%@ Language=JavaScript %>
|
لا للأحتلال |
|
---|
عن المشروع النهضوي العربي
(1)
د. كاظم الموسوي
تنبع أهمية السؤال باستمرار عن النهضة ومشاريعها والقوى الحاملة لها في العالم العربي من الحاجة الضرورية لها. إذ في كل مرة يقارن بين تقدم الغرب وتخلف العرب، رغم تباين وتوازي الظروف ومراحلها التاريخية والتطورات التي حدثت في ساحتيهما، ولكن خلالها أو من بعدها تنبثق مسوغات مهمة وتطرح علنا. ومع اختلاف الأجوبة أو عدم التمكن من وضع المعالجات السليمة الرافعة للتقدم والتحديث والتجديد، تظل قضية إبداع مشاريع للنهضة العربية قائمة ومطلوبة دائما، الآن قبل الغد، أو أي وقت آخر، لضرورتها التاريخية والحضارية والمشاركة العملية في بناء الحضارة الإنسانية والتاريخ البشري، كما يحصل من إتفاق عام عليها.
من بين ابرز ما طرح مؤخرا مشروع النهضة العربي الذي أصدره ووزعه مركز دراسات الوحدة العربية - بيروت (أسسه ويترأسه الدكتور خير الدين حسيب) في صورته النهائية واثقا من انه سوف يكون دافعا قويا لنضال الأمة العربية من اجل تجسيد أهدافها في الواقع العربي وناظما فعالا لنضالها.. وأكد المركز فيه ان فكرته بدأت في التبلور عام 1988 في أعقاب انتهائه من انجاز مشروعه العلمي الكبير الذي حمل اسم: مشروع استشراف مستقبل الوطن العربي. وجاء من بين توصياته، الحاجة إلى مشروع نهضوي. وأدرج موضوعاته كمسائل فكرية ذات أولوية في برامج النشر والندوات التي يقوم بها المركز كما كلف بعض أصدقائه الباحثين في تقديم مقترحات حوله وتوصل بعد مناقشات داخلية في عام 1996 إلى موضوعات أساسية، أما في 1997 فقد عقد حلقة نقاشية في القاهرة لتدارس الفكرة ومحتوى المشروع. وأشار المركز إلى انه منذ بداية عمله في هذا المشروع، كان حريصا على مشاركة التيارات الفكرية والسياسية كافة، من قوميين وإسلاميين ويساريين وليبراليين، أخذا "بحسبانه مشروعا للأمة جمعاء لا لفريق منها دون آخر. وكان الجميع مشاركا في المراحل كافة: من اعداد المقترحات والتصورات، إلى فرق العمل التي ناقشت المخطط وأقرته، إلى الباحثين والمشاركين في ندوة فاس، إلى أعضاء لجنة الصياغة وفريق التحرير".
ما سبق يوضح ان المشروع حصيلة جهود جماعية ومن ممثلي تيارات فكرية وسياسية عربية هي الأبرز على الساحة، نشاطا وفعالية ودورا، جمعها في التيارات القومية والإسلامية واليسارية والليبرالية، وهذا يعني ان ما ورد فيه هو مشروع جماعي لهذه التيارات حسب تسلسلها، أو ما جرى العرف عليه إعلاميا، وجرى البحث فيه خلال هذه الفترة غير القصيرة في كل الأحوال. ومن خلال المتابعة العامة شهدت أعمال المركز والمؤتمر القومي العربي مثل هذه الجهود الجماعية، بعد التطورات التي حصلت في المؤتمر، على صعيد توسيع مداراته في التوجهات والنظرات، مبتعدا عن التعصب الأيديولوجي السابق لمفهوم اسمه، ومستفيدا من دروس التاريخ الحديث والصراعات الدموية بين تلك التيارات والخسارات الجسيمة التي فقدتها وتحاول الآن ان تعتبر منها بمراجعتها أو بنقدها وتجاوزها عمليا ونضاليا. ولكن ظل تمثيل التيارات هذه في المشروع وأعمال المركز والمؤتمر وغيره فرديا أكثر مما هو تعبير عن انجازات واقعية لتلك التيارات أو برامجها وأهدافها الإستراتيجية والتكتيكية، رغم اتفاقها في العموم على اغلب ما ورد في المشروع من مبادئ عامة لا خلاف عليها أو فيها عموما. والمطالبة بإصدار المشروع بصورته الحالية أو بأية صيغة أخرى رديفة أو موازية لمحتواه العام، مناسبة مهمة لتكون هذه الصيغة مصدرا للحوار والعمل ومحورا محفزا للقاء والاشتراك في الجدل والسجال والحوار حول الانجاز، له أو لكل تيار من تلك التيارات. وهذه المطالب أو المبادئ هي ما أورده المركز في صياغاته التي كررها في أكثر من مناسبة، تحضيرا له أو تبيانا للمشروع والخطوط الأساسية للتوجهات التي أراد المركز العمل عليها، مرحليا واستراتيجيا.
هذه المطالب الستة دار حولها النضال العربي، بتقدير المركز والمشروع منذ عصر النهضة الحديثة في القرنين الماضيين، و"هي: الوحدة العربية في مواجهة التجزئة بكل صورها القطرية والطائفية والقبلية. والديمقراطية، في مواجهة الاستبداد بكل صوره ومستوياته. والتنمية المستقلة، في مواجهة التخلف أو النمو المشوه والتابع. والعدالة الاجتماعية، في مواجهة الظلم والاستغلال بكل صوره ومستوياته. والاستقلال الوطني والقومي، في مواجهة الهيمنة الأجنبية الإقليمية والدولية. والتجدد الحضاري، في مواجهة التجمد التراثي من الداخل والمسخ الثقافي من الخارج". هذه المطالب مشروعة نظريا، ومبررة في التفسير لها والحاجة الماسة لتطبيقها عمليا، وهي القضية الرئيسية في كل المشاريع الفكرية والثقافية العربية ومهما كانت صياغاتها فالمتقارب منها يعزز أهميتها الجماعية والمختلف فيها يضع أسسا جديدة للحوار عليها والتفكير بأنجع الأساليب أو الوسائل للوصول إلى الأهداف المشتركة منها. وهذه إضافة لأهمية المشروع الحالي.
ارتأى المركز ان تؤخذ مقومات هذا المشروع النهضوي العربي ككل، من دون مقايضات زائفة بين بعض عناصره على حساب البعض الآخر، وبوصفه هدفا واحدا لا يقبل التجزئة وان كان يقبل التمرحل الموضوعي في التطبيق. ولا يبتعد المركز كثيرا عن معرفة المآزق والصعوبات التي ستواجه مثل هذا المشروع، لاسيما والأوضاع العربية في حالة أو حالات من التراجع والانكفاء على مختلف الصعد والمجالات، وكذلك في ظروف معقدة داخليا وخارجيا. فيتساءل كيف يمكن الوصول إلى السلطة ديمقراطيا والسلطة القائمة تملك من أدوات البطش والردع التقني ما يفوق التصور؟. ثم كيف يمكن التوفيق بين الوحدة، وهي تتطلب الإجماع الشعبي والائتلاف السياسي والاجتماعي، وبالتالي تأجيل الصراع الاجتماعي ولجمه، وبين تحقيق العدالة الاجتماعية وما تتطلبه من إعطاء الأولوية للتركيز على الصراع الاجتماعي، وبالتالي تأجيل أو صعوبة المضي في طريق الوحدة؟. وهذه التحديات وضعها المركز أمام الفكر العربي للبحث في المخارج المناسبة لها. ومثلها تفاصيل كل مطلب وهدف من مقومات المشروع.
بعد هذه المقدمة للمشروع احتوى كتاب المشروع على مقدمة وثمانية فصول، تناولت مقومات المشروع المذكورة وختمت بفصل عن آليات تحقيق المشروع. وهي فصول مهمة بمفردها وبمجموعها طبعا وتقتضي قراءتها بتأن كي يكون المشروع محفزا للفكر والحوار الموضوعي والعمل عليه بما يعيد للأمة مكانتها والعالم العربي موقعه السياسي والحضاري الصحيح عالميا.
فصول المشروع بحثت في الجوانب الرئيسية لكل مقوم من مختلف أوجهه، وانتهت بالضرورة إلى الآلية التي يتوجب ان تقوم بالتنفيذ والتحقيق والانجاز. كيف نرى هذه المطالب ومعالجتها وكيف يتم الاتفاق عليها بين كل التيارات الرئيسية في الوطن وما يتفق عليه منها وأخيرا المشاركة التاريخية في الدور والإسهام الفعلي في النهضة العربية والعالمية؟.
د.كاظم الموسوي
تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا
جميع الحقوق محفوظة © 2009 صوت اليسار العراقي
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا |
|
---|