%@ Language=JavaScript %>
|
لا للأحتلال لا للخصخصة لا للفيدرالية لا للعولمة والتبعية |
|||
---|---|---|---|---|
صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين |
||||
للمراسلة webmaster@saotaliassar.org |
الحزب / النقابة أية علاقة؟ وأية آفاق؟
محمد الحنفي
إلى:
كل حزبي يحرص على احترام المبادئ، والضوابط النقابية.
كل نقابي يلتزم بالمبادئ، والضوابط النقابية.
من أجل علاقة مبدئية بين الحزب، والنقابة.
من أجل نقابة تحترم فيها المبادئ، والضوابط النقابية.
محمد الحنفي
الحزب / النقابة أية علاقة؟ وأية آفاق؟
.....1
تقديم:
تعتبر العلاقة بين الحزب، والنقابة، من الإشكاليات الكبرى التي لا زالت تبحث لها عن مقاربة مقنعة، تجعل المتتبع يعتبر تلك المقاربة صالحة، مما يجعل الحزب ينهج، في ممارسته اليومية، تجاه النقابة، نهجا سليما، يحترم النقابة، ولا يوجهها، ولا يعمل على التأثير فيها، ولا يسعى إلى جعلها جزءا لا يتجزأ من الحزب، لا يعاديها، لقيامها بالفصل النهائي، بين النضال النقابي، والنضال الحزبي.
وهذه المقاربة المقنعة، تكاد تكون غير قائمة في الواقع، على مستوى النظرية، وعلى مستوى الممارسة، لكون معظم الأحزاب، لا تحترم المبادئ النقابية، وخاصة: مبدأ الاستقلالية، سعيا منها إلى جعل النقابة تابعة للحزب، أو حزبية، أو مجرد مجال للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين، إن لم تكن النقابة مستعصية على جميع الأحزاب، بسبب بيروقراطيتها، الضاربة في عمق التنظيم، ومنذ أن حصل ما حصل مع الشهيد عمر بن جلون سنة 1962.
ونظرا لكون الإشكالية لا زالت قائمة حتى الآن، ونظرا لكون جميع المقاربات التي قدمت حتى الآن، لم ترق إلى مستوى جعل إشكالية العلاقة بين الحزب، والنقابة، تتراجع إلى الوراء، في أفق ضمورها، واختفائها إلى الأبد، فإننا سنتناول، في هذا الإطار، موضوع:
) الحزب / النقابة: أية علاقة؟ وأية آفاق؟(.
وسنتناول من خلال معالجتنا لهذا الموضوع:
1 ـ مفهوم الحزب.
2 ـ مفهوم النقابة.
3 ـ علاقة الحزب بالنقابة باعتبارها:
ا ـ علاقة مبدئية.
ب ـ علاقة تبعية.
ج ـ علاقة حزبية.
د ـ علاقة اعتبار النقابة مجالا للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين.
ه ـ انعدام العلاقة بسبب الممارسة البيروقراطية.
4 ـ واقع النقابة:
ا ـ على مستوى الممارسة المبدئية.
ب ـ على مستوى تبعية النقابة.
ج ـ على مستوى حزبية النقابة.
د ـ على مستوى جعل النقابة مجالا للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين.
ه ـ على مستوى بيروقراطية النقابة.
5 ـ آفاق النقابة:
ا ـ الأفق المبدئي.
ب ـ أفق تكريس تبعية النقابة.
ج ـ أفق تكريس حزبية النقابة.
د ـ أفق تكريس الإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين.
ه ـ أفق تكريس الممارسة البيروقراطية.
6 ـ خلاصة عامة.
وفي مقاربتنا للموضوع المشار إليه، بعناصره المذكورة، سنحاول مقاربة الإشكالية النقابية في المغرب، وسنعمل على بسطها، وباللغة الواضحة، التي لا تحتمل التأويل، حتى نعمل على جعل كافة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، يحددون:
ما هي النقابة التي ينخرطون فيها؟
وهل هذه النقابة قامت على مبادئ معينة؟
أم أنها مجرد نقابة تابعة لجهة معينة؟
أم أنها نقابة حزبية؟
أم أنها نقابة بيروقراطية؟
ذلك أن النقابة القائمة على أساس احترام مبادئ العمل النقابي، لا يمكن أن تكون إلا نقابة جاذبة للعاملات، والعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.
والنقابة التابعة تكون موجهة، بما يخدم مصالح الجهة الموجهة، والنقابة الحزبية، لا تمارس إلا ما يقرره الحزب، الذي يقف وراء وجود نقابة حزبية.
والنقابة البيروقراطية، لا تخدم إلا مصالح الأجهزة البيروقراطية.
أما النقابة التي تعتبر مجالا للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين، فإنها تستغل من قبل القيادة النقابية لأجل ذلك.
وفي أفق مقاربتنا، التي لا يمكن أن تكون إلا واضحة، ووافية، والتي نرجو أن تصير مفيدة للنقابيات، والنقابيين، والعاملات، والعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وكل المتتبعين، والمهتمين بالشأن النقابي، نتساءل:
ـ لماذا يعرف المغرب العمل النقابي التحريفي، منذ تأسيس الاتحاد المغربي للشغل؟
ـ لماذا لم يجد العمل التصحيحي، الذي يعرفه العمل النقابي، خلال سنوات استقلال المغرب، استجابة له؟
ـ لماذا لم يعد يجد العمل التصحيحي، من داخل النقابات التحريفية؟
ـ هل لكون النقابات التحريفية، تكتسب مناعة ضد التحريف؟
ـ هل لكون المصححين أنفسهم، يجنحون إلى التحريف، بعد إنشائهم لنقابة جديدة، يدعون أنها منتجة للعمل النقابي الصحيح؟
ـ لماذا تلجأ الأحزاب السياسية، ومنها الرجعية، والمؤدلجة للدين الإسلامي، إلى إنشاء نقابات تابعة لها؟
ـ لماذا تقبل الدولة بنقابات تنشئها أحزاب رجعية، أو مؤدلجة للدين الإسلامي؟
ـ لماذا تعمل، باستمرار، على شرذمة العمل النقابي؟
ـ هل من الممكن بناء نقابة على أساس مبادئ معينة، تصير منتجة للعمل النقابي النضالي، والكفاحي، والصحيح؟
وتساؤلاتنا التي طرحناها أعلاه، تصير غايتنا من طرحها، قبل تناول الأجوبة عليها، في نهاية الموضوع، هي المزيد من الإقناع، والوضوح، فيما نذهب إليه، سعيا إلى الاقتناع بضرورة العمل على بناء نقابة، على أساس الاقتناع بمبادئ العمل النقابي الصحيح، حتى تستطيع أن تمارس قيادة النضال النقابي / الكفاحي، وبقدرة عالية، على تحقيق الوحدة النضالية، والكفاحية للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.
فهل نوفق في تناولنا للموضوع المذكور؟
أم أننا لا زلنا لم ندرك بعد، الميكانزمات المتحكمة في العمل النقابي، حتى نستطيع تفكيكها؟
الحزب / النقابة أية علاقة؟ وأية آفاق؟
.....2
مفهوم الحزب:.....1
إننا عندما نتكلم عن العلاقة بين الحزب، والنقابة، لا بد أن نحدد:
ماذا نريد بالحزب أولا؟
وماذا نريد بالنقابة ثانيا؟
وما هي العلاقة القائمة بين الحزب، والنقابة؟
ولكن قبل ذلك، لا بد من العمل على تحديد مفهوم الحزب.
فالحزب، أي حزب، وكيفما كان هذا الحزب، سواء كان يمينيا، أو وسطيا، أو يساريا، هو تنظيم سياسي، قائم على أساس الاقتناع بأيديولوجية معينة، معبرة عن مصالح طبقية معينة، حتى يستطيع التعبير السياسي عن تلك المصالح، من خلال المواقف التي يتخذها الحزب، من مختلف القضايا: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، من أجل تعبئة الجماهير حول تلك المواقف، والعمل على أجرأتها على أرض الواقع، من جل تحقيق الأهداف الحزبية، المتمثلة، بالخصوص، في وصول الحزب إلى الحكم.
والحزب، أي حزب، وكيفما كان، لا بد له من أسس ثلاثة يقوم عليها، ليتحقق وجوده على أرض الواقع:
الأساس الأيديولوجي، الذي يعتبر شرطا لوجود الحزب، ولاتخاذ المواقف السياسية المتناسبة مع الأيديولوجية، باعتبارها تعبيرا عن المصالح الطبقية، التي يخدمها الحزب.
والأساس الأيديولوجي يختلف من حزب إلى آخر، بعدد الأحزاب، التي تخدم مصالح العديد من الطبقات المتصارعة في المجتمع، من أجل الوصول إلى السلطة. فالحزب الخادم لمصالح الطبقة الإقطاعية له أيديولوجيته، والحزب الخادم لمصالح الطبقة البورجوازية له أيديولوجيته، والحزب الخادم لمصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، له أيديولوجيته.
وتعدد الأيديولوجيات، يقوم بالضرورة على أساس تعدد الطبقات في المجتمع. وهذا التعدد، هو، بالضرورة، أساس لقيام الصراع الأيديولوجي بين الطبقات، من أجل الوصول إلى تسييد أيديولوجية معينة، حتى تصير مؤثرة في غالبية جميع أفراد المجتمع، حتى يصيروا في خدمة حزبها، باعتبارهم مطية للوصول إلى السلطة.
ومعظم الأيديولوجيات المتصارعة في المجتمع، هي أيديولوجيات مضللة، إلا أيديولوجية حزب الطبقة العاملة، القائمة على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية، هي وحدها الأيديولوجية التي تخدم مصالح جميع أفراد المجتمع، عندما تختفي منه الطبقات، ويصير مجتمعا اشتراكيا، تحكمه دولة اشتراكية.
وتجب الإشارة هنا، إلى أن البورجوازية الصغرى، أو الفئات ذات الطبيعة البورجوازية الصغرى، تقتنع ثارة بأيديولوجية الإقطاع، وأخرى بأيديولوجية البورجوازية، وأخرى بأيديولوجية الطبقة العاملة، إن لم تؤلف أيديولوجيتها من مجموع الأيديولوجيات القائمة في المجتمع، أو تعمل على أدلجة الدين، بما في ذلك أدلجة الدين الإسلامي، التي صارت موضة العصر، واكتسحت مجموع بلدان المسلمين، حيث صارت الأيديولوجية المعتمدة من قبل شرائح عريضة من البورجوازية الصغرى، وجميع الأجراء، الحاملين لعقلية البورجوازية الصغرى، الذين صاروا يصلون إلى الحكم على هذا الأساس، كما يحصل في العديد من البلاد العربية، وباقي بلدان المسلمين.
والأساس التنظيمي، الذي يشترط فيه أن يصير منسجما مع الأيديولوجية، التي يقتنع بها المنظمون في حزب معين، الذين يسعون إلى الوصول إلى السلطة، عن طريق تفعيل البرنامج الحزبي، المنسجم، بدوره، مع أيديولوجية الحزب.
والتنظيم الحزبي، هو تنظيم طبقي، يعمل، باسم طبقة معينة، على الوصول على السلطة، من أجل جعل الطبقة المذكورة، وبالطرق القانونية، مستفيدة من الأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.
والتنظيم الحزبي، كذلك، لا بد له من أيديولوجية تنسجم مع طبيعة الطبقة المشكلة له، والمستفيدة من خدماته، كما أنه لا بد له من مواقف سياسية، منسجمة مع طبيعة الأيديولوجية، ومع طبيعة الطبقة المشكلة للحزب، حتى تصير معبرة عن مصالحها، ومحققة لمكاسبها، وعاملة على جعل الحزب يعرف إشعاعا واسعا في صفوف الجماهير الشعبية، مما يساعد، وبشكل كبير، على تسييد أيديولوجيته في المجتمع.
وكما تتعدد الأيديولوجيات، تتعدد التنظيمات الحزبية في المجتمع، أي مجتمع، وخاصة في المجتمع المغربي.
فهناك الحزب الإقطاعي الساعي إلى الوصول إلى السلطة، من أجل إقامة الحكم الإقطاعي، وإعداد القوانين التي تخدم مصالح الإقطاع، وتعمل على تأبيد تلك الخدمة. وحكم حزب الإقطاع يكرس الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، ولا يسعى أبدا إلى تحقيق أي مستوى من مستويات الديمقراطية، بمفهومها الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، لأنه عدو لذوذ للديمقراطية، كما أنه لا يعترف بشيء اسمه حقوق الإنسان: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية.
وهناك الحزب البورجوازي، الساعي، بدوره، إلى الوصول إلى السلطة، لفرض الحكم البورجوازي، والعمل على جعل الدولة في خدمة المصالح البورجوازية، وحماية تلك المصالح، حتى تستمر البورجوازية في الاستفادة من الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، حتى تضمن استمرار قوتها، وقدرتها على الاستمرار في الحكم إلى ما لا نهاية.
والحزب البورجوازي، كان في أصله يسعى إلى تحقيق الديمقراطية، بمفهومها الليبرالي، إلا أنه، ومع ظهور الليبرالية الجديدة، تحالفت مع الإقطاع، وتحولت، هي بدورها، إلى مستعبدة، ومستبدة، إضافة إلى تكريسها للاستغلال الهمجي للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.
وهذا التحالف القائم بين البورجوازية، والإقطاع، على مستوى البلدان المصنفة، سابقا، ضمن البلدان المتخلفة، والتابعة، ومنها المغرب، جعل التناقص بينهما يختلف، وبصفة نهائية، ليحل محله التوافق، والتناسب، على مستوى الممارسة السياسية، والأهداف المتوخاة منها. ولذلك، فالحزب البورجوازي، ذو الطبيعة الليبرالية، لم يعد موجودا، ليحل محله الحزب البورجوازي المتحالف مع الإقطاع.
وإذا كان الحزب البورجوازي ذو الطبيعة الليبرالية، يقتنع بضرورة تحقيق الديمقراطية، بمضمونها الليبرالي، فإن تحوله إلى حزب متحالف مع الإقطاع، حوله إلى حزب معاد للديمقراطية، بمضمونها المذكور، كما أن هذا الحزب يعادي، كذلك، حقوق الإنسان: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، كما هي في الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية، المتعلقة بحقوق الإنسان.
وهناك أحزاب البورجوازية الصغرى، التي نجد من بينها:
أولا: الحزب البورجوازي الصغير، الذي يعتمد أيديولوجية مؤلفة من مختلف الأيديولوجيات: الإقطاعية، والبورجوازية، والعمالية، وغيرها، مما هو قائم في الواقع، حتى لا تصنف في خانة اليمين، أو في خانة اليسار. وبتاء على توليفتها الأيديولوجية، نجد أنها تتخذ، كذلك، مواقف سياسية، تتناسب مع توليفتها الأيديولوجية، حتى تبقى وسطية، لا تعبر لا عن اليمين، ولاعن اليسار.
وهذا الحزب البورجوازي الصغير، يدعي أنه يناضل من أجل الديمقراطية، ولكن مضمون هذه الديمقراطية، لا يصير واضحا في البرامج الحزبية، ويدعي أنه يناضل من أجل حقوق الإنسان، ولكنه لا يحسم في مرجعية هذه الحقوق.
ثانيا: الحزب البورجوازي الصغير، المؤدلج للدين الإسلامي، الذي يستغل الدين في الأمور الأيديولوجية، والسياسية، وصولا إلى تضليل المسلمين، وجميع أفراد المجتمع، حتى ينساقوا وراءه من أجل استغلالهم، في الوصول إلى السلطة، بدعوى العمل على تطبيق الشريعة الإسلامية.
والحزب البورجوازي الصغير، المؤدلج للدين الإسلامي، لا يقتنع لا بالديمقراطية، ولا بحقوق الإنسان، بقدر ما يستغلهما للوصول إلى الحكم، من أجل استغلاله، لتحقيق التطلعات الطبقية للبورجوازية الصغرى، المؤدلجة للدين الإسلامي، التي تدعي أن هدفها الأساسي: هو تطبيق الشريعة الإسلامية.
وإلى جانب ما ذكرنا، فحزب البورجوازية الصغرى، المؤدلج للدين الإسلامي، عندما يسعى إلى الوصول إلى الحكم، إنما يسعى إلى ذلك، من أجل تكريس الاستبداد القائم، كما هو حاصل في المغرب، أو من أجل السعي إلى فرص استبداد بديل، كما حصل في تونس، وفي مصر. وهو ما يعني أن على الشعوب أن لا تنتظر من الحزب البورجوازي الصغير، المؤدلج للدين الإسلامي، أن يعمل على تحقيق الديمقراطية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وأن يحترم حقوق الإنسان، كما هي في المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.
الحزب / النقابة أية علاقة؟ وأية آفاق؟
.....3
مفهوم الحزب:.....2
والحزب المتبني لأيديولوجية الطبقة العاملة، القائمة على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية، والساعي إلى الوصول إلى السلطة، من أجل أجرأة التحرير، والديمقراطية، وبناء الدولة الاشتراكية، على عملية تحويل ملكية وسائل الإنتاج، من الملكية الفردية إلى الملكية الجماعية.
وهذا الحزب، هو الحزب المعروف بحزب الطبقة العاملة، المنتجة للخيرات المادية، والمعنوية، والمحرومة من كافة حقوقها، التي تضمنها جميع المواثيق الدولية، المتعلقة بحقوق الإنسان، وحقوق الأجراء، والعمال، وسائر الكادحين. وهو حزب يجمع، في جدلية متكاملة، بين النضال من أجل التحرير، والنضال من أجل الديمقراطية والنضال من أجل الاشتراكية.
ولذلك، فحزب الطبقة العاملة، وجد في الأصل من أجل:
1 ـ تحرير الإنسان، والأرض، من الاحتلال الأجنبي المباشر، وغير المباشر، والاستعباد، والاستبداد، والاستغلال. وبالنسبة للمغرب، فحزب الطبقة العاملة، يناضل من أجل استكمال تحرير الأرض، وتحقيق الوحدة الترابية، ووحدة الشعب المغربي.
2 ـ تحقيق الديمقراطية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، إلى جانب العمل المستمر، على تحقيق احترام حقوق الإنسان، كما هي في المواثيق الدولية، المتعلقة بحقوق الإنسان، كجزء لا يتجزأ من الممارسة الديمقراطية، في حال تحققها.
3 ـ العمل على تحقيق الاشتراكية، كوسيلة، وكهدف، كما وصفها الشهيد عمر بنجلون، عن طريق توظيف قوانين الاشتراكية العلمية: المادية الجدلية، والمادية التاريخية، من أجل التحليل الملموس، للواقع الملموس، وصولا إلى معرفة القوانين المتحكمة في تكريس الواقع القائم، والعمل على تفكيكها، وصولا إلى امتلاك نظرية كاملة عن الواقع، تمكن من العمل على تغييره تغييرا جذريا، يقود إلى تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية.
وإلى جانب الأحزاب التي ذكرنا، نجد، كذلك، ما يمكن تسميته ب:
1 ـ الحزب اليميني المتطرف، المغرق في الظلامية، والساعي إلى فرض إرادته على الشعب، بقوة الإرهاب المادي، والمعنوي، مستغلا في سبيل ذلك، كل الإمكانيات المتوفرة، بما فيها استغلال الدين، وبأبشع صور الاستغلال المحرفة له، والمشوهة لقيمه الأصيلة.
2 ـ الحزب اليساري المتطرف، الساعي إلى فرض إرادته، كذلك، بقوة الإرهاب المادي، والمعنوي، مستغلا في سبيل ذلك، الرموز التاريخية، التي تعتبر جزءا لا يتجزأ من التراث الاشتراكي.
وهكذا، يتبين أن الأساس التنظيمي، القائم على أساس الأيديولوجية، متعدد تعدد الأيديولوجيات، المترتبة عن تعدد الطبقات الاجتماعية، وتعدد التوجهات، في إطار الأيديولوجية الواحدة, وهذا التعدد، يصير واضحا في البلدان المتقدمة، والمتطورة، إلا أنه بالنسبة للبلدان ذات الأنظمة التابعة، ومنها المغرب، يصير غير واضح، بسبب افتقار شعوب هذه البلدان إلى الوضوح الطبقي، والأيديولوجي، مما يجعل التنظيمات، والتوجهات السياسية، تعرف شيئا من الهلامية.
والأساس السياسي، الذي يشترط فيه أن يصير منسجما مع طبيعة التنظيم، ومع طبيعة الأيديولوجية التي يقتنع بها، حتى يصير معبرا عن مصالح الطبقة التي يمثلها.
فالموقف السياسي للحزب الإقطاعي، يعبر عن مصالح الطبقة الإقطاعية، المتمثلة في تأبيد الاستبداد القائم، وفي كون ذلك الاستبداد، يخدم مصالح الإقطاع التقليدي، والجديد، ويحمي تلك المصالح.
والموقف السياسي للحزب البورجوازي، يسعى إلى خدمة مصالح الطبقة البورجوازية، ويعمل على حماية تلك المصالح، في ظل قيام الدولة البورجوازية، التي تدعي الديمقراطية، التي لا يمكن وصفها إلا بديمقراطية الواجهة، وبعمق استبدادي، نظرا لكون الاستبداد، هو الوسيلة لحماية المصالح البورجوازية، وضمان استمرار خدمة تلك المصالح، وخاصة في ظل التحالف الذي يقوم بين البورجوازية، والإقطاع، الذي يقوم غالبا في البلدان ذات الأنظمة التابعة، ومنها المغرب.
والموقف السياسي لحزب البورجوازية الصغرى، الهادف إلى إنضاج الشروط الموضوعية، التي تساعد على تحقيق التطلعات الطبقية، التي تعتبر هاجسا مركزيا، يحكم مجمل ممارسات البورجوازية الصغرى، مما يجعل مواقف حزبها السياسي، تنصب على مناهضة كل ما يحول دون قيامها بتحقيق تلك التطلعات، التي تدفع في اتجاه جعل المواقف السياسية، لحزب البورجوازية الصغرى، تتملق للبورجوازية الكبرى، وأحزابها، في ظروف الرخاء، وتتملق العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، في ظروف الشدة، نظرا لتذبذب المواقف السياسية، التي يتخذها حزب البورجوازية الصغرى.
وإذا كان حزب البورجوازية الصغرى، يعتمد توليفة من مختلف الأيديولوجيات، لتكون مواقفه السياسية متذبذبة كذلك، فإن حزب بورجوازية صغرى آخر، يقوم على أساس أدلجة الدين الإسلامي، يحسم مع التذبذب في مواقفه السياسية، تبعا لحسمه مع التذبذب على المستوى الأيديولوجي، بسعيه إلى جعل سياسيته متوجهة نحو استعادة الماضي، والسعي إلى إعادة إنتاج تشكيلة ذلك الزمن، كما يتصورها مؤدلجو الدين الإسلامي، لتصير مواقفه السياسية ذات لباس إسلامي.
والموقف السياسي لحزب الطبقة العاملة، باعتباره حزبا يسعى إلى تحقيق الاشتراكية، يجب أن ينسجم مع طبيعة التنظيم، ومع طبيعة الأيديولوجية، القائمة على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية، حتى يصير موقفا علميا مؤثرا في الواقع، وفاعلا فيه، ومعبئا للجماهير الشعبية الكادحة، التي ينتظر منها أن تساهم بنضالاتها الهادفة إلى التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.
فمواقف حزب الطبقة العاملة، القائمة على أساس التحليل الملموس، للواقع الملموس، هي مواقف علمية، رائدة، وتستطيع أن تخلق دينامية في المجتمع، مما يجعل الممارسة السياسية، متقدمة، ومتطورة. وهو ما يجعل الطبقة الحاكمة، والأحزاب الإقطاعية، والبورجوازية، والمؤدلجة للدين الإسلامي، واليمينية المتطرفة، واليسارية المتطرفة، تتحالف فيما بينها، ضد حزب الطبقة العاملة، وتعمل على محاصرة مواقفه، عن طريق التضليل الممنهج، وتشويه سمعة الحزب، ووصف المنتمين إليه بالكفار، والملحدين، لاستعداء الجماهير الشعبية عليه، من أجل إقامة الحدود بينه، وبين الجماهير الشعبية الكادحة.
والموقف السياسي للحزب اليميني المتطرف، الذي يسعى إلى تكريس الإرهاب المادي، والمعنوي، ضد المجتمع برمته، من أجل فرض الاستبداد البديل، للاستبداد القائم، وباسم الدين الإسلامي، الذي يقولون عنه إنه دين سمح، حتى يصير المجتمع خاضعا بقوة الرعب، والإرهاب، وتحت طائلة سلطة الدين، الذي يتحول إلى دين للإرهاب.
والموقف السياسي لليسار المتطرف، الذي يعتمد نفس الأسلوب، الذي يسلكه اليمين المتطرف، ولكن عن طريق المزايدة على حزب الطبقة العاملة بالخصوص.
ومن خلال ما رأينا، يتبين أن المواقف السياسية، للأحزاب القائمة في الواقع، تتعدد بتعدد الأحزاب، وتجسد الصراع القائم فيما بينها، وتستهدف في معظمها تضليل الجماهير الشعبية الكادحة، حتى تنساق وراء تلك الأحزاب، باستثناء حزب الطبقة العاملة، الذي ينهج سياسة الحقيقة، ولا شيء غير الحقيقة، لأن السياسة الحقيقية، هي سياسة الحقيقة، كما قال الشهيد المهدي بنبركة.
وبالأساس السياسي، نكون قد أتينا على مناقشة مجموع الأسس، التي يقوم عليها الحزب السياسي، لنصل إلى أن الحزب السياسي، كمفهوم، لابد له من أسس أيديولوجية، وتنظيمية، وسياسية، تمكنه من القيام بدوره في الواقع، الذي يتواجد فيه، انطلاقا من برامج مرحلية محددة، لتحقيق أهداف إستراتيجية، تمكن من الوصول إلى السلطة، والشروع في أجرأة تصوره لما يجب أن يكون عليه المجتمع، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، إما لخدمة مصالح الطبقة، أو مصالح التحالف الطبقي الحاكم، أو مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.
الحزب / النقابة أية علاقة؟ وأية آفاق؟
.....4
مفهوم النقابة:
وبعد مناقشتنا لمفهوم الحزب، وللأسس التي يقوم عليها، ننتقل إلى مناقشة مفهوم النقابة، باعتبارها تنظيما جماهيريا، مختلفا عن تنظيم الحزب، على جميع المستويات.
فالنقابة، لا أيديولوجية لها، وتنظيمها يختلف عن تنظيم الحزب، ومبادئها ليست هي مبادئ الحزب، ولا تتخذ مواقف سياسية، ومواقفها التي تعلن عنها تختلف عن مواقف الحزب، وبرامجها تسعى إلى تحسين الأوضاع المادية، والمعنوية للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، في الوقت الذي نجد فيه أن برامج الحزب المرحلية، والإستراتيجية، تهدف إلى الوصول إلى السلطة.
وإذا كان الحزب يعبر عن مواقفه السياسية، تجاه مختلف القضايا، فإن النقابة لا تتجاوز في مطالبها، وفي برامجها، وفي نضالاتها، أن تربط ربطا جدليا بين النضال النقابي، والنضال السياسي.
وانطلاقا من هذه المقارنة البسيطة، التي قمنا بها، نجد أن النقابة مختلفة عن الحزب، على هذا الأساس، الذي يقوم عليه التنظيم، وعلى مستوى التصور التنظيمي، وعلى مستوى البرامج، وعلى مستوى المواقف، وعلى مستوى الأهداف.
ونظرا للاختلاف القائم بين النقابة، والحزب، فإن النقابة لا يمكن أن تكون إلا تنظيما جماهيريا، له أساسه التنظيمي، وله تصوره، وله برامجه، وله مواقفه، وله أهدفه. وكل ذلك يختلف على مستوى الشكل، وعلى مستوى المضمون، عن كل ما يخص الحزب، أيديولوجيا، وتنظيميا، وسياسيا.
ولذلك، فالنقابة تنظيم خاص بالعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وبطبيعة مركزية، أو قطاعية: محلية، أو إقليمية، أو جهوية، أو وطنية، يقوم على أساس الحاجة إلى وجوده، من أجل قيادة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، في نضالاتهم المطلبية، والعمل على تحقيق تلك المطالب، والدفاع عن مصالحهم، وحماية مكتسباتهم المادية، والمعنوية، انطلاقا من برامج نقابية، تعدها الهيئات التقريرية، وصولا إلى تحقيق الأهداف المسطرة، والمتمثلة، بالخصوص، في تحسين الأوضاع المادية، والمعنوية للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.
والأساس الذي تقوم عليه النقابة، ليس هو الأيديولوجية، التي يقوم عليها الحزب، بل هو حاجة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، إلى تنظيم يقود نضالاتهم، في أفق تحقيق مطالبهم، وحماية مكتسباتهم، والدفاع عن مصالحهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.
ومبادئ النقابة، تختلف عن مبادئ الحزب، وتعتبر من مبادئ العمل الجماهيري، التي تختلف من تنظيم جماهيري، إلى تنظيم جماهيري آخر.
وكيفما كان الأمر، فإن مبادئ العمل النقابي، هي جزء من مبادئ العمل الجماهيري، وليست كلها. وهي تتمثل في:
1 ـ مبدأ الديمقراطية، التي تتخذ لها مستويين:
ا ـ مستوى الحرص على اعتماد الديمقراطية الداخلية، في الممارسة اليومية، على مستوى اختيار الأجهزة التنفيذية، والتقريرية، في مستوياتها المختلفة، وعلى مستوى تنفيذ المهام، وعلى مستوى اتخاذ القرارات، من أجل أن تتجنب النقابة كافة أشكال الصراع الداخلي، الذي يعرقل العمل النقابي، ومن أجل أن يتم قطع الطريق أمام الممارسات البيروقراطية، والانتهازية، والتحريفية المسيئة للنقابة، وللعمل النقابي.
والحرص على اعتماد الديمقراطية الداخلية، يقتضي الالتزام باحترام المبادئ النقابية، والضوابط التنظيمية، كما يقتضي احترام ضوابط النظام الداخلي، والأساسي، للتنظيم النقابي، بما في ذلك احترام مواعيد إعادة الهيكلة... إلخ.
ب ـ مستوى المساهمة في النضال، من أجل تحقيق الديمقراطية في المجتمع، وبمضامينها: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ومن أجل احترام حقوق الإنسان، كما هي في المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. ومساهمة النقابة في النضال الديمقراطي، يقتضي منها الانخراط، في كل عمل تنسيقي، أو تحالفي، أو جبهوي، يهدف إلى فرض تحقيق الديمقراطية في المجتمع، بما في ذلك الانخراط في الجبهة الوطنية للنضال من أجل الديمقراطية.
2 ـ مبدأ التقدمية، بمفهومها النقابي، الهادف إلى التحسين المستمر، للأوضاع المادية، والمعنوية، وإلى فرض احترام الديمقراطية الداخلية، والضوابط التنظيمية للنقابة، وإلى تربية العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، على احترام الممارسة الديمقراطية في المجتمع، وإلى الربط الجدلي بين النضال النقابي، والنضال السياسي في المجتمع، مما يجعل النقابة وسيلة لبث الوعي بالأوضاع المادية، والمعنوية للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذي يصير مقدمة للوعي بالأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وبأهمية النضال النقابي، والانخراط في التنسيق مع النقابات المختلفة، والربط الجدلي بين النضال النقابي، والنضال السياسي، والانخراط في الجبهة الوطنية للنضال من أجل الديمقراطية، حتى تصير تقدمية النقابة، مصدرا للتطور المستمر للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، في أفق الارتقاء بالوعي بالأوضاع المادية، والمعنوية، إلى مستوى الوعي الطبقي، الذي يمكن من الوعي بالذات، ومن الانخراط في النضال السياسي، من بابه الواسع، وفي الصراع الطبقي، بمضمونه الأيديولوجي، والتنظيمي، والسياسي، سعيا إلى التحرير، بعد القضاء على الاستعباد، وفرض الديمقراطية، بعد القضاء على الاستبداد، وتحقيق الاشتراكية، بعد تحويل الملكية الفردية لوسائل الإنتاج، إلى ملكية جماعية.
وإذا كان مبدأ التقدمية، لا ينقل مستوى وعي العمال إلى مستوى الوعي الطبقي، بمعناه العلمي، فإنه يتحول إلى مجرد ادعاء، لمجرد الاستهلاك، ليس إلا.
3 ـ مبدأ الجماهيرية، الذي يقتضي انفتاح النقابة على مجموع العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من أجل انتظامهم في النقابة، ومساهمتهم في بناء ملفاتهم المطلبية، وفي صياغة برامج النقابة، وفي تنفيذ تلك البرامج على أرض الواقع.
فمبدأ الجماهيرية، يجب أن يكون سدا منيعا ضد تحكم النخبة في النقابة، وضد الممارسة البيروقراطية، والانتهازية، وتبعية النقابة لجهة معينة، أو حزبيتها، أو جعلها مجرد مجال للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين، لأنه بدون ترسيخ مبدأ الجماهيرية، في الممارسة النقابية، تطفو الأمراض المذكورة، التي تفسد النقابة، والعمل النقابي. وهو ما يترتب عنه اعتبار مبدأ الجماهيرية، حصانة للنقابة، ضد كل الأمراض المذكورة، وحماية لها منها، وسعيا دائما إلى تطور، وتطوير النقابة: تنظيميا، وبرنامجيا، ونضاليا، وإلى المحافظة على الهوية الكفاحية للنقابة.
4 ـ مبدأ الاستقلالية، الذي يحصن النقابة، ضد التبعية لجهة معينة، وضد الحزبية، وضد صيرورة النقابة مجالا للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين، وضد جميع الممارسات التحريفية، بما في ذلك البيروقراطية، والانتهازية.
فمبدأ الاستقلالية، هو الحصن الأساسي للنقابة، وهو العامل الأساسي في جعل النقابة مفتوحة في وجه العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وبدونه تسقط النقابة في فخ التحريفية، التي تتخذ مظاهر متعددة، والتي من بينها: تحكم النخبة في أجهزتها المختلفة، والذي يصير مقدمة للممارسة البيروقراطية، والانتهازية، وكل أشكال التحريف الأخرى. وهو ما يجعل الحرص على احترام مبدأ الاستقلالية، يكتسي أهمية خاصة.
5 ـ خامسا: مبدأ الوحدوية، الذي يعني الحرص الدائم على وحدة العمل النقابي، في الميدان الذي يعتبر شرطا لقيام وحدة المطالب، ووحدة البرنامج، ووحدة الأهداف، ووحدة التنظيم، ولو في شكل تنسيق، أو تحالف، أو جبهة نقابية.
والمستفيد الأول من مبدأ الوحدوية، هم العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين يتقوون بالوحدة النقابية، في مستوياتها المختلفة، مما يجعلهم يفرضون تحقيق مطالبهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، بالعمل النقابي الوحدوي، وخاصة في بلد كالمغرب، حيث يعرف العمل النقابي تمزقا خطيرا، ينعكس سلبا على النقابة، وعلى العمل النقابي، وعلى العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين صاروا يفتقدون ثقتهم في النقابات، التي تتفشى في صفوف مسؤوليها، الممارسات التحريفية المختلفة، بما في ذلك الممارسات الانتهازية، التي يسعى ممارسوها إلى خدمة مصالحهم الخاصة.
والنقابة التي تحرص على احترام المبادئ، التي أشرنا إليها، لا يمكن وصفها إلا بالنقابة المبدئية، أما النقابة التي لا تحترمها لا يمكن أن تكون إلا نقابة تحريفية، والفرق شاسع بين النقابة المبدئية، والنقابة التحريفية.
والعلاقة بين مبادئ العمل النقابي، هي علاقة جدلية.
فالديمقراطية تتفاعل مع التقدمية، والجماهيرية، والاستقلالية، والوحدوية.
وما قلناه في الديمقراطية، نقوله في أي مبدإ آخر، على مستوى التفاعل مع المبادئ الأخرى. وهو ما يجعلها تتطور باستمرار، وتطورها آت من الحاجة الملحة إلى تطور، وتطوير، العمل النقابي، في إطار النقابة المبدئية، حتى تصير منسجمة مع التطور الحاصل في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي؛ لأن النقابة نفسها، إذا لم تدخل في علاقة جدلية مع الواقع، تصير متخلفة عنه. وتخلفها هو الذي يدفعها إلى تكريس كافة أشكال التحريف، التي لم تعد مقبولة، نظرا للتحولات التي يعرفها العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.
وهكذا، نصل إلى أن مناقشتنا لمفهوم النقابة، اقتضى منا الوقوف على المبادئ، التي تعطيه المدلول الصحيح. إلا أن عدم احترام المبادئ التي أتينا على ذكرها، أنتج نقابات، لا وجود فيها لشيء اسمه المبادئ النقابية، والتي لا يمكن اعتبارها نقابات، إلا من باب التجاوز. وهذا النوع من النقابات، هو الذي نسميه ب:
1 ـ النقابة التي تصير تابعة إما للنظام القائم، أو لأي حزب من الأحزاب، الذي تتلقى منه التوجيه، الذي تخضع له في ممارستها اليومية، من أجل خدمة مصالح الجهة الموجهة.
2 ـ النقابة الحزبية، التي تخضع لتنفيذ البرامج الحزبية، الخاصة بالنقابة الحزبية، التي تتحول إلى واجهة حزبية، في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.
3 ـ النقابة المجال للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين، يصير رهن إشارة النقابة، التي تغذيه، وتتحكم فيه.
4 ـ النقابة التي تبقى رهن إشارة البيروقراطية، التي تتحكم في مسارها، على جميع المستويات التنظيمية.
وهذه النقابات اللا مبدئية، لا يمكن أن تصير إلا نقابات تحريفية، ولا علاقة لها بالعمل النقابي الصحيح.
الحزب / النقابة أية علاقة؟ وأية آفاق؟
.....5
علاقة الحزب بالنقابة:,,,,,1
وبعد مناقشتنا لمفهوم الحزب، ومفهوم النقابة، اللذين تبين من خلال تناولهما: أن الحزب ليس هو النقابة، وأن النقابة ليست هي الحزب، نظرا لاختلاف المنطلقات، ولاختلاف الشكل التنظيمي، ولاختلاف البرامج، ولاختلاف الأهداف، إلا أن هذا الاختلاف، لا ينفي قيام العلاقة بين الحزب، والنقابة.
فما مفهوم العلاقة؟
وما مفهوم العلاقة بين الحزب، والنقابة؟
وما طبيعة هذه العلاقة القائمة في الواقع؟
وكيف يجب أن تصير هذه العلاقة؟
وما هي الشروط المتوفرة لبناء علاقة موضوعية بين الحزب، والنقابة؟
وما العمل من أجل حماية العلاقة الموضوعية بينهما؟
ومن يقف وراء إفساد العلاقة بينهما؟
هل هو الحزب؟
هل هي النقابة؟
كيف نحارب فساد العلاقة بين الحزب والنقابة؟
وما العمل من أجل التخلص من فساد العلاقة بينهما؟
وقبل أن ندخل في مناقشة علاقة الحزب بالنقابة، لا بد من الوقوف على مفهوم العلاقة أولا، والتي تعني الارتباط الإرادي، أو القسري، بين شخصين، أو بين منظمتين، أو بين دولتين، بهدف القيام بعمل مشترك، لتحقيق أهداف معينة.
وهذه العلاقة، عندما تكون إرادية، تتحقق فيها المساواة بين الطرفين المعنيين بالعلاقة، التي تصير وسيلة للقيام بعمل مشترك، لتحقيق الأهداف المشتركة بينهما، سواء تعلق الأمر بين شخصين، أو بين منظمتين، أو مجموعة من المنظمات، أو بين دولتين، أو مجموعة من الدول.
والعلاقة عندما تكون إرادية، تكون محكومة بالاحترام المتبادل بين الأطراف المعنية بالعلاقة: أفرادا، أو منظمات، أو دولا.
والعلاقة، كذلك، لا تكون إلا من أجل القيام بعمل مشترك، لتحقيق أهداف مشتركة، ولخدمة مصالح الطرفين، أو الأطراف المعنية بالعلاقة على المدى القريب، والمتوسط، والبعيد.
وعلاقة من هذا النوع، لا تكون إلا مبدئية، والمبدئية لا تعني إلا احترام المبادئ المعتمدة، في التعامل بين الجهات المعنية بالعلاقة. وهو ما يضمن استمرارها، وتطورها، على مستوى العمل المشترك، وعلى مستوى الأهداف، وعلى مستوى تبادل الخبرات، وغير ذلك مما له علاقة بالأطراف المعنية بالعلاقة.
أما مفهوم العلاقة بين النقابة، والحزب، فإنها يفترض فيها أن تقوم بين منظمتين مختلفتين شكلا، ومضمونا، وعلى أساس الاحترام المتبادل بين النقابة، والحزب، نظرا للاختلاف القائم بينهما، على مستوى المنطلقات، وعلى مستوى طبيعة التنظيم، وعلى مستوى البرامج، وعلى مستوى الأهداف.
وأهم ما يجب أن يميز علاقة النقابة بالحزب، هو احترام:
1 ـ كون العلاقة قائمة على أساس احترام التعامل الديمقراطي بين النقابة، والحزب.
2 ـ كون النقابة مستقلة عن الحزب، الذي لا يمكن له أبدا أن يتدخل في شؤون النقابة.
3 ـ كون النقابة ذات طبيعة جماهيرية، يمكن لكافة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، أن ينتظموا فيها، في الوقت الذي نجد فيه أن الحزب لا ينتظم فيه إلا المقتنعون بأيديولوجيته، وبتصوره التنظيمي، وبخطه السياسي.
4 ـ كون النقابة، في أهدافها، لا تتجاوز تحسين الأوضاع المادية، والمعنوية للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بهدف التقليص من حدة الاستغلال المادي، والمعنوي، في الوقت الذي نجد فيه أن الحزب يسعى إلى الوصول إلى السلطة.
5 ـ كون النقابة تقدمية، إذا لم تكن خاضعة لجهة رجعية، بينما نجد أن الحزب قد يكون تقدميا، وقد يكون رجعيا، وقد يكون وسطيا، وفي حالة تقدمية الحزب، فإن مضامين تقدميته، تختلف عن مضامين تقدمية النقابة.
6 ـ كون النقابة تسعى إلى وحدة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، تنظيميا، ومطلبيا، وجماهيريا، ونضاليا، وبرنامجيا، وغير ذلك، من أجل أن يمتلكوا القوة، لفرض الاستجابة إلى المطالب المادية، والمعنوية للنقابة.
7 ـ كون النقابة بدون أيديولوجية تتأسس عليها، في الوقت الذي لا بد فيه من أيديولوجية معينة، يتأسس عليها الحزب.
8 ـ كون النقابة، في حالة احترام ديمقراطيتها، وتقدميتها، وجماهيريتها، واستقلاليتها، ووحدويتها، تستطيع الربط الجدلي بين النضال النقابي، والنضال السياسي، في الوقت الذي نجد فيه أن الحزب لا يناضل إلا سياسيا.
وفي حالة الإخلال بهذه العلاقة، فإن النقابة تصير إما:
1 ـ تابعة لجهة معينة، تملي عليها ما تقوم به، في ممارستها اليومية، من أجل خدمة مصالح تلك الجهة، التي قد تكون أجهزة الدولة، أو قد تكون حزبا معينا، يسعى إلى النفاذ إلى صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، عن طريق النقابة الموجهة.
2 ـ حزبية، ينشئها حزب معين، حتى تقوم بتفعيل برامجه، في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من أجل أن يصير ذلك وسيلة لجعل الحزب يصل إلى السلطة.
3 ـ بيروقراطية، تخضع لما تقرره أجهزتها البيروقراطية، بهدف خدمة مصالح تلك الأجهزة، ومصالح الجهات المتحالفة معها.
والفرق واضح ،بين احترام ما تستوجبه العلاقة بين الحزب، والنقابة، وبين تحريف تلك العلاقة، عن طريق تحريف الممارسة النقابية برمتها، لتصير شيئا آخر، غير النقابة.
وبعد وقوفنا على العلاقة بين الحزب، والنقابة، ننتقل إلى مناقشة طبيعة العلاقة بينهما، التي تتخذ أشكالا مختلفة، ومتجددة:
الشكل الأول: سيادة الاحترام، والدعم المتبادل بين الحزب، والنقابة، على مستوى المنطلقات، وعلى مستوى المطالب، وعلى مستوى البرامج، وعلى مستوى الاحترام القائم، هو الذي يجعل النقابة متحررة، في اختيارها لشكلها التنظيمي، ولصياغة مطالب العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ولوضع البرامج النضالية، ولتنفيذ تلك البرامج على أرض الواقع. وهذا التحرر، هو الذي يفسح المجال من أجل الربط الجدلي بين النضال النقابي، والنضال السياسي، ويمكن من التنسيق بين النقابة، وباقي النقابات، من أجل القيام بعمل مشترك معين، لتحقيق أهداف مشتركة معينة، بالإضافة إلى الانخراط في العمل النضالي اليومي.
الشكل الثاني: بناء النقابة على أساس تبعيتها إما لأجهزة الدولة، أو لحزب معين، مما يجعلها موجهة، وخاضعة للجهة الموجهة، وفي خدمة مصالحها، عن طريق حشد العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، لأجل ذلك.
الشكل الثالث: أن تصير النقابة حزبية، ينشئها حزب معين، من أجل أن تعمل على تنفيذ برامجه في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، حتى يتأتى للحزب أن يجد له أتباعا، ومحيطا جماهيريا في صفوفهم.
الشكل الرابع: أن تبنى النقابة على أساس صيرورتها مجالا للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين، يصير تابعا لها، ورهن إشارتها.
الشكل الخامس: بناء النقابة على أساس خضوع قواعدها لما تقرره القيادة البيروقراطية، المتحكمة في كل شيء.
وإذا استثنينا الشكل الأول، فإن باقي الأشكال التنظيمية، ليست مبدئية، ولا تستطيع الانخراط في أي شكل من أشكال التنسيق، أو التحالف، أو الجبهة، إلا بإرادة الجهة الموجهة، أو الحزبية، أو العاملة على استغلال النقابة، لإنشاء حزب معين، أو البيروقراطية، كما لا تستطيع الربط الجدلي بين النضال النقابي، والنضال السياسي.
والواقع، أن العلاقة القائمة بين الحزب، والنقابة، يجب أن تصير قائمة على احترام استقلالية النقابة، عن أية جهة كانت، وعلى الدعم المتبادل بين الحزب، والنقابة، وعلى إيجاد قواسم مشتركة بينهما، تعطي إمكانية القيام بعمل مشترك، ينعكس إيجابا على خدمة مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من أجل تحقيق الأهداف المشتركة بين الحزب، والنقابة، وما سوى هذه العلاقة، يدخل في إطار العمل على تحقيق التحكم المطلق، في الحركة النقابية، عن طريق التوجيه، أو التحزيب، أو الإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين، أو الممارسة البيروقراطية.
الحزب / النقابة أية علاقة؟ وأية آفاق؟
.....6
علاقة الحزب بالنقابة:,,,,,2
وفيما يخص الشروط الموضوعية، المساعدة على بناء علاقة موضوعية سليمة، بين الحزب، والنقابة، نجد أن هذه الشروط تكاد تكون مفتقدة في البلاد العربية، وخاصة في المغرب، حيث نجد أن الحزب يسعى، باستمرار، إلى جعل النقابة تابعة له، أو ينشئ نقابته الحزبية، أو يعمل بعض الحالمين بإنشاء حزب معين، انطلاقا من النقابة. وهذه الممارسات، ذات الطابع الحزبي، هي التي تجعل العلاقة بين الحزب، والنقابة، غير سليمة.
والشروط الموضوعية، التي تجعل العلاقة بين الحزب، والنقابة، خالية من كل أشكال التحريف، التي يجب العمل على إنضاجها، تتمثل في:
1 ـ شرط الاحترام المتبادل بين النقابة، والحزب، على جميع المستويات.
2 ـ شرط التربية على الديمقراطية في الحزب، وفي النقابة، على حد سواء، حتى تبنى العلاقة مع الآخر، على أسس ديمقراطية.
3 ـ شرط الاحترام المتبادل للمبادئ الحزبية، والمبادئ النقابية، على حد سواء.
4 ـ الاهتمام المشترك بين الحزب، والنقابة، بالعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، حتى يتم التوافق بين الحزب، والنقابة، في الميدان الجماهيري.
5 ـ وجود قواسم مشتركة بين البرنامج الحزبي، والبرنامج النقابي، يمكن أن يعتمد في القيام بالعمل المشترك، من أجل تحقيق الأهداف المشتركة.
6 ـ كون الحزب حزبا للطبقة العاملة، أو حزبا تقدميا، أو يساريا، أو ديمقراطيا، حتى يصير برنامجه النضالي، في خدمة البرنامج النضالي للنقابة، ومن أجل أن يصير البرنامج النضالي للنقابة، في خدمة البرنامج النضالي للحزب.
7 ـ كون أيديولوجية الحزب، معبرة عن مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، أو توجد بينها، وبين الأيديولوجية المعبرة عن مصالحهم، قواسم مشتركة.
8 ـ كون البرنامج الحزبي، يخدم مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، في حالة تحقق بنوده، أو بعضها.
9 ـ كون الأهداف الإستراتيجية للحزب، في حالة وصوله إلى السلطة، تحقق تحرير الأرض، والإنسان، والديمقراطية، وتضع حدا للاستغلال المادي، والمعنوي للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، في إطار تحقيق الاشتراكية.
10 ـ كون النضال النقابي، في إطار النقابة، التي تحترم في إطارها مبادئ العمل النقابي، يساهم في إعداد الشروط الموضوعية، لتفعيل الحزب الديمقراطي، أو التقدمي، أو اليساري، أو العمالي.
ومعلوم أن إنضاج هذه الشروط، وغيرها، مما لم نذكر، في واقع معين، وخاصة في الواقع المغربي، يؤدي إلى ترسيخ العلاقة المبدئية السليمة بين الحزب، والنقابة، وترسيخ هذه العلاقة، يؤدي إلى قوة الحزب، وقوة النقابة، وقوة الحزب الديمقراطي، أو التقدمي، أو اليساري، أو العمالي. وقوة النقابة، لا يمكن أن تكون إلا في مصلحة المجتمع ككل.
ولحماية العلاقة الموضوعية بين النقابة، والحزب، لا بد من العمل حزبيا، ونقابيا، وبعمل مشترك إن أمكن، على خوض صراع موضوعي ضد:
1 ـ الممارسة الانتهازية للحزبيين، العاملين في النقابة، وللنقابيين اللا منتمين، باعتبارها هي المنتجة لكافة أشكال التحريف، التي يعرفها العمل النقابي، في إطار النقابة المبدئية.
2 ـ الممارسة البيروقراطية، التي تتخذ أشكالا متعددة، والتي تقطع الطريق أمام ديمقراطية النقابة، وتقدميتها، وجماهيريتها، واستقلاليتها، ووحدويتها، مما يجعل العمل النقابي الذي يجري في إطارها، في خدمة الجهاز البيروقراطي.
3 ـ تبعية النقابة لجهة معينة، تتلقى منها التوجيه، من أجل القيام بالعمل النقابي، المناسب لتلك الجهة، حتى تستطيع التأثير في العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من أجل جعلهم، هم أيضا، تابعين لها، عن طريق تبعية النقابة.
4 ـ حزبية النقابة، التي تجعل الحزب يخطط لها، ويضع برامجها، التي تعتمدها، للعمل في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين يصيرون، بانخراطهم في النقابة، جزءا لا يتجزأ من الحزب.
5 ـ اعتماد النقابة مجالا لقيام القيادة النقابية، بالعمل على الإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين، يمكن تسميته بحزب النقابة.
فهذه المظاهر التحريفية، هي التي يجب العمل على محاربتها من قبل الحزب، ومن قبل النقابة المبدئية، في نفس الوقت.
وحتى يجد الحزبيون، والنقابيون أنفسهم، مضطرين لمحاربة المظاهر التحريفية المذكورة، لا بد من:
1 ـ التربية على الممارسة الديمقراطية: في الحزب، وفي النقابة على حد سواء، حتى يصير الحزبيون، والنقابيون، محترمون للديمقراطية في الحزب، وفي النقابة على حد سواء، ومن أجل أن يعمل الحزبيون، والنقابيون، كذلك، على إشاعة الديمقراطية في المجتمع، والذي يساهم الحزب، والنقابة، في قيادة نضالات طليعته.
2 ـ التربية على حقوق الإنسان، كما هي في المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، حتى يصير الحزبيون، والنقابيون، من العاملين على إشاعتها في المجتمع، ومن المكرسين لها في إطار الحزب، أو النقابة، وبواسطتهما في المجتمع، الذي يتحول، بفعل التربية على حقوق الإنسان، إلى مجتمع محكوم بقوانين ضامنة لحقوق الإنسان، ومكرسة لها، وبدولة الحق، والقانون.
3 ـ التربية على احترام الرأي، والرأي الآخر، في إطار الحزب، أو النقابة، حتى يتعود الحزبيون، والنقابيون، على التعبير عن آرائهم، في مختلف القضايا المتفاعلة في المجتمع، وخاصة، عندما يتعلق الأمر بالقضايا الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التي تعتبر اهتماما مشتركا بين الحزب، والنقابة، لأن التعبير عن الرأي، يجب أن يصير شرطا للتواجد في الحزب، أو في النقابة.
4 ـ امتلاك الدينامية النضالية، التي لا تعرف التوقف أبدا، في إطار الحزب، أو في إطار النقابة، حتى يتمكن الحزبيون، والنقابيون، من الارتباط بأوسع الجماهير، التي تشكل محيطا للحزب، والنقابة على حد سواء، لأنه بدون تلك الدينامية، يبقى الحزب، وتبقى النقابة، بعيدا عن العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.
5 ـ اعتبار تتبع ما يجري في الواقع، وعلى جميع المستويات، من المهام المرتبطة بالانتماء إلى الحزب، أو إلى النقابة، حتى يمتلك الحزبيون، والنقابيون، الخبرة بالواقع في تحوله، ومن أجل أن تصير تلك الخبرة، منطلقا للتخطيط، والتنفيذ، على مستوى الحزب، وعلى مستوى النقابة، اللذين يستطيعان، بذلك، التأثير العميق في واقع العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين,
فمحاربة المظاهر التحريفية، يحتاج إلى سلاح، والسلاح المعتمد هنا، هو الذي يكتسب بفعل الممارسة اليومية للحزبيين، والنقابيين، على حد سواء.
ولذلك فالتكوين يعتبر مسألة أساسية بالنسبة إليهم، والتكوين المستمر يعتبر شرطا للعمل في الحزب، أو في النقابة، وتوظيف ذلك التكوين في الممارسة اليومية للحزبيين، والنقابيين، وفي علاقتهم بالعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، يعتبر شرطا في تلك العلاقة، من أجل توعيتهم بالواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، من أجل أن يعملوا بواسطة الحزب، وبقيادته، وبواسطة النقابة، وبقيادتها، على تغييره.
وإذا كانت العلاقة الموضوعية بين الحزب، والنقابة، ضرورية، فإن الحرص على ضرورتها، يعتبر أكثر ضرورة من غيره، حتى لا يتسرب الفساد إليها، لأن فساد العلاقة بين الحزب، والنقابة، لا ينتج إلا مظاهر التحريف، التي تفسد العمل الحزبي، والعمل النقابي في نفس الوقت.
والذي يقف وراء فساد العلاقة بين الحزب، والنقابة، لا يتجاوز أن يكون:
1 ـ الحزبيون الانتهازيون، العاملون في النقابة، والذين يستغلونها لتحقيق تطلعاتهم الطبقية، التي لا علاقة لها، لا بالحزب، ولا بالنقابة.
2 ـ النقابيون الانتهازيون، الذين يوظفون العمل النقابي، لخدمة مصالحهم، المرتبطة بتحقيق تطلعاتهم الطبقية.
3 ـ القيادة البيروقراطية، التي ليس من مصلحتها أن يصير الحزب محترما للنقابة، وأن تصير النقابة محترمة للحزب.
4 ـ الحزب الذي يحرص على أن تصير النقابة تابعة له، كما يحرص على أن تصير النقابة حزبية.
5 ـ القيادة النقابية، التي تحول النقابة إلى مجال للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين، يصير تابعا للنقابة، أو حزبا نقابيا.
6 ـ كل الحزبيين العاملين في النقابات، القابلين بالمساهمة في إنتاج الممارسات التحريفية، المضرة بالعلاقة الموضوعية بين الحزب، والنقابة، على حد سواء.
7 ـ كل النقابيين، الذين لا يقاومون الفساد النقابي، في إطار النقابة، وفي إطار العلاقة بين الحزب، والنقابة.
8 ـ كل من يقف وراء إنشاء كيانات نقابية، تابعة، أو حزبية، أو بيروقراطية، من أجل تمزيق العمل النقابي، وشرذمته، مما يجعله عاجزا عن القيام بدوره لصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.
9 ـ كل الأحزاب الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية، التي لا تحرص، في ممارستها اليومية، على احترام النقابة، وعلى احترام النقابيين، وعلى احترام العلاقة الموضوعية بين الحزب، والنقابة.
10 ـ كل الأحزاب الرجعية، واليمينية، واليمينية المتطرفة، واليسارية المتطرفة، والظلامية، والمؤدلجة للدين الإسلامي، التي تحرص على تخريب العلاقة بين الحزب، والنقابة، بالإضافة إلى ما تقوم به الدولة الطبقية، التي تنتج كل الممارسات، التي تؤدي إلى إفساد العلاقة بين الحزب والنقابة.
فالحرص على فساد العلاقة بين الحزب، والنقابة، هو ممارسة يومية، لكل من ليس من مصلحته قيام علاقة موضوعية بين الحزب الديمقراطي، أو التقدمي، أو اليساري، أو العمالي، وبين النقابة، حتى لا تصير، تلك العلاقة، في خدمة مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.
الحزب / النقابة أية علاقة؟ وأية آفاق؟
.....7
علاقة الحزب بالنقابة:,,,,,3
ولمحاربة فساد العلاقة بين الحزب، والنقابة، نرى ضرورة:
1 ـ التمسك بمبادئ النقابة، المعبرة عن هويتها التنظيمية، والتي تعتبر حدا أدنى لقيام ممارسة نقابية سليمة في الواقع، من قبل الحزب، والنقابة، في نفس الوقت، والحرص المستمر على احترامها في مختلف الإطارات النقابية.
2 ـ الحرص على سلامة العلاقة بين الحزب، والنقابة، من التحريف بأشكاله المختلفة، من أجل أن يعرف الحزب:
ما هي الحدود التي يقف عندها؟
وأن تعرف النقابة:
ما هي الحدود التي تقف عندها؟
3 ـ فضح كل أشكال التحريف، التي تطفو على سطح الممارسة اليومية للعمل النقابي.
4 ـ فضح المصرين على ممارسة التحريف، في الإطارات النقابية المختلفة، ومساءلتهم، ومحاسبتهم، واتخاذ الإجراءات اللازمة ضدهم، إذا لم يتوقفوا عن إنتاج التحريف، الذي يخدم مصالحهم.
5 ـ فضح كل الممارسات، التي تقوم بها الأحزاب السياسية، الهادفة إلى جعل النقابة تابعة لها، أو حزبية، أو مجالا للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين.
6 ـ التصدي للممارسة البيروقراطية، أو ممارسة النزوع البيروقراطي، والقيادة الفردية للنقابة، أو ممارسة النزوع الفردي للقيادة الفردية، أو النزوع الانتهازي.
7 ـ إعداد الحزبيين، والنقابيين، على حد سواء، لمحاربة كافة أشكال الفساد النقابي، وكافة أشكال فساد العلاقة بين الحزب، والنقابة.
8 ـ الحرص على أن تصير القيادة النقابية جماعية، ضامنة لاحترام مبادئ النقابة، وحريصة على الالتزام بالبرنامج النقابي، وساعية إلى تفعيل العمل النقابي في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ومصممة على انتزاع مكاسب للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، ومحترمة للعلاقة الموضوعية بين الحزب الديمقراطي، والتقدمي، واليساري، والعمالي، وبين النقابة.
9 ـ التزام النقابة بتوعية العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بأوضاعهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، حتى يتأتى لهم الانخراط، وعن وعي، في النضال النقابي، ومن خلاله، في النقابة.
10 ـ تبادل الدعم النضالي بين الحزب الديمقراطي، والتقدمي، واليساري، والعمالي، وبين النقابة، حتى يصير ذلك الدعم وسيلة لتقوية النقابة، ولتقوية الحزب في نفس الوقت.
ففساد العلاقة بين الحزب، والنقابة، الذي أصبح قاعدة في البلاد العربية، وخاصة في المغرب، يجب أن يحارب، وبكافة الوسائل، حتى تعود العلاقة إلى ما كانت عليه، وبشكل موضوعي، والنضال من أجل حماية العلاقة الموضوعية بين الحزب، والنقابة.
وللتخلص من فساد العلاقة بين الحزب الديمقراطي، والتقدمي، واليساري، والعمالي، وبين النقابة، يجب الحرص على:
1 ـ أن يلتزم الحزب بمبادئه، وبرامجه، ومواقفه السياسية، الهادفة إلى تغيير الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي لصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.
2 ـ أن تلتزم النقابة بمبادئها، وببرامجها النضالية، وبالعمل المستمر على تحسين الأوضاع المادية، والمعنوية للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وبالعمل المشترك، الذي تدخل فيه، لتحقيق الأهداف المشتركة، وبالنضال في إطار الجبهة النقابية، أو الجبهة الوطنية للنضال من أجل الديمقراطية.
3 ـ أن يحرص الحزب على احترام النقابة، وأن تحرص النقابة على احترام الحزب، حتى يتأتى لكل منهما: العمل على تقديم الدعم اللازم، الذي يوطد العلاقة بينهما.
4 ـ الحرص على التعبئة المستمرة، التي يقوم بها الحزب، والنقابة، في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من أجل تحسيسهم بضرورة الانخراط في النضال النقابي، والنضال السياسي على حد سواء، والعمل على تحسين أوضاعهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والانتقال إلى مرحلة النضال من أجل التغيير، حتى يصير الواقع في خدمة المستهدفين بالنضال النقابي، والنضال السياسي.
5 ـ الحرص على دراسة الواقع، في تجلياته المختلفة، دراسة علمية دقيقة، وتقديم نتائج تلك الدراسة إلى العموم، حتى تصير منطلقا لبناء منهجية التعامل مع الواقع، تعاملا علميا دقيقا، من اعتماد تلك المنهجية للتأثير فيه، في أفق تغييره تغييرا جذريا.
6 ـ الحرص على الاهتمام بواقع العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من أجل معرفة أوضاعهم المادية، والمعنوية، والعمل على تحسينها، حتى يتأتى استنهاضهم، من أجل الارتباط بالنقابة، وبالحزب على حد سواء.
7 ـ حماية التنظيم الحزبي، والتنظيم النقابي، من تسرب الانتهازيين، والبيروقراطيين، إلى التنظيمات الحزبية، أو النقابية، والذين يعملون على تحريف الممارسة الحزبية، والنقابية، حتى يصير التحريف في خدمة مصالحهم.
8 ـ اتخاذ الإجراءات الضرورية، للتخلص من الانتهازيين الحزبيين، والنقابيين، المتسربين إلى الحزب، أو النقابة، سعيا إلى جعلهما منتجين للممارسة الحزبية، أو النقابية، الخالية من التحريف، الذي لا يخدم مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.
وإذا كان عمل الانتهازيين، والبيروقراطيين، يهدف إلى جعل الحزب، والنقابة، في خدمة مصالحهما المختلفة: المادية، والمعنوية، فإن المناضلين الأوفياء في الحزب، وفي النقابة، سوف يعملون على محاربة الممارسة الانتهازية، والممارسة البيروقراطية، في الإطار الحزبي، وفي الإطار النقابي، حتى تحريرهما من الممارستين المسيئتين لهما.
وبمعالجتنا لمفهوم العلاقة، ولمفهوم العلاقة بين الحزب، والنقابة، وطبيعة هذه العلاقة القائمة في الواقع، وكيف يجب أن تصير هذه العلاقة، والشروط الموضوعية، المتوفرة لبناء علاقة موضوعية بين الحزب، والنقابة، والعمل من أجل حماية العلاقة الموضوعية بينهما، ووقوفنا على من يعمل على إفساد العلاقة بين الحزب، والنقابة، وعلى وسائل محاربة فساد العلاقة بينهما، والعمل من أجل التخلص من ذلك الفساد، نكون قد رسمنا صورة لما يجب أن يكون عليه الحزب، أو النقابة، ولما يجب أن تكون عليه العلاقة بينهما. وما هو سائد في البلاد العربية، وخاصة في المغرب كنموذج، لا يخرج العلاقة عن كونها عن كونها علاقة مبدئية، كما عالجناها، أو علاقة تبعية النقابة للحزب، كما اشرنا إليها، أو علاقة حزبية صرفة، كما استعرضناها، أو علاقة جعل النقابة مجالا للإعداد، والاستعداد لتأسيس حزب معين، كما عالجناها، وفي حالة قيام بيروقراطية النقابة، فإن العلاقة بين الحزب، والنقابة، تصير غير واردة. والحزبيون العاملون في النقابة البيروقراطية، لا يؤثرون في العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، نظرا لكون البيروقراطية ترسم حدود التعامل، الذي يجب أن يحصل في إطارها، وإلا، فإن الحزبيين سوف يجدون أنفسهم خارج النقابة. إلا أن البيروقراطية، تجد نفسها مضطرة، في بعض الأحيان، للسماح للحزبيين بالتفاعل مع العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، المرتبطين بالنقابة البيروقراطية، حتى توهم الرأي العام، بأنها تتفاعل مع الأحزاب التي قد تكون أحزابا يمينية: إقطاعية، أو بورجوازية، أو بورجوازية صغرى، أو يسارية، أو عمالية، أو متياسرة، أو يمينية متطرفة، في أفق جعل جميع الأحزاب، في خدمة مصالح الجهاز البيروقراطي.
تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا
جميع الحقوق محفوظة © 2009 صوت اليسار العراقي
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا |
|
---|