<%@ Language=JavaScript %> حمزة الحسن جيل الفيسبوك يكتسح جيل الثورجية

 

 

جيل الفيسبوك يكتسح جيل الثورجية:

 

وداعا للمثقف اللمبجي

 

حمزة الحسن

 

رغم الحصار والخنق والتآمر المستمر لوأد الثورة المصرية من قبل الانظمة العربية الاستبدادية والامبريالية العالمية، لكن هذه الثورة وقبلها التونسية قد دفنت والى الأبد أسطورة النخبة السياسية القائدة والملهمة والخبيرة في التنظير والتفلسف لدرجة ان الاجيال العربية الجديدة هجرت منابر وأحزاب وصحف وندوات هذه النخب لأنها بكل بساطة لا تعرف قاموسها ولا عن أي شيء تتحدث ليس عن جهل ولكن للهوة العميقة والانفصال العميق بين واقع وحاجات واحلام الناس وبين عوالم النخب الحزبية السياسية.

 

جيل الفيسبوك والتويتر والماسنجر والهاتف الخلوي والصورة وأغاني الراب يحل مكان المقهى والمؤسسة والنادي ومقرات الاحزاب. الثوار الجدد يضعون على اذانهم في الطريق الى ساحات الاحتجاج والثورة والتغيير لاقطات الموسيقى الوطنية والعاطفية ونشرات الاخبار وهم في كامل استعداهم للموت من اجل الحرية. لم تعد اسطورة الثائر المبهذل الرث الثياب الملتحي كما صورته ورسخته النخب الكلاسيكية هو الذي يقتحم السجون ويرفع رايات التغيير الوطني ويحمل مشعل الثورة ولكن يمكن للشباب من الجنسين أن يقضوا مضاجع الانظمة الديكتاتورية بكل أناقة وشجاعة وقوة ويسمعوا العالم أصواتهم وهم بثياب عصرية وأذواق مختلفة ومن أديان ومشارب واجيال مختلفة دونما حاجة للتأطير.

 

انتهى عصر الداعية المزيف، خبير الثرد في السياسة والمستقبل، المثالي في الكتابة، والمحتال والمساوم، صاحب سوق البيع والشراء في القضايا الكبرى، في الواقع، وحل محله صوت الشعب الحقيقي كما هو جميلا وصادقا ونبيلا وهادرا. انتهى عصر الشارح والشاطح والناطح والمنافح مالك الحقيقة والتاريخ والمستقبل تحت صوت الشعب ليسقط نظامين في وقت واحد: النظام الحاكم، والنظام السياسي والعقلي المعارض، نظام الصالونات والتكيات والغرف المغلقة والحانات.

 

عصر جديد كان قائما ومؤسسا وواضحا تحت سمع ونظر المعارضات العربية ولكنها ظلت تلوك أوهامها كما يلوك البعير لقمته، بالمفردات نفسها، المعارك الصبيانية نفسها، العقلية الشاحبة نفسها، وحين خرج هذا الجيل الى الشوارع ليصنع التاريخ، كانت دهشة وصدمة هذه النخب أكبر من صدمة ودهشة النظام الحاكم هنا وهناك.

 بداية النهاية لنظام عربي ديكتاتوري فاسد، وبداية النهاية لزمن الأحزاب وعقلية النخب الأكثر فسادا المفرطة في السطحية وفي النصوصية وفي المعارك الصغيرة. بداية النهاية لزمن المثقف اللمبجي الذي أعلن على مدى قرن من الزمان انه موكول من التاريخ والشعب والأزمنة إنه صاحب الرسالة الكبرى وحامل لواء التغيير لكن الواقع العربي انتج في النهاية هذه الشعوب الجريحة والمعاقة والمهانة والمشحونة  باليأس الذي هو في النهاية يحرر من الخوف ومن الموت ومن الترقب والانتظار.

 

اليوم كما في الامس تلغي هذه الاجيال عقلية المثقف التابع الباحث عن أب لكي يحتمي خلفه سواء كان هذا الأب مظلة بشرية واقية من الجبن والخوف من الاستقلالية، أو كان هذا الأب نصاً أو حزباً. المثقف التابع صاحب القاموس المعروف في تقديس أخطاء الناس من اجل الكسب والانتهازية، الذليل، المثقف الأمي بتلك الأمية المركبة الذي يرطن ولا يتكلم، ويموء ولا يتحدث، يتحذلق ولا يقول شيئا، مثقف مقهى ريش وكل مقهى في العالم العربي.

 

زمن عربي يُكتب اليوم في الشوارع بأقدام جيل جديد خرج من الثقافة وليس من الايديولوجيا، من أعماق موسيقى الغضب وليس من الشعارات، جيل لا يتكلم ولا يتحذلق ولكنه يرقص في الشوارع أمام الدبابات. جيل يعلم النخبة الحاكمة والنخبة المتفلسفة المتحذلقة المتقعرة إن الحياة ليست هنا بل في مكان آخر والثورة لا يصنعها العقل التابع والمشوه والمريض والمشبع بالفرضيات والنظريات والشروحات والمثاليات الملفقة بل تُصنع أمام السرفات.

 

التآمر على الثورة المصرية كبير على المستوى العربي والدولي والاستعماري لكن هذه الثورة هدفها ليس في النتيجة فحسب بل في الغاية، والغاية هي اسقاط المسلمات والقداسات المشوهة ونظم التفكير والطرق البالية والنخب السياسية المترهلة بل الميتة التي  عاشت حالة الخصومة مع أنظمة ديكتاتورية وتقمصت اساليبها في السياسة وفي الثقافة وفي الخطاب وفي السلوك وتعفنت مثلها تماما: هذه الثورة تكتسح الجميع بصخب البحر.

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org               مقالة للكاتب والروائي العراقي حمزة الحسن

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا