صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                      مقالة للكاتب جمال محمد تقي      

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

  

 

 

 

 

 

 

اوباما واختبار الانسحاب من العراق وافغانستان !

 

 

جمال محمد تقي

 

الانهماك الامريكي في معالجة الواقع المتدهور للاوضاع السياسية والعسكرية في افغانستان والعراق ، سمة بارزة للسياسة الخارجية الامريكية منذ ان وطأت اقدام قوات المارنيز ارض البلدين المارقين بحسب التوصيف الامريكي ، واذا كانت مقاومة شعبي البلدين وراء الفشل الذريع الذي خيم على الترتيبات الاحتلالية فيهما ، فان الازمة الاقتصادية الامريكية التي عمقها نزيف التكلفة العالية للحربين ، قد فرضت نفسها على مضامين التعاطي الحالي مع سيناريوهات الخروج من المأزق المزدوج وباقل الخسائر الممكنة على الصعيدين الامني والاستراتيجي ، وتجسمت هذه الصورة وبشكل اوضح بعد وصول اوباما الى البيت الابيض ، وبعد ان وصلت تكلفة الحربين حدا لا يطاق امريكيا .

لقد حاولت ادارة جورج بوش افغنة وعرقنة الحرب الامريكية على البلدين ، ومن ثم عولت على حصول استقرار نسبي فيهما يتيح لها فرصة استكمال تنفيذ كل اجندتها المعدة سلفا ، كي تعفي نفسها من مأزق الاستنزاف المادي والبشري  ، لكنها ما فتأت تكتشف يوميا بان كل ما قامت به هشا ، ولا يحتمل البقاء من دون مضاعفة تواجدها المباشر ، والذي كلما ازداد حجمه ازدادت تكلفته .

بنود الاتفاقية الامنية الامريكية العراقية التي ابرمت في نهايات عهد بوش الابن ، تكرس خطة الخلاص الامريكي من المستنقع العراقي ، وبحسب الشروط الامريكية ، التي تناسب الاهداف الخفية للحرب ، وبعد وصول اوباما للبيت الابيض ، اعلن تمسكه الكامل بتلك الاتفاقية ، واكد حرصه على تنفيذ بنودها وبمسؤولية كاملة ، وصار معلنا بان نهاية عام 2011 ستشهد الانسحاب الكلي للقوات الامريكية ، ومع اقتراب الموعد النهائي وجدنا ضغوطا امريكية حثيثة لتمديد بقاء تلك القوات ، تحت يافطة التدريب والاستشارة واعادة التسليح ، مما يعني ان الامريكان لا يثقون بكل الذي اقاموه طيلة الثمان سنوات الماضية، وان هناك تحولا ليس في صالحهم ، لذلك وجدناهم يناورون للتملص من التزاماتهم المعلنة، والاستعاضة عنها بتخفيض القوات وتغيير عناوين مهامها، كبديل عن الانسحاب المقرر .

على عكس موقفه من الحرب على العراق كان اوباما متشددا لصالح تكريس وتصعيد المجهود الحربي الامريكي في افغانستان، بهدف انهاء الوجود الطالباني وقتل اي امل لطالبان في استعادة حكمها الذي اطاحت به القوات الامريكية الغازية عام 2001، وحتى لا يكون لها اي دور مهما كان صغيرا في رسم مستقبل افغانستان، ومن اجل اجتثاث تنظيم القاعدة منها، وايضا لاقامة نظام مهادن تتعاشق فيه القوى التقليدية مع القوى المصنعة امريكيا ، بعد ان يعاد تركيبها على اسس طائفية وقومية وقبلية ومناطقية، نظام يلغي اي احتمال لعودة افغانستان المتشددة في نديتها للمشروع الامريكي الساعي لتحزيم الشرق الاوسط الكبير، بحزام امني مبرمج على تفخيخات موقوتة، لا يتحكم باشعال فتائلها الا الامريكان انفسهم وبحسب الحاجة ، نظام يكون اداة في عملية تطويع تفاعلات الحالة الباكستانية المنذرة بتصاعد المد الاسلامي فيها حتى قمة السلطة ، نظام يتفادى نتائج تداخل حالة المقاومة وتلازمها في افغانستان وباكستان ، وتحديدا بعد انبثاق حركة طالبان باكستان ، كونها قرين شقيق لطالبان افغانستان ، والحركتان لا تكلان عن سعيهما لفرض واقعا يصعب تجاهله في منطقة مفعمة بتضارب وتقاطع المصالح الدولية ، منطقة مشعة بالمتغيرات المفتوحة على كل الجبهات بما فيها النووية !

 اوباما يتوسل المفاوضات مع طالبان، مثلما يتوسل قادته تمرير تمديد بقاء جزء من قواته في العراق، وطالبان تعتبر الانسحاب الامريكي الذي اعلنه اوباما رمزيا ولا يفي بشروطها الداعية لانسحاب كامل وغير مشروط ، ومثلما يتقمص حامد كرزاي دور المدافع عن سيادة بلاده التي لا سيادة لها ، يحاول قادة المنطقة الخضراء في العراق تقمص الدور المفضوح نفسه .

امريكا تحاول الالتفاف على شروط طالبان ، من خلال استدراجها للمشاركة بحكومة كرزاي ، واغرائها  بالتراجع عن بعض الاجراءات المتخذة بحقها ، فمجلس الامن يقر قرارا امريكيا يدعو الى نزع صفة الارهاب عن طالبان، ويفصل بينها وبين القاعدة ، ويبدو ان اغتيال بن لادن جاء ليسهل مهمة التعاطي الامريكي مع طالبان ، بترتيب مخابراتي باكستاني دقيق يستعجل استرجاع طالبان للسلطة في افغانستان بهدف ايقاف الزحف الهندي عليها ، وما تفعله باكستان من دور للوساطة بين الامريكان وطالبان لا يحتاج لدليل خاصة بعد الاعلان عن السماح لطالبان بفتح مكاتب لها وفي اي مكان تؤشر عليه !

ان وجهي التراجع الامريكي، عن ما كان يعتبر مبدئيا وتحديدا في الموقف من طالبان ، هو علامة افلاس امريكي ، بامتياز ، وعلامة نصر لطالبان ونهجها الوطني المقاوم ، الذي يوقظ الافغان ولا يخدرهم ، لان واقع الحال يقول ان من يخدر الشعب هم المحتلون وحكومة كرزاي التي اثبتت التجربة بانها ليست اكثر من مافيا للتجارة بالافيون ومشتقاته ، اما التراجع في العراق عن الايفاء بما التزمت به ادارة اوباما فهو وجه اخر من وجوه الفشل والحيرة ، ومن الواضح ان اوباما يحاول كسب الوقت حتى انتخابات الرئاسة القادمة وذلك من خلال فتح صفحة مستقرة للحوار مع طالبان في افغانستان والمناورة في العراق مع الرافضين لتمديد بقاء قواته فيه ، وبين حواره هناك ومناورته هنا سقطات فصيحة تفضح كل الاقنعة الامريكية التي بموجبها شنت امريكا حربيها المجرمتين على افغانستان والعراق .

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل أيّة مسؤوليّة عن المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم .

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany