<%@ Language=JavaScript %> حمزة الحسن مباهج حكماء الشبق السري

 

 

مباهج حكماء الشبق السري

 

                                        كاريكاتير هاني

 

حمزة الحسن

 

لماذا يمنع القانون العراقي المرأة من حق الاجهاض، في حين يحق للرجال الاجهاض كل يوم مئات المرات بعد كل خطاب أو تشكيل وزاري أو خطة تنمية أو بلاغ رئاسي؟ ولماذا يمنع القانون السكارى وغيرهم من حق البول على الحيطان، في حين لا يمنع هذا القانون نفسه زعماء هذا البلد من حق البول على المواطن أو شبه المواطن العراقي كل يوم في المهرجانات والجلسات والبرامج؟ ولماذا يمنع القانون الحمير السائبة من المرور في الشوارع الرئيسة ولا يمنع القانون نفسه مرور الساسة كل فترة من الزمن على هذا الشعب؟ ولماذا يحرم القانون استعمال الانسان كأداة نقل في حين ركبت الاحزاب الاشتراكية والثورية والليبرالية والتقدمية على ظهر شبه المواطن العراقي وتنقلت به من حقبة الى اخرى وتركته يبحث عن مأوى في وطنه ولم يعثر حتى على اسطبل آمن؟

 

لماذا يحرّم القانون العراقي الانتحار ويعتبره جريمة، في حين لا يحرّم القانون نفسه هذا الانتحار الجماعي بالرصاص والجوع وسوء التغذية والهواء الملوث والسرقة والنفايات وغياب الأمل؟ لماذا يمنع القانون الاغتصاب ويعتبره جريمة في حين لا يعاقب القانون نفسه على الاغتصاب السياسي للسلطة والثروة والحرية والمستقبل؟ ولماذا يحرم القانون نفسه حق المريض بالتبرع بالاعضاء بعد الموت، في حين يباع العراقي طفلاً أو قضيةً في الأسواق الطبية والسياسية والاقتصادية؟ لماذا يعتبر القانون القرصنة جريمة في حين يتعرض الشعب العراقي كل يوم وكل ساعة وكل لحظة الى كل اشكال القرصنة الأخلاقية والمالية والتاريخية والسياسية؟ لماذا تكون الخرطات سبعاً أو تسعاً لتصفية المجرى البولي قبل الصلاة، في حين يطلق الحاكم خرطته الأولى من الرصاص على الناس ما أن يسمع هتافاتهم المنادية بالحرية والخبز؟

 

لماذا يكون كشف وجه المرأة عورة، حسب فقهاء الشبق السري، في حين لا يكون كشف وجوه زعماء هذا البلد عورة أيضا؟ لماذا يصبح اختلاس نظرة حب أو علاقة انسانية نبيلة أو نظرة على عقارات مسروقة جريمة في حين لا يكون الكشف عن الاختلاسات المالية والثقافية والدينية جريمة هي الأخرى؟ كيف يكون السطو على قلب امرأة أو السطو على مال مسروق أو السطو على ملفات مزورة أو السطو على عقار منهوب جريمة ولا يكون السطو العلني النهاري على وطن جريمة، أيضا؟ لماذا يمنع القانون العراقي الضوضاء في الأماكن الخاصة والشوارع الحساسة في حين لا يعتبر هذا القانون نفسه جعير الخطابات اليومية والندوات والوعود الكاذبة مخلة بالهدوء والصحة العامة؟ لماذا يحاسب هذا القانون اصحاب السيارات على رمي المناديل والبصاق والسجائر من خلف النوافذ ولا يحاسب على رمي هذا الشعب حياً وميتاً في المزابل العامة وفي المشارح وفي المستوطنات العشوائية؟ ولماذا يمنع هذا القانون القفز على حيطان المنازل في حين لا يعاقب هذا القانون القفز على المناصب والمواقع والأحلام والرغبات الانسانية المشروعة ومراحل التاريخ؟

 

لماذا يكون الجماع في الدورة الشهرية خطأً أو حراماً، ويكون الجماع السياسي مع هذا الشعب وهو في حالة احتضار ونزف دموي وتجويع وترهيب وغياب أي أفق حلالاً؟ لماذا يكون الزنا بالمحارم جريمة كبرى ولا يكون سرقة مال وأمل وسعادة الابرياء والعزل والاطفال والأرامل جريمة كبرى أيضا؟ لماذا يكون السكر العلني جريمة، ولا يكون السكر السياسي والتسلطن وغلق الآذان والابواب جريمة موازية في الأقل؟لماذا يكون السحر والكهان والتنجيم معصية في حين لا تكون وعود الزعماء الملفقة معصية أيضا؟ كيف تكون طاعة أولي الأمر في الباطل، ديناً، في حين ان الطاعة في غير الحق معصية لله؟

 

كيف يمكن أن تكون معاشرة الجن خطيئة ولا تكون معاشرة زعماء هذا البلد خطيئة أيضا؟ كيف يكون شتم الريح والزمان والقدر كفراً، ويكون شتم اللصوص والقتلة والمنافقين كفراً، أيضاً؟ كيف يكون التبرك بشجر أو حجر أو رمز كفراً، ويكون التبرك بالبرنامج السلطوي والسياسي والحزبي التزاماً؟ لماذا يكون استمناء اجيال من العزاب والنظر بشهوة واللمس بشهوة حراماً، في حين يكون الاستمناء السياسي والاعلامي والفكري والعقائدي والاخلاقي والثقافي والاقتصادي والنظر الى المال العام ولمسه وسرقته بشهوة شطارةً وذكاءً؟ لماذا يكون استعمال  الرجال للحناء للزينة حراماً، ولا يكون وضع الطين والرماد والوحل فوق وجوه الناس تفجعا على الموتى حراما كذلك؟ لماذا تكون صلاة المرائي حراماً وباطلاً ولا يكون خطابه بين الناس كذلك؟ لماذا يكون الرهان بالمال الخاص حراماً ولا يكون الرهان بمال الناس جريمة وحراماً أيضا؟

 

لماذا يكون الحلف، كذباً، بالخالق،حراماً، ولا يكون الحلف بمخلوقاته حراماً أيضا؟ لماذا يكون الغش في التجارة وفي اللبن وفي الشعر والنثر والطب والجص حراماً والغش في السياسة حلالاً وتسويةً وحكمةً؟ لماذا يكون فخذ الرجل المكشوف عورة ولا يكون وجه السلطة الجائرة المكشوف عورة؟ لماذا يكون النظر في الفرج عند الجماع كراهةً حسب فقهاء الاغواءات السرية، ولا يكون النظر في وجوه الزعماء في احتفالات السباق على المناصب كراهةً أيضا؟ لماذا يكون لباس المرأة المثير للشهوة حراماً، ولا يكون لباس قادة جيش وشرطة لا يحملون شهادة من كلية حربية أو مدرسة عسكرية إلا شهادة مصلحة السجون العامة حراماً أيضاً؟ لماذا حين ترقص المرأة في حفل عام مشترك يكون ذلك خطيئة، وحين ترقص السلطة والاحزاب كل يوم عاريةً يكون ذلك سياسة وديمقراطية وحرية وحداثة وتطوراً؟

 

لماذا لا يحق للرجال الرقص في حضور النساء في الاعراس العامة في حين يحق للزعماء الرقص في حضور النساء والرجال والموتى والمحتضرين والسجناء والمخطوفين والمهجرين وعلى كل الطبول والدفوف؟ كيف يمكن اعتبار فرقة خشابة مسالمة مشتركة من الجنسين حراماً، وتكون حكومة شراكة وطنية مفروضة بالقوة والتزوير والمال حلالاً؟ كيف يكون الوضوء بماء البحر ما لم يقره العرف حراماً، في حين يكون الوضوء بدماء الناس المختلفين والمحتجين والساخطين حلالاً؟ لماذا لا يجوز مصافحة المرأة من غير المحارم ويجوز مصافحة جنرال محتل وتقبيله ودعوته الى وليمة كبرى في بيت فقيه؟ كيف يكون ورق اليانصيب حراماً ولا يكون ورق اللعب بمصائر الناس حراماً؟ لماذا لا يحق لإبن الزنا النسب القبلي في حين يحق للحكومات الزانية أن تُنسب للشعب؟ لماذا يكون لحس الفروج حراماً، في حين يكون لحس المال العام والأمل العام والمستقبل العام، حلالاً؟

 

12.02.2011

www.alaazal.com

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا