<%@ Language=JavaScript %>  لطيف القصاب القوات الامريكية: ذرائعية التواجد وحتمية التمديد
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

القوات الامريكية: ذرائعية التواجد وحتمية التمديد

 

 

 لطيف القصاب

لم تشهد القوى العراقية النافذة في البلاد اهتزازا في مواقفها السياسية مثلما هو الحال في موضوع التمديد لبقاء القوات الامريكية في العراق من عدمه، فحتى اكثر الجهات السياسية تقاطعا مع هذه القوات (الكتلة الصدرية) لم تستطع ان تبلور موقفا حاسما باتجاه الرفض المطلق لفكرة التمديد بكل (أنواعه وأشكاله) بل أبقت الباب مواربا وقابلا لاحتمالات متضادة حينما أبدت مرونة في ما يخص السماح ببقاء جزء من هذه القوات (المحتلة) لتدريب وتطوير مهارات الأجهزة الأمنية العراقية، مثلما عبّر عن هذا المعنى مؤخرا الناطق باسم الكتلة أمير الكناني.

وبصرف النظر عن بعض التصريحات الفردية المتطرفة التي تصدر من هنا وهناك بشأن الرفض او القبول لفكرة التمديد من حيث المبدأ، فإن محاولة الجمع بين غالبية التصريحات المتضاربة الصادرة عن أوتاد خيمتي التحالف الوطني والكتلة العراقية، تُفضي الى نتيجة واحدة مفادها الرغبة الخجولة بتمديد بقاء الامريكيين في العراق بعد عام 2011، مع سعي حثيث من قبل نواب الكتلة العراقية لرمي كرة الموافقة على بقاء الامريكيين من عدمها في ملعب دولة القانون تحديدا؛ بدعوى أن رئيس الوزراء هو القائد العام للقوات المسلحة، والماسك بجميع ملفات الامن أصالة ووكالة. يقابله موقف دولة القانون الذي يؤكد على ان اتخاذ قرار بهذه القضية (الخطيرة) موكول إلى عهدة التوافق السياسي العراقي وان من يذهب الى تحميل المالكي كامل المسؤولية عن هذا الملف يمارس انتهازية مكشوفة.

وحدها الكتلة الكردستانية هي من كانت تنفرد بإعلان موقف غير متردد ومرحب على طول الخط ببقاء قوات (التحرير) على الارض العراقية والى وقت غير معلوم. ولكن حتى هذه الكتلة بدت في الآونة الأخيرة بشكل المتنصل عن خطابه الرومانسي السابق واستبداله بخطاب الضرورة والواقعية لا خطاب الولاء والمحبة، وأحدث الشواهد على ذلك تصريحات السيد رئيس الجمهورية شخصيا، وما صدر عن النائب في الكتلة الكردستانية محمود عثمان الذي نفى فيه الاخير أن يكون لأمريكا صديق حميم سوى مصلحتها، ومصلحتها فحسب، وان بقاءها في البلاد بالنسبة لجميع السياسيين العراقيين تمليه الضرورة لا المصلحة.

ان مبعث عدم الاجماع على رأي سياسي عراقي بشان التمديد للأمريكيين مرده الى جملة من العوامل المتباينة غير ان عاملين (متناقضين) بشكل حاد هما من يواجهان النخبة السياسية العراقية بشكل سافر، ويضعانها تحت طائلة المطرقة والسندان، وهذان العاملان يبدوان بشكل من الاشكال على هيئة كبشين متناطحين لا غنى للسياسيين العراقيين عن التضحية بأحدهما فداء للآخر.

العامل الاول يتمثل في طبيعة العلاقة الرابطة بين افراد المجتمع السياسي العراقي بوجه عام وبين الطرف الامريكي، فعلى الرغم من ضبابية هذه العلاقة ومدى التوافق والانسجام النفسي فيما بين النخبة السياسية المتنفذة أو بعضها، وسياسات الولايات المتحدة الامريكية بشكل عام، غير ان الثوابت التاريخية تؤكد على حقيقة ان عددا من افراد النخبة السياسية العراقية المتنفذة تدين بما حصلت عليه من نفوذ الى الصديق او العدو الامريكي، وقد يكون لبعض هؤلاء ملفات حساسة مع الامريكيين، من المحتمل ان يؤدي الكشف عنها الى اضرار بهذا البعض، فمما لا يشك به احد ما للامريكيين من سطوة واضحة على مسارات ومآلات الاحداث السياسية العراقية بفعل ما تملكه من نفوذ واقعي ملموس، فضلا عمّا تختزنه سجلاتها الرسمية عادة من معلومات سرية تخص علاقاتها مع المتعاملين معها لاسيما السياسيين منهم. ولذلك فان البحث عن ذرائع لوجود الامريكيين بشكل دائم في العراق هو الشغل الشاغل لهؤلاء المرتبطين ارتباطا مصيريا بالقوة الامريكية.

أمّا العامل الرئيسي الثاني فيكمن في هذا الإحراج الذي يسببه إمضاء فكرة التمديد للأمريكيين من قبل العراقيين تجاه قواعدهم الشعبية ومرجعياتهم الفكرية. وعلى الرغم من أن المجتمع السياسي العراقي النافذ قادر على التوصل الى تفادي هذا الاحراج عبر الاستعانة باستفتاء شعبي يُحدَد من خلاله مصير القوات الامريكية بقاءً او عدما ؛ لكن هذا الاحتمال يبدو مستبعدا تماما في الظرف الحالي لمعرفة النخبة السياسية العراقية سلفا بنتيجة مثل هذا الاستفتاء الذي يخوض في فكرة بقاء من تعتبره الغالبية العظمى من السكان السبب الرئيس في معاناتهم الحياتية المستمرة.

وعلى الرغم من أن الامريكيين لم يقوموا بتعديل جوهري في سياساتهم المدمرة تجاه العراقيين ولم يثبتوا لعموم الشعب العراقي بالبراهين الواقعية أنهم بصدد التحول الى حليف استراتيجي للعراق يقف معه ضد التحديات الخارجية ويمد له عونا حقيقيا ينتشله من الواقع المزري على الصعد كافة لاسيما الاقتصادية منها غير أن حظوظ الامريكيين في البقاء تبدو أكثر من مجرد احتمالات ضعيفة، وأغلب الظن أن الرغبة الشعبية العراقية الممانعة لبقاء الامريكيين هي من سوف تُنحر في الامد القريب على مذبح الاحداث اكراما للرغبة الامريكية في البقاء ؛ ذلك أن السياسيين العراقيين المتنفذين اعتادوا على ممارسة غض النظر عن كثير من المطالب الجماهيرية المدعومة بصوت المرجعيات الدينية، وأشهر شاهد على هذا القول هي مطالبات الجماهير المدعومة من جهات دينية بارزة، والقاضية بضرورة إحداث تخفيض جوهري في رواتب وامتيازات كبار المسؤولين في الدولة، هذه المطالبات التي انتهت مثل صيحة خافتة في واد سحيق.

 

* مركز المستقبل للدراسات والبحوث

http://mcsr.net

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا