<%@ Language=JavaScript %> معن بشور مجزرتا صبرا وشاتيلا والحماية الدولية للمدنيين
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

مجزرتا صبرا وشاتيلا

والحماية الدولية للمدنيين

 

معن بشور [1]

19/9/2011

 

         القليل منا يتذكر، أو يحب ان يتذكر، الساعات التي سبقت ارتكاب الصهاينة واعوانهم (يومي 16و 17 ايلول 1982) واحدة من أبشع مجازر العصر والتي لم تطبق عليها حتى الساعة قاعدة عدم الإفلات من العقاب علماً ان الجهة التي ارتكبتها (وهي العدو الصهيوني) ما تزال ترتكب مجازر مماثلة بما يسمح للعدالة الدولية ان تطبق عليها القاعدة القانونية التي تعتبر ان التمادي في ارتكاب الجريمة يحول دون سقوطها بمرور الزمن، ناهيك عن قاعدة قانونية اخرى ترفض سقوط الجريمة بمرور الزمن حين تنطبق عليها شروط جرائم الحرب، والجرائم ضد الانسانية.

         ولقد ذكرّني العشرات من احرار ايطاليا وشرفائها الذين التقيت بهم في (دار الندوة)، في إطار الوفود الأوروبية التي تزور لبنان كل عام في الذكرى السنوية لمجازر صبرا وشاتيلا في حملة "كي لا ننسى"،  بالكتيبة الايطالية التي كانت في عداد القوات المتعددة الجنسية، وقد نص على وجود تلك القوات اتفاق فيليب حبيب الشهير القاضي باخراج قوات منظمة التحرير الفلسطينية والجيش العربي السوري من بيروت في نهايات شهر آب 1982. وكان البند في ذاك الاتفاق صريحاً: "الحماية الدولية للمخيمات الفلسطينية".

         صبيحة الرابع عشر من ايلول 1982 أعلنت تلك القوات انسحابها من محيط مخيمي صبرا وشاتيلا، ثم جرى في مساء اليوم ذاته اغتيال الشيخ بشير الجميل، الذي انتخب في ظروف معلومة رئيساً للجمهوية، فكان ان دخل الجيش الاسرائيلي العاصمة فجر اليوم التالي ليبدأ بعد دخوله بـ 24 ساعة ارتكاب مجزرته الفظيعة التي أودت بحياة الاف المدنيين من فلسطينيين ولبنانيين وسوريين ومصريين وآخرين.

         يومها اعتبر الجميع ان في الأمر جريمتان تم تنفيذهما معاً إحداهما دموية بشعة، والثانية سياسية أبشع، تمثلت "بتواطؤ" قوات "حماية المدنيين الدولية" مع جيش الإرهاب الصهيوني ضاربة عرض الحائط بالاتفاقات المعقودة والقرارات الدولية.

         "حماية المدنيين" هذه استخدمت هذا العام ايضاَ في ليبيا كمبرر لقرار دولي استشهد بموجبه من المدنيين الليبيين، وعلى يد قوات "حماية المدنيين" نفسها اضعاف اضعاف الليبيين الذين استشهدوا في الاحتراب الداخلي بين الليبيين، وجرى ذلك كله في واحدة من ابشع عمليات الالتفاف على القرارات الدولية التي سرعان ما انتقل تنفيذ مضمونها من "قوات دولية" الى قوات "حلف النيتو"، وتحولت مهمتها من حظر جوي الى قصف شامل ، ما زال مستمراً، لمدن ليبيا ومرافقها ومصادر قوتها، وهكذا باتت مهمة "حماية المدنيين" تتلخص بقتلهم بالالاف على امتداد ليبيا، شرقاً وغرباً وجنوباً، بل قتل العشرات من افراد قوات المعارضة انفسهم الذين أدعت قوات "الحماية الدولية" انها جاءت لحمايتهم وكلنا يذكر تصريحات الشهيد اللواء عبد الفتاح يونس الغاضبة في هذا الاطار.

         ولقد ذكرّني بعض شباب المغرب العربي، الذين شاركوا في ندوة "الشباب العربي وتحديات التغيير" التي نظمها منتدى التواصل الشبابي العربي يومي 10 و 11 ايلول/سبتمبر الحالي في (دار الندوة) في بيروت، ان بلدانهم أي المغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا، قد خضعت  باسم "الحماية الدولية" لاستعمار اوروبي مديد، امتد في حال الجزائر الى اكثر من 130 عاماً، ... حتى لا نذكر العديد من دول المنطقة والعالم التي تم اخضاعها للاستعمار باسم "الحماية" أو "الانتداب"، أو "الدفاع عن حقوق الانسان"، أو ما شابه من مصطلحات شاعت على امتداد القرنين الماضيين وتجري محاولات احيائها بشكل كاريكاتوري هذه الايام، خصوصاً بعد ان باتت تداعيات المثال العراقي والافغاني والباكستاني واضحة وصارخة في هذا المجال..

         هذه الوقائع التاريخية نضعها اليوم برسم من لا يعرفها، أو برسم من يعرفها ويتجاهلها، من المتحمسين لشعار "الحماية الدولية" لنتذكر معهم من جديد ان الحلول التي تحمي البلاد والعباد هي تلك تنبع من داخل الاوطان لا من خارجها، وعلى يد ابناء هذه الاوطان انفسهم، حكاماً كانوا ومحكومين، لا على يد الغزاة الطامعين، ولتؤكد مجددا انه في غياب الحلول – التسويات التاريخية يصبح الجميع مسؤولاً عن كل نقطة دم تهدر، بل عن أي استباحة تجري لاستقلال الوطن وسيادته وكرامته، كما لحياة المواطنين ومستقبلهم.


 

[1]  - - الامين العام السابق للمؤتمر القومي العربي، رئيس المركز العربي الدولي للتواصل والتضامن

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا