%@ Language=JavaScript %>
|
لا للأحتلال |
|
---|
رحيل مبارك أم إسقاط النظام؟
صباح علي الشاهر
مازال شباب مصر يجترح المُدهشات في كل يوم، ومازال عواجيز السياسة يلهثون وراء الأحداث، لا يملكون حتى مجرد تفسير وتحليل ما يحدث. يتحدثون تارة بلغة الناصح والحكيم، وتارة بلغة المُنبه والمُحذر من الأخطار المُحيطة بمصر، وكأن مصر مبارك كانت بعيدة عن الخطر. مازال هؤلاء المهزومين، المخذولين، المُحبطين، أسرى الوهم المُخدر بكونهم أوصياء على مصر، وأساتذة السياسة، ومحتكري المعرفة، رغم أن الوقائع تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك، بأنهم، وهم المدجنون، المخصيون، كانوا وما زالوا سبباً من أسباب نكبة هذه الأمة، لقد إحتكروا الشارع السياسي المقاوم، لكنهم لم يقدموا مقاومة بل قدموا مُساومة. إنهم الوجه الآخر للنظام، فالنظام يبطش، وهم يُحَبِطون. لقد أكتفى بعضهم بالفتات، إرتضى أن يكون باحثاً في جريدة، أو مركزا وهمياً للدراسات، أو مستشاراً بلا فعل أو عمل، أو نائباً شكلياً في برلمان مُزور من رأسه حتى قدميه، ليكون شاهد زور على سرقة أصوات الشعب ونحر إرادته.
مصر اليوم غير مصر الأمس، ومعارضة اليوم غير معارضة الأمس، ورجال مصر اليوم غير رجال مصر الأمس، والشارع السياسي المصري غيره بالأمس. مصر اليوم تنهض كالعنقاء من الرماد، لا يقود حركتها وزحفها العواجيز، وإنما الشباب الذي نحس أننا جميعاً نلهث وراءه، غير قادرين على محاكات خطواته، فما أقل من أن ندعمه بالقول أن لم يكن بالعمل، وأن نخجل من سرقة جهده، والتحدث باسمه أو عوضاً عنه، فالدم الذي يسيل في ميدان التحرير وشوارع القاهرة دمه لا دمنا، والصوت الذي يرعب الطاغية اليوم صوته لا صوتنا.
لا الوفد ولا التجمع ولا البرادعي ولا حتى الأخوان هم من يرسم مستقبل مصر اليوم، وإنما هذا الشباب الذي أهملوه وهمشوه وقللوا من شأنه، والذي لم نعرف وحتى هذه اللحظة من هم قادته الفعليين، الذين إكتفوا بتحقيق الأهداف بعيداً عن الأضواء، دونما رغبة في مغنم خاص، وعلى الآخرين إدراك هذه الحقيقة، والتعلم من تواضع الثوار في ميدان التحرير.
ما أبلغ الدروس وأكثرها، هذي التي يقدمها ميدان التحرير، وشباب مصر في ميدان التحرير.
أي ولادة عظيمة، مليونية العدد، مدوية ليس في فضاء مصر فحسب، بل في فضاء العالم كله، هذه الولادة المباركة، لقيادة جديدة، فولاذية، من طراز خاص، لم تشهد أية ولادة لأي تنظيم سياسي أو حزب شبيهاً لها في تأريخ العرب كله، فإذا كان عامل ثلج في الناصرية بادر في لحظة تأريخية لتأسيس حزب للطبقة العاملة في العراق، وإذا كان بضعة أشخاص إجتمعوا في مقهى لتأسيس حزب عربي يدعو لوحدة الأمه، وإذا كان تجمع لبضعة نخب في هذه العاصمة العربية أو تلك تنادى لتأسيس جبهة أو تجمع، وإذا كان ضابط وطني قاد بضعة أشخاص من زملائه إلى ثورة أسقطت الملكية، ثم دعا الشعب فيما بعد لأن يرفع رأسه، بإطلاق أنبل وأكرم شعار ( أرفع رأسك يا أخي ) ، فإن شباب مصر سيُعلن إنبثاق حركة جبارة، مُعمدّة بالدم الطاهر، مدعومة من لحظة إنبثاقها، من ملايين هادرة في كل مدن مصر، مُبرهن على جهادية القائمين عليها من لحظة إنبثاقها، وصلابتهم، وتعذر إختراقهم، وإستحالة خضوعهم للمساومة والتفريط بأهداف الثورة المُعلنة، رغم الأساليب الجهنمية، المُتجددة باستمرار، والمُبتكرة، المصنوعة في أكبر مطابخ التخريب والتآمر والفبركة في العالم، مثل هكذا حركة، وهكذا قيادة موّحدة، هي وحدها، ووحدها فقط القادرة في ظرف معقد كالظرف الحالي، أن تصل بالثورة إلى غاياتها.
من أجل قطع الطريق أمام إمكانية سرقة الثورة، ينبغي ودونما تأخير إعلان حركة الخامس والعشرين من يناير، وإعلان القيادة الميدانية، المنبثقة من هذه الحركة لقيادة الثورة، التي عليها الإعلان عن إسقاط النظام برمته، وإسقاط الدستور، وحل حزب السلطة، والمجالس المزورة، وإلغاء حالة الطواري المؤبدة، وإستلام السلطة الفعلية، وتعيين حكومة وطنية بمشاركة كل القوى والأحزاب الوطنية، التي يُعهد إليها إجراء إنتخابات تحت إشراف القضاء، ومن ثم تسليم السلطة إلى الحكومة المنتخبة، وبعدها تتحوّل حركة الخامس والعشرين من يناير إلى حركة سياسية كباقي الحركات، تراقب بنفس الروح الوطنية والثورية إداء وعمل السلطة الجديدة، التي ستقف بوجهها كلما إستلزم الأمر، عبر طريقها الثوري والديمقراطي الذي اصبح مُجرباً، ألا وهو طريق ميدان التحرير، الذي سيكون ضمانة للحيولة دون الإستبداد والإستئثار، والخروج على إرادة الشعب .
بهذا وبهذا وحده يتم تحقيق الهدف الأساسي ألا وهو إسقاط النظام، اما إسقاط مبارك فقط ، فسوف لن يكون في أحسن الأحوال إلا تبديل وجوه ليس إلا، إذ سيغيّر النظام من الوجوه ويبقي السياسات والممارسات، وما كانت معانات الشعب المصري من الوجوه وإنما من السياسات اللا وطنية، ومن الممارسات اللا إنسانية، لم يثر الشعب المصري على مبارك لأنه مبارك، ولم يثر على حبيب العدلي لأنه حبيب العدلي، ولا على أحمد عز ، لأنه أحمد عز، وإنما ثار بوجه القمع ونهجه، الفساد والإفساد، البلطجة كنهج وممارسة للسلطة القمعية، السرقة والرشوة والتزوير، وسلسلة طويلة من السياسات والممارسات التي تجعل من القائمين بها، والمتبنين لها، على الضد من مصالح الشعب والوطن، مما يجعل من الضروري والمُحتم ليس إبعادهم عن السلطة فقط، بل مقاضاتهم على هذه الجرائم التي يعد كل منها خيانة وطنية بإمتياز.
الخيانة الوطنية، وسرقة أموال الشعب، والتزوير ، والقتل المُمنهج والمُبرمج ، والتفريط بمصالح وثروات الشعب، والإرتهان بالخارج، والتآمر مع العدو على الأمة، ليست هذه الأمور وجهة نظر ، وإنما هي جرائم وفق كل المقاييس والمعايير.
تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا
جميع الحقوق محفوظة © 2009 صوت اليسار العراقي
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا |
|
---|