<%@ Language=JavaScript %> صباح علي الشاهر لم يكتمل إنتصار الثورة المصرية بعد
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                         

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

لم يكتمل إنتصار الثورة المصرية بعد

 

 

 

صباح علي الشاهر

 

أسقطت ثورة الشعب المصري الطاغية، ثم أعقبت هذا بإسقاط  ذيله، وبهذا خطت الخطوة الأولى على طريق الإنتصار، لكنها قطعاً لم تحسم الأمر حتى هذه اللحظة .

لا تُحسب الثورة ثورة لمجرد إسقاط طاغية، وإبداله بآخر، ولا طغمة حاكمة بطغمة أخرى، وإنما بإسقاط نظام وإنشاء نظام آخر على أنقاضه، هذه البدهية لا يمكن بأية حال من الأحوال القفز عليها، ولم يحدث في التأريخ كله أن قامت قوى الثورة بإسقاط نظام ما ثم سلمت مهام بناء النظام البديل إلى قوى النظام القديم، أو حتى جزء محايد منه، هذا إذا إعتبرنا أن الجيش كان محايداً فعلاً، لأنها تكون في هذه الحالة قد حكمت على الثورة بالموت وهي في المهد.

يجب أن ننتبه إلى أن المجلس العسكري الأعلى لم يستلم السلطة من الثورة، وإنما مُنحت له من قبل الرئيس المتنحي، ولعل هذا يفسر بعض الأمور، ويجيب على بعض الأسئلة ، مثل : لماذا لم يجتمع أعضاء المجلس العسكري الأعلى بقادة الثورة الحقيقين حتى الآن ؟

من يقتنع بأن المجلس العسكري الأعلى سينجز مهام الثورة، هو مثل ذاك الذي يقتنع بإن مبارك، لو قيّض له البقاء على رأس الهرم، سينجز هذه الأمور، وهو قد زعم هذا، ربما بنفس الزعم الذي قاله أو قدمة العسكر، خلال بياناتهم الخشبية .

يخيّل لي أن لا فرق من حيث الجوهر بين نظرة مبارك، ونظرة قيادة الجيش إلى الحراك المصري الثوري والملهم، فمبارك قال ( خلي العيال يتسلوا) ، وبعد أن تبين أن ( العيال كبرت ) وأصبحت أمة، ربما بات يراود قيادة الجيش تعبير آخر ( خلي الشعب يتسلى) ، لو صدق هذا الحدس فإننا سنكون أمام مأساة وكارثة لا حدود لها .

قد يكون الضابط الكبير الذي ظهر على الشاشة وهو يُلقي بيانه المقتضب، والذي أدى التحية العسكرية عندما قدم شكره للشهداء صادقاً تماماً في هذا، ولكن أيضاً قد تكون هذه حركة تأتي في سياق تلك الحرب السايكولوجية بالغة الدقة والذكاء، والتي إستعملت أثناء وبعد الثورة، والتي تم خلالها التلاعب بمشاعر الناس، قصد إحباطهم، ومن ثم إسقاطهم . لقد شن الإعلام وكذا قوات الشرطة والجيش، وكذا السياسيون الحكوميون، ومن يدور في فلكهم أبشع أنواع الحروب النفسية القذرة، ليس ضد جيش عدو وإنما ضد شباب وشيب هذه الأمة، مما يستوجب تقديم القائمين بهذا الفعل المخزي إلى المحاكم، للإقتصاص منهم ، فالشعب المصري ليس حقل تجارب لمثل هذا النوع من الحروب التي تدرّس في الأكاديميات العسكرية الأمريكية والإسرائيلية، ليتم إستخدامها ضد شعوبنا التي كانت مقهورة.

يسجل لشعب مصر البطل أنه بتماسكه وصموده المُدهش والمُذهل، أفشل وأبطل أبشع حرب شُنت عليه بالترافق مع البطش الذي فاق كل تصوّر، والتي لم تكن بعض قوات الجيش بمعزل عنه .

نفس البيان أشار إلى التقدير البالغ لمن خدم مصر زمن الحرب والسلم، وهو يقصد الرئيس المتنحي، فإذا كان الأمر كذلك، إذا كان مبارك قد خدم مصر زمن الحرب والسلم وبإخلاص، فلماذا تثور هذه الجموع ضده؟

مثل هذا القول يُبطل أي شرعية أو عقلانية لحراك ملايين الشعب المصري، وهو إذ لا يصمها بالخيانة بوقوفها أمام رئيس أخلص للشعب في زمني الحرب والسلم، فأنه يصمها على الأقل بالعبثية، والجهالة، والتأثر بأجندات خارجية ، هذا هو منطق الأمور .

لقد قتل ما يقارب الأربعمائة من خيرة شباب مصر، وجرح ما يناهز الخمسة آلاف شاب، وما زال المئات مفقودين، وهؤلاء لم يصيبهم ما أصابهم بسبب وباء إستشرى في مصر المحروسة، وإنما بسبب بطل الحرب والسلام هذا، ومن قبل أتباعه وجلاوزته عسكريين ومدنيين، فكيف يمكن التوفيق بين القاتل والمقتول ؟ أما أن يكن القاتل بطل أنقذ مصر من الخونة، وبالتالي يكون هؤلاء عملاء، والعميل لا يستحق الرحمة، أو أن يكون هؤلاء أبطالا وشهداءا، ويكون من تسبب بمقتلهم وأذاهم مجرم، مكانه الطبيعي وراء القضبان بإنتظار المحاكمة التي تقتص منه، لا التكريم والتبجيل الذي يمنحه له هذا البيان المتناقض والمهلهل في كل فقرة من فقراته، الغائم والعائم، والزئبقي الذي لا يُمسك .

الفارق بين إيقاع وحركة القديم المتمثل سابقاً بمبارك وسليمان، والمتمثل حالياً بالمجلس العسكري الأعلى، وإيقاع وحركة الشباب، هو كالفارق بين إيقاع وحركة السلحفاة، وإيقاع وحركة الديجتل.

الأيام تمضي، وأدعياء الحكمة والتعقل، يقولون في الـتأني السلامة ، ولسنا ندري سلامة من؟  سلامة الثورة ومصر ، أم سلامة ما تبقى من النظام ؟ 

خلال هذه الأيام، حصل الشهداء على تحية عسكرية، في حين تم إبقاء حكومة مبارك، وطلب إخلاء ميدان التحرير، وذهاب الثوار إلى بيوتهم، وتم تثمين عمل ونضال الجلاد، وسمح للفاسدين بتقديم إستقالاتهم، في حين كان المطالوب أقالتهم وتقديمهم للقضاء ، وتم تطمين إسرائيل على المعاهدات والإتفاقيات بينها وبين سلطة مبارك، التي عدّت( الإتفاقيات) وفق هذا التطمين بينها وبين الدولة، في حين لم يتم حتى هذه  اللحظة تطمين الثورة ورجالاتها، ولا تطمين الشعب، وما زال ثوار الخامس والعشرين من ينايير في السجون، وما زال جرحى الثورة يبحثون عمن يداوي جراحهم، وما زال الفاسدون والمفسدون يسرحون ويمرحون، لا بل يحكمون ، ويعيدون تنظيم صفوفهم .

يقولون مخادعين أن الأمر يحتاج إلى وقت، ولا ندري أي وقت هذا الذي يحتاجه أمر كاعتبار شهداء الثورة شهداء الشعب والوطن، ببيان صريح يُعيد الإعتبار لهم ويعلن هذا رسمياً، وهو ما فعلته كل الثورات في العالم، وما الذي يمنع السلحفاتيون من إصدار أمر إطلاق سراح سجناء الثورة وسجناء الرأي، وما الذي يمنع إصدار قرار إلغاء حالة الطواريء، ثم كيف إستطاع مبارك خلال ساعات تعيين حكومة، ولا يستطيع المجلس الأعلى تشكيل مثل هذه الحكومة طيلة هذه الأيام الماضية ، فيلجأ لتكليف حكومة النظام بإدارة الأمور؟

من إستقراء الوقائع على الأرض، نرى أن مبارك قد رحل فعلاً ، بدون عودة ولا توريث ، لكن النظام بقى ، وهذا ما يجعل أنبل وأعظم ثورة في العصر الحديث في مهب الريح .    

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا