<%@ Language=JavaScript %> خميس التوبي فصل جنوب السودان .. البداية
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 


فصل جنوب السودان .. البداية

 

 

خميس التوبي

 

الاعتراف الإسرائيلي بدولة جنوب السودان والمصحوب بالارتياح الكبير، له دلالاته القوية من حيث التعبير عن نجاح السياسة الإسرائيلية في تفتيت المنطقة وبعثرتها إلى دويلات متناحرة.
فالإسرائيليون عبروا عن ارتياحهم وفرحتهم بهذا الانفصال لأسباب عدة:
أولًا: إن الانفصال أحد ثمار سياستهم الخبيثة في المنطقة بصورة عامة، وتغلغلهم في إفريقيا بصورة خاصة، فهم يعولون على قيام دولة تحتل هذا الموقع وتمثل ذراعا لهم ضد أهم دولتين دولتين عربيتين؛ السودان ذات المساحة والموارد الطبيعية من حيث المعادن والمياه والأراضي الخصبة، ما سمح بوصفها سلة الغذاء العربي. ومصر ذات المساحة والقوة العسكرية والبشرية الهائلة والتي تمثل الثقل العربي، وينظر إليها الإسرائيليون على أنها التهديد الأول لكيانهم المحتل، وكلتا الدولتين مصدر قوة واستقرار للمنطقة. ويمثل قيام دولة معادية تمنع تقارب الدولتين، وتشغلهما بإثارة النزاعات.
ثانيًا: النجاح في فصل جنوب السودان تحت ذرائع ومسوغات معظمها مصطنعة، أمر ليس مستحيلًا تطبيقه في مكان آخر من الأرض العربية، عبر إثارة النعرات الطائفية والمذهبية والعرقية، خاصة وأن المنطقة العربية خصبة بهذا التنوع، وبالتالي فإن عملية الفصل قابلة في مصر لإقامة دولة للأقباط، وفي العراق الذي لا تزال خيارات تقسيمه إلى دول ثلاث طائفية (شيعية في الجنوب، سنية في الوسط والغرب، كردية في الشمال) قائمة. وفي ليبيا التي تدور فيها رحى الحرب، ثمة تكهنات تشير إلى أن الغرب الذي يقود حملة عسكرية ضد كتائب العقيد معمر القذافي، يسعى إلى تقسيم ليبيا شرق وغرب، والحبل على الجرار عبر ما يحاك ضد سوريا واليمن وغيرهما. أي أن فصل جنوب السودان هو شرارة انطلاق ما يسمى بمشروع الشرق الأوسط الكبير الذي بشرت به كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأميركية في إدارة الرئيس السابق جورج بوش (الصغير).
ثالثا: قيام دولة في جنوب السودان يحد من الهجرة السودانية غير المشروعة، بحثا عن فرص العمل والكسب المادي، وقد دعا وزير الداخلية الإسرائيلي إيلي إيشاي للشروع فورًا في مفاوضات مع جنوب السودان من أجل إعادة اللاجئين وطالبي اللجوء السودانيين الذين عبروا الحدود إلى داخل إسرائيل "بطريقة غير مشروعة" خلال السنوات العديدة الماضية، لأن وجود أجناس وأعراق غير يهودية داخل الكيان الإسرائيلي المحتل يهدد التوجه القائم لدى ساسة الكيان المحتل ومتطرفيه نحو ما يسمى دولة لليهود.
رابعًا: تعتقد إسرائيل إن إعلان انفصال جنوب السودان يمثل ذريعة في مواجهة التصميم الفلسطيني على طلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية من الأمم المتحدة في سبتمبر المقبل، باعتبار انفصال جنوب السودان جاء ثمرة حوار ومفاوضات ولم تأتِ بالإكراه أو نتيجة إجراء أحادي الجانب،. رغم أن التصميم الفلسطيني يأتي ردًّا على التعنت والمماطلة والمراوغة الإسرائيلية ورفض تل أبيب الاعتراف بحق الفلسطينيين في أقامة دولتهم الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس.
الملاحظ أن هناك خطأ في تناول خبر إعلان قيام الدولة الجديدة في جنوب السودان، حيث تم توصيف الانفصال بأنه استقلال، والاستقلال السياسي وفق المتعارف عليه هو تحرر البلاد المستعمرة من نير الاستعمار. والجنوب السوداني هو جزء من تراب السودان الوطن الأم، ولم يكن خاضعًا لاستعمار أجنبي، وما كان يشهده هو حرب أهلية نتيجة تباينات في المواقف السياسية بين أطياف الشعب الواحد أدت إلى الحرب.
وإذا كان الاستعمار القديم لجأ إلى التدخل المباشر باستخدام القوة العسكرية للسيطرة على الموارد، واستطاع أن يضع بذور الاختلاف والتناحر وعدم الاستقرار، عبر الحدود الجغرافية، فها هو الاستعمار الجديد الذي يمثل الوجه الآخر للعملة، مكتفيًا بالتدخل السياسي، والسيطرة الاقتصادية والاجتماعية، يتخذ من شعارات الدفاع عن حقوق الإنسان وحرية التعبير، والديمقراطية وسائل فعالة لإحكام السيطرة. وتأمين المصالح وحمايتها هذا أولا، ، وثانيا ضمان أمن الكيان الإسرائيلي الغاصب واستقراره وتمكينه بشتى وسائل القوة السياسية والعسكرية والاقتصادية. والمؤسف أن هذا الاستعمار وجد أرضًا خصبًا عبر إيجاد عبر نظم مستبدة وفرت له كل مقومات البقاء والاستمرار، والمؤلم أن هذه النظم الفاسدة والمستبدة لا تريد أن تعترف بأنها هي السبب في تغلغل هذا الاستعمار في بلادنا العربية، بل تقاتل مستخدمة الأسلحة وأموال شعوبها لقتلها ورفض مطالبها، متمسكة بكراسي الحكم، ما يفتح الأبواب أمام مشاهدة عمليات سلخ وفصل لأراض عربية عن أمهاتها.
أخيرًا كل التمنيات أن لا نشهد مزيدًا من الانفصالات، وأن يكون انفصال جنوب السودان انفصال حدود مؤقتًا.

 

الوطن 13/7/2011

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا