<%@ Language=JavaScript %> محمد نور الدين التحوّل التركي
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

التحوّل التركي

 

 

محمد نور الدين

 

مرت سنة وأكثر على حادثة العدوان “الإسرائيلي” على “أسطول الحرية” في المياه الدولية للبحر المتوسط، التي ذهب ضحيتها تسعة شهداء أتراك . بعد كل هذه المدة تسارعت التطورات التي تحدثت عن اتصالات سرية، خرج معظمها إلى العلن باعتراف أنقرة نفسها، بين مسؤولين أتراك و”إسرائيليين” من أجل البحث عن مخرج لهذه الأزمة . وكانت تركيا قد طالبت باعتذار “إسرائيلي” وتعويض على الضحايا، وهو الأمر الذي رفضت “إسرائيل” فعله حتى الآن ووضع وزير الدفاع “الإسرائيلي” إيهود باراك حداً لهذه الإمكانية بالقول قبل أيام، إن “إسرائيل” لن تعتذر أبداً .

 

وتقف هذه القضية تحدياً أمام السياسة الخارجية التركية التي لا تستطيع أن تتجاوز مسألة الاعتذار بعدما طالبت بها أمام الرأي العام التركي، وهي آخر “الأسلحة” التي تكتفي الحكومة التركية باستخدامها .

 

ومع أن تركيا كانت حليفة “إسرائيل” على امتداد عقود ولاتزال ترتبط معها بأفضل العلاقات العسكرية والسياسية والاقتصادية والثقافية، فيبدو أن أنقرة حزب العدالة والتنمية لاتزال قاصرة عن إدراك سياسات “إسرائيل” العدوانية، أو أنها غير قادرة على مواجهة التحدي والنفوذ “الإسرائيلي” الذي يحوّل شرق المتوسط إلى بحيرة “إسرائيلية”، ولا سيما بعد تحديد “إسرائيل” من جانب واحد، حدودها البحرية مع لبنان للتنقيب عن النفط والغاز بخلاف كل القوانين الدولية .

 

فمنذ البداية كانت “إسرائيل” تكتفي بالمواقف التركية عالية النبرة الإيديولوجية دفاعاً عن القدس وغزة والقضية الفلسطينية، والتي لم تترجم خطوات عملية على الأرض . لكن عندما واجهت تركيا موقفاً عملياً على الأرض في مواجهة “إسرائيل” المتمثل بالعدوان على أسطول الحرية، كانت ردة الفعل التركية أقرب إلى التسليم بالغلبة والبلطجة “الإسرائيلية” في المتوسط، رغم أنها المرة الأولى التي يتعرض فيها مواطنون مدنيون أتراك للقتل على أيدي جنود دولة أجنبية منذ الحرب العالمية الأولى .

 

ردة الفعل التركية كانت ضعيفة بإجماع المراقبين . اكتفت بطلب الاعتذار وسحب السفير ولم تبادر إلى أي خطوة ضاغطة أكبر حتى الآن .

 

منذ تلك اللحظة أدركت تل أبيب أنها انتصرت في المواجهة مع أنقرة، لذا لم تتراجع قيد أنملة عن رفض الاعتذار .

 

لقد تواجهت تركيا مرتين مع “إسرائيل” في الماضي، وفي قضايا لا علاقة مباشرة لتركيا بها، ومع ذلك كانت ردة فعل أنقرة أكثر قوة من اليوم .

 

عام 1956 خفّضت أنقرة علاقاتها مع “إسرائيل” من رتبة سفير إلى سكرتير أول احتجاجاً على العدوان الثلاثي على مصر .

 

وبقيت تركيا من دون سفير إلى العام ،1980 عندما خفضت من جديد علاقاتها إلى رتبة سكرتير ثانٍ احتجاجاً على ضم “إسرائيل” القدس الشرقية المحتلة إلى الغربية .

 

اليوم يقتل تسعة أتراك بعدوان موصوف ويكتفى بسحب السفير فقط من تل أبيب .

 

ومع أن الباحث والمحلل يمكن أن يوفّر أسباباً تخفيفية لردة الفعل التركية المتواضعة، فإنه يستغرب بعد مرور سنة على الحادثة أن تركيا نفسها انسحبت من الصراع مع “إسرائيل”، وحيث لا تزال الدماء التركية في عرض البحر، من خلال الإعلان عن عدم مشاركة تركيا بأسطول الحرية لا بسفينة مرمرة أو أي سفينة أخرى ولا أشخاص . كأن تركيا تقدم ل”إسرائيل” هدية مجانية في الذكرى السنوية الأولى للعدوان على أسطول الحرية .

 

قامت اليونان بما يتوجب عليها كعضو في حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي بالتضييق ثم الاعتداء على السفن المشاركة في أسطول الحرية رقم 2 وكذلك فعلت قبرص اليونانية .

 

أما أن تنضم تركيا بصورة عملية إلى القوى والدول التي حالت دون إبحار أسطول الحرية رقم ،2 فلا يليق أبداً بدورها الجديد الذي سعت إلى بلورته على امتداد سنوات حزب العدالة والتنمية وبات قاب قوسين أو أدنى من التبدد . ويطرح هذا التحوّل التركي أسئلة كثيرة عن آفاق السياسة الخارجية التركية في المرحلة المقبلة التي نأمل ألا تكون عودة إلى سياسات تركيا المنحازة بالكامل إلى الغرب و”إسرائيل” خلال مرحلة الحرب الباردة .

 

19/07/2011 الخليج

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا