<%@ Language=JavaScript %> داود تلحمي كيف حلّلت التقارير الأميركية السرّية قادة كوبا وفنزويلا
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

كيف حلّلت التقارير الأميركية السرّية قادة كوبا وفنزويلا

 

 

داود تلحمي /

عضو القيادة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين

 

 

تلقي التقارير الدبلوماسية الأميركية الداخلية التي كشفها موقع «ويكيليكس» الإلكتروني إضاءات مهمة على نظرة وتحليلات الأوساط الأميركية الرسمية المعنية بالسياسة الدولية، وبالتالي تعطي للقراء والمحللين والمؤرخين مادة غنية، كان من المفترض نظرياً أن تبقى طي الكتمان لأعوام عديدة أخرى. وإن كان من الضروري، بالطبع، قراءة هذه الوثائق بنظرة نقدية تأخذ بعين الاعتبار الجانب «الأيديولوجي» في هذه الكتابات وحسابات السياسات الكونية الأميركية.

وبما أن القارة الأميركية اللاتينية تشهد منذ أواخر القرن الماضي وأوائل القرن الجديد قدراً ملموساً من الإفلات من الطوق الأميركي، الذي استمرت سطوته عليها زهاء القرنين من الزمن، فمن الطبيعي أن ينظر أصحاب القرار في واشنطن وممثلوهم في القارة إلى الرموز الأبرز لعملية «الإفلات» هذه نظرة اهتمام خاصة، سلبية طبعاً من حيث المضمون، ولكن ذات طابع تحليلي يسعى لتوضيح الصورة، في سياق المراسلات الداخلية التي يفترض أنها ليست للإطلاع الواسع.

واشنطن وسياسة الهيمنة

في هذه القارة الأميركية اللاتينية، المتصلة جغرافياً بالعملاق الأميركي الشمالي، الذي كان يسعى دوماً إلى الهيمنة عليها منذ مطلع القرن التاسع عشر حين بدأ مسلسل إعلانات الاستقلال لبلدان هذه القارة عن كل من إسبانيا والبرتغال، برز قبل زهاء نصف القرن من الزمن تحدٍ مقلق للنفوذ الأميركي، تمثّل في الحركة الثورية المنتصرة في جزيرة كوبا، بقيادة فيديل كاسترو، الذي دخل ورفاقه عاصمتها هافانا في اليوم الأول من العام 1959 مطيحين بالنظام الاستبدادي التابع القائم آنذاك، ومحوّلين البلد خلال سنوات قليلة إلى ما يشبه القلعة اليسارية الحصينة. وهي قلعة بقيت صامدةً طوال أكثر من نصف قرن، وأصبحت عصية على الكسر، بالرغم من محاولات الاجتياح (خليج الخنازير 1961،...) والمساعي المتكررة لاغتيال فيديل كاسترو نفسه، وبالرغم من الاغتيال الفعلي اللاحق للقائد الكاريزمي الآخر للثورة الكوبية، الأرجنتيني المولد إرنستو غيفارا، الذي غادر كوبا في أواسط الستينيات ليدعم ويخوض معارك تحرير في بلدان أخرى، وبالرغم من التهديدات المتلاحقة (أزمة الصواريخ النووية السوفييتية في كوبا مع الولايات المتحدة في العام 1962،...)، والحصار الاقتصادي المتواصل المفروض على كوبا منذ أوائل الستينيات، وعمليات الدعاية المضادة الواسعة ومحاولات التخريب الداخلي المستمرة عبر دعم واشنطن للمعارضة الكوبية المهاجرة المتمركزة في جنوب الولايات المتحدة ولوسائل إعلامها وبثها الإذاعي والتلفزيوني الموجه لكوبا القريبة من سواحل هذا الجنوب.

طوال هذه الحقبة التاريخية، تمكّنت الولايات المتحدة، عبر تدخلات عسكرية أو أمنية مباشرة أو من خلال دعم الانقلابات العسكرية والقوى اليمينية المحلية، من الإطاحة بأنظمة وحكومات وقيادات يسارية واستقلالية عدة في القارة اللاتينية. فبعد الإطاحة الفعلية بالرئيس اليساري هاكوبو أربينس في غواتيمالا عام 1954 قبل انتصار الثورة الكوبية بسنوات قليلة، تمت الإطاحة بالرئيس اليساري في البرازيل عام 1964، وتم اجتياح جمهورية الدومينيكان والإطاحة بالنظام التقدمي فيها في العام 1965، والإطاحة عام 1973 برئيس تشيلي اليساري المنتخب ديمقراطياً، وتم اجتياح جزيرة غرينادا والإطاحة بنظامها اليساري عام 1983، ودعم التخريب الواسع الموجه من المخابرات المركزية الأميركية على حدود نيكاراغوا ضد النظام اليساري الذي أقيم هناك في العام 1979 إلى أن تم استنزافه والإطاحة به في العام 1990.

صمود كوبا

ولكن كوبا، التي تلقت ضربة قوية بانقطاع المدد والعلاقات الاقتصادية مع الإتحاد السوفييتي وبلدان أوروبا الشرقية بعد انهيار التجارب الاشتراكية هناك في السنوات 1989-1991، تمكنت من امتصاص هذه الضربة الكبيرة أيضاً وتجاوز «المرحلة الاستثنائية»، حين كاد شعبها أن يصل إلى حافة الجوع. وبقيت هافانا واقفة في «ممر الماراثون» إلى أن بدأت قوى اليسار الجديدة تسقط قلاع اليمين في القارة اللاتينية الجنوبية منذ أواخر القرن العشرين، بدءً بوصول رمز مقلق جديد آخر إلى السلطة في بلد أكبر وأغنى من كوبا، هو فنزويلا المنتجة والمصدرة للنفط. ورمز «الأذى» الجديد، وفق التعبير الوارد في إحدى البرقيات الداخلية الأميركية، ليس سوى الرئيس اليساري المنتخب لهذا البلد، أوغو تشافيز.

وكما جرى مع فيديل كاسترو ورفاقه بعد اتضاح خياراتهم الاستقلالية واليسارية في مطلع الستينيات الماضية، حين عملت وسائل الدعاية الرسمية والإعلام اليميني الأميركي على تصوير القادة الكوبيين الجدد وكأنهم شلة من «المجانين» المتهورين والمستعدين حتى إلى إشعال حرب عالمية نووية، وهو ما روّج له حتى عدد غير قليل من أفلام هوليوود التي تناولت، مثلاً، أزمة الصواريخ السوفييتية الشهيرة في كوبا في العام 1962، سعى الأميركيون في السنوات الأخيرة إلى إظهار أوغو تشافيز بأنه مشروع ديكتاتور متسلط غريب الأطوار ومصاب بمس من جنون الكراهية للولايات المتحدة ومصمم على التحريض والعمل الملموس ضدها في عموم القارة، وخارجها أيضاً، عبر تحالفات مع بلدان في مناطق جغرافية أخرى لا تكنّ واشنطن لها الود وتعتبرها في خانة خصومها أو حتى ضمن «محور الشر» الشهير الذي صنّفه الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن.

ولنترك الكلام لتقارير الرسميين الأميركيين التي تم الكشف عنها مؤخراً.

كاسترو «المدير البارع للأزمات»

يقول ممثل واشنطن الأول في مكتب المصالح الأميركية في العاصمة الكوبية في رسالة تتناول تحليل الوضع بعد الإعلان عن مرض فيديل كاسترو في أواسط العام 2006، واحتمال غيابه عن الساحة السياسية وربما عن الحياة أيضاً: «في حال حصل هناك صراع داخلي عنيف في كوبا، نعتقد أنه من الممكن أن يفكر تشافيز في التدخل عسكرياً لدعم العناصر الموالية للنظام» اليساري. ذلك أن «تشافيز سيسعى على الأرجح لمحاولة ارتداء المعطف»، ليكون، وفق كلمات فيديل كاسترو نفسه، «خليفتي في مواصلة تقدم الثورة الاجتماعية»، كما جاء في الرسالة المشار إليها، والتي حاولت أيضاً أن تبرز نقاط الضعف لدى تشافيز مقارنة بـ«المعلم»، أي فيديل. وسنعود إلى هذه المقارنة بين الزعيمين بعد قليل.

في رسالة أخرى من مسؤول مكتب المصالح الأميركية الجديد في هافانا في مطلع العام 2009، وهو تسلم مهامه في العام 2008، جاء أنه من غير المتوقع أن يقود غياب فيديل كاسترو إلى حالة اضطراب داخلي في الأمد المباشر في كوبا ولا حتى إلى اندفاع متزايد لهجرة الكوبيين نحو الولايات المتحدة. والصحيفة الأميركية الشمالية التي تناولت هذه الرسالة الجديدة لفتت الانتباه إلى اللغة المختلفة بين الممثلَين الأميركيَين المتعاقبَين على مكتب هافانا: فالأول (واسمه مايكل بالمري) كان يُظهر، وفق الصحيفة، مشاعر شديدة السلبية تجاه القادة الكوبيين ويتوقع اضطرابات في حال رحيل فيديل كاسترو، في حين كان الثاني، أي المندوب الأميركي الجديد في كوبا جوناثان فرّار، أكثر توازناً وأقل انجرافاً بهذا الاتجاه، حسب الصحيفة. طبعاً، بين التاريخين، أي بين 2006 و2009، وبمعزل عن اختلاف المشاعر الشخصية للمندوبَين الأميركيَين، حصلت تطورات مهمة: حيث تبين أن فيديل كاسترو تجاوز حالة المرض الشديد ولم يرحل، خلافاً للتخمينات الأولى، لا بل استعاد درجة معقولة من العافية سمحت له حتى بالظهور مؤخراً في الشارع والمشاركة في اجتماعات عامة في كوبا. كما تبين أن نقل السلطة إلى قيادات أخرى غيره تم بشكل سلس في هافانا. وبغض النظر عن الاختلاف في شخصيتي فيديل وشقيقه راؤول الذي خلفه في الرئاسة، بعد أن كان في السابق ومنذ انتصار الثورة في كوبا الرجل الثاني في النظام، وفي الحزب الحاكم، ووزير الدفاع المسؤول المباشر عن بناء القوات المسلحة والإشراف عليها، فالشارع الكوبي لم يبدِ قلقاً حين انتقلت السلطة والقيادة اليومية من فيديل إلى راؤول وعدد آخر من القادة الذين اختيروا لإدارة البلد بعد مرض فيديل. وأكثر من ذلك، أبدى المواطنون ارتياحاً في الأشهر القليلة الماضية لعودة فيديل للظهور علناً وهو في حالة صحية جيدة، بحيث كان يُستقبل أحياناً بالتصفيق عندما يظهر فجأة في مناسبة ما أمام المواطنين. ويقرّ المندوب الأميركي أن فيديل شخصياً ما زال يحظى «بقدر ملموس من الإعجاب» من قبل المواطنين في كوبا، وفق إحدى التقارير الرسمية.

..وتشافيز.. «التكتيكي الماهر

أما أوغو تشافيز، فهو، في الرسائل الأميركية، «ليست لديه قدرة الإضاءة الذهنية ولا الإشعاع الخارجي ليكرر مسيرة صعود كاسترو إلى التميز على المستوى العالمي»، وفق رسالة من العام 2006. وغياب فيديل كاسترو سيكون له، بالتالي، انعكاس سلبي على تشافيز، حيث انه، أي كاسترو، هو «من بين قلة يمكن أن يعارضوا تشافيز في الرأي أو يعطوه أنباء لا يريد أن يسمعها»، نظراً لكون تشافيز، وفق الرسالة، «محاطاً بأناس أمعيين، ولا يتقبل بسهولة أنباء غير سارة أو انتقادات». وهكذا، فإن «غياب كاسترو، الذي ينظر اليه تشافيز باحترام وشعور بالبنوة، يمكن أن يجعل سلوك تشافيز، المتقلب أساساً، حتى أقل قابلية للتوقع، ويجعله أكثر راديكالية». وإذ تقرّ الرسالة بأن «أوغو تشافيز هو تكتيكي ماهر، يقدّر باستمرار الوضع السياسي الداخلي أفضل وأسرع من المعارضة، ويقوم بالتحرك لحشر خصومه الديمقراطيين في الزاوية» (وتعبير «الديمقراطيين» هو طبعاً تعبير أيديولوجي هنا)، ترى بأن تشافيز أقل كفاءة في «التعامل مع الأزمات».

ومن هنا المشكلة في حال غياب فيديل، الذي كان مصدر إلهام وتوجيه رئيسي للزعيم الفنزويلي في التعامل مع محاولة إزاحته عن السلطة في العام 2002 (والمقصود، طبعاً، العملية الانقلابية التي أطاحت بتشافيز لمدة يومين، استطاع خلالهما استعادة زمام الأمور بدعم من أنصاره في الشارع والجيش، وبمساعدة فيديل كاسترو، كما تقول الرسالة). ودور كاسترو هذا كان معروفاً في حينه، حيث كانت ابنة تشافيز الواسطة بينه وبين أنصار والدها «المحتجز» لدى الانقلابيين. وتشير الرسالة إياها كذلك إلى دور كاسترو في التعاطي مع استفتاء سحب الثقة الذي دبرته المعارضة الفنزويلية وخاضه تشافيز في العام 2004، حيث ساعده كاسترو في التعامل معه وفي كسب معركة الاستفتاء بأغلبية كبيرة. وجدير بالإشارة أن حق المواطنين في فنزويلا في طرح الثقة بأي مسؤول منتخب، بمن في ذلك رئيس الدولة، بعد مضي نصف ولايته، هو حق ثبّته الدستور الجديد الذي عمل تشافيز نفسه على إقراره في بدايات حكمه.

وهنا، يقرّ كاتب الرسالة بأن فيديل كاسترو، من خلال الأزمات المتعددة التي واجهها، من أزمة الصواريخ في مطلع الستينيات وصولاً إلى الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي عاشتها كوبا بعد انهيار الإتحاد السوفييتي في مطلع التسعينيات، وما بينهما، «برهن على أنه يتعامل مع الأزمات بشكل فائق الكفاءة». وإذا أضفنا إلى هذه الشهادة تلك التي أبديت في الماضي حول إدارة كاسترو لدور القوات الكوبية في دعم النظام اليساري في أنغولا وفي مواجهة تدخل قوات نظام جنوب إفريقيا العنصري هناك خلال السبعينيات والثمانينيات الماضية، والتي قال فيها بعض المحللين الرسميين الأميركيين بأنها أظهرت قدرات كاسترو كمخطط استراتيجي بارع، تبدو هذه الشهادات اعترافاً أميركياً جلياً بطاقات القائد الكوبي التاريخي. وهي اعترافات لم تكن معلنة دائماً، حيث قيل الكثير، كما ذكرنا، عن تهور كاسترو وغيفارا إبان التعامل مع أزمة الصواريخ النووية السوفييتية مع الولايات المتحدة في العام 1962. كما كانت صورة كاسترو في الإعلام الأميركي في تلك الآونة، وفي مراحل لاحقة، أقرب إلى صورة «الشرير» في أفلام الكاوبوي الأميركية، كما أوردنا. وهي صورة شبيهة بالصورة التي يحاول الإعلام الأميركي الرئيسي حالياً ترويجها عن رئيس فنزويلا أوغو تشافيز، الذي ما زال، لسوء حظ خصومه، يتمتع بكامل صحته ونشاطه، وبالتالي بكامل قدراته على التصدي للسياسات الأميركية في القارة اللاتينية.

ذلك أن تشافيز، أو «التشافِسية»، وفق التعبير الوارد في رسالة أميركية أخرى، تشكّل «تهديداً جدياً للديمقراطية ليس فقط في فنزويلا وإنما في عموم المنطقة، وهي تسعى بشكل مباشر لمنافسة نفوذ الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية»، وفق رسالة من سفارة الولايات المتحدة في فنزويلا إلى واشنطن في أواسط العام 2009. وأضافت الرسالة ذاتها: «إن تشافيز، من خلال التركيز بشكل شبه كامل على الأكثر من 70 بالمئة من الفنزويليين الفقراء، حافظ على غالبية انتخابية موثوقة (باستثناء التصويت على استفتاء التعديلات الدستورية في العام 2007 حين امتنع العديد من أنصار تشافيز عن التصويت)». ومعروف أن تشافيز خسر في هذا الاستفتاء، ولكنه عاد وطرح في تصويت لاحق في الشهر الثاني من العام 2009 مسألة إزالة أية قيود على إمكانية تجديد الترشيح في الانتخابات لأي موقع مسؤولية في البلد، سواء الرئاسة أو عضوية المجلس النيابي أو رئاسة الولايات، وتمكن في هذه المرة من الحصول على الأغلبية. وملفت للانتباه هنا أيضاً كيف يعتبر كاتب الرسالة الأميركي أن تشافيز، الذي يعتمد على دعم الـ 70 بالمئة من الفقراء في بلده، «يهدد الديمقراطية»، والمقصود طبعاً ديمقراطية الـ 30 بالمئة الآخرين، أو غير الفقراء، على غرار «ديمقراطية الأثرياء» الممارسة في الولايات المتحدة نفسها، والتي سبق وتناولناها في مقالة سابقة!

وهكذا، تعترف التقارير الداخلية الأميركية بعدة أمور مهمة: الأول أن تشافيز نصير الفقراء في فنزويلا، وهم أغلبية السكان. وهو أمر كان معروفاً على أية حال. والثاني أن تشافيز احترم آليات التصويت والاقتراع ونتائجها باستمرار، وبالتالي من غير الصحيح وصفه بالـ«لاديمقراطي»، كما تفعل ماكينة الدعاية الأميركية. والثالث أن تشافيز منافس جدي لنفوذ الولايات المتحدة في القارة اللاتينية، وبالتالي مصدر قلق للسياسة الأميركية هناك، التي كانت تستعد لتنفس الصعداء في حال رحيل فيديل كاسترو بعد نصف قرن من المواجهة، غير الناجحة، معه ومع نظامه.

ويضيف تقرير السفارة الأميركية ذاته بأن «المعارضة قاطعت بغباء انتخابات الجمعية الوطنية في العام 2005»، وأن «المعارضة الداخلية لتشافيز ضعيفة ومفككة». وهنا أيضاً اعتراف آخر بأن تشافيز يحترم الآليات القانونية والدستورية، وأن المشكلة الفعلية هي لدى المعارضة (التي تتعاطف معها الولايات المتحدة، وتدعمها طبعاً، بغض النظر عن «غبائها» و«ضعفها»)، غير القادرة على منافسة تشافيز في كسب ولاء أكثرية كافية من المواطنين في فنزويلا، لا بل غير القادرة على توحيد صفوفها والقيام بانقلاب ناجح، وعلى مجاراة قدرة تشافيز على التعامل السريع مع المستجدات. وهكذا، تظهر حملات الدعاية الإعلامية الأميركية التي تسعى إلى تصوير تشافيز بأنه مشروع ديكتاتور ومستبد معادٍ للديمقراطية بأنها، في واقع الحال، عملية خداع وغسل دماغ مقصودة ، وإن كانت قليلة النجاح على الأرض، أي في فنزويلا نفسها، باعتراف التقارير الداخلية الأميركية، والنجاحات الانتخابية المتواصلة للرئيس الفنزويلي منذ أكثر من اثني عشر عاماً.

وبما ان هذه الشهادات تأتي من مسؤولين أميركيين لا يتعاطفون إطلاقاً (ونستخدم هنا تعبيراً مخففاً) مع الخيارات السياسية لقادة كوبا وفنزويلا، وتحديداً لفيديل كاسترو وأوغو تشافيز، فإنها تكتسب أهمية إضافية، وتساعد في تفسير مسلسل النجاحات التي يحققها اليسار في أميركا اللاتينية خلال العقد ونيّف المنصرم. طبعاً، تناولت الرسائل الدبلوماسية الأميركية شخصيات أخرى في البلدين المذكورين وفي بلدان أخرى من أميركا اللاتينية. لكننا اكتفينا بإلقاء الضوء على النظرة تجاه شخصيتين نرى أنهما من بين الأبرز والأكثر تأثيراً في الحراك اليساري الذي جرى في السنوات الماضية وما زال يجري في القارة اللاتينية، وهو الحراك المفتوح على تطورات هامة لاحقة.

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا