<%@ Language=JavaScript %> صائب خليل كيف يراك الآخرون 4- السنة ومواقفهم السياسية

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

كيف يراك الآخرون؟

 

4 - السنة ومواقفهم السياسية

 

 

 

بقلم : صائب خليل

23 آذار 2012

 

في هذه الحلقة الرابعة الأخيرة المخصصة حول صورة السنة سنناقش مواقف سياسيي السنة، والعداء ضد إيران وما يتشعب عن الموضوعين، وكنا في الحلقة السابقة المعنونة "كيف يراك الآخرون؟ (3) صورة السنة والفتاوي والإرهاب" (1) قد أشرنا إلى التأثير المشترك للفتاوي السيئة والإرهاب المنسق معها، على صورة السنة لدى غيرهم، وكان الجزء الثاني من السلسلة بعنوان " كيف يراك الآخرون (2): خرافات عن السنة"(2)،  والأول كان بعنوان "كيف يراك الآخرون؟ (1): حديث عام"(3) وسوف تكمل السلسلة بعد ذلك حول صورتي الشيعة والكرد لدى الآخرين.

 

مواقف سياسيو السنة من الشيعة ومن إيران شديدة الشبه بمواقف أميركا وإسرائيل منهم، وهذا ليس صعب الفهم حين ننظر من الذي دعم هؤلاء السياسيون، سواء من الدول العربية أو غيرها. لكن هناك أيضاً مواقف شعبية سنية غير سليمة من الشيعة لا علاقة لها بتلك الأجندة، وإنما بسبب التشويش الإعلامي الشديد الذي مورس ضدهم وأثار عندهم الخوف من الشيعة عموماً ومن إيران خصوصاً، أو ما أسماه ياسر الحراق الحسني  بـ "الشيعفوبيا" والتي يراها كـ "ظاهرة ملتصقة بالعالم الإسلامي السني. المصابون بالشيعفوبيا يروجون تصورات خاطئة لشيطنة الشيعة والتشيع من خلال نسبتهم إلى المجوسية تارة واعتبارهم أكبر خطر على الإطلاق تارة أخرى ونسبتهم إلى إيران وغير ذلك.... وقيام البعض بربط كل ما هو شيعي بإيران.  من  الأمثلة على ذالك نظرية الهلال الشيعي لملك الأردن عبد الله الثاني... (وأحاديث) حسني مبارك عن ولاء الشيعة لإيران.(4)

هؤلاء السياسيون المنتخبون أولاً من قبل الإحتلال، وتلك الفوبيا من الشيعة تسببت في مواقف غير سليمة نسبت إلى السنة، بعضها بغير حق، والآخر بحق، مما تسبب في تشوه شديد في صورتهم خاصة لدى الطائفة الأخرى وهذا ما سنناقشه هنا.

 

أتمنى أن يخصص القارئ وقتاً كافياً لهذه المقالة وأن لا تقرأ بعجالة كغيرها، وأن يعطي الوقت خاصة لمراجعة الروابط ومشاهدة أفلام الفيديو التي قدمت كأمثلة، فلم يكن ممكناً لكبر الموضوع سوى الإشارة إليها بسرعة آملين أن يذهب القارئ الى تلك الروابط من أجل التفاصيل الهامة، والإنطباع الدقيق عن حجم المشكلة، فالقضية هنا كلها تتمحور حول "الإنطباع" ولا يكفي سرد الحقائق من أجل ذلك. فمثلاً لا يمكنك أن تتخيل أثر خطاب عدنان الدليمي أو طه حامد الدليمي وما يسببانه من ألم في المقابل وتشويه لصورة السنة لديه، بمجرد ذكر فحوى ما يقولان أو حتى قراءة نصهما، فمشاهدة الفيديو وسماع الصوت واللهجة ونظرات العيون، توحي حتى أن البعض قد تدرب خصيصاً على التمثيل المسرحي لاستفزاز الشيعة وإثارة العداء ضد السنة لديهم وتشويه صورتهم كطائفيين مجانين وعدوانيين وحشيين، وأنا لا أستبعد ذلك أبداً.

نقطة أخرى، في مقالتي السابقة نبهت إلى أن ليس كل الإقتباسات السابقة وثيقة المصادر، ويمكن ان يكون فيها ما هو غير صحيح، ومع ذلك فهو يؤثر على صورة الطائفة لدى الآخرين إذا انتشر، ولذا فمن المفيد طرحه أيضاً، وبالفعل إعترض عدد من القراء على ما نقل عن إبن باز، وأنه افتراء عليه. ومن الطبيعي أن على الطائفة التي تريد أن تحافظ على صورتها أن تبحث عن الإفتراءات وتفندها وربما تحاسب من يقوم بها إن أمكن.

 

من يمثل السنة؟

 

لم تسبب مقاطعة للعملية السياسية في البداية من قبل السنة (أي الذين يجدون هويتهم في كونهم سنة) في عزل جزء هام وكبير من الشعب العراقي عن الحوار والجدال مع بقية الشعب, لكنها وضعت هذا الجزء بلا شكل أو قيادة شرعية او شبه شرعية. ففي الوقت الذي يعي فيه الشيعة انفسهم كطائفة مميزة، فأن الغالبية الساحقة من السنة ركزوا على هويات أخرى وانتموا، عندما أرادوا أو اضطروا، إلى أحزاب ذات اتجاهات غير دينية، مثل الشيوعي و البعث والقوميين الخ.

لذا فعندما يجري الحديث اليوم عن "قادة السنة" او "ممثلي السنة" يكون المقصود من دفع بهم كممثلين السنة، وهم لم يكونوا يمثلون سوى أحزاب صغيرة جداً، أو شيوخ عشائر، لمجرد كونهم من السنة، أو حتى دون أن ينتموا إلى السنة مثل أياد علاوي! لقد أفهم السنة أن هؤلاء ممثليهم مقابل ممثلي الشيعة، فذهبوا لإنتخابهم راجين أن يحققوا لهم بعض طموحاتهم وإزالة مخاوفهم. وقد وجد الإحتلال فرصة ذهبية في هؤلاء ليقدم من يمثلوه هو أكثر مما يمثلون السنة، لإشغال تلك المناصب، واستعمالهم للضغط على الحكومة وإفشال أية مشاريع يمكن أن تطمح إليها، كما تم استخدام الكثيرين منهم من أجل إثارة الحقد الطائفي بين الطرفين، وهو أحد أهم وسائل الإحتلال في خلق ديمقراطية مشلولة، تفي بالغرض الإعلامي له، دون أن تمثل خطر الديمقراطية عليه متمثلاً بطموحاتها للإستقلال وبناء بلاد متطورة لها كيانها المميز والرافض لكل إحتلال وتدخل وباحثة عن مصالح أبنائها وليس الشركات الأجنبية وتستهدف حرية الشعب وليس "حرية السوق".

 

من هنا كان الخطر على صورة السنة أكبر بكثير مما هو على صورة الشيعة. فمهما كان الفساد والإختراق في الأحزاب الدينية الشيعية، فإن لها قياداتها المعروفة، ولن تكون بالمطاوعة للإحتلال مثل تلك التي يتاح لها أن يرتبها بنفسه أو يختار بحريته من الموجود من هو اكثر استعداداً لتمرير أجنداته.

 

دعوني أبدأ بهذا المثال الصدمة، عدنان الدليمي، المتهم بتنظيم عمليات تهجير واسعة، إضافة إلى تهمة الضلوع في عمليات إرهابية(5) لم يتم إثبات علاقته بها قضائياً بعد، ويمكنه إنكارها، لكن كيف سينكر جريمة لسانه الكبرى المسجلة في هذه القطعة التي تثير الإشمئزاز، والتي نشرتها سابقاً في مقالات أخرى: عدنان الدليمي يلقي كلمته في اسطنبول. أرجو تحمل الإستماع إليه حتى النهاية، وبعيون شيعية وآذان وذاكرة رجاءاً: (6)

هل تشعرون أن هذا إنسان طبيعي؟

أليس واضحاً أن هذا الرجل تم تدريبه وتلقينه التمثيل ليلعب دور الهراوة الضاربة على رأس وحدة الشعب العراقي ليفلقها؟ أنا لم أحتج إلى عيون أو ذاكرة شيعية لأدير وجهي استهجاناً وتقززاً، فكيف بمن يوجه لهم هذا الكلام؟ ألا يكفي هذا، ومثال الآلوسي أن تطالب الحكومة بمنع السياسين من استعمال ألقابهم ليتحملوا وحدهم ما يمكن أن يجلبونه من عار على تلك الألقاب؟ هل يشعر أحد منكم أيها السنة، أن هذا "الشيء" يمثله؟ فكيف يقبل أحد أن يترك مثل هذا يصنع صورته لدى الآخرين؟ وأي تشويه يمكن أن يحدثه أهبل أو مأجور في صورة طائفة كاملة من الناس؟

 

لننظر إلى باقي السياسيين الذين يمثلون السنة. يمكننا أن نؤجل اتهام الحكومة للهاشمي حتى يتم التحقيق وتتكشف قضية ضابط الحماية الذي توفى أو قتل في السجن، لكن هاهم  اهالي الفلوجة يرفعون دعوئ قضائية ضد الهاشمي والعيساوي لدعمهما ضباطا في مديرية شرطة الأنبار متهمين بخطف وقتل في المحافظة (7)

 

ولا يحتاج أحد أن يخبرني بعلاقة الهاشمي المشبوهة بالإحتلال الذي يدعي أنه يقاتل ضده، فقد كتبت عن تلك العلاقة وكيف عاد من واشنطن ينادي بتمديد القوات، وهاهو هنا بكل صلافة يعبر عن خشيته "أن الوضع في العراق .... قد يؤدي بالمحصلة العامة إلى الإضرار بالمصالح الأمريكية في المنطقة، داعياً واشنطن إلى التنبه بجدية لهذا الأمر،(8)

   

فهل يشعر السنة أن موقف الهاشمي هذا، هو موقفه في هذا القضية المفصلية ، هو من مواقف السنة؟ هل انتخب الهاشمي ليكون عراباً لتمديد بقاء القوات ويضع نفسه حارساً للمصالح الأمريكية ومنبها لواشنطن لما قد يصيبها؟

ولا يختلف العديد من أعضاء القائمة العراقية عن مواقف الهاشمي من أميركا والتدخل الأجنبي. فعدا الفضائحي أياد علاوي الذي مازال العراق يقبع تحت الفصل السابع بفضل عمالته حين ذهب إلى مجلس الأمن برفقة كولن باول لمنع محاولة إخراجه، كما فعل زيباري حين احتج على بعض العرب الذين تقدموا بطلب من أجل ذلك.

 

هنا يطلب 64 نائباً من القائمة العراقية وعلى رأسهم حيدر الملا ( باسم لجنة حقوق الإنسان النيابية ) من مجلس الأمن، التحقيق بمجزرة معسكر أشرف (حسب تعبيرهم) ومنع المحاولات للتغطية على هذه الجريمة من قبل حكومة المالكي. ،(9)

 

ورغم أن هدفنا من المقالة هو التركيز على "صورة السنة" كما يراها الآخرون، لكن لا بد هنا من الإشارة لبعض الحقائق، التي تساعدنا أن نفهم لماذا يكون هذا الدعم مشوهاً للصورة السنية. فتلك "الجريمة" التي يتحدث عنها هؤلاء النواب هي محاولة الحكومة دخول مدينة أشرف، ومنعها بالقوة من قبل مجاهدي خلق، الذين لم ير العالم في كل تاريخه "لاجئين" بصلافتهم تجاه حكومة البلد الذي يستضيفهم. ويمكننا تفسير مصدر تلك "الصلافة" غير المعتادة ومعرفة من يقف وراء المنظمة ويمنحها تلك القوة، فمن المدهش أن يتم الكشف أن المنظمة تقوم برشوة الساسة الأمريكان. (10) فهل من غرابة أن ترشو بعض الساسة العراقيين وغيرهم إذن؟

لكن قوة المنظمة الحقيقية تأتي من أدوارها التي تخدم أميركا وإسرائيل مثل شبهة المساعدة في تزوير الإنتخابات العراقية لحساب أجندات الإحتلال ومن يريده لتسلم السلطة، كما كشف كاتب هذه السطور في اكثر من مقالة سابقة حول شركة "ناشطة".(11)  وأهم من ذلك دور مجاهدي خلق التنفيذي الأساسي بالنسبة لإسرائيل في عملياتها الإجرامية لاغتيال علماء الذرة من ابناء وطنهم، وليس النظام الذي يعملون ضده. (12)

 ويعرف العراقيون عدا ذلك، الدور الإجرامي الذي لعبته هذه المنظمة في الشمال والجنوب أيام الإنتفاضة الشعبانية، دفاعاً عن صدام حسين، وننتظر اليوم تفاصيل عن الأخبار حول ثلاث مقابر جماعية تم كشفها قبل أيام في مدينة أشرف. (13)

ورغم ذلك يتراصف "ممثلوا السنة" بالعشرات مع أمثال هؤلاء بل ويطالبون مجلس الأمن سيء الصيت، بالتدخل في بلادهم من أجلهم، ويصفهم ظافر العاني بأنهم "أصدقاء للشعب العراقي"(14)

إنهم يفعلون ذلك باسمكم أيها السنة، فهل هذا يمثلكم؟ هل الذين وقفوا مع صدام حسين بوجه الشعب العراقي في لحظة حاسمة، ويتدربون اليوم في إسرائيل لإغتيال علماء بلادهم، هؤلاء أصدقاء للشعب العراقي؟

 

استفزاز

 

ويبدو ممثلوا السنة وكأنهم يقفون دائماً في الجانب المضاد للحكومة "الشيعية" من أي موقف سياسي، لمجرد الإستفزاز. فهاهو محافظ الأنبار يقف ضد الحكومة السورية ويتهم الحكومة العراقية وجيش المهدي بدعمها، ثم يتراجع عن ادعائه بامتلاك الأدلة وأنه "يرى أن الحكومة العراقية لاهية في دعم أنظمة تضطهد شعوبها وتتهاوى أمام ضربات تلك الشعوب"(15) علما أن تلك "الشعوب" لم تحسم موقفها بين الحكومة والمعارضة ، لأن تلك المعارضة تطلب الديمقراطية بحق، من جهة، ومشبوهة بالعلاقات بأجندة الناتو وإسرائيل من جهة أخرى، مما أدى أن تتخلى عنها غالبية من الشعب السوري كما بينت العديد من الإستطلاعات التي سبق أن أشرنا أليها في مقالات سابقة.

 

ويقف ممثلوا السنة موقفاً لا يحترم ضحايا الشيعة في دفاعهم بشكل عام عن كل متهم أو مدان بجرائم تتعلق بالإنتفاضة الشعبانية مثل الإستماتة لمنع إعدام سلطان هاشم، بل وتصويره بطلاً أحياناً، علما أن الرجل لا يعرف إلا باختيار صدام له لتوقيع معاهدة خيمة صفوان المشينة.

ويتناغم ذلك بشكل مؤذٍ لصورة السنة عموماً مع إنكار بعض قادة السنة للمقابر الجماعية فيقول أحد "الخبراء" العرب بان "المقابر الجماعية هي لابناء السنة قتلتهم القوات الايرانية وعملائها الشيعة في الجنوب وتم وأدهم هناك " وقال ظافر العاني بانهم " جنود عراقيين  كانوا منسحبين من الكويت تم قتلهم ودفنهم في الجنوب"(16)

وتمت صياغة حتى الشكوك المشروعة بقصص الحكومة عن الإرهاب، بشكل طائفي استفزازي واضح لأهالي الضحايا وآلامهم في قضية جريمة عرس الدجيل مثلاً.(17) وجريمة النخيب، حيث اتهم عضو في مجلس الأنبار الجهات التي تطالب بضم ناحية النخيب الى محافظة كربلاء، بأنها  "هي التي تقف وراء هذا الحادث ودبرت له لتستغله ذريعة وتصعد الأجواء".(18)

وتستمر مغازلة هؤلاء لحزب البعث في استفزاز واضح لضحاياه ولكل الشعب العراقي، فيزار قبر صدام في تكريت،  (19) وتقوم الإذاعات بإيصال أصوات البعث إلى الناس بشكل إرهابي بمعنى الكلمة  (20)

 

وقد فشل السنة فشلاً ذريعاً في فصل انفسهم عن حزب البعث وصدام حسين، وتركوا للمغرضين أن يلصقوا جرائمهما بصورتهم لتشوهها أيما تشويه في نظر العراقيين، حتى من السنة انفسهم الذين يشمئزون من تلك الجرائم وهم غالبية كبيرة، فتشوهت بذلك صورة السني حتى بالنسبة لنفسه وكما يراها هو.

ومن أهم ما أسهم في ذلك الإلتصاق، موقف القائمة العراقية التي انتخبها نسبة كبيرة من الناخبين السنة، من إجتثاث البعث أو "المساءلة والعدالة"، واهتمام قائد القائمة بشكل رئيسي ومفضوح بإعادة بقايا الأمن الصداميين إلى المراكز الأمنية، وأحتضان أكبر نسبة من السياسيين البعثيين الذين لا يخفون تعاطفهم مع البعث في القائمة نفسها.

 

كتبت "مها عبد الكريم" توضح جزءاً من الصورة المشوهة: "المجتمع العراقي في ذلك الوقت غير المجتمع العراقي بعد 2003، الحصار الذي ضاعف صدام اثاره على الشعب مئات المرات دمر الروابط الاجتماعية بين الناس بشكل رهيب، وارجع العراق والناس لسيطرة العشائر بما فيها من تعصب وتخلف ، وجعل ضباط الجيش الوحيدين الذين يتمتعون برواتب ضخمة وسمح لهم بكسب المزيد من الاموال عن طريق الرشوة العلنية واخذ الاموال من الجنود، واصدر قرارات لخدمة الاحتياط سمحت لهم بابتزاز الفقراء اكثر واكثر في تلك السنوات الصعبة،وطبعا الضباط الذين كانوا مستفيدين من هذه القرارات كانوا يحملون القاب مثل التكريتي والعاني و  و  الخ . لكن هذا لا ينفي ان هناك ضباط من الشيعة كانوا يقومون بنفس الفعل لكن الفرق ان الفئة الاولى كانت تتعمد اظهار هذه الالقاب والتباهي والاستقواء بها لذلك هي رسخت اكثر في اذهان الناس وصارت مرادفة للرشوة والتسلط والظلم !"

كذلك وقف العديد من سياسيوا السنة، ضد ثورة البحرين، وتضاف إلى تلك الصورة حديث عن تواجد فدائيي صدام ضد الثورة (21) فيبدو وكأن السنة يقفون إلى جانب فدائيي صدام حسين لقمع الشيعة هناك. ويسارع الكثير من السنة إلى تصديق الشائعات التشهيرية الوسخة المسيئة للأخلاق عن علاقات جنسية بين المتظاهرين، وينشرون صوراً لملابس داخلية ألقيت في الشارع كـ "دليل" على ذلك، كما ينشرون صوراً تبين أن شيعة البحرين يكرهون العرب ويحبون إيران، وقد ثبت أن تلك الصور مزيفة، وأسهم كاتب هذه السطور في فضح بعضها، وكشف البرامج التي استخدمت لتزوير حروف شعاراتها بالحاسبة(22)،

 كما كتبت " نظرة على التأثيرات الطائفية الخطيرة لقمع تظاهرات البحرين" (23) فما هو الموقف "السني" المناسب من ذلك، ليعطي صورة إنسانية حقيقية؟ أولاً من الطبيعي عدم تصديق تلك التزويرات والتشهيرات القبيحة، وثانياً أستهجان من يقف وراءها ووراء محاولة خداعنا، وبالنسبة لي فإني أضيف ثالثاً: إعطاء مصداقية لضحاياها لأن خصومهم برهنوا أولاً أنهم كذابين، وبينوا أن ثورا البحرين شرفاء لم يجدوا عليهم ما يسيئهم، فاضطروا إلى التزوير لتشويه سمعتهم! فهل كانت الصورة السنية حول هذا الموضوع قريبة من هذا الشكل؟

 

عندما أشير إلى أن هذه مواقف السياسيين، فإني لا اقصد أن ليس هناك أي جمهور سني لا يقف مثلها، فالجمهور يتأثر كثيراً بالإعلام، لكنه بشكل عام يتخذ مبدئياً الموقف الإنساني قبل ذلك، والدليل هو الفرق الكبير بين نسبة السياسيون من السنة الذين يتبنون تلك المواقف ونسبة الجمهور السني الذي يتبناها.

 

ويستنتج من العديد من مواقف السياسيين السنة أنها صممت من قبل جهة ما ، ليس من أجل هدف سياسي محدد , وإنما لإستفزاز الشيعة وانزال المزيد من الأذى بالوحدة الوطنية المترنحة.

ورغم معارضتي لها، لكن يمكن أن نفهم مطالبة البعض بالفدرالية من أجل زيادة صلاحيات مناطقهم ودرءاً للظلم الواقع عليها، وأن يتجاوب بعض أبناء السنة مع مثل هذا المطلب ويرفضه غيرهم (الأغلبية الكبرى)، لكن من الصعب أن نفهم موقف النائب "شعلان الكريم" عن صلاح الدين، حين رد عن سؤال قائلاً: "حتى لو استجاب المالكي الى كل مطالبنا وحتى لو اضاف لها اكثر وحقق لنا كل شئ سنعمل على انشاء الاقليم في صلاح الدين وحتى لو منحنا كل شئ فان خيارنا هو اقامة الاقليم ولن نقبل اي عرض يقدم حتى لو منحنا العالم كله" (24)

فهي إذن أجندة أخرى غير "توسيع صلاحيات" المحافظة، ومصلحة السنة، كشفها هذا النائب بغباء، والله يعلم من وراء تلك الأجندات. وتقارن مها عبد الكريم بين ردود الفعل على مشاريع الفدرالية والتقسيم والأقاليم في السنوات السابقة والوقت الحاضر، وتلاحظ أن تلك المشاريع من مشروع فدرالية الجنوب للمرحوم عبد العزيز الحكيم ومشروع بايدن جوبها برفض قوي، بينما نسمع اليوم ترحيباً عربياً بتهديدات الكرد بالإنفصال، كما أن التهديد بتكوين اقاليم الأنبار وصلاح الدين لم يعد مرفوضاً بشدة من قبل الشيعة، وهو ما يؤشر تدهور خطير في أسس الوحدة الوطنية خلال هذه الفترة.

 

ليس ذلك غريباً. أنظروا إلى الفشل في تمثيل الغضب المبالغ به في عيني (الشيخ د.طه حامد الدليمي) ولفتاته الذي يبدو كممثل الح المخرج عليه أن ينفعل أقصى ما يستطيع وهو يحاول أختيار ابشع العبارات الطائفية التي يمكن تمريرها، وهو يحرض السنة على الإقتداء بكردستان والثورة على الحكومة: (25) وهو يذكرني تماماً بحالة برزان بعد أن اخذه الأمريكان لمدة اسبوعين "للعلاج من السرطان" (!) وكان قبلها يتباكى في رسائل التوسل، فعاد يتكلم وكأنه يعض!

 

تابعوا ايضاً داعية المقاومة الدكتور أحمد الدباش، ويقول أن سلاحه "لن يرفع إلا بوجه المحتل وأعوان المحتل وأذناب المحتل"، والذي يرفض حتى الدستور لأن الإحتلال كتبه(26) والسؤال هنا: لماذا يتم تهريبه من قبل قوات المحتل بعد إعتقاله في عام 2006 إن كان بهذه الشراسة ضد الإحتلال؟ وعلى ماذا "جلسوا معه" كما قال؟ ولماذا تستضيفه السعودية والأردن وهما تأتمران بالأمر الأمريكي المحتل بلا مناقشة؟ (27). أتمنى أن يسأل كل من السنة أولاً والشيعة ثانية، انفسهم مثل هذه الأسئلة لتتوضح الصورة، ولنبحث أين في واقع الأمر هي "نظرية المؤامرة"..

 

إيران

 

الخوف من إيران، يمثل نقطة مركزية في الصورة السنية، وقد بلغ هذا الخوف درجة بعيدة عن كل المؤشرات الواقعية لحجم هذا الخوف. ولم يعد السني يطلب أي دليل على خبر يشير إلى تدخل إيراني أو أتهام إيران بالإرهاب. وهذا الأمر الواضح لدى جمهور السنة، يكاد يكون قاطعاً لدى السياسيون السنة. ربما كان النشاز الوحيد الواضح هو وزير الكهرباء السابق الذي تم التخلص منه بطريقة غير مفهومة حتى الآن، والذي طالب بعلاقة قوية وسليمة مع إيران وقال أن العراق بحاجة إليها وأن بنك جي بي موركان الأمريكي يقف حجر عثرة في طريق تلك العلاقة. وكان موقفه الذي لم يصل إليه أي من السياسيين الشيعة "نشازاً" في الطيف السياسي السني الذي يكاد يعتبر إدانة إيران بأي شيء ولأي سبب، أمر يفتخر به.

 

هل الشيخ علي الحاتم هذا يمثل السنة في دعوته المنفلتة لمقاتلة إيران؟ (28) هل حديثه بريء عن "خامنئي العفن"؟ لماذا خامنئي عفن في نظره؟ هل فعل الرجل شخصياً ما هو معيب، ام أن استهدافه مقصود لقيمته الرمزية لدى الشيعة؟ وبعنصرية بشعة يتحدث عن الإيرانيين "النفك"؟ ويصف حكومتهم بـ و "حكومة ملالي عفنة"، ففي أي شيء يختلف عن صدام، سوى بركاكة خطابه؟  ثم يهدد بالضرب بالسلاح، وأنه "بعد أن ينتهي من سوريا"..الخ، وكأنه سفير لحلف الناتو أو إسرائيل... وكلماته والفاظه وجمله تشكك بأنه يعرف القراءة والكتابة، دع عنك أدب الحديث، ليصل، وبتشجيع من أسئلة الصحفية، إلى التهديد بالإنتقام من هؤلاء الأعوان بمجرد خروج الجيش الأمريكي!! إنه يعطي صورة عن السنة للشيعة تقول: "السنة سوف يهجمون عليكم بمجرد خروج الجيش الأمريكي"! (لذا عليكم أن تمددوا بقاء الأمريكان!). هل هذا يمثل السنة في نظر السنة؟

 

هذا النائب أحمد العلواني عن القائمة العراقية يتهم إيران ويصف نظامهم بالفاشستي (؟) بالضلوع في الهجوم على مقر فوج شرطة طوارئ مدينة "حديثة". وطبعاً هو لا يحتاج أي دليل أو حتى مؤشر يخبرنا به، أما "دافع الجريمة" في تصوره فهو "ألحيلولة دون اعلان اقليم الأنبار ومنع العشائر من استقبال اللاجئين السوريين"!!  (29)

 

أرجو أن يكون القارئ قد قرأ المقالة بعين شيعي، ليدرك حجم الكارثة التي نحن بصددها، ويستطيع أن يفهم موقف الآخرين السلبي منه. من يفعل ذلك لا يعود متعجباً للوضع الذي آلت إليه الأمور في هذا البلد، بل يتعجب كيف أنها بقيت حتى الآن بلداً واحداً!

يتساءل كاظم سهر جابر متألماً، لماذا يرى البعض من السنة أن إيران أشد خطراً من إسرائيل التي يعرب قادتها عن سعادتهم بمقتل الأطفال الفلسطينيين في باص مدرسة، لأن إيران شيعية. متناسين "مافي تاريخ الشيعة من ايدي بيضاء ممدودة كأواصر محبة ابدية، فهم "من اعلن الجهاد ضد بريطانيا في الحرب العالمية الاولى دفاعا عن الدولة العثمانية لانها تمثل بالنسبة لهم دولة الاسلام" وفتحوا سفارة لفلسطين في "زمن يتسابق فيه غيرهم على فتح سفارات لإسرائيل" وأول من حرر أرض عربية اغتصبتها إسرائيل وأول "من أهدى العرب النصر العسكري الاول في تاريخهم (الحديث)"

ليعود ويقول "وأنصافا للحقيقة فان من يدعي بذلك ليس سنيا وان لبس لبوسهم. وليس شيعيا وان اقام شعاءرهم ." (30)

 

وتتساءل "مها عبد الكريم" بحق: لماذا يقبل العراقي على نفسه - اذا كان لايرضى بالاحتلال- ان يأتي العربي ويقاتل المحتل بالنيابة عنه؟ كان هناك الكثير من الاتهامات بوجود تدخل ايراني وفيلق القدس وغيره في العراق فلماذا لم يتم اطلاق لقب " المجاهدين " عليهم ايضا؟؟

الخوف غير الطبيعي لدى السنة عموماً من إيران، في تقديري، ليس إلا نتيجة إعلام أمريكي إسرائيلي خفي منظم ومنسق لتحطيم صورة الواقع، وإحلال الشيطنة محلها. لقد جمعت خلال متابعاتي مئات الأدلة على تلك الشيطنة الإعلامية الموجهة بتركيز وكثافة ضد إيران من قبل الإعلام العراقي المؤسس بأموال أمريكية بعد الإحتلال، والعربي السابق له. وإنني أعد القراء بمقالة مخصصة لكشف ذلك التشويه للحقائق وحجمه المهول، لكي يعرف السنة بشكل خاص، ما مدى صحة صورة إيران لديهم، وهل بنيت على الحقائق أم الأكاذيب الإعلامية.

فصورة السنة مشوهة كثيراً من خلال موقفهم من إيران، والذي لا يجد أخوتهم من الشيعة العراقيون تفسيراً له سوى الحقد الطائفي لأن إيران شيعية، فهم لا يرون هذا الخطر الداهم الذي يصوره الوهم للسنة.

 

وللخوف البالغ من الوهم أخطار أخرى غير تشويه الصورة لدى المقابل. إنه يجعل المواقف السياسية مقلوبة أيضاً. إنني حين أراجع مواقف السنة من القضايا الدولية ، أصاب بالرعب لأني أجدها تكاد تنطبق مع مواقف إسرائيل! فعندما تؤمن أن إيران خطر كبير عليك، مثلما تؤمن إسرائيل، فلا مفر من أن يدفعك ما تراه "مصلحة مشتركة" إلى تقترب من إسرائيل بوعي أو بدون وعي.

وإلا فبماذا نفسر الموقف السلبي لنسبة من السنة من "حزب الله" اللبناني وقائده  السيد حسن نصر الله؟ بدلاً من الإفتخار بهما كما تفعل كل الأمم مع محرريها وأبطالها التاريخيين، الذين "منحوها نصرها الأول" في العصر الحديث كما ينبه كاظم سهر بحق؟ هل من أمة لديها مثل حسن نصر الله وتتردد في رفعه بطلاً ورمزاً تاريخياً يشحذ الهمم ويقوي العزائم؟ بأي شيء سوف يمكن تقوية العزائم إذن؟ لماذا نحتقر الأنظمة العميلة المهزومة، دون أن نحترم من يقف بصلابة ويحقق النصر؟ لماذا نتبادل رسائل السخرية من هزيمة الأمة بكثافة وسرور، ولا يرسل أحداً تذكرة بانتصارات أبطالها؟ ألسنا نشوه صورة الأمة هنا بتبهيت جانبها الإيجابي وإضاءة ما هو سلبي ومهزوم فيها، ربما بلا وعي، وإلى أين سيؤدي ذلك؟

 

أرجو أن لا يفهم السنة أن هذه المقالة كتبت للإنتقاص منهم، ولتذكير الناس بأخطائهم وخطاياهم، بل كتبت لخدمتهم بالدرجة الأولى ولتنبيههم إلى ما يراه الآخرين من أبناء هاذا الوطن منهم. وحتى لو كان ليس كل ما فيها دقيق وذو مصداقية كاملة، فأنه يؤثر بنفس الطريقة على تلك الصورة، ومن واجب السنة إزالة ما ليس صحيحا عن صورتهم لدى الآخرين، كما هو من واجبهم تصحيح ما يشوهها من مواقف غير سليمة من قبل قادتهم أو قناعاتهم. إنها محاولة لوضع مرآة يرى فيها الإنسان صورته كما يراها الآخرون بلا تزويق ولا مجاملة ولا دبلوماسية. وأني أذكّر أن هناك مقالات أخرى للآخرين، ولخدمتهم أيضاً، وليس للإنتقاص منهم، للمساعدة على أن يروا أنفسهم بأعين الآخرين، ويفهموا ردود أفعال الآخرين على مواقفهم.

 

لا يجب أن يأخذ السنة هذه المقالة كهجوم عليهم، بل هي كتبت من أجلهم قبل كل شيء، فقد وصل حال صورتهم ما لا يرتضوه لأنفسهم، وبسبب مخاوفهم الطائفية والرعب من إيران، لم يعد من السهل تمييز مواقفهم في السياسة الخارجية عن مواقف إسرائيل، وصارت المقالات التي تردني من معارفي السنة تكثر من مصادر وكتاب أعتبرتهم إسرائيل يمثلون موقفها في العالم العربي أكثر وأكثر! أنظروا هذا "المفكرالإسلامي" السعودي عايض القرني يفتي بأن قتل بشار أوجب من قتال الإسرائيليين (!) محتجاً بفتوى بأن قتال "الفاطميين" أوجب من قتال النصارى(31)

ولو أنه طلب من الموساد أن يكتبوا له خطابه لما كتبوه بشكل مختلف. ولكي أؤكد لكم ان هذا التقارب ليس مزحةً، أترككم مع هذا الفيديو الذي يفترض أن يتسبب بالرعب لكل سني ، بل كل مسلم وكل عربي، عما أوصلت مواقف السنة السياسية صورة السني إليه، حتى لدى الإسرائيليين صاروا يرون في السنة "أصدقاء" محتملين لهم، لأن "مصالحهم مشتركة"(!!) فانظروا أين وصل الأمر أيها السنة، وأفعلوا شيئاً قبل فوات الأوان. (32)

 

 

كيف يراك الآخرون؟

 1- حديث عام
صائب خليل

 

كيف يراك الآخرون:

 2- خرافات عن السنة

صائب خليل

 

كيف يراك الآخرون؟

3- صورة السنة والفتاوي والإرهاب

صائب خليل

 

كيف يراك الآخرون؟

 4- السنة ومواقفهم السياسية

صائب خليل

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا