<%@ Language=JavaScript %> د. محمد السعيد ادريس انتصاراً لمصر والثورة والثوار
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 



انتصاراً لمصر والثورة والثوار

 

 

د. محمد السعيد ادريس


الأمر الذى لاشك فيه أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية هو الذى يحكم مصر الآن ومنذ انتصار ثورة الشعب يوم 11 فبراير الماضى، والمجلس الأعلى حدد بنفسه ومنذ اللحظات الأولى لتحمله المسئولية التزامه بأمرين أولهما: أن وجوده على رأس السلطة محدد زمنياً بالفترة الانتقالية التى تنتهى بانتخاب مجلسى الشعب والشورى وانتخاب رئيس جديد للجمهورية, أى بوجود سلطة تشريعية منتخبة ورئيس للجمهورية. وثانيهما، عدم وجود أى أطماع فى السلطة. وهذا الأمر الثانى مرتبط بالأول طالما أن مسئولية المجلس باتت محددة فى أجندة عمل المرحلة الانتقالية بكل تفاصيلها، وهى وإن كانت انتقالية وقصيرة زمنياً إلا أنها مرحلة شديدة الأهمية والخطورة معاً حيث من المفترض أن يتم خلالها انتقال مصر من مرحلة الثورة إلى مرحلة دولة الثورة.
كان واضحاً أيضاً، ومنذ اللحظات الأولى، أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة قبل أن يحمل طواعية أمانة قيادة الثورة، أى أمانة تحقيق الأهداف التى قامت الثورة من أجلها وهى العدل والحرية والكرامة والسيادة الوطنية، أى بناء دولة جديدة تحقق هذه الأهداف؛ ولأن بناء هذه الدولة الجديدة يستلزم التخلص من كل ركام الدولة القديمة، فإن أمانة تحقيق أهداف الثورة كانت تعنى بداهة التخلص أولاً وسريعاً من النظام القديم: رموزه وعصابته وقوانينه ومؤسساته وتحالفاته الإقليمية والدولية، وكانت تعنى بداهة امتلاك خريطة طريق لبناء الدولة والمجتمع المأمولين من أجل تحقيق الأهداف التى قامت الثورة من أجلها، وأساس خريطة الطريق هذه هو الدستور الجديد، إذ لا يمكن أن نبنى المؤسسات الجديدة للحكم دون معالم محددة لهذه المؤسسات، ودون توافق على نظام الحكم الأكفأ الذى تتحقق من خلاله الأهداف، لكن ما حدث فى الواقع، وعلى مدى ما يزيد على خمسة أشهر مضت منذ انتصار الثورة وحتى الآن، جاء مختلفاً بدرجة كبيرة عن كل ما هو متوقع من المجلس والحكومة التى شكلها لأداء المهام المطلوبة مما دفع الثوار إلى النزول مجدداً إلى الميادين دفاعاً عن الثورة.
فإذا كان المجلس الأعلى للقوات المسلحة قد أكد أنه ليست له أطماع فى السلطة والحكم إلا أن الأشهر الخمس الماضية أكدت أن للمجلس انحيازات لأفكار وخيارات أثرت سلبا على دوره فى القيام بمهمته الثنائية: إسقاط النظام القديم وبناء النظام الجديد، كما أكدت أيضاً أن للمجلس انحيازاته السياسية أو فلنقل توافقاته، مع قوى سياسية بعينها دون غيرها ما جعله يبدو وكأنه ليس حكماً بل طرف فى لعبة الصراع السياسى، ومن هنا جاءت الخطورة، فعندما يصبح المجلس طرفاً فى الصراع الدائر الآن حول أجندة العمل الوطنية ومرجحاً ومنحازاً لخيارات سياسية بعينها ولقوى سياسية بعينها فإنه يكشف، دون أن يقصد ربما، عن وجود مصالح سياسية يسعى إلى تحقيقها على عكس ما أكده المجلس عند تسلمه المسئولية.
الخطورة هنا لا تقف عند حدود أن للمجلس مصالح أو حتى أطماعا سياسية بل تمتد إلى ما هو أهم؛ وهو مدى جدية المجلس فى الوفاء بأمانة قيادة الثورة نحو تحقيق الأهداف التى قامت من أجلها والقيام بمهمتى إسقاط النظام القديم وبناء النظام الجديد، مما جعل الكثيرين يتساءلون: ماذا يريد المجلس الأعلى للقوات المسلحة؟ ولكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد بل إن البعض تجاوز وأعلنها صريحة: «كفاية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة»، وأنه «لم يعد هناك مفر من العمل على تأسيس قيادة بديلة للثورة». ولتكن هذه القيادة هى «مجلس رئاسى» يتكون من أربع شخصيات وطنية مدنية مقتدرة مشهود لها بالكفاءة والوطنية والانحياز للثورة يتم اختيارها من التيارات السياسية المصرية الأربعة الرئيسية: الإسلامى والناصرى واليسارى والليبرالى، إضافة إلى أحد القيادات العسكرية يرشحها المجلس الأعلى للقوات المسلحة.
ولحسن الحظ جرى احتواء هذه المطالب سريعاً وجدد الثوار ثقتهم فى المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية، لكنهم طالبوا بأمرين: أولهما: أن يجدد المجلس الأعلى للقوات المسلحة التزامه بقيادة الثورة نحو تحقيق الأهداف ابتداء بالتخلص من النظام القديم ومحاكمة كل المسئولين عن الفساد السياسى والمالى والأمنى وفى مقدمتهم الرئيس السابق ورموز حكمه وكل من قتلوا الثوار وأهانوا كرامة الشعب المصرى وتآمروا على الثورة، وامتداداً إلى وضع أجندة عمل وطنية واضحة ومحددة زمنياً تتضمن الخطوات التى يجرى اتخاذها من الآن وحتى نهاية الفترة الانتقالية؛ أى مرحلة الانتقال من الثورة إلى دولة الثورة. وثانيهما، تشكيل حكومة إنقاذ وطنى من كفاءات وطنية ملتزمة بالثورة ومؤمنة بها، على أن تحدد مهمة هذه الحكومة بوضوح شديد وأن تعطى كل الصلاحيات التى تؤهلها لأداء مهامها الوطنية بكفاءة ونزاهة وبالسرعة اللازمة والمطلوبة، وأن تعطى الأولوية لتحقيق الأمن والاستقرار وحل المشكلات الاقتصادية والمعيشية.
إلى جانب هذين الأمرين فإن المجلس الأعلى مطالب بأن يعود إلى حياديته فى علاقته بجميع القوى السياسية وأن يكون انحيازه للثورة وأهدافها ومن هنا يكون انحيازه لمصر وثورتها، وهذا يقودنا مجدداً إلى دعوة المجلس لمراجعة موقفه من مأزق الدستور أولاً أم الانتخابات أولاً. فإذا كانت بعض الأخطاء قد أدت إلى الوقوع فى هذا المأزق اللعين الذى أساء للجميع فإن المخرج منه يكون بتبنى المجلس وثيقة مبادئ دستورية يجرى الآن العمل من أجل صياغتها بمشاركة كل القوى السياسية تحدد معالم مصر التى نريدها وتكون بمثابة عقد اجتماعى - سياسى جديد بين كل المصريين، وأن تتضمن القيم والمبادئ السياسية التى يجب أن يتضمنها الدستور الجديد، وأن لا يكتفى المجلس بإصدارها أو بإعلان التزامه بها، خشية أن يأتى بعد الانتخابات من يعلن رفضه لهذا الالتزام أو يشكك فيه، والحل يكون بطرح هذه الوثيقة، بعد إصدارها من المجلس الأعلى للقوات المسلحة، للاستفتاء الشعبى كى تكتسب الحصانة والإلزام، وبعدها تبدأ مرحلة الانتخابات التشريعية والرئاسية فى أجواء آمنة سياسياً للجميع، ويكون مسك الختام هو التوجه نحو إصدار الدستور المصرى الجديد وعندها نكون انتصرنا لمصر وللثورة وللثوار

 

http://www.ahram.org.eg/Issues-Views/News/90293.aspx

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا