<%@ Language=JavaScript %> معتصم حمادة إنهم ذاهبون إلى الحرب..
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

إنهم ذاهبون إلى الحرب..

 

 

معتصم حمادة

 

تتصرف إسرائيل في استقبالها استحقاق أيلول وكأنها ذاهبة إلى الحرب، بكل ما في كلمة الحرب من معنى، ولهذا فهي تتحضر لدخول هذه الحرب باحتمالاتها المختلفة، فماذا جهز الفريق الفلسطيني لخوض هذه الحرب يا ترى؟!

تبدي إسرائيل اهتماما ملحوظاً بالاستحقاق الفلسطيني في أيلول. ويمكن القول إن انشغال حكومة نتنياهو بالتحركات الاجتماعية الداعية إلى العدالة الاجتماعية في السياسة الاقتصادية في إسرائيل، لم يحل دون أن تغوص هذه الحكومة في ثنايا ملف استحقاق أيلول من جوانبه المختلفة، وتكلف أكثر من لجنة في أكثر من وزارة دراسة الاحتمالات المتوقعة لمثل هذا الاستحقاق، ووضع الخطط الضرورية، السياسية والأمنية، لمواجهة هذه الاستحقاقات وتداعياتها؛ على المستويات كافة.

غير أن الملاحظ، في هذا كله، أن إسرائيل، أعطت اهتماماً مميزاً للجانب الأمني من هذه الاستحقاقات، وبناء عليه اتخذت إجراءاتها الضرورية، دون أن يعني ذلك أنها أهملت باقي الجوانب.

في هذا السياق يلاحظ أن جيش الاحتلال درس الوضع وفق التالي: خبراؤه السياسيون والعسكريون يتوقعون أن تشهد المناطق الفلسطينية، وعلى خلفية تحركات استحقاق أيلول، تحركات شعبية فلسطينية عاصفة، قد تؤدي إلى الصدام مع الجيش الإسرائيلي. وعلى قاعدة هذا التقدير، اتخذت قيادة جيش الاحتلال سلسلة إجراءات لعل أهمها:

تقدير الموقف الشعبي الفلسطيني. وترى قيادة العدو أن الضفة الفلسطينية (المنطقة الوسطى حسب تعبير الجيش الإسرائيلي) هي المؤهلة لأن تنفجر فيها الأوضاع قبل غيرها. لذلك استدعت ضباط الاحتياط (إذ لا تشكو من نقص في عدد الجنود) وطلبت إليهم استطلاع المدن والمناطق المجاورة لها التي من المتوقع أن تكون مسرحاً للأحداث.

وتعتقد قيادة العدو أن تكثيف تواجد الضباط، في مثل هذه الظروف، ضرورة أمنية لمنع تفاقم الأوضاع وفلتان الأمور. ولا تستبعد قيادة العدو أن يمتد «العنف» إلى المنطقة الجنوبية (قطاع غزة) لذلك أسرعت إلى العمل لتحضير ما يسمى بـ «القبة الحديدية» وهو سلاح الصواريخ الإسرائيلي الذي تعتقد تل أبيب أنه قادر على التصدي لصواريخ المقاومة الفلسطينية.

الأهم أن قيادة العدو لا تستبعد أن يصل تطور الأحداث إلى المنطقة الشمالية (الجليل وامتدادته) لذلك عمدت سلطات العدو إلى تحضير المزيد من أدوات القمع ووسائل التصدي للتظاهرات، مستعيدة في ذلك التطور العاصف الذي شهدته المناطق الفلسطينية داخل الكيان الصهيوني في تشرين الثاني 2000 في تعاطف مع الانتفاضة في المناطق المحتلة، وسقوط شهداء من بين أبناء مناطق 48 على يد شرطة العدو.

كذلك لا يستبعد العدو أن تشكل تطورات الوضع في المناطق المحتلة «ذريعة» ـ على حد تعبير مصادره ـ ليدخل حزب الله على خط القتال بما يشبه معارك صيف 2006 الشهيرة. وبالتالي، كخلاصة، وضعت قيادة العدو العسكرية، القيادة السياسية الإسرائيلية في أجواء حرب كاملة، الأمر الذي يعني التحضير لهذه الحرب بكل الوسائل الضرورية.

***

من الواضح أن قيادة العدو وضعت في حساباتها أسوأ الاحتمالات، بالمعيار الإسرائيلي. لكنها بالمقابل، لم تتجاهل احتمالات أخرى من بينها:

الاحتمال الأول. أن لا تشهد مناطق الضفة الفلسطينية صدامات مباشرة بين المتظاهرين الفلسطينيين وجيش الاحتلال في رهان على أن شرطة السلطة الفلسطينية سوف تتصدى لهذه التظاهرات، وتحول دون وصولها إلى مناطق التماس مع العدو، كحاجز قلندية أو غيره. لكن مثل هذا الأمر لا يمكن تطبيقه على مناطق التماس مع جدار الفصل والضم العنصري. حتى احتمال تدخل الشرطة الفلسطينية ولجم التظاهرات يبدو في نظر بعض الإسرائيليين احتمالاً ضعيفاً أخذاً بالاعتبار تجربة انتفاضة العام 2000 حين انحازت الشرطة إلى الشعب واشتبكت مع جنود العدو بالرصاص الحي.

الاحتمال الثاني. أن تتعرض السلطة الفلسطينية لضغوط سياسية وعقوبات اقتصادية. ويستند قادة العدو إلى تهديد الكونغرس (9/7/2011) في قراره الشهير ضد السلطة الفلسطينية. غير أن بعض دوائر العدو تحذر من خطورة هذا الإجراء، وخطورة انهيار السلطة الفلسطينية، إن هي خضعت لحصار اقتصادي صارم، أدى إلى عجزها عن دفع رواتب رجال الشرطة وباقي الموظفين. في مقدمة هؤلاء المحذرين وزير دفاع العدو إيهود باراك الذي يرى أن انهيار السلطة، معناه الذهاب إلى الفوضى بكل تداعياتها على أوضاع المستوطنات وخطوط التماس مع التواجد الإسرائيلي في المناطق المحتلة. ويرى باراك أن وضع حد للفوضى يتطلب تدخلاً من جيش الاحتلال. وهو تدخل قد يكون مكلفاً، بشرياً ومالياً. لذلك يرى باراك أن الضغط الاقتصادي والسياسي على السلطة أمر مطلوب، لكن إلى الحد الذي لا يسمح بانهيار السلطة وتفكك أجهزتها. (ولعل «تحليل» باراك في هذه النقطة بالذات يفتح الباب لنقاش سياسي حول وظيفة السلطة، كما تراها إسرائيل، وحول الخطة الفلسطينية الواجب ابتاعها لتحويل «حاجة» إسرائيل الأمنية للسلطة إلى ضغط فلسطيني على إسرائيل نفسها.)

الاحتمال الثالث. أن تنجح الضغوط الدولية ( وفي مقدمها الأميركية) على السلطة الفلسطينية كي تعود إلى طاولة المفاوضات. وترى بعض الدوائر الإسرائيلية أن تقدم حكومة نتنياهو «تنازلاً» للرئيس محمود عباس، بحيث توافق على التجميد الجزئي للاستيطان، ولفترة زمنية محدودة، تمكن عباس من دخول هذه المفاوضات «منتصراً» مع الإدراك الإسرائيلي الضمني (من موقع المتواطئ) أنه انتصار وهمي.

***

واضح أن إسرائيل، وهي تنشغل باستحقاق أيلول، لا تنشغل بمجريات الأوضاع في الأمم المتحدة. لأنها تعتبر أن إدارة المعركة في المنظمة الدولية تقع على عاتق واشنطن، ولأنها تدرك أيضاً أن الحسم في الميدان، أي على الأرض، هو العامل الرئيسي في كسب المعركة. لذلك نرى مؤسساتها الأمنية تنهمك في التحضير للمعركة القادمة، وفقاً للاحتمالات المرتقبة، بحيث لا تترك مجالاً للصدفة أن تقرر أو أن تلعب دوراً في رسم النتائج.

ونعتقد أن في نمط التفكير الإسرائيلي دروساً مهمة (هل من المعيب أن نستخلص الدرس من تجارب عدونا؟!). أبرز هذه الدروس أن العدو الإسرائيلي على قناعة تامة أنه كي ينجح في فرض شروطه على الجانب الفلسطيني، عليه أن يبقى هذا الفلسطيني في وضع ضعيف، وأن يشل قدرته على التأثير الميداني على «خصمه» (أو عدوه) الإسرائيلي.

لذلك يتحضر لاستقبال استحقاق أيلول، باعتباره يتحضر لدخول الحرب بأشكالها المختلفة، إن في الضفة أو في القطاع، أو في الجليل أو ضد حزب الله؛ مدركاً، في السياق، أن كسب هذه الحرب من شأنه أن يفتح الباب لكسب الحرب السياسية، حتى ولو نجح الفلسطينيون في الحصول على مقعد لدولة فلسطينية مستقلة معترف بها. فالأساس في الجغرافيا. وخطط العدو تقوم على الدوام على ضرورة الإمساك بالجغرافيا، وترك العالم الافتراضي للآخرين، يسبحون في أجوائه.

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا