<%@ Language=JavaScript %>  جمال محمد تقي في افغانستان ربيع لطالبان وخريف للامريكان
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

في افغانستان ربيع لطالبان وخريف للامريكان

 


جمال محمد تقي

 

موسم الحصاد في افغانستان قد تجلى وانعقد ، حيث نضجت واينعت هزيمة الغزاة وحان موعد اقرارها وتجسيدها حية على كل ارض البلد ، فالخسائر الفادحة التي توقعها قوات المقاومة الافغانية وطليعتها حركة طالبان بالقوات الامريكية ومن حالفها من القوات الدولية المحتلة تتعاظم وتتلاحق وتتصلد ، برغم كل الدسائس وبرغم زيادة عدد القوات وبرغم الضربات العشوائية والانتقامية لسلاح جو اقوى دولة في العالم ، والتي يساعدها بمهمتها الغبية تلك ، حلف المتغطرسين الذي يضم بصفوفه اقوى جيوش العالم واكثرها تطورا !

نعم انه ربيع لطالبان بامتياز ، فبالامس وحده خسر الامريكان وبضربة واحدة 31 جنديا من قواتهم الخاصة ومعهم ثمانية من الجنود المحليين ، بعملية نوعية اسقطت فيها طائرة عسكرية امريكية من نوع شينوك كانت تحاول الاغارة على احد مقرات طالبان في وادي الموت وسط افغانستان ، ومن المتوقع ان تكون هذه القوة الامريكية النوعية المبادة ، هي ذاتها التي شاركت في عملية قتل ابن لادن بمعنى انها تضم بين صفوفها نخبة من المحترفين ، وبحسب البيانات العسكرية الامريكية تعتبر هذه اول خسارة بهذا الحجم وبضربة واحدة تتلقاها القوات الامريكية منذ احتلالها لافغانستان قبل عشرسنوات ، وبنفس الوقت قتل ثلاثة جنود بريطانيين جنوب البلاد ، وقبلها بيومين تم احراق 28 شاحنة وقود تابعة لحلف الناتو ، وقبل اسابيع وجهت طالبان ضربة نجلاء لقرضاي وعصابة حكمه عندما اغتالت اخيه احمد قرضاي رئيس المجلس المحلي في قندهار ، واحد اهم مقربيه لتجنيد الاعوان .

من جانب اخر وبالتزامن مع هذه العمليات يتواصل القصف الجوي العشوائي للمدنيين في مختلف مناطق افغانستان وخاصة الريفية المتاخمة للحدود مع باكستان ، وكانت اخر حصيلة لاخر عملية قصف ، مقتل 8 مدنيين افغان في ولاية هلمند .

خريف امريكي لافكاك منه الا بالهروب وترك افغانستان لاهلها يقررن مصيرها لوحدهم ، ومن دون وصاية وتدخل ، فطالبان لن تستجيب لاي دعوة امريكية للمهادنة او المشارطة ، وهي تعتبر خطة اوباما بالانسحاب الكامل عام 2014 ، مجرد وسيلة خادعة لفرض امر واقع لا ترتضيه باي حال من الاحوال .

مع بدأ انتقال الملفات الامنية من القوات الامريكية وحلفاؤها الى تشكيلات حكومة حامد قرضاي ، وتدشين خمسة مدن بهذا التسليم ، بدأت معالم الاستسلام لقدر طالبان واضحة للعيان في هذه المدن وغيرها من المناطق الخاضعة مباشرة لسيطرة قوات الناتو ، خاصة بعد تيقن الجميع من ان اي حل للمشكلة الافغانية لابد له من ترخيص طالباني ، فالامريكان يتوسلون طالبان للمشاركة في الحكم وكذا الحال بالنسبة للبريطانيين ، اما الفرنسيين فقد كانوا قد سبقوا الجميع بتفاهمات ميدانية مع بعض الكتائب المحلية لطالبان ، بموجبها يدفع الفرنسيون جزية لطالبان حتى لا يتم التعرض لمعسكراتهم ، بشرط مفاده ان لا يخرجوا من تلك المعسكرات ، وان حدث وخرجوا منها فان الاتفاق يكون باطلا والاموال المدفوعة لا ترجع ، وقبل ايام قليلة قتلت طالبان ثمانية عسكريين فرنسيين لانهم لم يلزموا معسكراتهم ، وكان قد اعلن ساركوزي بان ثلث القوات الفرنسية سيتم سحبه حتى نهاية العام القادم .

ان موسم الانسحابات الاجباري سيطل براسه وبقوة لان الوجود العسكري الغربي في افغانستان مثل عدمه ، وازمة الميزانية الامريكية تضغط بقوة نحو تخفيض النفقات وبكل الاتجاهات .

اعلن اوباما بانه سيسحب 30 الف جنديا من قواته هذا العام ، وتشاركه في الانسحاب الجزئي القوات البريطانية ، وما اعلنه اوباما من جدول زمني للانسحاب ، قد عزز ثقة طالبان بنفسها وزعزع ثقة المترددين والمتعاونين مع الامريكان  ، وعليه بدأ مسلسل تغيير الولاءات مبكرا ، وهذا سيساعد طالبان اكثر على التصلب بموقفها الرافض لاي مساومة على شروطها الثابتة ، حيث الانسحاب الكامل للقوات الاجنبية من البلاد قبل اي بحث جدي بالحلول السياسية معها ، او قبل اي تفاوض في المسائل العالقة .

لم يقتصر الامر على حث الوسطاء الافغان من ذوي العلاقات الحسنة مع طالبان لاقناعها بضرورة التفاوض مع حكومة قرضاي والامريكان معا ان رغبوا في حل سلمي ينصف كل الاطراف ، وانما شمل وبقوة الضغط على مراكز قوى متنفذة في الدولة والحكومة الباكستانية بحكم علاقاتها التاريخية غير المباشرة بطالبان افغانستان ، لتشجيعها على التفاوض والانخراط بالعملية السياسية التي يقودها حامد قرضاي بوصاية الامريكان ، وراحت المخابرات الامريكية ترسم خططا لتحرك الباكستانيين بهذا الاتجاه مستثمرين تواجد عدد من كوادر طالبان في المعتقلات الباكستانية ، والتواجد العلني لبعض الشخصيات الافغانية المحسبوبة على طالبان والتي تقاعدت عمليا منها ، لكن اصرار طالبان وتفهم الباكستانين لهذا الاصرار جعل الامريكان يضغطون باساليب اخرى لتحفيز الاجهزة الباكستانية على التناغم مع الخطة الامريكية لدفع طالبان نحو التفاوض حول حلول سياسية غير مشروطة ، ومن هذه الاساليب ابتزاز الحكومة الباكستانية بحجم المساعدات الامريكية لها .

موقف طالبان لم يتغير برغم تغير اللهجة الامريكية وتعدد عروضها المفعمة بالمساومات ، وكثيرا ما تاتي ردود طالبان قاطعة سياسيا عبر الوسطاء ، وحارقة ميدانيا في الرد على المبادرات والتحركات الامريكية سياسيا وعسكريا ، وذلك بعمليات هجومية وخارقة ، لتوقع اكبر قدر من الخسائر بالقوات الاجنبية والافغانية المساندة لها ، واحيانا تسخر طالبان وعلى طريقتها المستقيمة من الادعاءات الامريكية ومن تبجحات قرضاي وحكومته ، وذلك بعمليات نوعية متخصصة تفضح هشاشة ما يعلن عنه المحتلون وبتوقيتات تكذب ما يعكسه المروجون ، فعملية قتل شقيق حامد قرضاي ومن ثم عملية تفجير مجلس فاتحته ، جاءت لتكذب ادعاءات قدرة قرضاي على تسلم الملفات الامنية ولو جزئيا ، وما كان قد حدث من عمليات نوعية في وسط منطقة السفارات في كابل وداخل بعض المعسكرات بعد قرار اوباما بزيادة عدد قواته في افغانستان يعبر عن رد فوري ، فحواه ان زيادة القوات لايغير من النتيجة المحتمة ، بدلالة ما جرى ميدانيا وحتى الان .

ان العمليات العشوائية الامريكية في افغانستان وباكستان والتي غالبا ما تؤدي لسقوط ضحايا ابرياء ، تؤكد حالة اليأس الامريكي من جهة ، وتعزز ثقة طالبان بنفسها ، وتزيد من شعبيتها من جهة اخرى ، وتوسع من حالة فقدان الثقة بالقدرة الامريكية على فرض حل يناسبها وحلفائها قبل موعد انسحابها المعلن .

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا