<%@ Language=JavaScript %> محمد نور الدين المأزق التركي في جزيرة قبرص
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

المأزق التركي في جزيرة قبرص

 

 

محمد نور الدين

 

تشكّل المشكلة القبرصية قضية مزمنة لكل من تركيا واليونان والاتحاد الأوروبي . وهي أيضاً من نقاط التوتر في شرق المتوسط كون جزيرة قبرص من أهم القواعد الاستراتيجية التي أدركت أهميتها، باكراً، إنجلترا التي استولت عليها في نهاية القرن التاسع عشر، بالاحتيال، من الدولة العثمانية . وكادت هذه المشكلة تثير حروباً بالجملة بين تركيا واليونان مباشرة أو بالواسطة .

 

وبقيت عملية غزو قبرص من قبل الجيش التركي عام 1974 العلامة الأبرز في تاريخها الحديث .

 

تركيا نظرت إلى الانقلاب ذلك العام على النظام محاولة ل”يوننة” الجزيرة واستئصال الوجود التركي والمسلم فيها فكان الغزو، فيما لا تزال قرارات الأمم المتحدة ترى الجيش التركي هناك قوة احتلال .

 

ومع أن الأمين العام للأمم المتحدة السابق كوفي أنان طرح خطة موضوعية لحل أزمة الجزيرة وتوحيدها، غير أن الاستفتاء الذي جرى عام 2004 وأيده القبارصة الأتراك قوبل بمعارضة قبرصية يونانية كاسحة، حينها اعتبر الأتراك، وكان حزب العدالة والتنمية في السلطة، أن الكرة لم تعد في ملعبهم وأن على الاتحاد الأوروبي أن يزيل عقبة الاعتراف بالجمهورية القبرصية كشرط لاستئناف مسيرة تعاون تركيا مع الاتحاد .

 

غير أن المفاجأة الكبرى أن الاتحاد الأوروبي الذي كان يشترط على تركيا حل مشكلتها القبرصية لقبولها عضواً في الاتحاد، لم يشترط ذلك على قبرص اليونانية لتحل مشكلتها مع تركيا والقبارصة الأتراك وقبلها عضواً في الاتحاد الأوروبي، كأنه يريد معاقبة تركيا على تصويت القبارصة الأتراك مع خطة أنان ويكافئ القبارصة اليونانيين على معارضتهم للخطة .

 

في الواقع كانت هذه نهاية المحاولات التركية الجديدة لحل المشكلة، حيث انشغلت حكومات العدالة والتنمية بالصراع الداخلي مع العسكر والعلمانيين المتشددين من جهة وبالصراع مع الحركة القومية الكردية فضلاً عن سعيها الحثيث ليكون لها دور فاعل في قضايا الشرق الأوسط .

 

بالأمس حلت الذكرى السنوية ال37 لغزو تركيا لجزيرة قبرص عام ،1974 في هذه المناسبة زار رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان القسم الشمالي من الجزيرة، ومن هناك أطلق مواقف متشددة ضد الاتحاد الأوروبي محذراً من أنه بعد اليوم لا مكان لتنازلات جديدة . وقال إن الاتحاد الأوروبي سيدفع الثمن في قبرص، مطلقاً أعنف تحذير من أن “الجمهورية القبرصية غير موجودة” .

 

الجمهورية القبرصية هي تلك التي تمثلها الآن قبرص اليونانية، وهي التي تعترف بها كل دول العالم ما عدا تركيا، فيما القسم الشمالي، ويطلق عليه جمهورية شمال قبرص التركية، لا يعترف به سوى تركيا .

 

صحيفة ميللييت التركية تنقل عن أوساط دبلوماسية أوروبية في تركيا أن “الجمهورية القبرصية” التي تعتبرها تركيا غير موجودة هي نفسها التي تعترف بها كل الدول المسلمة من أوزبكستان إلى كازاخستان ومصر واليمن وفلسطين والبوسنة . هؤلاء يعترفون بالجمهورية الجنوبية فيما لا يعترف أحد بجمهورية القسم الشمالي من الجزيرة .

 

يقتصر رد الفعل الأوروبي حتى الآن على هجوم أردوغان الكاسح على أوروبا على التزام الصمت، ذلك أن أردوغان يرفع الصوت عالياً بعد خمس سنوات من الصمت فيما الوضع لم يختلف في العام 2011 عما كان عليه في العام 2005 مثلاً .

 

تحوّلت مشكلة الجزيرة القبرصية إلى شماعة يختبئ خلفها الغاضبون في تركيا والهاربون من حل مشكلاتهم .

 

المتابعون الأتراك والأوروبيون يعيدون التصعيد المفاجئ في خطاب أردوغان ضد أوروبا حول قبرص إلى جملة من الصعوبات التي تواجهها تركيا . فالعمليات العسكرية لحزب العمال الكردستاني تتصاعد ولا تجد تركيا سبيلاً لوقف هذا العنف لأن المشكلة في جوهرها سياسية وليست عسكرية، والحكومة التركية غير راغبة في تلبية المطالب الكردية ولو جزئياً .

 

كذلك بدا أن ملامح أزمة اقتصادية تطل في تركيا مع تدهور سعر صرف الليرة التركية وتحذيرات مؤسسات مالية مختلفة من ذلك .

 

كذلك فإن أردوغان منزعج من تمكن قبرص اليونانية تحديداً من تعزيز موقعها وعلاقاتها الدولية مع الغرب بما يجعلها مطمئنة على وضعها تجاه التهديدات التركية، لذلك يرى الكاتب التركي المعروف سميح ايديز، على سبيل المثال، أن أردوغان يحاول حرف الأنظار عن هذه الإخفاقات إلى قضية خارجية هي القضية القبرصية .

 

في المحصلة تبقى قبرص التركية إحدى الولايات غير الرسمية للجمهورية التركية وعبرها يتم تبييض الأموال وتنشط كل أنواع المافيات ومنظمات الجريمة المنظمة، وبوابة هؤلاء كلهم تأتي من تركيا .وفي ظل المواقف المعلنة يبدو الموقف التركي صعباً، إما الاعتراف بجمهورية قبرص اليونانية أو البقاء إلى الأبد خارج الاتحاد الأوروبي .

 

 

الخليج/ 30/07/2011

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا