<%@ Language=JavaScript %> زياد منى انتفاضات الشارع العربي: فلسطين أولاً... وأخيرًا
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

انتفاضات الشارع العربي: فلسطين أولاً... وأخيرًا

 

 

زياد منى

 

يسمع المرء ويقرأ، أصواتًا وكلمات صادرة عمن عينوا أنفسهم «طليعة» الشارع العربي المنتفض وناطقين باسمه، يرفضون أي ربط لهذه التحركات الشعبية بفلسطين.
منهم فئة منحرفة باعت نفســها للعدو والشياطين، تكشف عن وجهها الحقيقي من خلال توجيهها مختـلف أنواع الشــتائم لفلــسطين، قضية العرب الأولى، ولأهلها ولشعبها المناضل، وترفض أي ذكر لها، وتلحق النعــوت، التي تعكس في واقع الأمر طبيعتها، مستخدمة أحط المفردات وأكثرها سفاهة، بحق كل من يدعـو إلى ذكر فلسطين، القضية القومية، في شعارات الجماهير المحتجة.
وثمة فئة أخرى من «أشباه اليساريين»، تتوهم أنها أكثر ذكاء، بل دهاءً، بتصنعها الرصانة، تدعو صراحة، إلى إخراج فلسطين من أجندة التحركات الشعبية العربية، من باب ما تسميه «عدم إثقالها بمهام إضافية» و«عدم نضج الوقت لهكذا طروحات»، و«ضرورة عدم إلهائها بمهمات جديدة».. وما إلى ذلك من لغو مفكري «اليسار»، الذين أتقنوا ترديد مفردات مثل «الفكر» و«الثورة» و«الحرية» و«الجماهير»، و«الظروف الموضوعية» والظروف الذاتية»، و«المراحل المفصلية» و«المنعطفات التاريخية».. إلخ من «أدوات النضال»، المرتكز على «منطلقات فكرية لا غنى عنها».. إبان تسكعهم رفقة «الرجل الأبيض» الذي يشعرون بعقدة النقص أمامه في أزقة لندن وباريس وغيرها من مدن أوروبا (الثورية) جدًا، ومؤسساتها التعليمية اليمينية.
الفئة الأولى، التي صنفت نفسها بنفسها بأنها من «الصهاينة العرب»، لا تهمنا، وسنراها يومًا عند فرارها من ساحة المواجهة مع العدو الصهيوني العنصري، قاتل آبائهم وأمهاتهم وأخواتهم وإخوتهم وأطفالهم، وسالبي حقوقنا وأوطاننا، كما فعل من قبل زملائهم «المناضلين».
فلسطين ليست في حاجة إليكم، ولا تريدكم أصلاً، ولن تمنحكم شرف الانتماء إليها، فكل حبة تراب من فلسطين تمتلك كنوزًا، تفوق كل منها ما لدى قارون.
موتوا بغيظكم.
أما الفئة الثانية، «اليسارية» جدًا، المدعية الانشغال بأمور «الثورة» الكبرى، وإن لم نقرأ لها يومًا كلمة واحدة عن فلسطين والظلم الذي يلحق بشعبها منذ بداية التاريخ، فمتذاكية، لأنها غبية. قد تفلح تلك الفئة في خداع البعض وقبول ما تقذفنا به من «حجج» و«منطق» لو أن ممثليها أظهروا مدى تفانيهم للقضية الوطنية والقومية منذ الأزل، لو أنهم أظهروا مقالة واحدة دفاعًا عن فلسطين وأهلها، كتبوها، حتى لو كان ذلك قبل قرون.
كون الحقيقة عكس ذلك لا يسمح لنا منحهم «حق الاستفادة من حالة الشك».. بل يحق لنا التأكد من أنها تتخفى وراء الإصبع، وتحاول، تغابيًا أو تذاكيًا، لا فرق، إبعاد فلسطين عن أجندة المنتفضين العرب، لأنها لا ترى فيها قضية شعب، شرده العدو الصهيوني المدعوم من الغرب الاستعماري، بقوة السلاح من وطنه وطرده من أرضها التي روى بدمائه الزكية أرضها الطاهرة، لكنه أبي، مكافح يناضل من أجل حقوقه وحقوق العرب، جميعهم، في وطننا كلنا.
لذا فإن فلسطين، في نظرها، ليست بوصلة النضال التحرري الحقيقي.
فلسطين، من منظورها مادة للتسلية الأكاديمية المتعالية جهلاً، في مقاهي أوروبا وحاناتها، بهدف إرضاء الرجل الأوربي «الأبيض المتفوق»، عبر تبني مواقفه هو من قضايا أمتنا بدلاً من الالتزام بعدالة نضال شعوبنا.
فئة نفضت يدها من قضية فلســطين التي استحالت بنظرها مادة للدراسة الأكاديمية ليس أكثر، فتحاول التخفي وراء رصانة «ثورية» مفضوحة، وجمل منمقة فارغة، تسوغ به مواقفها الذيلية للغرب المستعمر.
فمتى كان حمل علم فلسطين إلى جانب الأعلام الوطنية يثقل أياً كان؟
متى كان رفع لافتة تحمل اسم فلسطين إلهاء لأي تحرك شعبي.
هل حمل راية فلسطين متعب، وحمل أعلام دول حلف العدوان الأطلسي التي تدمر ليبيا على رؤوس أهلها دليل وعي وتعبير عن امتنان.
لذا نقول لهم: حلوا عنا من فضلكم. كفانا منظرين. فالغربال لا يمكنه حجب الشمس.
أليس من المثير والمخزي في آن، رؤية سيل جارف لا ينقطع من المتضامنين الأوروبيين وهم يتدفقون إلى فلسطين المحتلة، أفرادًا وزرافات، ليلاً نهارًا، صيفًا شتاءً، عبر البر والبحر والجو، مضحين بحيواتهم الخاصة والعامة، وحيوات محبيهم ومن يحبون، وأعمالهم ووظائفهم، لإعلان تضامنهم الفعلي المادي، مع فلسطين، العربية، ضد العدو الصهيوني العنصري، وبيننا يقف منظرون ومدعو الطليعية، لا هم لهم سوى المطالبة بمحو اسم فلسطين من انتفاضات الشارع العربي!.
لكن فلسطين لم تكن يومًا يتيمة، ولم تفتقد يومًا من يرفع اسمها ويدعو لها ويضحي من أجل تحريرها.
عندما نطلب من التحركات الشعبــية إعلان موقفها من فلسطين، أي من الإمبريالية العالميـة، فإن فلسطين لا تستجدي دعمًا ولا تتسول مؤيدين. المطالبة بإعلان الموقف هو طلب بإعلان هوية المنتفضين، علانية، بالأسماء الحقيقية، وبالبرامج الواضحة. نريد معرفة المرسى الذي تقودنا إليه تلك الانتفاضات، وجوهرها وأهدافها الحقيقية، وليست المتخفية وراء شعارات براقة.. تخطف البصر وتعمي البصيرة.
المطلوب تحرر وانعتاق كاملان، وليس من يشغل كرسي الحكم بآخر!
الجماهير العربية المتدفقة إلى حدود فلسطين المحتلة يوم 15 أيار، بصدور عارية إلا من الإيمان بقضية العرب الأولى، عبر حقول الألغام وأسوار الأسلاك الشائكة، في مارون الراس وفي الجولان المحتل، هي من يمثل ضمير الثورة العربية.
قضية الحرية في أوطاننا لا تتجزأ، والوطن العربي رقم غير قابل للقسمة. فمن يريد كسر سلاسل الرأسمال العالمي الذي يكبلنا ويكبل كل شعوب العالم، ومن يريد التحرر من قفص الغرب الاستعماري ومصائده المنتشرة في كل بقعة في هذا العالم، والمتخفي في ألف ألف أبجدية، يرفع علم فلسطين واسمها إلى جانب علم بلاده.. بل حتى أعلى من ذلك.
من يرفع فلسطين، التي تخفق عاليًا في سماوات العالم وفضاء الكون، يسمُ فتحمله أمتنا، ومن يلق بها يهو، فتدسه أقدام المناضلين من أجل تحريرها.

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا