<%@ Language=JavaScript %> د. كاظم الموسوي بعد كل تلك السنوات العجاف
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

بعد كل تلك السنوات العجاف

 

 

 

د. كاظم الموسوي

 

ليس غريبا ما يحصل أو ما يقرأ ويشاهد ويسمع الآن بعد كل تلك السنوات العجاف من الاحتلال والتضليل والاستعمار المتجدد. الجديد، ربما، هو ان هناك من يصر على اعتبار ما حصل تحريرا أو انتصارا للغرب "الديمقراطي" لـ"حقوق الإنسان" والحريات العامة في العالم العربي والإسلامي؟. كل ما حدث باعتراف أركان من مصادره هو جرائم حرب بكل معنى الكلمة، قانونيا وأخلاقيا وسياسيا. والأدلة عليها لا تحتاج إلى برهان. الاعتراف بها يتقدم عليها وقد يكون لوحده، وإضافة إلى وقائعها، خير الأدلة. سجلنا مع كثير غيرنا ما يتعلق بالأمر، كتابة وإعلاما وسؤالا لكل من يهمه الأمر القيام بالمهمة المطلوبة، محاكمة المرتكبين ومحاسبة كل التفاصيل التي أدت إلى النتائج التي نعيشها اليوم.

كل مرة نعيد التذكير بما يذكرنا بتلك السنوات العجاف. مذكرات تصدر أو تصريحات تنشر أو وثائق تسرب، أو فرص لمؤسسات تحصل على أسرار خطيرة مثلما قامت به مؤسسة ويكيليكس أو بعض الجنود الأمريكان أو بعض المراسلين لوسائل الإعلام.

قد لا يكون آخر ما صدر عن الأجهزة الأمنية التي تحجج السياسيون، من الرئيس الأمريكي السابق بوش الثاني إلى رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، بأنها وراء تزويدهم بمعلومات مهمة دفعتهم إلى اتخاذ قرار غزو واحتلال أفغانستان والعراق خصوصا. فهذه اليازا مانينغهام بولر مديرة جهاز المخابرات البريطاني (أم آي5) السابقة إبان غزو واحتلال العراق، كشفت لوسائل إعلام بريطانية مؤخرا، إن العراق لم يكن يشكل تهديدا لأمن بريطانيا عندما قرر رئيس الحكومة آنذاك توني بلير المشاركة في الغزو. وسبق لها ان انتقدت عملية غزو العراق، وأشارت: "لم يشكل العراق تهديدا لبريطانيا، بل ان جهاز المخابرات حذر الحكومة من ان غزو العراق قد يزيد من التهديدات الداخلية للأمن الوطني علاوة على إلهائه البلاد عن متابعة الهدف الحقيقي وهو تنظيم القاعدة." ومضت بولر في القول "فهمت ضرورة التركيز على أفغانستان، أما العراق فقد كان صرفا للانتباه." وأضافت: "لست في موقع الحكم عما إذا كان قرار خوض الحرب ضد العراق قرارا خاطئا، فهذا من اختصاص الآخرين، ولكن العمل ألاستخباري لا يكتمل دون رسم الصورة كاملة، والصورة في هذه الحالة كانت مليئة بالشكوك، وكان البديل ان نتبع جورج بوش". هذا فضلا عن كل ما نقل عن المدعي العام البريطاني اللورد غولدسميث من تحذيرات عن لا مشروعية الحرب، ونصيحته لبلير بتجنبها دون قرار من الأمم المتحدة.

وإذا كان هذان الصوتان البريطانيان غير كافيين، فأنهما يضيفان إلى ما سبقت الإشارة له كثيرا من انتهاكات وخروقات وذرائع وحملات إعلام تضليلية وكذب صريح وغير ذلك. والمهم في كل ذلك هو الحصاد الذي جناه الشعب العراقي منها بعد كل تلك السنوات. المؤسف حقا ان الإدارة الأمريكية التي خططت وقامت باحتلال للعراق ومازالت، تدرس خسائرها في العراق، اجل خسائرها هي، أما خسائر الشعب العراقي.. فمتروكة.. (إلى متى، ومن المسؤول عنها؟). حيث أكد تقرير للجنة شكلها الكونغرس الأمريكي من مسؤولين سابقين وأعضاء من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، أن الحكومة الأمريكية أهدرت 30 مليار دولار على الأقل في العراق وأفغانستان خلال السنوات العشر الماضية. أرجعت اللجنة ذلك إلى إبرام عقود مع شركات خاصة لتنفيذ مشروعات في البلدين تبين أنها غير ضرورية أو غير قابلة للتنفيذ. كما تحدثت عما وصفته بالاعتماد الزائد على المتعاقدين في جوانب كثيرة، وعمليات احتيال، وقلة التخطيط. وذكرت اللجنة إن لديها أدلة على إهمال محاسبة المتورطين في عمليات الاحتيال، وأيضا غياب المنافسة النزيهة في إجراءات إسناد العقود. وحذر التقرير من إهدار المزيد من الاستثمارات في البلدين حتى بعد إتمام سحب القوات الأمريكية منهما. ومن الأمثلة على إهدار الأموال تحدثت اللجنة عن إنفاق 40 مليون دولار لبناء سجن في العراق لم يستكمل ولم تكن البلاد في حاجة إليه. وجاء في التقرير أن الولايات المتحدة مولت مشروعات لم ترغب فيها حكومتا العراق وأفغانستان أو لم تكونا قادرتين على استكمالها. مثال آخر أورده التقرير هو تخصيص 300 مليون دولار لبناء محطة كهرباء متطورة في كابول لن يكون بمقدور الحكومة الأفغانية إدارتها.

ألقى أعضاء اللجنة في الإعلام الأمريكي اللوم في إهدار الأموال على الحكومة والمتعاقدين معها. وجاء في التقرير أن هذه الممارسات تمثل تبديدا لأموال دافعي الضرائب في الولايات المتحدة، وتشجع على الفساد في العراق وأفغانستان إضافة إلى تشويه صورة الولايات المتحدة والحد من نفوذها. وأوصى الأعضاء بمزيد من الإجراءات الصارمة حين اتخاذ قرارات بإقامة مشروعات وإبرام عقودها وأيضا بإلغاء أو تعديل المشروعات الحالية والتي لا يمكن الاستمرار فيها. هكذا يختصر أعضاء اللجنة الأمريكان خسارتهم المادية ويتغافلون، لمصالح إستراتيجية وأمنية التحدث عن الخسائر البشرية. وهي في كل الأحوال عنهم.. عن الغزاة والمحتلين، فماذا كانت النتائج منها على الأرض التي نكبت وعلى الشعب الذي ابتلى بهم؟.

بعد كل ذلك، من أكاذيب لشن الغزو إلى ادعاءات في خسائر مادية، ليست قليلة طبعا. ربما لتحميلها للشعب المحتل وإعادتها، ولكن من يعيد أرواح العراقيين والأفغان، من قتلتهم آلة العدوان والاحتلال؟ أو من يبني ما خرب في هذين البلدين؟. ليس كثيرا بالتأكيد.. ما ذكرته محكمة أوروبية لحقوق الإنسان بموجب المادة الأولى من الشرعة الأوروبية لحقوق الإنسان حيال مدنيين قتلوا خلال عمليات أمنية قام بها جنود بريطانيون في البصرة، وإدانتها لبريطانيا في ارتكاب القتل العمد طيلة فترة مشاركتها في الاحتلال العسكري، وحملوها المسؤولية.

ما حصل ويجري كل يوم في العراق من عمليات قتل يومي، إلى الدمار العام، من المسؤول عنه، ومن  ينبغي ان يتحمله حتى بعد تلك السنوات العجاف؟!.

 

 

كاظم الموسوي

06.09.2011 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا