<%@ Language=JavaScript %>  ابراهيم فتحى الديمقراطية‏..‏ جوهر واحد ونماذج متعددة
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 


الديمقراطية‏..‏ جوهر واحد ونماذج متعددة

 


 ابراهيم فتحى


عند البعض تشير الديمقراطية كمطلب للثورات العربية إلي تحقيق نموذج عملي موجود بالفعل في مواقع رئيسية هي الولايات المتحدة والبلاد الأوروبية عموما‏.‏ كما تعني دون تعقيد مجموعة من الإجراءات الانتخابية والمؤسسات التمثيلية تمنح الشرعية للحكم السياسي‏.‏

وشروط حدها الأدني عند كثيرين هي المشاركة الأوسع في مجرد الترشيح والتصويت من جانب العاملين والطبقات الوسطي رجالا ونساء ودورات انتخابية منتظمة. ولكن بعض المفكرين ينتقدون نواقص محددة في الوضع الديمقراطي السائد ويرون أنه يحوي قليلا من الحكم الفعلي للأغلبية وقدرا كبيرا من حكم الأقلية, فهو يجمع المبدأ الانتخابي إلي واقع سيطرة أصحاب رءوس الأموال. فالمعادلة هي أن يعطي الشعب( أي العاملون) حق التعبير عن آرائهم ولكن من يحكم هم المنتمون إلي الطبقات المالكة لرأس المال. ويصل هؤلاء المفكرون بنقدهم غياب العدالة الاجتماعية في النموذج الديمقراطي الموجود بالفعل إلي القول إن في العالم أنظمة حكم أقلية( أوليجاركية) مغطاة بآليات انتخابية تمنح الشرعية لحكم النخبة فاحشة الثراء التي تحتفظ بالامتيازات التنفيذية والسيطرة علي وسائط الاتصال والتسلط السافر علي الأجهزة.
النموذج الأمريكي
من المعروف أنه ابتداء من1980( حكم ريجان) تحول الطيف السياسي الأمريكي جذريا إلي اليمين, فما كان الوسط صار يعتبر يسارا, وما كان اليمين الأقصي صار الوسط صاحب الأغلبية. أما ما كان اليسار فقد اعتبر متطرفا منحرفا لا يتماشي مع الطبيعة الانسانية مثيرا للاستهزاء. ويري بعض النقاد لهذا التحول عواقب مكتسحة, فقد حجب العدالة الاجتماعية كمبدأ يحكم الادارة الحكومية في النظام الرأسمالي, كما منح امتيازات للشركات العملاقة والأثرياء علي حساب الطبقات الوسطي والعاملة. وقد أدت هذه التغيرات إلي تضييق نطاق الاختيارات أمام الناخبين. ومن المعروف أن أموال الشركات وأموال أغني الأغنياء هي التي تمول معظم الحملات الانتخابية الباهظة التكلفة. ويؤثر ذلك بطبيعة الحال في اتجاهات تشريعات الفائزين في الانتخابات. ولم تعد الولايات المتحدة تتحالف مع المتطرفين الإسلاميين ضد الشيوعية كما كانت الحال أثناء الحرب الباردة أو تؤيد أمثال ديكتاتورية ضياء الحق مدعية الاسلام, بل بدأت تميز بين ما تسميه الاسلامي الأصولي والمعتدل. والمعتدل هو الحركات الدينية التي تتعاون مع هيمنة الغرب, أما كل من يعارض السياسة الخارجية الأمريكية فهو قريب من الارهاب.
وتأييد اتجاه الأمركة ليس مجرد تأييد سياسي لواشنطن والنظام الرأسمالي العالمي بل لابد أن يتضمن ولاء لنماذج أمريكية اقتصادية واجتماعية وطرق سلوك. ويري المفكرون الذين ينتقدون الوضع الحالي للديمقراطية في العالم أنها تختزل الديمقراطية في طقس انتخابي يقوم علي تنافس بين حزبين أو أحزاب من الصعب التمييز بينها من أجل إدارة دولة ذات اتجاه سياسي وفكري محدد مسبقا, دولة رجال أعمال وشركات ميديا حيث يتسع نطاق الانقسام بين الأغنياء والفقراء إلي حد لم يسبق له مثيل داخل الدولة وفي العالم. فعدد ضئيل من الدول يسيطر علي المنظمات العالمية وعلي مصائر الباقين, إن أقل من بليون واحد من عدد سكان الأرض يسيطر علي80% من ثروة الانسانية كلها. وتعاني البلاد النامية من ديون تفرض عليها تدفع100 مليون دولار للدائنين الغربيين كل يوم. ومن الخطأ اعتبار أن العولمة تعني إلغاء الدولة القومية, فالحقيقة أنها تعني رفض الدولة لوظائفها الاجتماعية لصالح تنامي وظائفها القمعية.
الربيع العربي
وبعد اليقظة والربيع العربي وانتفاضاته تصاعد الوعي بضرورة قطيعة كاملة مع أنظمة الحكم السابقة الجائزة والاحساس بالوصول إلي حد فاصل ونقطة تحول. ويتعمق ذلك بين الشباب من جميع الاتجاهات. وتصاعد كذلك السؤال عن المستقبل المأمول. والاجابة المشتركة شديدة العمومية هي ايجاد مجتمع أكثر تعددية وأعمق حرية وديمقراطية. وفي النموذج المصري للديمقراطية يكاد ينعقد الاجماع حول أن تكون الهيئات التشريعية المنتخبة بحرية أقوي نفوذا وأن تكون السلطات التنفيذية مسئولة أمامها وأن تكون هناك ضمانات للحريات العامة من تعبير وتنظيم وتحرك وأن ترتكز حقوق الانسان والسياسات الاجتماعية علي المساواة. بالاضافة إلي ذلك أن تكون الدولة مدنية وليست علمانية, وأن تكون الشريعة الاسلامية مبدأ للتشريع بدلا من أن تكون نصوصا حرفية. ويري الشباب في مصر أن سقوط الديكتاتور لا يمثل إلا جزءا من عملية أكبر هدفها الأصلي التغيير الجذري لميزان القوة بين المواطنين والدولة لصالح المواطنين. فجوهر الديمقراطية هو مشاركة الناس في الحكم من جانب العاملين والطبقات الوسطي, اي من جانب الديموس ومن ذلك الاصل اشتقت كلمة الديمقراطية في الحكم وهي حكم الشعب أي الطبقات العاملة التي لا تمتلك رأس المال. فالنموذج المصري للديمقراطية يجمع إليها العدالة الاجتماعية.
النموذج التركي
يعتبر التيار الرئيسي من الرأي العام الأمريكي والأوروبي تركيا مثالا للديمقراطية يقدمه للعالم الاسلامي, كما يقدم العالم الحزب الحاكم في تركيا باعتباره القوة الدافعة الرئيسية للديمقراطية في هذا البلد. ويتماشي ذلك مع المشروع الأمريكي عن سلام معتدل تم الاحتفال به بعد الحادي عشر من سبتمبر باعتباره علاجا للتطرف في المجتمعات الاسلامية. ويري المشروع الأمريكي في حزب أردوغان ردا علي حماس أو حزب الله في الشرق الأوسط, كما كان يري في حزب أنور إبراهيم في ماليزيا نموذجا لجنوب شرق آسيا, كما قال مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية السابق ريتشارد هولبروك: لا توجد إلا ديمقراطيتان معتدلتان في العالم تركيا وماليزيا. وكان أنور إبراهيم الذي لقبته نيوزويك بأنه آسيوي من ذهب صديقا حميما لنخبة ماليزيا المالكة للشركات الكبري كما كان مدافعا عن سياسات صندوق النقد الدولي, ويؤكد ولعه بإلفيس بريسلي. أما في تركيا فإن الحزب الاسلامي المعتدل يعلن دائما عن إيمانه بحلف الأطلنطي إلي جانب حماسه الوطني وعدم تعاطفه مع الأكراد وتحالفه أحيانا مع الحزب القومي اليميني. وقد سبق أن تحالف انقلاب1980 العسكري مع الاسلاميين والقوميين وحاول عمليا إفناء اليسار, ولم يسمح لآخرين غيرهما بحق التنظيم.
نماذج العالم العربي
هناك تحديات خاصة وخصوصية لأوضاع تلك البلاد وأسئلة أساسية من قبيل تأطير العلاقات بين الاسلام والدولة ودمج الأقليات الدينية أو المذهبية والمشاركة في موارد الثورة. وقد أدت السنوات الماضية من الحكم غير المسئول إلي وجود بيروقراطيات متورمة غالبا ما تكون مرتشية أي إلي إرث إداري ثقيل وهيئات أمن بغيضة أفسدتها الامتيازات. وحقا إن هناك بلادا أخري مثل البلاد العربية واجهت مصاعب ولكن أوضاعها وسياقاتها مختلفة. فكانت هناك بالاضافة إلي ذلك نماذج ملائمة يمكن استعارتها من الرفوف القائمة. بعض البلاد غير العربية ذات الأغلبية المسلمة مثل تركيا وماليزيا شقت طريقها إلي الأمام مستفيدة من أشياء مثل درجة عالية من التعليم وغياب تهديدات خارجية. أما الثوريون العرب فهم الآن فخورون يضيقون بالنفوذ الأجنبي وعليهم أن يشقوا طريقهم الخاص نحو الديمقراطية لأنه حتي الآن لم تبزع طرق عربية نوعية نحوها. فالبلاد العربية شديدة التباين في الأوضاع: هناك البلاد النفطية ذات الفوائض المالية وهناك البلاد التي ترزح تحت طائلة الديون, وهناك البلاد الملكية وهناك الجمهوريات, والبلاد ذات القواعد العسكرية الأمريكية وتلك الخالية منها, وهناك التكوين الاجتماعي القبلي ومجرد العائلات ذات النفوذ. إن وجود التاريخ الاقتصادي والسياسي والفكري المتباين يفرض طرقا مختلفة إلي الديمقراطية. ولكنها تشترك جميعا في أنها تواجه تحديا إسرائيليا وقضية فلسطينية شائكة وانحيازا أمريكيا إلي العدوان الاسرائيلي. ومع ذلك فليس هناك نموذج عربي واحد مأمول للديمقراطية ولن نجد علي الرفوف المجربة نموذجا ملهما جاهزا, ويبقي علي كل بلد عربي ابتكار طريقه الخاص إلي الديمقراطية

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا