%@ Language=JavaScript %>
حمزة الحسن
اطلاق ثورة في الموعد الخطأ
يعادل خسارة ثورة قادمة
اطلاق ثورة في توقيت خاطئ يعادل خسارة ثورة حقيقية قادمة في توقيت صحيح لأن الثورة كالثمرة الناضجة يجب أن تقطف في توقيت سليم ليس قبل النضج ولا بعد التعفن. الثورة هي تراكم مخزون ألم وذل وحرمان، وهذا التراكم يؤدي الى الحزن أو اليأس الذي يقود بدوره الى الانفجار، وفي لحظات اليأس ليس للناس ما تخسره كما قيل في التاريخ الانساني.
ان قانون التراكم المفضي الى الألم والحزن أو اليأس ثم الانفجار يجعل التضحية بل الموت خلاصاً ورمزاً سواء حققت الثورة أهدافها أم لا، لأن الثورة تتجاوز الهدف المتوقع المعلن الى أهداف غير متوقعة وغير معلنة تنتظم في سياق الوقائع والاضطراب، لكن في الانظمة الشمولية التوليتارية البوليسية الفتية يكون موعد اطلاق ثورة، خارج قانون التراكم الطويل في الألم والخيبة، وخارج الاجماع الأهلي العام، أمام شعب منهك مبعثر تتداخل فيه السلطة مع المجتمع، يشبه اطلاق قطيع غزلان في حقل للكلاب المسعورة.
إن عاملي الديكتاتورية الوليدة والفتية وعامل الشعب المنهك المنقسم، يجعل الثورة مغامرة بل مخاطرة قد تؤخر فعل الثورة الحقيقي القادم نتاج التراكم في الألم والزمن والاجماع العام، ويضيع التوقيت الصحيح المنتظر والقادم يوم تصبح الديكتاتورية منهكة والفرز الاجتماعي عدائيا بين سلطة ومجتمع: حين درست حنا أرندنت الفيلسوفة والمناضلة الأمريكية من أصل ألماني تاريخ الثورات الفرنسية والروسية والأمريكية في كتابها الكبير( في الحرب والثورة) وجدت أن فشل الثورة الروسية والفرنسية ونجاح الثورة الأمريكية يعود الى وجود نظام المؤسسات ومنها المحكمة العليا المستقلة" نقطة الارتكاز" في استمرار ونجاح الثورة، وحتى في الثورة المصرية الأخيرة وجدنا موقفاً يستحق الاحترام من البناء القانوني والجسم القضائي المصري الذي دخل في صراع طويل مع السلطة ومن نتائجه طرد الكثير من القضاة الشرفاء.
يؤدي حشد ودفع الناس الى الثورة في التوقيت الخطأ الى ضياع ثورة حقيقية قادمة بلا شك في توقيت صحيح، لأن استنزاف طاقة الناس في صراع أهلي غير مضبوط النتائج سيراكم مشاعر الفشل والاحباط ويخزن فكرة التغيير في ذاكرة مؤلمة وحزينة ومترددة، كما انه، وهو الأخطر، ينشط فعالية السلطة القمعية ويكشف عن ضعف البناء الأمني والسياسي في تمرين غير مدروس على ثورة التوقيت الخاطئ، ويقوي من ذاكرة النظام الذي لا يجازف أي عاقل في قلبه في قمة نشوته وسلطته وجبروته وتداخله مع الهيئات الاجتماعية والبنى الاسطورية والاقتصادية والحزبية، من دون أن يدخل مرحلة التآكل والتفسخ والتداعي التي عندها يكون توقيت الثورة هو ساعة النضج والحقيقة والعقاب والتضحية والقطف أيضا.
صحيح ان اطلاق ثورة في غير التوقيت الصحيح قد يحقق بعض المطالب والحاجات والحقوق، لكن هذه التلبية ستكون فرصة للنظام الشمولي الحاكم الفتي والوليد، تواً، لاحكام القبضة والتقاط النفس وسد الثغرات من جهة، ومن جهة أخرى يحوِّل فكرة الثورة القادمة في الوعي العام من مغامرة لصنع الحرية الى مغامرة خوف وتوجس وذاكرة مؤلمة وافراغ للتراكم والشحن والانفجار في غير الوقت السليم، لأن الذهاب الى الثورة في الموعد الصحيح كالذهاب الى عيد أو حفل أو مغامرة يكون الخوف فيها نوعا من الغبطة والفرح ونشوة الهروب من السجن الى الحرية.
14/2/2011
تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا
جميع الحقوق محفوظة © 2009 صوت اليسار العراقي
|
لا للأحتلال |
|
---|
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا |
|
---|