%@ Language=JavaScript %>
لكي لا تكون مجزرة بلا ثمن
كاريكاتير قيس عبد الله
حمزة الحسن
لا يمكن الوقوف على الحياد بين مطالب الشعوب وبين السلطة في كل زمان ومكان، و لكن التحذير، في ساعات عصيبة، هو جزء من الانحياز للناس لكي لا تقع في التهلكة، وتحافظ على مشروعها الانساني العادل في نيل الحقوق.
في عراق اليوم هناك الاف الاسباب للثورة والاحتجاج والتمرد والعصيان والاضراب عن الطعام والنوم والجنس والعمل والمواصلات والضحك والسفر والغناء والحنين والنعاس ولعب كرة القدم والدومنيو وصيد السمك وطيور القبج والانجاب والشخير والتنكيت والحب والاحلام والاستحمام والخ.
كل ذلك مشروع وواضح، ولكن يلوح في الأفق من سير البيانات واسلوب الحشد والتعبئة واستباق الامور وكلام عن فشل ونجاح انتفاضة عراقية( وهو أمر لم يحدث لا في التونسية والمصرية ولا الليبية والبحرينية ولا في تمرد البدون، أيضا) لأن هذا ينزع الطابع العفوي الجماهيري الخلاق عن الانتفاضة ويدخلها في سراديب لا معنى لها، نقول يلوح في الأفق مشروع دفع الناس خارج تحقيق الأهداف الجوهرية من الاحتجاج والغضب وهي اعادة بناء السلطة السياسية على أسس جديدة وبناء دولة حديثة لا تتداخل مع السلطة كمؤسسة ايديولوجية في حين أن الدولة مؤسسة خدمات.
هناك مخاطر من تصفية حسابات سياسية بين فرقاء العملية السياسية اليوم باقية من زمن الانتخابات، وقد يتأسس على ذلك دفع الناس، في فورة غضبهم المشروع والعادل، لإحتلال المنطقة الخضراء مما ينذر بوقوع مجزرة، لأن المنطقة الخضراء ولا دار الاذاعة أو الدفاع كما كان الأمر في مراحل سابقة هي مقرات السلطة السياسية، لأن هذه سلطة الاخطبوط، ليست سلطة المركز بل الاطراف، سلطة السفارات والثكنات الأمريكية والدهاليز وغيرها.
لكي يكون ثمن التضحية مجدياً، يجب ألا يذهب هدراً، ومن يفكر في اسقاط النظام السياسي القائم اليوم في العراق بجعل المنطقة الخضراء هي الهدف، يكون قد ارتكب خطأً فادحاً، لأن هذه المنطقة السياحية، المرفهة، هي شكل مخادع وماكر ومموه للسلطة التي هي في مكان آخر.
ان الاقتحام الحقيقي للنظام القائم هو المناداة بالاستقلال الوطني الحقيقي السياسي والاقتصادي والعسكري والثقافي، وليس في مجازفات متهورة من دون قيمة استراتيجية تغير في الوضع القائم، وباستغلال مطالب الناس العادلة في الحرية والثروة والسلطة والكرامة، وافراغ الشعب من مشاعر الحرمان والانفجار في أهداف وهمية تنصب كمصائد وهمية للتفريغ.
لو كان اقتحام المنطقة الخضراء يحقق هذه المطالب، بأي ثمن، فسوف يكون مطلوباً وواجباً، لكن ليس هذا واقع الحال: هذه المنطقة التي تصح تسميتها بـ"الحقيبة الفارغة" التي يصب الغاضبون كل اسلحتهم وغضبهم وتستهلك قواهم في الهجوم عليها، في حين ان القوة المركزية للنظام في مكان آخر، هذه المنطقة هي شبكة الغش لمنظومة سياسية ومخابراتية غاطسة في الدهاليز والاقبية، وهي جبل الجليد الذي لا يظهر منه سوى شوارب الزعماء المحليين العليا، وأما الشوارب السفلى، فهي غارقة في الظلام العميق:" فلا تضيعوا دم الناس، بظراً".
هامش: في قاموس لسان العرب" ذهب دمه بظرا" أي هدراً.
19/2/2011
تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا
جميع الحقوق محفوظة © 2009 صوت اليسار العراقي
|
لا للأحتلال |
|
---|
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا |
|
---|