا تعامل اعتيادياً بمواد تحوي الأمونيا ammoniation التي تقوم بتحويل البقايا السليلوزية والجارحة أحياناً إلى مواد  باستطاعة الحيوان تناولها.

                                                       

ثالثاً: هل انتهت الثورة الزراعية ؟!

 

كنا قد لاحظنا في الصفحات السابقة، بأن الزيادات المطردة في إنتاجية الحبوب قد بدأت تتضاءل، كأن ما حدث من تطور جيني قد أدى إغراضه، ولا يمكن زيادة الإنتاجية للغلة بأكثر مما توصل إليه - وهي عالية جداً- إلا بنسب قليلة جدا خلال السنوات القليلة القادمة . كذلك لاحظنا أن استهلاك الأسمدة الكيمياوية قد وصل حدود الإشباع في الدول الصناعية المتقدمة وأن أية زيادة في استهلاكها لن يؤدي إلى زيادة الغلة، وسيصل هذا الوضع قريبا  في الصين و الهند و دول أخرى.

إضافة إلى ذلك فأن شحة المياه تقف عائقا كبيراً في زيادة الرقعة الزراعية المروية وبالتالي لا يمكن زيادة الغلة عن هذا الطريق، وهذا الأمر سيسير نحو الأسوأ على ضوء التغيرات المناخية الحتمية. أما بالنسبة إلى الطاقة ومصادرها، فالأمر غير واضح وأكيد، إذ أن ما موجود من نفط وغاز في طريقه إلى النضوب قبل نهاية هذا القرن، وما موجود من الفحم قد يكفي  لقرنين آخرين أو أكثر، ولكن جميع هذه المواد لا يمكن أن تدوم وهي في كل الأحوال ليست مصدرا أمينا للطاقة إذ أنها السبب الرئيسي في الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية. لذا من الناحية العملية فأن "الثورة الزراعية" التي بدأت في الستينيات من القرن الماضي قد استنفدت كل إمكانياتها تقريبا  فيما عدا بعض الدول النامية. وهي رغم الزخم الكبير الذي أدته في الارتفاع الكبير بالمنتجات الزراعية والحيوانية ولكنها لم تستطع أن تؤدي كامل المطلوب في توفير الغذاء للبشرية، ولقد وضح ذلك في الطفرة الكبيرة في أسعار المواد الغذائية الرئيسية التي حدثت في سنة 2008, حيث قدر البنك الدولي معدل الزيادة العامة في أسعار الغذاء في سنة 2008،  بأنها تجاوزت 75% مقارنة بأسعار سنة(2000 )، كما أن سعر الحنطة قد ارتفع بأكثر من 200% من سعره في سنة 2000. ولقد برهن اجتماع قمة الغداء الذي انعقد في روما في 16/11/2009 بأن وعود الدول الغنية، هي وعود فارغة!!. وحسب قول جاك ضيوف المدير العام لمنظمة "فاو" (منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة)، وهو يشعر بخيبة أمله لنتائج المؤتمر إن "اجتثاث الجوع من وجه الأرض يتطلب رصد (44) مليار دولار سنويا من المساعدات الإنمائية الرسمية للاستثمار في البنى التحتية الأساسية، والتكنولوجيا، والمدخلات الزراعية الحديثة....... وتلك مبالغ جد متواضعة متى ما قورنت بمبلغ (365) مليار دولار المقدم عام 2007 كإعانات للمنتجين الزراعيين لدى بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (أي الدول الغنية)........أو إذا ما وضعنا بعين الاعتبار مبلغ (1340) مليار دولار كمجموع النفقات العسكرية في العالم خلال نفس السنة".

               على أي حال يرى الكثير من العلماء أن باستطاعة العلم التوصل إلى حلول في حال دعم الحكومات الغنية للأبحاث والتجارب والتطبيقات الرائدة والعملية، ويمكن أن تحدث، بل يجب أن تحدث اختراعات بالنسبة لمصادر جديدة للطاقة و حلول للاحتباس الحراري و التغيرات المناخية، و كذلك يجب أن ينضّج العلم " ثورة زراعية جديدة "

        هناك عمل مستمر لتحسين جينات البذور لزيادة الإنتاجية أو لأمور أخرى، إذ أن هناك تطور واضح فبما يتعلق بإنتاج نبات و حبوب مقاومة للأمراض والتعفن. كذلك هناك بحوث جينية تتعلق بإنتاج بذور تتحمل العطش في فترة من فترات النمو في حالة الجفاف الوقتي المفاجئ، و كذلك الاكتفاء بكميات أقل من المياه لإكمال النمو. وهناك بحوث كثيرة لإنتاج بذور تقاوم ملوحة الماء والتربة، والزراعة في بيئة أكثر ملوحة، إذ أن مسألة الملوحة من أكثر الأمور أهمية في الوقت الحاضر نظراً لتردي نوعية المياه نتيجة الاستعمال المفرط للمياه العذبة. كما أن هناك بحوثا كثيرة تجري لتقليل كلف تحلية المياه، أو تقليل كلف الطاقة والتي بالنتيجة تقلل كلف تحلية المياه. إن التمويل للبحوث الزراعية قد تناقص في أواخر القرن الماضي و بداية القرن الحالي، ولكن الارتفاع في أسعار المواد الغذائية الذي وضح بصورة بينة في سنة 2008، جعل الجهات المالية العالمية وعلى رأسها البنك الدولي بإعادة النظر بالموضوع، وجعل هذه البحوث من الأولويات الأولى، وبمستوى البحوث في أمور الاحتباس الحراري والتغير المناخي.

هناك دراسات وتجارب عديدة في الزراعة في البحر أو تحسين نوعيات المزروعات  البحرية لاستخدامها كعلف حيواني أو كغذاء للإنسان . كما أن هناك أشجار باسقة غير مثمرة تعيش على مياه البحر وموجودة في سواحل العديد من الدول الاستوائية، مثل أشجار المانكروب، وهي الأشجار التي أنقذت بعض المدن الماليزية الساحلية من التسونامي الكبير الذي حدث في أواخر 2004  إذ كانت مصداً للتيارات المائية العالية. إن العلماء يعملون على الاستفادة من جيناتها، ومن جينات غيرها، لإنتاج حبوب ومنتجات زراعية صالحة للأكل وتتحمل مياها أكثر ملوحة من المياه العذبة الحالية.

 

إن العلم والتكنولوجيا سيحلان هذه المشاكل، ولكن في هذه الأثناء سيموت الملايين من فقراء العالم جوعا أو مرضا أو حسرة أو نتيجة حروب أهلية أو دولية أو نتيجة ثورات اجتماعية،  وسينزح عشرات الملايين طلبا لعيش أحسن في مكان أحسن. وهذا الأمر سيستمر طالما توجد أنظمة مستغلة على وجه الأرض .

 السابق >>

تقنيات جديدة متعلقة بالمياه

<< التالي

هل انتهت الثورة الزراعية ؟!

 

 

 عودة الى الفهرست >>

المصادر

 

 

 

 الصفحة الرئيسية | مقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | أرشيف الأخبار | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

تصدرها مجموعة من الصحفيين والكتاب العراقيين

webmaster@saotaliassar.org    للمراسلة

 
من الصدف الجميلة ان يدق لي عود المشنقة في نفس المكان الذي كنت اثير منه المظاهرات الوطنية

الشهيد حسين محمد الشبيبي

الشيوعية أقوى من الموت وأعلى من أعواد المشانق

الرفيق الخالد فهد