%@ Language=JavaScript %>
|
لا للأحتلال |
|
---|
زمن يحتضر .. زمن يولد
كامل الجباري
تنشط التحليلات السياسية و يدلي الكل بدلوه ، في حوار غير مسبوق، بعد أن انطلق تسونامي الثورة و التغيير بشكل جارف لم تنفع معه كل سدود العالم القديم التي لا تصمد كثيرا حتى تبدأ بالانهيار ، ليجتاح النظام الرسمي العربي ، حيث ابتدأ العقل الجماهيري الجمعي يتشكل بممارسة عملية نقدية اتجاه النظام القديم المتآكل و المتقيح . و حتما انه سيجد تعبيراته الفكرية والقيمية و التنظيمية مع الحراك السريع المتجدد كما هو منطق التاريخ.
ابتدءا علينا أن نؤكد أن الآم الولادة والمخاض ليست سهلة بل عسيرة، في حالة التغييرات الكبرى ، و أن قوى المجتمع القديم لن تخلي الساحة بسهولة. كما ان الكثير من جهات الهيمنة الخارجية دولية و إقليمية ستحاول التسلل لاستثمار ما يجري و حرفه عن أفقه و بذلك نغلق الجدل غير المفيد الذي يحاول نقل اتجاهات الصراع من وقائعه الحقيقية إلى وهم حقائق افتراضية تحرف الأذهان و الأفعال إلى مسارب أخرى.
بعد أن فشلت الأنظمة التقليدية القروسطية ، و كذلك أنظمة العسكر المتداخلة مع أحزاب و أنماط تفكير و سلوك اقرب إلى النمط الفاشستي التي قادت ما سمي بحركات التحرر الوطني التي فشلت في بناء اقتصاد متطور يخرج بلداننا من حالة التبعية الاقتصادية –السياسية للمراكز الرأسمالية المتطورة ليتحول حكامها إلى حكام فاشست يحكمون مدى الحياة. بعد إن فشلت كل هذه الأنظمة ساد التخلف و الفقر و نهبت ثروات هذه البلدان بين طبقات طفيلية محلية و نهب خارجي منظم ، علما إن ثروات هذه البلدان ، الطبيعية و البشرية الهائلة تجعل من هذه الدول في مصاف الدول الكبرى المتقدمة. لو كان هنالك أنظمة وطنية ديمقراطية حداثوية .
بعد كل هذا الإذلال و الجوع و القمع و تحول الكثير من القادة و الأحزاب و الحكام إلى أنصاف آلهة و عصابات سياسية مافيوية انتفضت الجماهير لتثأر و لتكنس أسباب و مسببي بؤسها بعد أن كسر الشعب التونسي حاجز الخوف و كشف هزال و كارتونية هذه الأنظمة و عجزها لتفوح الرائحة النتنة لفضائحها لتتحول هذه الانتفاضات إلى ثورات كبرى .(و هذا ما يبدوا جلياً في حالة ثورة مصر حيث اصطدمت مبكراً برأس النظام لتطيح به و لم تهدأ مطالباتها بعد ذلك إلا بإسقاط النظام بكل رموزه و مؤسساته).
ومن خلال ثورتي تونس و مصر ترى أن الزمن الجديد قد ابتدأت ملامحه ترتسم كثورة جماهيرية سلمية متحضرة تربط بين قيم المواطنة و الحداثة و الحرية و العدالة الاجتماعية ورفض القائد الضرورة أو الأحزاب الضرورة لتقطع صلاتها بقيم النظام القديم الزائفة عن الأبطال المنقذين . لقد استطاعت هاتان الثورتان عزل و تطويق كل أساليب الأنظمة الانحطاطية و أعمال (البلطجة) و التخريب ليحموا المؤسسات و المدن و الأحياء من شرور تخريب الأنظمة و الفئات المنحطة .الطبقة السائدة بكل قيمها التخريبية تقابلها قيم الثورة بمحافظتها على مصالح و أمن الشعب و لا بأس أن تذكر حماية المتحف المصري من قبل المحتجين . الدرس المهم الذي أفرزته الثورتان هو و حده الهدف و الشعارات مما و حد الجماهير و وحد احتجاجاتهم لتثمر و تحقق النصر و لم تسمح للفئويين و أصحاب الأجندات المختلفة من ركوب موجة الثورة بل حجمتهم و جعلتهم مصدر قوة للثورة لا مصدر ضعف و بذلك قطعت الطريق على الاختلافات الضارة التي قد تمزق الثورة .
لقد كانت الشعارات واضحة و محددة، الحرية و الكرامة و العمل و العدالة الاجتماعية، و بذلك اصطدمت بالجوهر ، بأنظمة الطبقات الكومبرادورية الطفيلية و مشاريع اللبرالية الجديدة التي تسعى إلى إطلاق قوى السوق العمياء و خلق طبقات حاكمة من سراق المال العام و وكلاء الشركات الأجنبية الذين يسعون إلى الثراء الفاحش السريع على حساب الشعب الذي يعيش في فقر مدقع و كبت للحريات و إلغاء لوجود الإنسان و حقوقه مقابل توفير الشروط اللازمة لنهب ثروات الشعوب و إعادة تدوير رأس المال ليصب في جيوب الاحتكارات الكبرى للدول المهيمنة.
بعد النجاح الذي حققته ثورتا تونس و مصر و اندلاع الثورة في العديد من دول المنطقة تحاول القوى الحاكمة المحلية و قوى مراكز الهيمنة العالمية أن تقطع الطريق على انتشار هذه الثورات بمحاولات مشبوهة لدمج أساليب الفوضى الخلاقة بأساليب الثورة الخلاقة لتخريبها و خلق الأجواء للقوى الفاشية و الظلامية لتصدر هذه الثورات و تخريبها و أقامت حكومات استبدادية فاشية بتغليب قوى الفوضى الخلاقة على قوى الثورة الخلاقة لخلط الأوراق من جديد.
يشهد العراق، كغيره من الشعوب المضطهدة ، احتجاجات جماهيرية واسعة حيث يبدو المشهد العراقي أكثر تعقيدا و خطورة لوجود الهيمنة الأجنبية المباشرة – الاحتلال – إضافة إلى وضع سياسي و اجتماعي و اقتصادي و امني هش تخترقه التدخلات الخارجية ، و كذلك هيمنة طبقة سياسية فاشلة تتصارع على النفوذ و المغانم مما يتطلب الانتباه الشديد للأجندات الخارجية و الداخلية المشبوهة التي لا تخدم المصالح العراقية و الحذر من استغلال البعض من أطراف هذه الطبقة السياسية لتجيير هذه الاحتجاجات لمصالحها الحزبية الضيقة.
تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا
جميع الحقوق محفوظة © 2009 صوت اليسار العراقي
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا |
|
---|