<%@ Language=JavaScript %> د.كاظم الموسوي مسيحيو العالم العربي ودورهم فيه
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

مسيحيو العالم العربي ودورهم فيه

 

د.كاظم الموسوي

لم يختلف مسيحيو العالم العربي عن غيرهم من أصحاب الديانات الأخرى فيه، بل وشكلوا معهم في أكثر تحولاته تغييرات مشتركة على مختلف الصعد، بما فيها الإصلاح الديني والحضاري، وما سجل لصالحهم الكثير الذي يفتخر به لهم وعنهم. ولكن صفحات التاريخ كعادتها تحمل كما لغيرهم مواقف قد لا تكون مثلما يتمنى لهم، وما يتعرض المسيحيون إليه اليوم في العالم العربي أمر محرج ومخجل ومثار ارتياب كبير ولا يمكن الصمت عليه أو التغاضي عنه، لأسباب كثيرة من بينها التاريخ الايجابي المشترك والمصائر الحضارية المستجدة. ولابد ان تثير القضية انتباه العرب والمسلمين كثيرا. وكأي قضية أيضا لا تخلو من مخاطر جدية أو تهديدات قد تصل إلى إستراتيجية، ومستقبلية في العلاقات العامة العربية والدولية.

يلعب التوقيت والمناسبات ومن ثم الاستهداف وأهدافه دورا كبيرا في ما يحصل إلى المسيحيين العرب وفي العالم العربي. فمن يتابع ذلك يصل إلى ان كل ذلك يجري في إطار مخططات مرسومة بدقة ومحسوبة جيدا، وهذا ما يستوجب التدقيق والحرص على معالجة الموضوع باهتمام كبير لخطورته وتأثيراته الإستراتيجية والمستقبلية، سياسيا واجتماعيا وحضاريا. وقد يلفت الانتباه ان بعض وسائل الإعلام تسرب معلومات بين حين وآخر عن بعض مخططات استهداف مسيحي العالم العربي. وإذا كانت أوضاع المسيحيين في بلدان عربية مثل مصر ولبنان والعراق وبعض دول الخليج العربي توضع تحت الأضواء في اغلب الأحيان، فان ما يقف وراء الحملات المستمرة والأهداف المنشودة منها هو المطلوب في اغلب الأحوال. فتفتيت النسيج الاجتماعي العربي ومكوناته الدينية والاثنية والثقافية من ابرز الأهداف المعلنة أو المكشوفة من اغلب الجهات القائمة بها.

ما يتعرض له مسيحيو مصر مثلا بين فترة وأخرى داخل مصر وما يوازيه من تحركات تحت تسمية الدفاع عن أوضاعهم خارج مصر، والجهات التي تحرض على ذلك وتحرص على تنظيم مثل تلك الحملات الإعلامية والسياسية أيضا يسلط الأضواء على بعض الاستهدافات وما ورائها، سواء علنا أو سرا، مفضوحا أو مستورا. وهو في الأعم الأغلب يصب في خدمة مشاريع التمزيق للوحدة الوطنية القائمة ومساع لخلق الفوضى وضرب الاستقرار الاجتماعي والسياسي المتعايش من عقود أو قرون طويلة، أو توجيه تهديدات محسوبة وضغوط معلومة، لها غاياتها ومتطلباتها، سواء محليا وإقليميا، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والعلاقات العربية العربية والدور المصري فيها، ويمكن تعميم ذلك على باقي الأحوال والبلدان.

في لبنان ما يتعرض له المسيحيون تفضحه مشاريع سياسية إستراتيجية كبيرة تستهدف الشعب اللبناني نفسه، ومحاولات توجيه ضربات موجعة إلى تحالفات قوى الممانعة والمقاومة فيه، وفرض إرادات خارجية تستهدف خدمة مخططات أجنبية. كشفت عنها سفارات دولية لعبت أدوارا خطيرة في فترات معلومة ولم تتوقف عندها رغم كل إخفاقها في نتائجها وتداعياتها الآنية. ومن بين ما سرب من معلومات تتعلق بوضع المسيحيين في العراق وصلته بلبنان، يدق نواقيس خطر تحض على بذل جهود جدية وإيقاف الهدر فيها وحماية المسيحيين العراقيين منها. إذ ان شن حملات تصفيات ضد الوجود المسيحي في مناطقه في العراق والحث والعمل على نقل المسيحيين العراقيين إلى لبنان وتهيئة ظروف إقامة واستخدام سياسي ودور تخريبي عبر ضمهم إلى جناح يميني في الساحة المسيحية اللبنانية يشكل مصدر خطر فعلي على مختلف الأصعدة والتوجهات. فضلا عن خطورة إبعادهم عن تاريخهم وبيئتهم الطبيعية في العراق. ولا يخفى ما تقوم به بعض وسائل الإعلام الغربية عما تسميه بحالات العنف المطردة في العراق ضد المسيحيين، ومسعى تهجيرهم واقتلاعهم من تاريخهم ومدنهم وأماكن عبادتهم الأصلية والأصيلة. فمثلا نشرت صحيفة صنداي تلغراف البريطانية يوم 4/4/2010 تحقيقا ميدانيا كتبت فيه عن وجهة نظر لما سمته بمعاناة المسيحيين العراقيين واستهدافهم في عمليات العنف في العراق. أشار الكاتب ادوارد ستورتن فيه بعد زيارة ميدانية لاماكن تواجد المسيحيين في شمال العراق الى واقع هجرة المسيحيين داخليا من مناطق العراق الأخرى إلى هذه المناطق أو إلى خارج العراق، دون تحليل الأسباب والجهات المسؤولة عنها.

علق فيه على مستوى الجهل في الغرب بمسيحيي العالم العربي، حسب كتابته. وخشي ان تتغير صفحات من تاريخ العراق، باختفاء الوجود المسيحي من العراق، بعد أكثر من 2000 سنة كان فيها معلما بارزا. وقدر الكاتب عدد اللاجئين المسيحيين الخارجين من العراق بـ 200 إلف شخص، بعد ان كانوا يوما يشكلون نسبة 3% من سكانه باتوا اليوم يشكلون نصف عدد اللاجئين. وأشار إلى ان محافظة اربيل في شمال العراق باتت نقطة جذب للفقراء من اللاجئين الفقراء الذين لا يستطيعون مغادرة العراق، أو ممن لا يريدون مغادرته. واستشهد الكاتب بمقولة لكبير أساقفة كانتربري روان ويليامز: "ان مستوى الجهل في الغرب بمسيحيي الشرق الأوسط كبيرا جدا جدا". ثم عاد لسؤاله هل يعتقد بأننا قد نرى اختفاء المسيحية من الشرق الأوسط في حياتنا، فيجيبه ويليامز : " أنا حزين للقول بأنني اعتقد ان ذلك ممكن.. وهذا الاحتمال يفزعني".

 من جهة أخرى جاء احتفال المسيحيين العراقيين هذه السنة بعيد الفصح موحدا حيث احتفل الكلدان والسريان والكاثوليك مع الطائفة الأرثوذكسية ولم يسبق ان توحد العيد لدى الكاثوليك والارثوذكس، وذلك لاختلافات في التقويم الشرقي المتبع لدى الأرثوذكس وأتباع التقويم الغربي لدى الكاثوليك. ورغم كل ما تعرض له مسيحيو العراق فان احتفالاتهم بأعيادهم وطقوسهم وتقاليدهم المستمدة من حضارة بابل وآشور وتحديهم تكشف مدى تعلق اغلبهم بتراب وطنهم الأصلي وسعة مخططات تهجيرهم والمشاريع الموضوعة لوجودهم ودورهم المستقبلي في تلك المخططات.

الهجمات والمشاريع ضد مسيحيي العالم العربي تدفع بقوة إلى التصدي لها وتحديها بوعي وبثبات المواقف ووضوح الأهداف ودعم صمود القوى الوطنية المخلصة لدينها ووطنها ومستقبلها.  

 

 كاظم الموسوي

k_almousawi@hotmail.com

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا