%@ Language=JavaScript %>
|
لا للأحتلال |
|
---|
لا مستقبل للمعارضة التقليدية
بقلم : خالد منصور
عضو المكتب السياسي
لحزب الشعب الفلسطيني
بملحمة رائعة أطاحت ثورات مصر وقبلها تونس بالأنظمة الحاكمة الفاسدة المستبدة، وكان أهم ما ميز هذه الثورات أن فئة الشباب كانوا هم المبادرين وهم راس الحربة وعماد الثورة بلا منازع، وما أن انطلقوا حتى اجتذبوا بيسر وسهولة الجماهير الواسعة الغفيرة من المسحوقين والمقهورين، أولئك المتعطشين للثورة والذين طفح بهم الكيل من الظلم والقهر، والمتعطشين لقيادة جريئة وشجاعة تكون مستعدة لكسر حاجز الصمت والخوف، ثم وبعد ذلك تحركت الأحزاب والقوى المعارضة التقليدية لتشارك بالثورة-- وكان هذا بعد أن اتضح لهذه القوى التقليدية أن الثورة حقيقية، وأنها تمتلك ديناميكية قوية للاستمرار وللانتصار.
وقد كان من أهم أسباب نجاح تلك الثورات أن الشباب المبادرين قد حددوا ساعة الصفر لتكون في لحظة بها إجماع شعبي عام على فساد النظام واستبداده، وإجماع على استحالة إصلاحه واستحالة تغييره بالأساليب الديمقراطية التقليدية-- أي من خلال لعبة الانتخابات وصناديق الاقتراع.. فالشباب شعروا بعقم الاستمرار بلعبة الديمقراطية لأنهم أدركوا أن النظام هو الممسك بكل مفاتيح لعبة الديمقراطية وهو المسيطر على آفاقها، ولذلك قرروا اللجوء إلى أساليب غير تقليدية ظن البعض أنها قد اندثرت مع حقبة الديمقراطية الأمريكية، فعادوا إلى أسلوب الثورات الشعبية-- ولكن بلا عنف وبلا دماء-- كما كان الحال إبان الثورات الشيوعية واليسارية والوطنية التي سادت في العالم لأكثر من 60 عاما في القرن الماضي، والتي أطاحت بأنظمة رجعية عميلة، وأنهت الاستعمار الأجنبي، في العشرات من دول العالم.
وبالتأكيد فان ما حصل في تونس ومصر يعتبر تحول كبير وغير عادي في مسار التاريخ العالمي، وهو كنز ثوري هائل يمكن لكل القوى والأحزاب العاملة في دول تسود فيها أنظمة مستبدة فاسدة أن تستفيد من دروسه، فبوضوح يمكن رؤية أن الوضع الذي كان سائدا في كل من تونس ومصر، هو والى حد كبير متماثل مع ما هو قائم في معظم الدول العربية ودول العالم الثالث، فالفساد مستشري إلى حد كبير، والقمع وانتهاك الحريات والحقوق شائع، والفقر والبطالة وأزمات السكن والتعليم والبطالة تضرب بالمجتمعات حتى النخاع، وكل ذلك يشكل بيئة خصبة لثورات الشعوب، وذلك إن أحسنت القوى الحية استغلالها للانقضاض على النظم الحاكمة.. لكن هذا يتطلب من هذه القوى أن تقوم بعملية ثورية جذرية في داخلها.. لتحدد أولا ما الذي تريده.. وبأي الوسائل.. وان تعيد تعريف نفسها لتقول هل هي قوى إصلاحية أم قوى ثورية.. وتحدد علاقاتها بالأنظمة لتكون إما قوى معارضة فتطرح نفسها كبديل.. أم قوى متذيلة وتسعى ليكون لها نصيب من مؤسسات النظام، وتعتاش على الفتات الذي يهبها إياه النظام..
لقد أكدت انتصارات الثورات الشعبية في كل من مصر وتونس أن الشعوب إذا هبت ستنتصر، وان التظاهرات والمسيرات والنزول إلى الشوارع لمخاطبة الناس وتحريضهم وتعبئتهم من اجل حقوقهم ومصالحهم، وعمليات التحشيد وتشكيل مجموعات الضغط.. يمكن أن تحقق انجازات أكثر بكثير من اللعبة الديمقراطية المسماة بالانتخابات، والتي يمكن للأنظمة الحاكمة التلاعب بها واستخدامها لإعادة إنتاج الفساد والقمع، من خلال إعادة ترتيب الأدوار وتجميل السياسات بما يكرس نفس النظام ويطيل عمره..
كما وان احد أهم دروس ثورتي مصر وتونس التي على القوى التي تعتبر نفسها معارضة الاستفادة منها هو أنها لن تستطيع أبدا الوصول إلى تمثيل واسع للجماهير والخروج من دائرة أل 1 إلى 5% بنفس الأساليب التقليدية، وأنها ستستغرق سنين طوال لتضاعف قوتها الجماهيرية.. في حين أن انخراطها في العمل الشعبي والنزول للشوارع وتبني سياسات ثورية جذرية وتبني قضايا الجماهير، والجرأة والصلابة في الدفاع عن هذه القضايا.. إن ذلك سيمنحها ثقة الجماهير وتعزز من التفاف هذه الجماهير حولها.
مخيم الفارعة – 15/2/2011
خالد منصور
مخيم الفارعة - نابلس - فلسطين
farman1958@gmail.com
تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا
جميع الحقوق محفوظة © 2009 صوت اليسار العراقي
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا |
|
---|