الفصل السادس
6- النزاعات العالمية حول المياه
لا نريد الحديث عن دور المياه في الحياة على الأرض، أو أي كوكب آخر، فهذا أمر
معروف. ولعل ذكر بعض الأرقام بالنسبة لحاجة الإنسان للمياه يعد أمراً مفيداً،
حيث يشكل الماء ما يقارب من 60% من مجمل وزن جسم الإنسان، و70% من وزن دماغه،
و80% من وزن دمه، وقد يستطيع الإنسان الانقطاع عن الطعام لمدة تقارب الشهر،
ولكنه لا يستطيع الانقطاع عن شرب الماء لمدة أسبوع واحد. وعندما أعلنت "ناسا"
وكالة الفضاء الأميركية، في 13/11/2009 من أن "خبراءها عثروا على كميات كبيرة
من المياه المتجمدة في الجانب المظلم من القمر"، اعتبر العالم هذا الخبر أمراً
مهماً جداً، كما وأن في كل مرة يدور أو يصل قمر أو مسبار فضائي إلى أحد كواكب
المجموعة الشمسية، يأتي السؤال هل يوجد ماء على سطح هذا الكوكب؟، والغرض من هذا
السؤال هو معرفة إمكان وجود الحياة عليه سابقاً أو حالياً؟. والسؤال المطروح
حالياً، والذي يتحدث عنه الجميع، ومنهم العراقيون، ما هي مشكلة الماء على الأرض
ونحن نجده في كل مكان؟.
أ- مشكلة المياه على الأرض
إن ما تؤكد عليه جميع الحكومات والمؤسسات العالمية المعنية بالمياه والجوع
والفقر واستقرار العالم، ومنذ ما يقارب العقود الثلاثة الماضية، هو وجود مشكلة
عدم توفر المياه، حيث تطورت إلى شحة وقحط وعطش وجوع وعلى نطاق عالمي بلغ أوجه
في سنة 2009. ولم يعد الأمر مقتصراً على مناطق الصحارى في العالم، أو في بلدان
جنوب الصحراء الإفريقية، بل شمل معظم دول العالم، بضمنها دول منابع النيل!!،
وكذلك بعض دول أميركا اللاتينية والصين والهند والولايات المتحدة نفسها، والأهم
هي منطقة الشرق الأوسط، ومنها الأقطار العربية.
إن السؤال الذي يطرح نفسه الآن كيف يعاني بعض سكان كوكب الأرض من العطش بينما
المياه موجودة فيه قبل مليارات السنين، ولا تزال نفسها موجودة وتغطي ثلاثة
أرباع مساحة الكرة الأرضية؟. والجواب واضح، وهو أن 98% من المياه موجودة في
المحيطات والبحار، وهي مياه مالحة وغير صالحة للإنسان وكذلك غير صالحة لحياة
الغالبية العظمى من الحيوانات والنباتات الموجودة على اليابسة أو على ضفاف
ومياه الأنهار والبحيرات الحلوة. ولا يمكن الاستفادة من مياه المحيطات والبحار
إلاّ بعد تحليتها، بكلف باهضة وبكميات محدودة جداً، مقارنة بالحاجة الفعلية
للمياه واللازمة لمختلف فعاليات الحياة. أما المياه العذبة (الحلوة) فتمثل 2%
من مياه الأرض فقط، ومما يزيد الأمر إيلاماً ومشقة، هو أن 90% من المياه العذبة
موجود إما في القطبين الشمالي والجنوبي على شكل جبال وصفائح جليدية، أو في
أعماق الأرض. وما تبقى من المياه العذبة، والتي يمكن الوصول إليها في الواقع،
تبلغ فقط (0.000006%) من مجمل المياه الموجودة على الأرض، وما يمكن أن يكون
صالحاً للاستهلاك البشري هو فقط 0.26% من هذه الكمية(42). إن بعض
الدراسات تذكر أن أقل من (0.007%) من جميع مياه الأرض متوفرة للشرب، وبهذا تشمل
الجليد الموجود في القطبين والمياه العميقة تحت سطح الأرض، (وليس المقصود من
هذا ما نسميه المياه الجوفية التي تخرج إلى سطح الأرض على شكل ينابيع أو ما
يمكن استخراجها من آبار غير عميقة جداً). ولهذا كانت هناك دراسات ومحاولات
"جدية" في السبعينيات من القرن الماضي لنقل (سحب) كتل جليدية من القطب بحراً
إلى السعودية، ولكن لم يتم تنفيذها، واستقرت السعودية بالاعتماد على تحلية مياه
البحر، بالإضافة إلى أنها استنزفت تقريباً معظم مياهها الجوفية في الزراعة خلال
فترة "نهضتها الزراعية" في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، باستخدام التقنيات
الحديثة، وتراجعت عن ذلك، لاسيما في العقد الماضي، بسبب انخفاض المياه الجوفية
حيث تخلت عن محاولاتها في الاكتفاء الذاتي من الغذاء بسبب الكميات الهائلة من
المياه التي تحتاجها لإرواء الأراضي. وهي حالياً تتفاوض لتأجير أو شراء نصف
مليون فدان في الباكستان، لتوفير حاجاتها الزراعية من القمح والخضراوات
والفاكهة للسوق السعودية. علماً أن هناك طلبات عديدة من دول خليجية لشراء أراض
زراعية في باكستان، ولقد عبرت الأمم المتحدة في نيسان 2009 عن قلقها من تزايد
عمليات استحواذ الدول الغنية على الأراضي الزراعية في الدول النامية الفقيرة,
وكانت الحكومة المحلية لإقليم بلوجستان الباكستاني قد ألغت صفقات مشابهة
لمستثمرين إماراتيين(43).
إن نسبة الأملاح في مياه المحيطات والبحار تصل إلى حوالي (3.5%) من هذه المياه،
أي (35000) قسم/المليون (part
per million ppm)،
أو (35)غم/لتر. وسنتحدث لاحقاً عن عمليات تحلية (desalination)
مياه البحر، باهضة التكاليف، وفي كيفية الاستفادة منها، وذلك بإيصال نسبة
الأملاح أعلاه إلى أقل من (500)قسم/المليون تقريباً، واعتماداً على الاستخدامات
المطلوبة والتي هي أساساً لمياه الشرب.
ب- التغيرات المناخية
إن ظروف الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية الحالية أثرت كثيراً في أكبر خزان
طبيعي للمياه العذبة، أي جليد القطبين. وهذا الأمر يأخذ أهمية كبيرة، بعد أن
أثبت العلماء خلال السنة الماضية، بأن هناك "تسارع في ظاهرة الاحتباس الحراري
أكثر مما هو متوقع"، والذي كنت قد أوضحته في كتابي "الطاقة: التحدي الأكبر لهذا
القرن"، والصادر في أيلول 2005. إذ أن "المسار الفعلي لتغير المناخ هو أكثر
خطورة من أية توقعات مناخية صدرت في تقارير رسمية سابقة"(44). أما
التقرير الأخير الذي عرض في المؤتمر السنوي للاتحاد الأوربي في أيار 2009 من
قبل مجموعة بحثية بريطانية/فنلندية، فلقد توقع أن يرتفع منسوب المياه في سطح
البحر مع نهاية القرن الحالي بمعدل يصل إلى (1.5) متر أو إلى متر على الأقل،
علماً أن تقييم العلماء، في سنة 2008، توقع ارتفاعاً لا يتجاوز (43)سم!!، مع
ملاحظة أن (80 إلى 90%) من أراضي بنغلادش، (دلتا نهر الفانج)، تقع ضمن ارتفاع
متر واحد عن مستوى سطح البحر!!!(45).
يتآكل في الوقت الحاضر جليد القطبين تدريجياً وبصورة متسارعة وتتدفق المياه
الناجمة عن ذوبانه إلى المحيطات ليكون جزءاً من المياه المالحة، ولن يكون له أي
تأثير على "تحلية" ماء المحيطات، لأنه لا يمثل إلاّ نسبة ضئيلة جداً منها. لقد
انتهت غالبية الثلوج التي تغطي كرينلاند، كما وأن المحيط المنجمد الشمالي سيكون
بحراً مفتوحاً تقريباً، خالياً من الجليد خلال عقد من الزمن. حيث أن غطاء
الجليد الذي يغطي المحيط المنجمد الشمالي سينتهي بالمرة في فترة أشهر الصيف،
وذلك خلال (20) سنة القادمة، كما أن معظمه سيقل بدرجة كبيرة قبل ذلك الوقت بحيث
يجعل المحيط المنجمد الشمالي صالحاً للملاحة في أشهر الصيف. أما الجليد الذي
يغطي القارة القطبية، فسيزول تماماً في الصيف خلال (20 ـ 30) سنة قادمة(46).
كذلك فإن الخزانات الأخرى من الماء العذب تتلاشى أيضاً في الوقت الحاضر، إذ أن
جليد جبال الهملايا، يتآكل وتذهب مياهه إلى الأنهار التي تصب في البحار. في
الوقت الحاضر تعتبر صفائح جليد الهملايا من المصادر المهمة للمياه في الهند
والصين، ونفس الشيء يحدث لصفائح الجليد التي تغطي جبال بيرو، حيث ذاب ربعها
خلال السنوات الثلاثين الماضية، كل هذه المياه ذهبت هدراً ولم يُستفد منها
أبداً، إذ لم يتم اتخاذ أية تحضيرات لخزن قسم من هذه المياه، فلقد أُخذ البشر
على حين غرّة. أما "ثلوج كالمينجارو" فيتوقع لها أن تختفي خلال العقدين
القادمين(47)، ولعل أرنست هيمنغواي ينام حالياً سعيداً في قبره لأنه
مات قبل أن يسمع حتى بوجود مثل هذا الاحتمال، وإلاّ لكان قد بدّل عنوان روايته
الرائعة عن إفريقيا "ثلوج كاليمنجارو" إلى عنوان آخر أكثر رومانسية!!.
مما يزيد المشكلة تعقيداً أن الكثير لا يدرك مدى شحة المياه الحالية أو
المتوقعة في المستقبل، بالرغم من أن غالبية الدول النامية، وخصوصاً الفقيرة،
موجود في المناطق الجافة أو شبه الجافة، وهي بنفس الوقت من أكثر البلدان تأثراً
بالتغيرات المناخية، إذ يتوقع أن تقع في المناطق التي سيقل فيها المطر، ويصيبها
الجفاف، ومنها العراق وإيران وسوريا والمنطقة الجنوبية من تركيا. إنني لا أتحدث
هنا عن احتمال غرق دول كاملة، مثل جزر المالديف، والتي اجتمع مجلس وزراءها في
تشرين الأول 2009 تحت الماء، ليعرض قضيته، (أو كارثته)، على العالم، وأيضاً
الحالة التي سبق أن ذكرناها عن بنغلادش. علماً أن سبب الاحتباس الحراري
الرئيسي هو غاز ثاني أوكسيد الكاربون الناتج عن حرق الفحم والنفط والغاز، أي
نتيجة الثورة الصناعية للدول المتقدمة، وستتلقى الدول الفقيرة نتائجه الكارثية،
ولقد ساهمت الصين والهند بهذه المأساة خلال العشرين سنة الأخيرة من تطورها.
كذلك فإنني لا أتحدث هنا الأعاصير والعواصف والزوابع الهائلة التي ستحدث في
العالم والتي سيكون الخاسر الأول فيها أيضاً الدول الفقيرة المطلة على
المحيطات. إنني أتحدث هنا فقط عن مسألة شحة المياه والجفاف وقلة الأمطار
المتوقع حدوثها لأقطار عديدة، ومنها دول الشرق الأوسط، والتي ستؤدي إلى أن
شعوبها تهدد بعضها الآخر، وقد يتطور الأمر إلى حروب فيما بينها(47)،
وسنتحدث عن تأثير التغير المناخي في مناطق تساقط الأمطار في الفصل الثامن. كما
توجد شحة في المياه في (88) دولة تضم40% من نفوس العالم.
لقد عرّفت الأمم المتحدة والمؤسسات العالمية المعنية "شحة المياه"، بأنها
الحدود المقبولة حالياً لمجمل حاجات الإنسان، (المدنية وتطوير الصناعة والحاجات
الزراعية والحيوانية)، والتي تقدرها هذه الجهات بكمية مياه تعادل
(1000)م3/الشخص سنوياً. ولهذا تحتسب كمية المياه المتوفرة للدولة سنوياً وتقسم
على عدد النفوس للوصول إلى "خط الشحة" هذا. علماً أن هذا الرقم عام ويختلف من
قطر إلى آخر، حسب الموقع الجغرافي والتطور الزراعي والصناعي والحضاري للقطر.
* * *
لعل من المفيد معرفة وضع العراق بالنسبة للتعريف أعلاه وذلك على ضوء الدراسات
والتقارير التي تحدثنا عنها سابقاً.
يقدر تقرير وزارة الموارد المائية الحاجة للمياه في عام 2015 بكمية تعادل
(76.95)كم3 في السنة، لذا لو افترضنا بأننا نتحدث عن تطور زراعي وصناعي ومدني
جيد فعلي، وبعدد نفوس للعراق يعادل (35) مليون نسمة، تكون حصة الفرد السنوية
حوالي (2200)م3/الفرد/السنة. ولو اعتبرنا عدد نفوس العراق (40) مليون نسمة (لما
بعد 2015)، نصل إلى حصة للفرد تقارب من (1920)م3. ولكن التقرير يتوقع أن يصل
سنة 2015 إلى ما يقارب (43.93)كم3/السنة فقط، ولهذا فإن حصة الفرد السنوية حسب
تقديرات نفوس العراق أعلاه تصل بين (1260 ـ 1100)م3، وهنا نصل إلى أرقام تقارب
"خط الشحة". كذلك يذكر التقرير أن معدلات الواردات المائية السنوية من دجلة
والفرات كما في سنة 2006 وصلت حوالي (69)كم3، منها (49.4)كم3 من دجلة،
و(19.6)كم3 من الفرات. ولو افترضنا في أسوأ الأحوال أن الواردات انخفضت في
سنوات الشحة الحالية إلى (50)كم3/السنة، وعلى ضوء ظروف العراق الحالية حيث لا
صناعة بالمرة تقريباً، والزراعة متأخرة جداً إذ يعتمد على استيراد المنتجات
الزراعية والحيوانية، وكذلك فإن الخدمات المدنية متأخرة جداً، إضافة لذلك فإن
ما يقدر بأكثر من (4) ملايين مواطن خارج القطر، نجد أن من الواجب أن لا تكون
هناك شحة في المياه في العراق، كما حدث في هذا العام، بل وفرة في المياه وذلك
في حالة إدارة المياه المتوفرة بصورة جيدة. إذ لو افترضنا عدد نفوس العراق
الفعلي في الوقت الحاضر (25) مليون نسمة نصل إلى حصة سنوية للفرد تصل إلى
(2000)م3، ولو افترضنا أن عدد النفوس (30) مليون نسمة، نصل إلى حصة سنوية للفرد
تقارب من (1700)م3، وهذه الأرقام بعيدة جداً عن "خط الشحة".
ولغرض المقارنة مع الأرقام أعلاه فإن حصة الفرد المصري من الموارد المائية التي
تحصل عليها مصر لا تتجاوز في الوقت الحالي ( 700 ) متر مكعب للفرد الواحد
سنويا، ولجميع الإغراض، و يتوقع أن تصل إلى النصف خلال عقدين من الزمن. أما
الموارد المائية الأردنية فإنها تكفي فقط لأن تكون حصة الفرد الأردني (150) متر
مكعب في السنة في الوقت الحاضر!!، ويتوقع أن تصل إلى أقل من(100) متر مكعب في
السنة، لذا يتوقع أن تنتهي الزراعة في الأردن. وتقوم الحكومة الأردنية حاليا
بدراسة الحلول ومنها تحلية مياه البحر وعلى نطاق واسع .
* * *
يقدر عدد الذين نزحوا في العالم في سنة (2008) بسبب الجفاف وقلة الأمطار
والأنهار الملوثة بما يقارب من (25) مليون لاجئ، وهذا الرقم يفوق عدد اللاجئين
الذين اضطروا للانتقال بسبب الحروب والصراعات العسكرية الدولية أو الحروب
الأهلية الدموية. إن شخص واحد من كل خمسة أشخاص في العالم يفتقر إلى مياه شرب
صحية، وشخص واحد من كل ثلاثة أشخاص يفتقر إلى مرافق صحية ملائمة. وحسب تقديرات
الأمم المتحدة فإن في كل (15) ثانية يموت طفل في العالم بسبب أمراض متعلقة بعدم
توفر المياه أو بالمياه الملوثة.
ج- بوادر المشاكل المتعلقة بالمياه
لقد حذرت الأمم المتحدة من تدفق ثلاثمائة ألف لاجئ صومالي على الأقل إلى
البلدان المجاورة وأوربا فراراً من المجاعة الناجمة عن أسوأ موجة جفاف تشهدها
الصومال،
وقالت منظمة اليونيسف التابعة للأمم المتحدة أن عدد الصوماليين الذين هم بحاجة
للمعونات الغذائية قد تضاعف خلال العام الماضي ليصل إلى ثلاثة ملايين وثمانمائة
ألف شخص(48). كما حذر برنامج الغذاء العالمي من أن أكثر من (20)
مليون شخص في القرن الإفريقي، (مقارنة بعدد السنة الماضية البالغ 14 مليون)،
بحاجة ماسة إلى مساعدات غذائية خلال العامين القادمين بسبب نقص الأمطار.
وقال أن نقص التمويل الذي يعاني منه البرنامج سيجعل من الصعب إطعام الناس في
أنحاء كينيا والصومال وأريتيريا وجيبوتي. وقال برنامج الغذاء العالمي مؤخراً أن
القيود الأميركية هي سبب جزئي لقراره بإيقاف خططه لإطعام أكثر من (100) ألف طفل
يعانون من سوء التغذية في الصومال، إذ أن القيود الأميركية أثرت في التمويل
المقدم للمناطق التي تسيطر عليها جماعات تصنفها الولايات المتحدة على أنها
"إرهابية"!!(49).
أما مسألة
نهر النيل،
فهي موضوع مشابه للوضع بين العراق وتركيا، والفرق وجود معاهدة 1929 المعترف بها
دولياً، والتي تحاول دول منابع النيل تعديلها لصالحها. والفارق الأهم هو أن مصر
دولة قوية جداً مقارنة بدول منابع النيل، ولهذا لا تستطيع هذه الدول اتخاذ
إجراءات رادعة ضدها، وتحاول حل الأمر بالطرق التفاوضية إن أمكن. وهناك دول
خارجية، وبالأخص إسرائيل، تحاول الاستفادة من هذا الوضع لإضعاف مصر والسودان
سوية. لقد حصلت مصر، عندما كانت أحدى المستعمرات البريطانية، وبموجب معاهدة
1929، على حق الاعتراض على إقامة أية مشاريع على نهر النيل من شأنها أن تؤثر في
حصتها من المياه. وفي عام 1959 وقعت مصر اتفاقاً ثانياً مع السودان، بموجب هذا
الاتفاق الأخير، تحصل مصر على (55.5)كم3 من مياه النيل سنوياً، (أي حوالي 78%
من مياه النيل المشتركة بين مصر والسودان)، ويحصل السودان على (18.5)كم3/السنة،
أي 13%. علماً أن الكمية المخصصة أعلاه لمصر، تعني أن حصة الفرد المصري تبلغ
أقل من (700)م3 في السنة، (إذ أن عدد نفوس مصر يبلغ 80 مليون نسمة)، وذلك
مقارنة بخط شحة المياه، البالغ (1000)م3/الفرد/السنة لجميع الفعاليات الزراعية
والصناعية والمدنية، والذي سنشير إليه لاحقاً.
إن البلدان الأخرى التي تشترك في حوض النيل مثل الحبشة وبوروندي والكونغو
الديمقراطية وأريتيريا وكينيا وراوندا وتنزانيا وأوغنده، وجميعها من أكثر
الدول فقراً في العالم، تحاول تعديل الاتفاقيات القديمة وبالأخص اتفاقية 1929،
لغرض الاستفادة من المياه الموجودة لديها. وتمت اجتماعات عديدة بهذا الخصوص،
بين هذه الدول خلال العشرة سنوات الماضية، آخرها اجتماع الإسكندرية في أوائل آب
2009، ولقد كان موقف مصر ثابتاً في الاجتماعات السابقة، وذلك بأن هذه المسألة
تعتبر جزءاً من "الأمن القومي المصري" ولا توافق على تعديل المعاهدة، وهددت
باستعمال القوة العسكرية. ولكن في ضوء تطور دول الحوض، والمجاعة في غالبية هذه
الدول تجد مصر نفسها في موقف الدفاع عن "حقها التاريخي"، و"القانوني"،في الحصول
على أكبر نسبة من مياه النيل، أمام مطالبة الدول المتشاطئة، بإعادة النظر في
تلك المعاهدات القديمة التي وزعت الحصص المختلفة من مياه النهر. وكما يظهر من
الاجتماع الأخير فإن من المحتمل أن يحصل انفراج في المستقبل القريب، حيث بالرغم
من فشل اجتماع آب 2009 في التوصل إلى حل نهائي، ولكن وزراء الري في دول الحوض
اتفقوا على تحديد مهلة مدتها ستة أشهر يتم خلالها التوصل إلى إطار قانوني جديد
ويبدو أن وزير الري في الدولة التي ينبع منها النيل الأزرق، والتي تساهم بنحو
85% من مياه النيل، أي الحبشة، يبدو واثقاً من حل النزاع حيث قال: "سيجلس
مفاوضونا ومستشارونا الفنيين معاً ويتوصلون إلى اتفاقية جديدة، وخلال ستة أشهر
يمكن حل جميع الخلافات".!!
إن البنك الدولي يؤيد ما يسمى مشروع "مبادرة حوض النيل"، الذي تأسس في سنة
1997، إلى نزع فتيل التوترات بين بلدان حوض النيل بإنشاء مشاريع تنمية مشتركة،
ولكن منظمة "شبكة الأنهر العالمية"، تقول أن هذه المشاريع المتنافسة التي تقام
على النيل بالإضافة إلى التغير المناخي العالمي، والذي يعني توقع شحة
الأمطار في المستقبل، قد يؤدي بالمنطقة، التي تعاني حالياً من شحة في
الأمطار والمياه، إلى صراعات ونزاعات، بسبب المياه، إضافة إلى النزاعات
الداخلية والإقليمية الحالية لهذه الدول.
هذا ولقد نشر مؤخراً تقرير في مصر يفيد أنه ما لم تتخذ إجراءات جادة، فإن حاجة
مصر للمياه، ابتداءاً من سنة 2017، ستكون أكثر مما متوفر لها حالياً، بسبب
زيادة الطلب لتوفير الغذاء والتوسع بالتصنيع، والأهم الزيادة العالية المستمرة
للسكان في مصر (50 أ ـ هـ).
وبعد اجتماع آب، المشار إليه أعلاه، قام ليبرمان وزير الخارجية الإسرائيلي،
اليميني المتطرف جداً، بجولة في منطقة الدول المشار إليها أعلاه، فلقد زار
الحبشة وكينيا وأوغنده ونيجيريا وغانا، ورافقه في جولته عدد كبير من رجال
الأعمال الإسرائيليين، وعرض "مساعدة" إسرائيل لهذه الدول في المسائل الزراعية
والمائية، حيث توجد لديها خبرة واسعة بهذا المجال، كما وقع مع كينيا اتفاقية
لإدارة المياه.
هذا، وباعتقادي، بالرغم من الحالة "الفقيرة" للمياه في مصر، واستغلال إسرائيل
لهذا الوضع بالتقرب والتغلغل والدخول إلى إفريقيا، فإن "تصلب" مصر في موقفها في
عدم النظر في مطالب دول المنبع الفقيرة بعين الحاجة وحسن الجوار، مما أعاق
إنشاء مشاريع ري في هذه الدول نظراً لما جاء في معاهدة 1929 التي وقعت في عهود
الاستعمار وأدى إلى فتح الباب لإسرائيل لدخول هذه الدول. لهذا نجد أن الكثير من
المختصين في مصر يعارض التنازل عن "حق" مصر في مياه النهر، ويرمي باللوم دائماً
على إسرائيل في سوء العلاقة مع دول الحوض ونجد تصريحات عديدة بهذا الاتجاه.
فلقد أبدى عميد معهد البحوث والدراسات الإفريقية، الدكتور سعيد البدري، عن
اعتقاده "بأن القرن الحادي والعشرين هو قرن حرب المياه"، مضيفاً: "ما زالت
الأطماع الإسرائيلية تغازل بعض دول حوض النيل للحصول على نقطة منه، في ظل
الهيمنة الأميركية السائدة على العالم". بينما يرجع السفير أحمد حجاج، أمين عام
الجمعية الإفريقية، ما يثار من خلافات حول الحصص المائية في دول حوض النيل، إلى
"سعي الكيان الصهيوني للضغط على الحكومة المصرية، بهدف الحصول على مياه نهر
النيل، وهو ما لم يحدث ولن يحدث". في حين يرى الدكتور عبد الله الأشعل، مساعد
وزير الخارجية وأستاذ القانون الدولي "إن تغلغل إسرائيل في دول الحوض وإمدادها
لجنوب السودان بالأسلحة التي تؤدي إلى إضعاف الحكومة السودانية، إضافة لإقامة
عدد من المشاريع الإسرائيلية مع الحبشة/إثيوبيا، كل هذا تم اتخاذه من قبل
إسرائيل للإضرار بالحصة المصرية من المياه". أما العالم الجيولوجي د. رشيد سعيد
فيقول: "إن الحرب القادمة ضد مصر ستكون حرب مياه، خاصة بعد سعي بعض الدول
لتعديل اتفاقية تقاسم مياه النيل الموقعة منذ 1929، ووجود الأطماع الصهيونية في
مياه نهر النيل من خلال بعض الدول المطلة على النهر". علماً أن الحكومة
الإسرائيلية كانت قد كلفت، في أعقاب حرب 1967، خبراء إسرائيليين لوضع الخرائط
والمخططات في "نقل مياه النيل إلى النقب".
(50 أ ـ هـ)
إن الأمور المشار إليها أعلاه تجعل من الضروري قيام الحكومة المصرية بالتفاهم
للوصول إلى حلول معقولة مع دول الحوض، تتضمن مشاريع مشتركة لفائدة مصر وهذه
الدول الفقيرة ، و كما يظهر فان الحكومة المصرية قامت ، و لو متأخرا ، بالعمل
على ايجاد الحلول المناسبة مع دول منابع النيل ، اذ زار رئيس الوزراء المصري
على رأس وفد مائي و اقتصادي كبير الحبشة في شهر كانون اول /2009 لمناقشة امور
النيل و العمل على مشاريع مشتركة مع دول الحوض . و لعل الاتفاقية الدولية لسنة
1997 لمجاري المياه للاغراض غير الملاحية و التي سنتحدث عنها في الفصل السابع ،
و كذلك التحركات الاسرائيلية الاخيرة ، كانا لهما الاثر المباشر في هذا التحرك
الذي جاء متأخرا !! .
وإن أردنا التحدث عن المشاكل المائية في
إسرائيل
والمشكلة الأكبر هي ما تسببه من مضايقات للدول العربية المحيطة بها، ولذا
يمكننا القول بأن الشحة المائية في إسرائيل واستحواذها على مياه الغير هو
العائق الرئيسي لنجاح ما يسمى "عملية السلام". إن ضغوط إسرائيل في طلب الماء
مسألة قديمة، ومنذ أن بدأت الحركة الصهيونية في التأثير في السياسة البريطانية
في أوائل القرن الماضي، حيث طالب ممثلو الحركة الصهيونية في عام 1916 من
الحكومة البريطانية بجعل نهر الأردن جزءاً من فلسطين، واعتبار نهر الليطاني حد
فلسطين الشمالي. ثم رسمت اللجنة الاستشارية الصهيونية حدود فلسطين الشمالية،
وذلك في سنة 1918، لتمتد من الليطاني إلى بانياس.
وفي أعقاب مصادقة مؤتمر سان ريمو في سنة 1920 على الانتداب البريطاني لفلسطين،
وجّه "الاتحاد العالمي لعمال صهيون" مذكرة إلى الحكومة البريطانية جاء فيها:
"إن مصادر نهر الأردن حتى جبل حرمون (جبل الشيخ)، وقطاع حوران حتى نهر الأعرج
جنوب دمشق، إن هذه جميعاً جزء لا يتجزأ من أرض إسرائيل."(50هـ)،
وغيرها وغيرها من المذكرات الموجودة في كتب التاريخ!!.
في الوقت الحاضر إن مشاكل استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأجزاء من أراض لبنان
وسوريا هي بالأصل مشاكل مياه، كما وأن التسوية مع الأردن كانت على حساب مشكلة
المياه. كلنا يعرف أن الفلسطينيين يعاملون معاملة المواطن من الدرجة الثانية في
إسرائيل، ولكن ما نشرته منظمة العفو الدولية في تقرير لها في 27/10/2009، يفوق
حدود التصور (ولو يمكن تصور أن يصدر أي شيء من إسرائيل)!!. إذ يقول التقرير:
"إن إسرائيل تضع قيوداً تمنع الفلسطينيين من الحصول على ما يكفي من المياه في
الضفة الغربية وقطاع غزة"، ويضيف التقرير: "إن استهلاك المياه اليومي في
إسرائيل لكل فرد يزيد عن أربعة أضعاف ما يستهلكه الفرد في الأراضي الفلسطينية".
وتقول إحدى المشرفات على إعداد التقرير لدى منظمة العفو الدولية : "أن المياه
من الاحتياجات الأساسية وحق أساسي لكن بالنسبة لكثير من الفلسطينيين، حتى الذين
يحصلون على كميات مياه لا تكاد تغطي احتياجاتهم وغير نقية، فإن المياه أصبحت
رفاهية بالكاد يمكنهم الحصول عليها". إن إسرائيل تبيع بعض المياه إلى
الفلسطينيين بأسعار تم تحديدها في اتفاقية أوسلو عام 1993، إلاّ أن منظمات
الدفاع عن حقوق الإنسان تنتقد سوء تطبيق الجانب الإسرائيلي لما جاء في
الاتفاقية، إذ لم تزد ضخ المياه للفلسطينيين بما يتماشى مع النمو السكاني. أما
الرد الإسرائيلي السريع على هذا التقرير، فلقد جاء من "هيئة مياه إسرائيل"، إذ
وصفته "منحاز"، وبنفس الوقت تذكر أنه "توجد فجوة في إمدادات المياه ولكنها ليست
كبيرة على النحو الذي تقدمه نتائج منظمة العفو الدولية"!!. ولكن أرقام التقرير
تقول أن معدل استهلاك الفرد الفلسطيني اليومي في الضفة الغربية والقطاع لا يزيد
عن (70) لتر. وبالواقع أن حالة أهالي قطاع غزة، المحاصرة منذ حزيران 2007، أسوأ
بكثير، إذ يقول التقرير أن "الطبقة الصخرية لساحل غزة، وهي مصدر المياه العذبة
الوحيد، أصبحت ملوثة نتيجة لنضوح مياه البحر ومخلفات الصرف الصحي إليها، وأصبحت
متدنية المستوى بسبب الإفراط في استخراجها"(51). والذي يعني ماءاً
شحيحاً جداً وملوثاً غاية التلوث هو نصيب أهالي غزة!!.
إن الجفاف في الوقت الحاضر يلف غالبية العالم، فبالإضافة لما ذكرناه، هناك جفاف
شديد في كينيا، وبالأخص بالمناطق الشمالية منها، حيث انقطعت الأمطار عنها
لسنوات عديدة، أدت إلى إنهاء قطعان الماشية ووفيات كبيرة جداً بين الأطفال،
وصراع بين القبائل الكينية، إذ تتقاتل هذه القبائل فيما بينها بسبب الجفاف
والجوع، وتجد الأطفال يسيرون يومياً ما يقارب (20) كيلومتراً لملء جرار ماء
الشرب(53).
ولعل من أهم خطورة هذا الجفاف، أن يشمل غالبية الدول المنتجة للحنطة في العالم
في الوقت الحاضر، مثل الصين والهند وإستراليا والولايات المتحدة والمكسيك. فلقد
استمر الجفاف في إستراليا لسنوات طوال، وإلى حد الآن، لدرجة أن علماء البيئة
هناك أعلنوا "أن الوقت قد حان بعدم الحديث عن وجود جفاف مؤقت لسنة أو أكثر،
وعلينا تقبل أن الجفاف سيكون دائمياً بسبب قلة الأمطار"(52)!!.
لقد أعلن حاكم ولاية كاليفورنيا الأميركية سنة 2008، بأن كاليفورنيا في حالة
طوارئ جفاف مستمر، إذ مرت (17) سنة مستمرة على عدم، أو قلة في تساقط الأمطار،
حيث ترك الفلاحون حقولهم، وبدأت بعض المدن الداخلية للولاية بنقل ماء الشرب
بالشاحنات (التانكرات) إليها من المدن الساحلية. إن كاليفورنيا مثال جيد لما
يمكن أن يكون عليه الحال عند سحب الماء من الخزانات/الأحواض
basins
الجوفية، بكمية أكثر مما تتحمله هذه الأحواض، أي سحب كميات عالية من المياه لا
يمكن تجديد إلاّ بعضها. فمثلاً إن حوض/خزان لوس أنجلز
Los Angeles Basin
العملاق، والذي بإمكانه تزويد مليون شخص بالمياه المطلوبة سنوياً في حالة سحب
الماء بالطريقة والكمية الصحيحة، نرى أنه في طريقه إلى النفاد. إن نفوس لوس
أنجلز ستصل في سنة 2020 إلى (22) مليون نسمة، لهذا فإنه من المحتمل جداً أن
ينفد الماء من مدينة إلباسو
Elpaso،
وسان أنتونيو
San Antonio
خلال (10 ـ 20) سنة. أما في ولاية فلوريدا الأميركية فإن الوضع أسوأ بكثير، إذ
أن مياه فلوريدا الوسطى يتوقع لها النفاد خلال (5) سنوات.
(42 ب)
د- الانفجار السكاني العالمي والمياه
إن من أهم ما عقد الأمور التي ينظر إليها الباحثون في مسائل شحة المياه وندرة
الغذاء في العالم، هي مسألة الزيادة السكانية الهائلة على الأرض، وما ستؤول
إليه، والنتائج المترتبة على ذلك:
أولاً: المقدمة/ السكان والجفاف
عندما تقدر "وكالة الإحصاء الأميركية
US Census Bureau"
نفوس العالم كما في 10/10/2009، بما يعادل (6.796) مليار نسمة، ونقارن هذا
الرقم بما كان عليه عدد نفوس العالم في الماضي، مثلاً في سنة 1950 حيث كان عدد
نفوس العالم (2.521) مليار نسمة، أي بزيادة قدرها (2.7) مرة خلال أقل من ستين
عاماً. أو نقارن عدد نفوس شبه القارة الهندية، (الهند وباكستان وبنغلادش
وسريلانكا)، حيث كان عدد نفوسها في سنة 1941، حوالي (389) مليون نسمة وأصبحت في
سنة (2009)، ما يقارب (1.5) مليار نسمة، أي بزيادة قدرها (3.86) مرة خلال أقل
من سبعين سنة، فإن من المنطقي أن يتساءل المرء عما سيكون عليه نفوس العالم في
سنة 2050 أو 2150، لاسيما ونحن نرى الآن أن الماء شحيح، والغذاء نادر لنسبة
عالية جداً من نفوس العالم. إن مستقبل العالم مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالزيادات
السكانية المتوقعة، أو بالأحرى بالانفجارات السكانية، إن حدثت في مناطق مختلفة
من العالم مشابهة لما حدث في العقود السبعة الماضية. والسؤال الذي يدور دائماً
بين منظري السياسة والاقتصاد و البيئة هو كيفية الحد من هذه الزيادة، وإلاّ
بالنتيجة سوف ينتهي العالم إلى مجاعات على نطاق واسع جداً، وإلى هجرات جماعية،
وحروب أهلية وإقليمية، وينقلب الانفجار السكاني إلى انفجار اجتماعي، حتى داخل
الدول المتقدمة، وبشكل لا تعرف عقباه.
تعرف الأمم المتحدة ما يسمى "ندرة المياه
water scarcity
أو "خط ندرة المياه"، بكمية تصل إلى (1000) متر مكعب من الماء العذب المتجدد
للفرد الواحد سنوياً، وذلك لأغراض الشرب والنظافة والزراعة والصناعة والخدمات
المدنية وتلبية جميع احتياجاته. وهذا يعني أن نصف سكان العالم الحالي يعيش في
حالة "ندرة المياه". وإذا كان الطلب والاستهلاك للماء قد زاد ستة أضعافه خلال
الخمسين سنة الماضية، بسبب زيادة عدد السكان والتطور الاقتصادي والنمط
الاستهلاكي المتزايد للحوم ومنتجات الألبان والأسماك بدلاً من الخضروات
والفواكه، حيث أن اللحوم والألبان تحتاج إلى مياه أكثر بكثير لإنتاجها مقارنة
بالخضروات والفاكهة، وسننتطرق إلى توضيح ذلك في الفصل الثامن. إضافة لذلك هناك
زيادة كبيرة في السلع الاستهلاكية والخدمات الترفيهية، لذا فإن السؤال الذي
يطرح نفسه: ماذا سوف يحدث خلال الخمسين سنة القادمة، لاسيما وأن الحياة تتطور
بنفس النهج كما يظهر لحد الآن، وكأن لا مشكلة تلوح في الأفق؟!.
من الواجب ملاحظة أن المقصود بكمية (1000)م3/الفرد/السنة هي لتلبية جميع
الحاجات، وأن هذا الرقم يمثل حد "ندرة الماء" لتلبية جميع المتطلبات. أما حاجة
الحياة أو الموت الفردية، فإن الأمم المتحدة تقدر بأن الحد الأدنى لاحتياج
الإنسان لكي يعيش في جو معتدل هو (5)لتر/اليوم/الفرد، وإلى حد أدنى قدره
(50)لتر/اليوم/الفرد لأغراض الشرب والطبخ والغسل والتنظيف. وبسبب عدم الحصول
على هذه الكمية من الكمية من المياه، وكذلك عدم الحصول على الحد الأدنى من
الغذاء (الذي يحتاج بدوره إلى ماء إضافي لإنتاجه)، يموت سنوياً ما يقارب (11)
مليون طفل تحت سن الخامسة سنوياً، بسبب أمراض سوء التغذية ونقص المياه. كذلك
وبسبب نقص المياه (وبالتالي الغذاء)، فإن هناك مليار شخص تحت خط الجوع، و(2)
مليار يعانون "خطر الجوع"، علماً أن تعريف "الفاو" للذين يعانون من "خطر
الجوع"، هم من ليس لديهم الطعام والغذاء الذين يكفيان لحياة صحية نشيطة إضافة
لذلك، فإن هناك مليار شخص في العالم ليس لديهم ماء كاف للشرب، كما أن الرقم يصل
إلى (2) مليار شخص ليس لديهم ماء كاف للشرب والطبخ والتنظيف، ناهيك عن عدم وجود
ماء أصلاً للزراعة أو الصناعة أو الخدمات الأخرى.
من الملاحظ أن من يعاني من شحة الماء والغذاء هم فقراء العالم، إذ أن ثلثي
البشر الذين لا يحصلون على ماء يكفي حاجاتهم الأساسية هم من تقل دخولهم عن
(2)دولار/اليوم(52)، أما الذين يملكون فهم غارقون في مسابحهم!!. إن
من يعتقد أن الدول الرأسمالية الغنية، أو أن مؤتمرات "القمة للقضاء على الجوع"،
وآخرها مؤتمر قمة روما الذي انعقد في أواسط تشرين الثاني 2009، ستحل هذه
المشكلة، هو واهم واهم!!. ففي مؤتمر قمة روما الأخير حتى لم يحضر معظم رؤوساء
الدول الصناعية الغنية، وخرج المؤتمر بكلمات "لطيفة" للقضاء على الجوع، وبدون
أفعال وخطط فعلية حقيقة، فالدول الرأسمالية الغنية مهتمة الآن في كيفية الخروج
من أزمتها الحالية، وحتى قبل الأزمة المالية الحالية فإنها لم تنفذ ما وعدت به
مؤتمرات القمة السابقة للقضاء على الفقر. أما رؤوساء الدول الفقيرة، فهم في
الغالبية العظمى يتبعون ويسيرون في ركاب الرأسمالية العالمية بقيادة الولايات
المتحدة، إذ هم من القادة الفاسدين إلى أقصى درجات الفساد، ويتربعون على إدارات
فاسدة أيضاً لا هم لها إلاّ النهب والاختلاس وجمع المال الحرام، والهزيمة إلى
الولايات المتحدة أو غيرها من الدول الغنية عندما يتم اكتشافهم، أو يتعرضون إلى
مخاطر، حيث توجد ودائعهم من المال العام والخاص المسروق!!.
إن ندرة المياه، تمثل أكبر خطر مقبل للسلام والأمن الدوليين، وهذا الكلام ليس
قولي، وإنما قول بان كي مون، السكرتير العام للأمم المتحدة، وعدد كبير من
المفكرين الجادين في العالم ومنهم قادة دول عديدة. ومن البديهي أن الناس
والشعوب سوف تتصارع في المستقبل على أهم شيء في الحياة وهو الماء، وما يتبعه من
جوع، ولذا يتحدث الكثيرون عن "حروب المياه المقبلة"، ولكن مجلس الأمن لم يتحرك
لحد الآن حول هذا الموضوع الذي "يهدد الأمن والسلام الدوليين"، والذي يتطلب
صدور قرارات تحت البند السابع، بالرغم من أنه مستمر في وضع العراق تحت البند
السابع وهو البلد الضعيف المحتل الذي يعيش غالبية سكانه في حدود خط الفقر،
ويعاني المرض والجوع وشحة المياه والخوف والهجرة لأسباب مختلفة، والفساد المالي
والإداري في أقصى درجاته بحيث أنه لا يزال ومنذ سبع سنوات في أدنى درجات سلم
الشفافية، وأعلى درجات سلم الفساد.
إن دراسة لكلية كنكز كولج
King's College
البريطانية المعروفة التابعة لجامعة لندن، ذكرت أن سكان الأرض الحاليين والبالغ
عددهم (6.5) مليار شخص يحتاجون إلى (8000)كم3 من الماء كل سنة، وهي بهذا تتحدث
عن معدل (1230)م3/الفرد/السنة، أي حوالي 25% أكثر من خط "ندرة المياه"، والبالغ
(1000)م3/الفرد/السنة. وهذه الكمية أي (8000)كم3/السنة، هي كمية قليلة مقارنة
بما موجود بالمياه العذبة تحت التدوير بين جو الأرض وسطحها، (وهي الأمطار
والرطوبة والثلوج والغيوم)، فالمياه موجودة ولكن غالبيتها العظمى موجودة في
الأماكن الخطأ(52).
إذ من المعروف أن الغالبية العظمى من الغيوم، والتي تنتهي إلى أمطار وثلوج
وعواصف مطرية، تأتي من تبخر مياه المحيطات والبخار، فرغم أن هذه المياه هي
مالحة، ولكن ما يتبخر هو الماء لوحده تاركاً الأملاح في المحيط، ولذا تكون
خالية من الأملاح، وعند سقوطها كمطر أو ثلوج تكون عذبة جداً ولا تحوي أية أملاح
إلاّ إذا صادفت الغبار أو الغازات الضارة في الجو، فعند ذلك سوف تذوب فيها نسب
من الأملاح أو الغازات الحامضية، ولكن هذه ستكون قليلة جداً، وعلى العموم فإن
الأمطار والثلوج هما مصدرا المياه العذبة. إضافة لذلك فإن الرطوبة الموجودة في
الجو، هي أيضاًً مصدر مهم لإرواء النبات في حالة استمرارها طول السنة، وكما هو
معروف فإن الرطوبة أيضاً تنتج من تبخر المياه، وتكون جزءاً من مكونات الهواء.
إن الاحتباس الحراري يزيد من المياه المتبخرة، كما وأن الهواء الحار يستوعب
كمية بخار أكثر، فهو بهذا يفيد في زيادة كمية "الماء" المدوّر، ولكن بسبب
ارتفاع درجة حرارة الأرض وتبدل الطبيعة، فإن الأمطار والثلوج ستتساقط في أماكن
تختلف عن أماكن تساقطها الحالية، وتتحول إلى عواصف وأعاصير مطرية في مناطق أخرى
من العالم، وأن الأقطار العربية من جملة الأقطار التي سوف تقل فيها الأمطار،
وكما سنوضح ذلك في الفصل الثامن. ولما كان ثلاثة أرباع سطح الأرض هي بحار
ومحيطات، لذا فإن احتمال سقوط الأمطار على اليابسة هي 25% في الظروف
الاعتيادية.
تقدر كمية المياه التي تتداور بين الجو والأرض بحوالي (10) ملايين كيلو متر
مكعب/السنة، إذ أنها تتداور بين التبخر والنزول كأمطار، وتظهر كمياه جوفية
وبحيرات وأنهار وجليد وثلوج. إن هذه الكمية الهائلة من المياه المتداورة تعادل
(125) مرة مقدار الحاجة للمياه العذبة المقدرة (8000)كم3/السنة، أي تزيد حصة
اليابسة فقط منها عن (30) مرة عن الحاجة الكلية العالمية للمياه. وحتى لو
افترضنا إمكان الاستفادة من 25% من هذه الحصة، فإنها تصل إلى ما يقارب (8) مرات
من الحاجة الكلية، وذلك بشرط عدم إجراء تغيير في الطبيعة بشكل جذري كما حدث
مثلاً للغابات المطرية في حوض الأمازون، وعلى الأخص ما حدث في البرازيل. لقد
تحدثنا في كتابنا السابق "الطاقة: التحدي الأكبر لهذا القرن" عن تأثيرات إتلاف
الغابات المطرية بحجة الاستفادة من الخشب، أو تحضير أراض زراعية، منها أن إنهاء
الغابات المطرية يقلل بالنتيجة وبدرجة كبيرة تساقط المطر في تلك المناطق،
وبالتالي تفقد الأراضي الزراعية "المستحدثة" من قلع الغابات المطرية، وما يراد
منها للزراعة بسبب قلة الأمطار!!.
ولعل ماليزيا من الدول القلائل التي حاولت التوازن بين إبقاء الغابات المطرية
واستحداث أراض زراعية في جزء بسيط منها، ولهذا استمرت من كونها إحدى الدول
عالية الأمطار، كما ذكرنا سابقاً، ولعل من الأمور الواجب ذكرها بهذا هو الاتفاق
الذي تم بين النرويج (الدولة المتقدمة)، وكوايانا (الدولة الفقيرة في أميركا
الجنوبية بين فنزويلا والبرازيل)، حيث ستقوم النرويج في الاستثمار في كوايانا
بمبلغ (250) مليون دولار على مدى (5) سنوات لقاء الإبقاء على الغابات المطرية
في كوايانا والتي تعادل مساحتها مساحة إنكلترا(56). إن عمل الغابات
المطرية ليس فقط كرئة للأرض بامتصاص كميات كبيرة جداً من غاز ثاني أوكسيد
الكربون، المسبب الرئيسي للاحتباس الحراري، وبالتالي للتغيير المناخي، ولكن
أيضاً في زيادة الرطوبة والأمطار في أماكن تواجدها.
تعمل الآن الجهات المختلفة المعنية بالمناخ والبيئة والجوع والعطش، على دراسة
كيفية حل مشكلة عدم توازن سقوط الأمطار والثلوج على سطح الأرض، بإيقاف ظاهرة
الاحتباس الحراري أولاً، وثم تطوير الزراعة في المناطق المطرية ووفرة المياه،
وتظهر نتيجة ذلك ظاهرة التجارة بالمياه بصورة غير مباشرة عن طريق التجارة
بالمحاصيل الزراعية والحيوانية، وكمثال على ذلك فإن إنتاج الحنطة يحتاج إلى
(1000)م3 مكعب من الماء العذب، لذا فإن تصدير مليون طن حنطة، يعني بالنتيجة
تصدير (كم3) واحد من الماء العذب، ولكن هل هذا هو الحل المثالي والصحيح؟، أم أن
الحل الذي يفرض نفسه في الظرف الراهن، وخصوصاً في ضوء عدم توازن اقتصاديات
العالم، إذ من المفترض أن مقابل استيراد مليون طن حنطة، يجب أن يكون هناك بضائع
للتصدير. والنفط ليس أحد البضائع، إذ أنه مادة ناضبة، والسؤال الذي يطرح نفسه،
ماذا سوف يحدث بعد نفاد النفط بعد عقود قليلة، هل ستنتهي شعوب الدول المنتجة
للنفط إلى الفاقة أو النزوح بعد نضوبه، أم عليها أن تجد بديلاً دائماً له ومنذ
الآن؟؟!. وفي كل الأحوال هل سيجد العلم والتكنولوجيا طريقاً آخراً في عدالة
توزيع الأمطار، أو سيكون هذا ـ أي التلاعب بالمناخ ـ أحد أفلام الخيال
العلمي؟!.
ثانياً: التعداد السكاني للعالم
سأحاول هنا أن أختصر ما جاء في تقريرين مهمين موسعين عن التعداد السكاني في
العالم، مع الاهتمام بما يخص موضوعنا هذا، التقرير الأول منشور في الموسوعة
العالمية "ويكيبيديا
Wikipedia"(54)،
والتقرير الثاني صادر عن الأمم المتحدة في سنة 1998 وتم تحديثه في السنوات
الأولى من القرن الحالي(55).
(1) تقرير ويكيبيديا
إن نفوس العالم في ازدياد مستمر منذ سنة (1400) ميلادي، أي منذ انتهاء حقبة
"الموت الأسود
Black Death"،
فترة انتشار الطاعون على نطاق عالمي. ويتوقع أن تستمر الزيادة في النفوس إلى
سنة 2050، وقد تستمر إلى سنة (2150) وذلك في حالة عدم السيطرة عليها. إن نسبة
الزيادة في النفوس سنة 2008، تعادل نصف نسبة الزيادة في النفوس على مدى تاريخ
البشرية، والتي كانت قد حدثت في سنة 1963. وبعد أخذ عدة احتمالات لزيادة النفوس
توصل التقرير إلى أن نفوس العالم ستصل في سنة (2050) إلى حوالي (9) مليار نسمة،
مقارنة بنفوس العالم في سنة (1400) حيث بلغت في حينه بين (350 ـ 375) مليون
نسمة، علماً أنها كانت حوالي (450) مليون نسمة كأعلى رقم قبل فترة "الموت
الأسود".
يمكن إيجاز تطور نفوس العالم حسب الجدول (6-1)
الجدول (6-1)
تقديرات عدد نفوس العالم
النفوس ( مليون نسمة )
نلاحظ من الجدول أن آسيا (الفقيرة)، تمثل في جميع مراحلها أكثر من نصف سكان
العالم، فإن نسبة نفوسها قد انخفضت من 63.4% من نفوس العالم في سنة 1750، إلى
57.9% في سنة 1900، إلى 55.6% في سنة 1950، ولكن ارتفعت النسبة بعد استقلال
معظم دول هذه القارة وتحسن الظروف الصحية والمعيشية لشعوبها لتصل إلى 60.8% في
سنة 1999، وإلى 60.4% في سنة 2008، ويؤمل أن تقل النسبة إلى 59.1% في سنة 2050،
وتقل أكثر إلى نسبة 57.5% في سنة 2150، حيث يتوقع أن تقوم الهند أيضاً بتحديد
النسل كما قامت الصين بذلك قبل عقود، ولو بصورة أقل من الصين.
أما الدول الصناعية الغنية المتمثلة بأوربا وأميركا الشمالية فإن نسبة نفوسها
إلى نفوس العالم، والتي كانت في سنة 1750، و1900، و1950 بحدود (28% ـ 29%)،
انخفضت في سنة 1999 إلى (17.3%)، وفي سنة 2008 إلى (15.9%)، ويتوقع أن تنخفض
إلى (11.4%) في سنة 2050، وإلى (9.4%) في سنة 2150 وذلك بسبب انتشار ثقافة
تحديد النسل بين شعوبها. علماً أن من المتوقع جداً وابتداءاً من العقدين
التاليين أن ترتفع اقتصاديات بعض دول آسيا الفقيرة مثل الصين والهند لتكون ضمن
الدول الصناعية المتطورة، ولو بمعدلات دخل أقل بكثير من الدول الصناعية.
(2) تقرير الأمم المتحدة حول عدد نفوس العالم
إن تقرير الأمم المتحدة المعنون "توقعات نفوس العالم"، والذي صدر في سنة 1998
وتم تحديثه، اعتمد سنة 1995 كأساس، واهتم بما سيكون عليه الحال سنة 2150. لقد
وضع عدداً من السيناريوهات (الاحتمالات) للزيادة السكانية في كل قطر، ووصل إلى
أرقام عالية جداً، وكذلك منخفضة جداً اعتماداً على فرضيات زيادة السكان، واعتمد
بالنتيجة السيناريو المتوسط للنمو السكاني واعتبره الأكثر احتمالاً.
وتم التوصل إلى الجدول (6-2)، كأفضل احتمال للنمو السكاني، وأكثرها واقعية حسب
التقرير، واليوم يُعتمد هذا السيناريو من غالبية المعنيين بالموضوع.
الجدول (6-2)
تقديرات نفوس العالم حتى سنة 2150
عدد النفوس (مليون نسمة)
إن جدول الأمم المتحدة يشابه جدول ويكيبيديا، ومن المؤكد أن الأخيرة اعتمدت
حسابات الأمم المتحدة، إذ أنها إنساكلوبيديا وتجمع معلومات، بينما الأمم
المتحدة لها خبراء في هذا المضمار لإعداد الحسابات والتوقعات والجداول.
ولو نظرنا إلى جدول الأمم المتحدة (6-2)، نرى أنه يتوقع أن تتجاوز نفوس الهند
نفوس الصين بحوالي (51) مليون نسمة في سنة (2050)، وبحوالي (260) مليون نسمة في
سنة (2100)، و(281) مليون نسمة في سنة 2150، علماً أن نفوس الصين كانت في سنة
(2000) أعلى من نفوس الهند بما يعادل (264) مليون نسمة، وتقلص الفارق في نهاية
أيلول 2009 ليصبح (161) مليون نسمة إذ أن نفوس الصين في ذلك التاريخ (1.334)
مليار، والهند (1.173) مليار نسمة. إن السبب في ذلك هو توقع أن لا تنجح مسألة
تحديد النسل في الهند حتى سنة (2150)، وإنما فقط محاولة لتقليل نسبة الزيادة
السكانية، بينما ستعمل الصين بعد سنة 2050 إلى الحد أكثر من نسلها لتقلل من
نفوسها في سنوات 2100 و2150 أسوة بالدول المتقدمة.
كذلك نلاحظ أن نسبة سكان ما يسمى بالدول النامية (أو دول الجنوب)، وهي دول آسيا
وإفريقيا وأميركا الجنوبية سترتفع من 82.3% من نفوس العالم إلى 90% ابتداءاً من
العقود الثلاثة الأخيرة من هذا القرن. كما أن نسبة نفوس الهند والصين إلى نفوس
العالم ستنخفض من 37.9% في سنة 2000 لتبقى في حدود 31% في سنوات 2100 ـ 2150.
أما أوربا فسوف تتقلص نفوسها تدريجياً من (729) مليون في سنة 2000 لتصل إلى ما
يقارب (515) مليون نسمة في السنوات 2100 ـ 2150.
ونرى في نهاية هذا القسم أن من المفضل إعطاء صورة للسيناريو العالي والواطي من
دراسة الأمم المتحدة المشار إليه في أعلاه، وكما في الجدول (6-3)
الجدول (6-3)
تقديرات عدد نفوس العالم حتى سنة 2150
حسب (3) سيناريوهات
مليار نسمة (نفوس العالم)
لقد لاحظنا في بداية هذا الفصل أن "العطش" يسير بخطى ثابتة في الوقت الحاضر،
ويتبعه الجوع، ليكتسحا غالبية العالم، في الوقت الذي يوجد في العالم ستة
مليارات نسمة فقط، إذاً كيف هو الحال بعد أربعين سنة حين يبلغ عدد نفوس العالم
(9) مليارات نسمة؟، وفوق كل هذا هناك تغير في المناخ سببته الثورة الصناعية،
والدولة الصناعية التي تسمى حالياً الدول المتقدمة الغنية، وهذا التغير المناخي
يزيد الجفاف جفافاً، وخصوصاً في منطقتنا العربية، والبلدان الفقيرة على العموم.
ما نراه وقد يراه القارئ أمر قاتم رهيب يعصف بالبشرية ويهدد بحروب
أهلية،وإقليمية، ويحتمل ان يتطور إلى حروب دولية، وذلك بسبب شحة المياه والجوع.
أما لو اقتربت التطورات الفعلية في زيادة السكان إلى السيناريو العالي، وتضاعف
مثلاً عدد نفوس الأرض إلى (12) مليار نسمة في سنة (2100)، فإن العالم سيشهد في
ذلك الوقت حروباً طاحنة وتغيرات اجتماعية وسياسية جذرية.
عودة الى
الفهرست >>
__________________________________________________________________________
(41) أـ "تقرير عام عن الموارد
المائية/الوقائع والآفاق". د. عبد اللطيف جمال رشيد (المشار أعلاه).
ب ـ كتاب "السياسة المائية لدول حوضي
دجلة والفرات وانعكاساتها على القضية الكردية". د. سليمان عبد الله إسماعيل.
مركز كردستان للدراسات الستراتيجية. (السليمانية 2004).
ج ـ كتاب "الأمن المائي العراقي/دراسة
عن سير المقاوضات ـ قسمة المياه الدولية". د. محمد عبد المجيد حسون الزبيدي.
دار الشؤون الثقافية العامة 2008.
د ـ الوكيبيديا/الموسوعة العالمية،
(المشاريع المائية/ وأزمة المياه العراق، تركيا، إيران، أهوار العراق "هور
الحويزة")، كذلك عن سد الكرخة، نهر كارون.
هـ ـ
"The Inventory of
Conflicts and Environment ICE Case Studies
وهي مجموعة عالمية مختصة لدراسة الأزمات الدولية ضمن مشروع يسمى
"The Mandala Projects"
يدار من الجامعة الأميركية في واشنطن. والدراسات المأخوذة هي المتعلقة بنزاع
المياه العراق/سوريا/تركيا، ونزاع المياه العراق/إيران.
و ـ
Assessing the
Over-withdrawal Impacts on the Quality and Quantity of Water in the Karoun
River in Iran" همايون موتى
ود. وفرهاد نديم (جامعة كيولف
Guelph/كندا،
وجامعة كونكتيكات
Connecticut/الولايات
المتحدة)، في سنة 2008.
ز ـ ثلاث دراسات لمنظمة الغذاء
العالمية FAO
تحت عنوان : "FAO
Disclaimer"، وذلك عن تركيا،
وإيران، والعراق، وكذلك تحت عنوان
AQUASTAT-FAO
(إيران، والعراق، وتركيا).
ح ـ
Development of Modern
Irrigation Systems in Arid and Semi-arid Area. A case study in Iran. By
Dehghani Sanij, and Yamamoto and Farzanah.
(42) أ ـ
ICE Case Study: Tigris –
Euphrates River Dispute.
ب ـ
"Thirst"،
العطش. Jeff Brenman
لقد اعتمد أيضاً على هذه المقالة في بعض الإحصائيات المذكورة في دراستنا عن
الحاجة إلى المياه. موقع
Apollo Ideas
الأميركي في كارولينا الشمالية
www.apolloideas.com.
(43) "السعودية تتفاوض على نصف مليون
فدان في باكستان". راديو بي بي سي العربية في 1/9/2009.
(44) "تسارع ظاهرة الاحتباس الحراري
أكثر مما هو متوقع". راديو سوا في 15/2/2009.
(45) "تنبؤات بارتفاع كبير لمنسوب
مياه البحر". راديو بي بي سي العربية في 25/5/2009.
(46)
"Most Artic Sea Ice Gone
in a Decade" صحيفة
"الإندبندنت The
Independent" البريطانية في
15/10/2009
(47)
"Climate change will melt
snow of Kilimanjaro within 20 years"
عن صحيفة الإندبندنت 3/11/2009.
(48) "المجاعة في الصومال تنذر بنزوح
جماعي". بي بي سي العربية في 15/11/2009.
(49) "برنامج الغذاء": 20 مليون
بحاجة للغذاء في القرن الإفريقي". بي بي سي العربية في 25/9/2009.
(50) ما يتعلق بنهر النيل
أ ـ
ICE Case Studies Case
Name: Nile River Dispute
ب ـ "مصر والعطش إلى مياه
النيل" بي بي سي العربية 9/8/2009
ج ـ "Nile
negotiators are near a deal"
Global Arab Network
9/8/2009
د ـ "اتفاقية إسرائيلية ـ كينية
لإدارة الموارد المائية"
بي بي سي العربية 4/9/2009.
هـ ـ "خرائط وحروب المياه الإسرائيلية
القادمة"
نواف الزرو. شبكة فلسطين 48 في
27/10/2009.
(51) "العفو الدولية تتهم إسرائيل
بحجب المياه عن الفلسطينيين"
بي بي سي العربية 27/10/2009.
(52)
"Is Water the New Oil"
تقرير موسع لصحيفة الأوبزيرفر
The Observer
اللندنية في 2/11/2008، وسنشير لهذا التقرير في أماكن أخرى من هذه الدراسة.
(53)
"A Devasting Drought Sweep
Across Kenya"
صحيفة النيويورك تايمز في 8/9/2009
(54)
"World Population"
Wikipedia, the free
encyclopedia 2009.
(55)
"World Population
Prospects"
1995 – 2150تقرير
الأمم المتحدة
(56) "
"Norway and Guyana sign
rainforest deal
The Independent
19/11/2009
(57) لقد اعتمدت في كتابة هذا الفصل
على:
أ ـ كتاب: د. سليمان عبد الله (41 ب
أعلاه).
ب ـ كتاب: د. محمد عبد المجيد حسون
الزبيدي (41 ج أعلاه).
ج ـ كتاب: "النهر الدولي: المفهوم
والواقع في بعض أنهار المشرق العربي"
الدكتور صبحي أحمد زهير العادلي /
دراسة دكتوراه. مركز دراسات الوحدة العربية. نيسان 2007.
د ـ
International Rivers /
Wikipedia
هـ ـ
"United Nation 1997
Watercourses Convention and the
Euphrates Tigris
Rivers"
و ـ
"Convention on the law of
Non-navigational uses of International Watercourses" / Wikipedia.
(58) "رداً على البلطجة التركية
والإيرانية: آن الأوان لتدويل قضية دجلة والفرات، وإلاّ فليتحمل أقطاب الحكم
المحاصصة مسؤولياتهم ويستقيلوا".
علاء اللامي