<%@ Language=JavaScript %> صباح علي الشاهر أيام مصرية ستغير وجه المنطقة
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                         

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

أيام مصرية ستغير وجه المنطقة

 

 

 

صباح علي الشاهر

 

من حيث إحتسب البعض، أو لم يحتسب، تحرك المارد المصري، فكانت المفاجأة الكبرى للعروش والأنظمة المستبدة والمشايعيين والمتابعين، والذين أصيبوا باليأس من قدرة الشارع المصري على الوقوف بوجه نظام جند أكثر من مليون وخمسمائة من أفراد الشرطة والأمن، وما لا يعرف عدده من المخبرين السريين، والبلطجية الذين يكلفون بمهام قذرة كلما إستوجب الأمر، وبالأخص أثناء الإنتخابات والتحركات الشعبية، كلف كل هذا الخليط لحماية النظام الذي تقلصت قاعدته بحيث إقتصرت تقريباً على رجال الأعمال الذين أصبحوا ساسة، وبعض المنتفعين من حديثي النعمة، وبعض الذين إمتهنوا مهنة التبخير للحكام .

لقد حرص النظام على إظهار ضآلة المعارضة بإزاء قوّة وجبروت السلطة التي لا تقهر . لقد تكفل الإعلام من حيث يدري ولا يدري بتكريس تلك الصورة التي أصبحت نمطية والتي أراد النظام تكريسها، وهي صراخ بضعة عشرات من المعارضين في الجامعات وأمام النقابات، وداخل المساجد، بإزاء جحافل تتفوق عليها عشرات المرات من الشرطة المدججة بالأسلحة والتي تصطف بإنتظام صف بعد آخر. لقد قزّم النظام بهذا الإيحاء المبرمج من قدرات المعارضة، وجعلها مثار السخرية، وحال بينها وبين الوصول إلى الشارع، الذي بدا وكأنه في واد آخر، وهو في حقيقته لم يكن كذلك.

منذ غياب أو تغيب، موت أو إغتيال، قمر العروبة الأسمر، ومصر تعاند التأريخ والجغرافية، وتذهب بعيداً في المكان الذي لا يمكن عملياً وموضوعياً أن تكون فيه، وكلما ذهبت بعيداً في هذا المسار، كلما تعمّق الشرخ بين مصر الشعب، ومصر السلطة، بين أن تكون مصر لأبنائها أو تكون مصر للأغراب، وفي خدمة الغير،  حتى وصل الحال أخيراً إلى مرحلة الحسم الضرورة، إذ لم يعد ثمة من مناص أما أن تكون مصر الشعب المصري العربي، بتأريخه الممتد لآلاف السنين، أو أن تخرج مصر من جغرافيتها، وتستقيل من تأريخها.

هل يرحل الشعب أم يرحل النظام ؟

هذا ما وصل إليه الحال في مصر الآن، وليس ثمة من مخبول يتصور أن الشطر الأول من المعادلة هو ما سيكون .

عندما خرج الغضب المصري من باحات المساجد، والجامعات، والنقابات، إلى الساحات العامة والشوارع، إلى الفضاء الذي فيه تنمو وتترعرع إنتفاضات الجماهير، حيث يتبين وبأجلى الصور الحجم الحقيقي للشعب المنتفض، والحجم الحقيقي لقوّة النظام، يكون الشعب قد خطى الخطوة الأولى على درب الثورة الشعبية .

لم يعد أصحاب الخوذ الحربية والدروع في ميدان التحرير وشوارع القاهرة يمثلون اضعاف المتظاهرين، لقد ضاعوا في خضم الأمواج البشرية المتلاطمة. نفس الأمر حدث في كل المدن المصرية. إذن ليست المعارضة قزمة، ولا هزيلة أو قليلة العدد، للحد الذي يبيح للمستهينين الإستهانه بها. هذا الأمر يكشف وعلى نحو لا يقبل التأويل حقيقة الشرعية التي يتمتع بها النظام ورأسه .

الملايين في الشوارع هي إستفتاء لا يقبل التأويل على شرعية السلطة من عدمها . نعم لقد أسقطت الجماهيرة شرعية النظام منذ اليوم الأول للإنتفاضة. لم يعد يحق لمبارك الإدعاء بالشرعية، والإستناد إلى نتائج إنتخابات لم يعد بالإمكان الدفاع عنها. الشارع والملايين التي إنتفضت في كل المدن المصرية تؤكد بأنها كانت مزورة، وباطلة .   

منذ اليوم الأول سقط قناع الشرعية عن مبارك ونظامه . ذلكم هو المؤشر الأول، الذي ترافق مع مؤشر آخر، بالغ الأهمية، ألا وهو سقوط جدار الخوف كلياً، مما يجعل الثورة حاصلة مهما أمتد بها الوقت، وممكنة في كل وقت، لقد عرف شعب مصر طريقه إلى الحرية، وهذا لوحده ضمان أكيد بتعذر ليس فقط بقاء الديكتاتورية، وإنما إمكانية وجود اي ديكتاتورية، فعندما يتحدث الشارع، وعلى مثل هذا النحو، لن يعد بإمكان أي كان الإدعاء بأنه ضرورة حتمية، أو قدر، لن يصبح بمقدوره مجرد الزعم بأن قامته أعلى من قامات البشر، وطوله أبعد من أطوال البشر، فجسد العاطل بوعزيزي المحترق أسقط زين العابدين بن علي، ودماء الشباب المصري ستسقط حتماً، ليس مبارك وإنما نظامه كله، وليس نظامه كله، وإنما سياساته كلها .

بالإضافة إلى ماذكر إعلاه لقد نجحت الثورة الشعبية المصرية في تحقيق العديد من الإنجازات لحد الآن منها أنها أسقطت التوريث، وأسقطت الأسرة الحاكمة، وأسقطت حزب الفساد والإفساد، إذا لم يعد بالإمكان عودة حزب مبارك ليكون حزباً حاكما، وإنهت حقبة حكم القمع بعد أن اذلت أمن الدولة، بإحراق مقراته، وعرّت ضعف وخواء الشرطة والأمن، وبينت بما لا يدع مجالاً للشك أن الشعب الأعزل أقوى من السلطة كلها، وأنه ليس فقط مصدر السلطة وإنما هو السلطة.

وبقي على الثورة إسقاط النظام الذي لم يسقط بعد، وعدم الإكتفاء باسقاط الطاغية فقط ، فنظام القمع المتحالف مع رأس المال لايعدم الوسيلة في خلق طاغية آخر، لذا ينبغي حل الحزب الحاكم، ومجلس الشعب، وتعليق العمل بالدستور الذي فصّل لإدامة حكم الطاغية أو من يريده الطاغية، وتشكيل حكومة إنتقالية تأخذ على عاتقها التمهيد لإنتخابات حرة نزيهه، تقوم بإختيار حكومة دائمة تنبري لمعالجة الكوارث الإقتصادية والإجتماعية ، وتحاسب القتلة والمجرمين، من الذين أساءوا للشعب في مرحلة مبارك، مع الإقتصاص ممن قمعوا الشعب أثناء الثورة الشعبية، وأسترداد أموال الشعب من الحيتان التي قامت بسرقتها عبر التواطؤ مع رأ س النظام أو أركانه، وتعويض عوائل الشهداء ، والجرحى ، وإنصاف الذين أضطهدوا وظلموا، والأهم إعادة النظر بتحالفات مصر سواءاً مع إسرائيل أو أمريكا، ولا يخفى على أحد أن هذا هو الشيء الأهم في نهاية المطاف، وهو ما تعمل أمريكا وإسرائيل وأنظمة العمالة والخيانه على عدم حصوله .

الموقف السياسي لما بعد التغيير في مصر هو الأمر الأكثر أهمية، فهو الذي سيعيد مصر لقيادة الأمة، وهو الذي سيتوجها قائدة للنضال العربي، وهو الذي سيخرج الحق الفلسطيني من عنق الزجاجة والنفق المظلم .   

  

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا