<%@ Language=JavaScript %> صباح علي الشاهر الثورة المضادة تكشّر عن أنيابها
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                         

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

الثورة المضادة تكشّر عن أنيابها

 

 

 

صباح علي الشاهر

مثلما كانت ثورة مصر الشعبية خارج المعهود والمُعتاد من ثورات، فكذلك كانت سرقتها، نمطاً خاصاً من السرقات، لنمط خاص من الحرامية .

من المعروف ان أخطر مراحل الثورات، هي فترات الإنتقال، إذ فيها يتم تحريفها منحىّ ومنهجاً، عبر هيمنة مجاميع هامشية عليها، أو سرقتها عبر قوى مضادة تنشأً في مجرى العمل، وتوجيهها وجهة أخرى مختلفة عن النهج الثوري الذي بدأت به .

تجارب التأريخ في هذا المجال أكثر من أن تُعد، ولكن بالقطع لم يحدث في أي ثورة حقيقية حديثاً أو قديماً أن أوكلت مهمة تنفيذ مهام الثورة، لقوى من خارج الثورة، أو لقوى إستهدفتها الثورة وثارت ضدها، وهي مضادة لها، وعلى النقيض منها .

لقد وصف النظام وإعلامه وسياسييه ومرتزقته في شتى الحقول شباب الثورة بكل ما يخطر على البال، وما لا يخطر من سوء، وخيانة،  وعماله، وجهالة، ونادى بعظهم بحرقهم، وقصفهم بالطائرات، وحتى رميهم بقنابل ذرية، ونقلت وسائل الإعلام الرسمية هستيريا لا مثيل لها أبطالها، ساسة النظام، وكتبة النظام، وفناني النظام .

لقد وضعنا عبر أيام صعبة أمام أسطبل حقيقي، كشف لنا الخواء الروحي والأخلاقي لنظام لم يبق فيه، على قول شاعر العرب الأكبر ( موضع نزيه له يؤتى فيُثلب).

(عار) مصر كان يطالب بإبادة ( فخر) مصر، وتلك واحدة من الدلالات البالغة العمق في الفرز الذي أحدثته هذه الثورة، ومن جملة الأسئلة المطروحة الآن، هل ينبغي مواصلة الكشف، والفرز، ورفع الغطاء عن القمامة، أم أن الماء النقي سيختلط مجدداً بالماء الآسن والفاسد والملوث ؟ مما يجعل التساؤل التالي مُبرراً : هل الثورة توليف أم تنظيف؟

لقد عمل النظام عبر عقود على تشويه كل شيء، وتحريف كل شيء، وسرقة كل شيء، فما أقل أن يُفسح المجال أمام الثورة لبضعة أشهر للكشف عن جوهرها ومعدنها وقيمها وأهدافها، تلك التي عشنا بعضاً منها ايام الثورة المجيدة، التي أحيت شعباً كاد أن يموت .

يتوهم البعض أن إعلامي السلطة تحولوا مائة وثمانين درجة، من معادين للثورة، إلى مناصرين لها، وعنده أن هذا هو قمة الإنتهازية، أما رقيقو القلوب فقد حسبوا أن ضمائر هؤلاء قد إستيقضت أخيراً، وإن كنا لا ننكر وجود هذين النمطين من الناس، إلا أننا نرى الصورة الأعم أبعد من هذا التوصيف، وأن وراء الأكمة ما وراءها، إذا أن تحوّل الإسطبل الإعلامي السلطوي الفجائي أمر دبر بليل، تماماً مثلما دبر بليل غياب وإنسحاب الشرطة وأمن الدولة الفجائي في مفصل من أهم مفاصل ثورة الشعب .

الناطق باسم الجيش، ذاك الذي ظهر على شاشات التلفزيون في الأيام الأولى من الثورة طالباً بشدة من الشباب مغادرة الميدان، وعدم تعطيل مصالح الناس، والذي أعلن عن منع التجول الذي سيطبق بكل حزم، والذي لم يلتفت له أحد، هذا الرجل الذي هو صورة للنظام السابق، يعود بعد سقوط مبارك ليتداخل عدة مرّات في التلفزيون الرسمي، الذي طفق مؤخراً، بعد صحوة الضمير، يجري حوارات تبدو جريئة، ليدافع عن أكثر الأسماء سواداً وفساداً، بإعتبارهم أبطالاً كانوا يؤدون واجباً، لم يكشف سيادته هذا الواجب، بل جعله من اسرار الدولة، مبيناً أنه سيكشفه فيما بعد، وسيعرف الناس يوم ذاك ( يوم أن يكشف سيادته المستور) وطنية هؤلاء الذين نقم عليهم الشعب.

(الله! ياخبر أسود، إيه ده !!)

ما فعله وقاله هؤلاء معروف للجميع، يبقى ما فعله الثوار، وهو ما وقف هؤلاء ضده وبوجهه، هو مثار الشك، ولماذا الشك، إنه حتماً ضد أمن الدولة ومصلحة الوطن، هذا هو مغزى كلام السيد اللواء الذي لم ينس تكرار طلبه الأبدي الذي لم يلتفت له أحد بضرورة إيقاف الإعتصامات والتظاهرات، لأنها تؤثر على أصحاب الأعمال، وتؤدي إلى خسائر . هذا الرجل ما زال يتصور أن السلطة هي سلطة رأس المال الفاسد ، لم يتحدث عن مطالب المتظاهرين والمعتصمين، أولئك الذين إستنزفهم وعصر ليمونتهم حتى آخر قطرة ولسنين طويلة صاحب المال الذي يخاف السيد اللواء على ماله أكثر من خوفه على دماء وكرامة المصرين.

 لماذ لا يقول مثلاً : أن على صاحب المعمل أو الشركة أو المؤسسة الذي أضحى ومن أيام الأنفتاح الأولى قطاً سميناً ، لماذا لا يطالبه بإعطاء هذا الكادح حقه ؟

 لماذا يبقيه خمسة عشر عاماً وفق نظام التعاقد، لماذا لا يوظفه ؟ بودي أن أهمس في إذن اللواء بما يلي : هل تعرف ياسيدي لماذا لا يفعل صاحب العمل هذا ؟ لأنه يريد أن يعطي للعامل أو المستخدم ثلث راتبه، أي يسرق منه ثلثي الراتب الحقيقي، ويريد أن يحرمه من الضمان الصحي، والتقاعد، والأهم يريده، وعلى طول الخط، خائفاً، مرعوباً، مهموماً بيومه وغده، وأداة طيعه، يستعبده رغيف الخبز، الذي أصبح منة من صاحب العمل.

نصيحة للسيد اللواء، وأي لواء آخر غيره، إبعد عن ميدان السياسة سيدي، ثم أليس الجيش بعيداً عن السياسة، أم أن السياسة التي عليكم الإبتعاد عنها في مفهومكم هي فقط مصالح الناس، مصالح الطلبة والشباب، والعمال والفلاحين، أما مصالح أصحاب الأموال فهي أمن دولة ؟! 

إذا كان السيد اللواء ناطقاً باسم الجيش، وهو رسمياً كذلك، فالجيش في هذه الحالة لا يزاول السياسة فقط، بل يقف في جانب ضد جانب آخر، أي أنه ليس حيادياً كما زعم البعض، هو يواصل نفس النهج الذي سبق له أن إنتهجه قبل إنتصار الثورة، وهو الوقوف إلى جانب السلطة، والى جانب سلطة المال الأتعس وألأنذل من أي سلطة أخرى .

ينبغي الإنتباه، دونما خلط، إلى كون جيش مصر العظيم هو جيش الشعب العظيم، ليس ثمة خلاف في هذا، لكن هذا الجيش ليس فقط كبار ضباطه الذين إرتبطوا بالسلطة، ليس المشير فقط، ولا اللواء في القصر، وإنما هو كل الرتب والأصناف  والأفراد، وأن ما سيقوله كبار ضباط السلطة، ليس هو بالضرورة ما يقوله الجيش كله، الذي شاهدنا إلتحاق ضباطه الشباب بالثورة .

من الحكمة عدم اللعب بخبث مع الثورة ، فمآل هكذا لعب الخسران المبين . 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا