<%@ Language=JavaScript %> قصة قصيرة / حمزة علي اللامي زميلي السمين
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

قصة قصيرة / حمزة علي اللامي

 

زميلي السمين

 

 

في موقع عملي الرئيس يقع مكتبي في غرفة تضم عددا من المكاتب، ويحتل كل مكتب زميل من الزملاء .. ومن مساوئ الصدف أن يكون جاري في الغرفة رجل بدين ومسن ومكتبه ملاصقا لمكتبي، وهذا الزميل يسقيني كل يوم السم والعلقم المدعم بالحنظل!

 

وبات هذا الأمر يؤرقني ويسبب لي القلق وبدأت الإرهاصات تنتابني بسبب وجوده بقربي .. وان سألتني ما هو ضرر هذا الزميل السمين؟

وأقول لك:

يكون حضوري في الصباح الباكر لأداء برنامجي الإذاعي كالمعتاد، وعندها أكون مشغولا بترتيب وأوراقي ومواضيعي وأفكاري

فيدخل صاحبنا الغرفة  ..

وتدخل معه المنغصات ..

وتخرج السكينة والهدوء ..

فيقول بصوت جهوري .. السلام عليكم

وأصاب بالفزع والذعر!

واحسب إن هذا الصوت أشبه بالانفجار او صادر من تنين او ديناصور جائع

وارد السلام ..

ويهوي الرجل على كرسيه ويطلق الزفرات والحسرات .. ويتأوه كالمحموم

وأواصل عملي ..

أو أتظاهر بأني مشغول فأرفع الأوراق بشكل عمودي واضربها بسطح المكتب عدة مرات لتكون بنفس التداخل، وكذلك أفتش في الدرج بحثا عن أي شيء يعطيه شعورا إني بغاية الجد والاستعجال، أو أعكف على حاسوبي لأتظاهر إني مشغول بقراءة خبر ما بشغف كبير،، حتى يعلم صاحبي أني مشغول لينصرف عني

وإذا بكل هذه الأفعال تذهب أدراج الرياح حسب قانون زميلي البدين .. فيبدأ نهاره معي ويقول ..

آوه .. اليوم وأنا قادم رأيت العجب!

رأيت باصا كبيرا يجلس على سيارة صغيرة

فأهز له رأسي بالإيجاب مطالبا إياه بالمواصلة،، وأنا أطالع بحاسوبي مقالة لإحدى الكاتبات اللامعات وعيني لا تنزل من على رسمها الجميل، وخيالي شارد بذكرياتي الجميلة حين كنت يافعا، ويدي الأخرى تكتب - مسج- تعزية لصديق عزيز مات أهله كلهم بحادثة مأساوية، وفي يدي الأخرى مسبحة ولساني يلهج بذكر الله .. وزميلي مازال يسطر بحماسة قصته العجيبة!

ثم يدير كرسيه باتجاهي ويمسكني من كتفي ويقول : أسمعتني؟

أقول لك باص كبير ركب فوق سيارة صغيرة فيها عائلة من عشرة أفراد

فأقول .. نعم يالها من فاجعة .. وكيف أحصيتهم؟

فيقول .. أمرت صاحب سيارة الأجرة التي تقلني للذهاب خلف سيارة الإسعاف للمشفى وهناك علمت إن الأب فارق الحياة وألام ستعيش حياتها من دون ساقين والأخت الكبرى مقطوعة الذراع أما الابن الأصغر فخرجت أمعائه والابن الـ

فأقول له .. يا جاري العزيز .. قل صباح الخير،، قل اسعد الله صباحك،، قل أي شيء أفضل من الحديث عن الدم والسيقان والأذرع المقطوعة!

فيقول .. على قولك مالنا ومالهم ،، الله يكون بعون الجميع، ويستدير نحو مكتبه

واحمد ربي انه توقف عن حديثه الدموي هذا

ثم يلتفت ويردف قائلاً .. هل رأيت ماذا صنع المدير ليلة أمس؟

حينها أتصلب أمام الحاسوب متظاهرا بالقراءة، وكذلك متظاهرا إني لم اسمعه .. فيمسكني من يدي اليسرى ويسحبها نحوه بقوة ..

فألتفت إليه ..

ماذا هناك؟

أقول لك هل رأيت ما صنع المدير يوم أمس بالزميل (س)

فأقول له مع ابتسامة خفيفة .. نعم لقد كنت موجودا  ورأيت ما حدث ولا داعي لأن تتعب نفسك

وأعود لانغماسي من جديد ..

ثم ينهض من مكانه ..

واحمد ربي انه نهض وقام بعيدا عني، وغادر الغرفة ..

فأعود إلى سابق عهدي ..

وما هي إلا دقائق حتى تهز يده كتفي هزا عنيفاً .. فأصعق من تصرفه هذا .. وترتفع الدماء في وجهي

ليقول .. هل تريد بعض الشاي؟

فأبتسم له ابتسامة بلهاء وأقول له .. لا عزيزي لا يروقني الشاي .. الشاي مؤذٍ ومضر

فيعود وبيده كأس الشاي ليقفز على مكتبي بشحمه ولحمه ويقول لي ..

لمَ أنت لا ترغب بالشاي؟

ويشرع ليشرح لي فوائد الشاي .. إلى أن يمل من صمتي وانشغالي بما أتابع .. ثم انظر إلى الساعة لأجدها قد  قاربت من موعد برنامجي فأجمع أوراقي وانطلق بها إلى الأستوديو

ويبقى وحده ..

لتأكله الوحدة ..

وعنده انتهاء عملي ارجع إلى الغرفة وما أن اقترب منها حتى أمد رأسي رويدا رويدا، لأتحقق من إن صاحبنا السمين هنا او غادر ،، فأمد ببصري فأراه ينظر  لي وهو يردف :

ادخل .. لمَ أنت عند الباب؟

فأدخل مسرعا ..

واجلس على مكتبي محاولا أن اظهر بمظهر المشغول المرتبك .. وأتسمر أمام الحاسوب وبالرغم من إن عيني باتجاه شاشة الحاسوب فأني راه وهو ينظر إلي ويحاول أن يمزق هدوئي بأسئلته البليدة .. وبالفعل يُقرب كرسيه مني ويهمس قائلا :

هل لك ان تجيبني بصراحة تامة؟

فأستغرب للسؤال!

وأقول له: نعم يا صاحبي بخدمتك سل ما بدا لك؟

فيطرق قليلا .. ويقول أخشى أن تتصورني إني إنسان .... فأقاطعه وأقول:

هيا تحدث يا صاح؟؟ ما بالك

ويقول: نعم نعم .. كنت أريد أن اعرف منك ... ولكن لا تحسبني مخبولا او شيئا من هذا القبيل

وأقول له: يا حبيبي قل فتَّت كبدي .. قل وخلصنا!

ويقول: حسنا حسنا .. كنت أريد أن اعرف منك هل إن انفي كبير لهذا الحد؟

نعم؟؟؟

انفك!!!

يا ويلي سأجن من هذا الكسول البدين .. انه يسألني عن انفه هل هو كبير او لا .. العالم الآن يتصارع حول سباق التسلح النووي وحول القفزة الاقتصادية التي قفزتها الصين وعن موجة الحر التي تجتاح أفريقيا والأخ يسألني عن مقدار انفه؟

وبصراحة إن انفه بلغ من الكبر الشيء الكثير، وانه لو أعيد تفصيله من جديد لأخرجت منه عشرة أنوف جميلة، لعشر  حسناوات .. بيد أن اللياقة تقتضي أن أكون مهذبا معه فأقول:

من قال لك إن انفك كبير؟

إن الذي قال ذلك حسود لئيم .. إن مقدار انفك وحجم انفك هو الحجم المثالي للأنوف الأصيلة،، فأنفك يا سيدي مطابق للمواصفات العالمية .. ولو كنت انا مكانك لانخرطت في اقرب مسابقة عالمية تعنى بالأنوف .. انفك يا زميلي كأنوف الغزلان او انه يشبه انف الكناري .. فيغرق بابتسامة عريضة ويردف .. نعم يا صاحبي انا اعلم ذلك ولكن زوجتي بين الفينة والأخرى تعكر مزاجي بحديثها عن انفي مدعية إني اسرق منها الأوكسجين وإنها تعاني من ضيق بالتنفس كلما اقتربت منها

ويذهب صباحي ونهاري بالحديث عن انفه الكريم

وتتكرر هذه المأساة كل صباح ..

وان سألتني أين هو الآن؟

فأقول ذهب الآن إلى دورة المياه التي يمكث فيها دهرا طويلاً ،، لذلك اغتنمت السانحة لأكتب هذه الأسطر لكم، علكم تدركون مدى عذابي وصراعي مع هذا البدين الجبار

آوه .. أراه الآن قادما نحوي ببطنه التي تتمايل ذات اليمين وذات الشمال، وعلي الآن حفظ ما كتبت وسأكمل حديثي وإياكم في اقرب فرصة .. إلى اللقاء

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا