<%@ Language=JavaScript %> د. كاظم الموسوي الفتن والعنف والفساد من سمات الاحتلال
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

الفتن والعنف والفساد من سمات الاحتلال

 

 

د. كاظم الموسوي

 

أكثر من ثماني سنوات مرت على غزو واحتلال العراق، من قبل القوات الغربية، التي خططت لها الادارة الامريكية وتابعتها حكومة بريطانيا، وشاركتها في تسديد تكاليفها المالية حكومات عربية، وسهلت لها أراضيها وقواعدها وخبراءها ومترجميها ومرتزقتها في وسائل الإعلام ومرشديها في خرائط وخطط التنفيذ والتوجيه والحصارات المتعددة الأشكال،  ومازال البلد نهبا لشعارات الغزو والاحتلال. تغيرت وجوه وتحولت مسميات وتبادلت ادوار ولكن سمات الاحتلال بقيت كما هي، ليس الان وحسب وإنما كما كانت في الماضي البعيد لحملات الغزو والاحتلال. وما يزيد الأمر بشاعة ان أبناء البلدان التي تبتلي أو ترشح لمثل هذه السياسات لم يتعظوا ولم يستفيدوا من الدروس والعبر التي تفقأ العيون وتدل الأعمى وتبصر الغرير... للأسف تتكرر الدروس والعبر وتتناسى الآثار والتداعيات وتجد من يبرر لها و"ينظّر" ويخط جملا وتعليقات تشتم من يهديهم إلى سواء السبيل.

في الأسابيع الأخيرة عاشت المدن العراقية محنا متعددة من جرائم الاغتيالات والتفجيرات وقدمت الضحايا العديدة من أبنائها، واغلب خطط هذه الجرائم ليس لإثبات عجز الحكومة وأجهزتها الأمنية فقط وإنما إعادة صناعة الفتن الطوائفية والقومانية بين مكونات الشعب العراقي وترجيح المخططات التي لم تتخل عنها إدارات الاحتلال يوما، ولم تطوها بل تضعها أمامها كلما احتاجت لها أو أرادت ان تشغل أبناء الشعب فيما بينهم أو تجعلهم مصدا لمشاريعها وأهدافها المعلنة والمخفية، وللأسف مرة اخرى، والى ماشاء الله، تجد لها من يروج أو يساعد أو يقوم بما تضعه وترتأيه وتنشده وتستهدفه، تنفيذا وتجهيزا واقترافا لأبشع الجرائم وأخس الأعمال، التي ترمي بالأخير إلى إشعال نيران الفتن وتمديد لهيبها الداخلي والتهرب من المسؤولية المباشرة عنها ومنها. والمضحك المبكي، وما أكثره في بلد محتل اليوم، ان أول الشاكين منها إعلاميا والسباقين إلى إصدار البيانات الاستنكارية والتنديد بها هم، أو أغلبهم، من اشتركت أيديهم وعقولهم وقلوبهم بمخططاتها وبرضاهم وتعاونهم مع مخططيها. وحين تكون المسؤولية مباشرة فان إصدار بيان استنكاري لا يخفف مفاعيل الجريمة التي ارتكبت ولا يحمي الضحايا التي أريق دمها أو سلبت أرواحها. وقد يكون بيان مشترك لرئيسي السلطتين التشريعية والتنفيذية دالة عليهما لا يعفيهما عن تحمل مسؤولية الإغفال والتهاون والتهرب من أداء وظيفتهما. حيث ورد في الإعلام الرسمي بيان يقول ان "رئيسي مجلسي الوزراء والنواب العراقيين" نوري المالكي وأسامة النجيفي حثّا الأطراف العراقية كافة إلى التهدئة بعد التفجيرات الدامية في محافظتي كربلاء والأنبار، التي راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى. وأفاد بيان صادر عن مكتب النجيفي بأن المالكي والنجيفي دعَوَا خلال مكالمة هاتفية إلى "ضرورة التزام الصبر والسكينة لتفويت الفرصة على كل من يريد خلق مناخ فتنة طائفية هدفها جر العراق إلى مزيد من التناحر والفرقة، ما سيسبب تداعيات خطيرة على المشهد السياسي". وشددا على أن "تكرار مثل هذه الحوادث الأليمة خلال فترة قصيرة، إنما يهدف إلى إحداث شرخ في النسيج الاجتماعي، وتعطيل العملية السياسية، وعرقلة مسار المفاوضات الرامية إلى رص الصفوف وترسيخ الشراكة الوطنية". وقال "نائب رئيس الجمهورية" طارق الهاشمي، في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي، إن "ما تتعرض له مدننا من أعمال إرهابية بشعة تأتي في سياق أجندة خارجية تستهدف وجود بلدنا ولحمة أبنائه، وإن تكرار الحوادث يؤكد مجدداً عدم فاعلية الخطط والتدابير الأمنية المعتمدة". هكذا يقر المسؤولون العراقيون خطورة الأوضاع وصعوبة الظروف ويتناسون موقعهم ومسؤوليتهم عنها، وعن وضع الحلول لها ومعالجتها بما يخدم الشعب والوطن. أي أنهم ببياناتهم الكلامية يحاولون التهرب منها وليس تطبيب الجروح التي لم تندمل من الغزو والاحتلال، والتهرب من تحمل المسؤولية عنها بحكم الواقع وباشتراطات المهام الموكلة أو التي قبلوها اختيارا منهم بالمشاركة مع المحتلين والغزاة لإنهاء محنة العراق، وإعطاء دروس لمن يراد لبلده ان يكرر تجربة العراق، حصارا وغزوا واحتلالا، تحت كل المسميات التي تتفنن بها الأمم المتحدة وكتاب بياناتها في الإعلام الحربي الجديد، الذي هو الآخر شارك ويسهم بشكل كبير في الغزو والاحتلال المعنوي والمادي للعراق ولمن يليه بالتسلسل المرسوم بخطط البنتاغون والناتو الان.

ما يفيد أو يفضح أكثر، ما جاءت به المجموعة الدولية للازمات، حسب تقريرها الأخير عن المؤسسات العراقية تحت الاحتلال، الذي نشرته وسائل الإعلام العراقية والعربية أيضا، (27/9/2011) إن "الدولة العراقية التي قامت بعد الغزو الأميركي عام 2003 تستند إلى مؤسسات ضعيفة تشجع الفساد، ما يمكن أن يهدد استقرار البلاد"، معتبرة أن "سنوات العنف التي هزت العراق بعد العام 2003 زعزعت استقرار جهاز الدولة". وأضافت المجموعة التي تتخذ من بروكسل مقراً لها أن "شلل الدولة ساهم في انتشار عناصر إجرامية ومصالح خاصة في الإدارة"، مشيرة إلى أن "المؤسسات التي أقيمت بموجب دستور العام 2005 للإشراف على عمل الحكومة كديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة وهيئة التفتيش والبرلمان والمحاكم كانت عاجزة عن إثبات نفسها في مواجهة تدخلات الحكومة وتصلبها ومناوراتها". ولفتت المجموعة إلى أن "الإطار التشريعي يعاني عجزا وتهديدات دائمة تتمثل بوقوع أعمال عنف"، معتبرة أن "تبعات هذا الوضع باتت اليوم فاضحة، حيث تم اختلاس مليارات الدولارات من الخزائن". وأشارت المجموعة إلى أن "الأحزاب تعتبر الوزارات بمثابة حسابات مصرفية خاصة، تتفشى فيها المحاباة والرشاوى وعمليات اختلاس الأموال، الأمر الذي يؤثر على مستوى المواطنين المعيشي"، معتبرة أن "انتشار الفساد يهدد بنسف التقدم الكبير الذي حققه العراق على صعيد الحد من العنف وتعزيز مؤسسات الدولة". وطالبت المجموعة بـ"تعزيز تشريعات مكافحة الفساد وإرغام الأحزاب السياسية على الالتزام بمزيد من الشفافية"، و"إجراء إصلاحات تشريعية لتسيير عمل المؤسسات وحماية استقلاليتها". كما طالبت المجموعة الولايات المتحدة والأسرة الدولية بـ"التنديد علنا بغياب الإصلاحات السياسية في العراق وتقديم مساعدة فنية لمكافحة الفساد". فهل بعد هذا التقرير، الذي لم يرد عليه مسؤول، وأخبار الفتن، من سؤال، أو حجة لدعاة الغزو، ومن كل من لم يتعظ ولم يستفد ويريد ان يكرر التجربة؟. ان التقارير والأوضاع الفاقعة دروس كبيرة، وعبرة لمن يعتبر، وويل لمن يسعى بقدمه إلى هدر دمه!.

 

كاظم الموسوي

04.10.2011

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا