<%@ Language=JavaScript %> فايز سارة الخوف من صراع طائفي
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 


الخوف من صراع طائفي

 

 

فايز سارة

 

تصاعد الحديث حول الصراع الطائفي في سوريا بعد الاحداث الاخيرة في مدينة حمص بوسط سوريا، والاساس في هذا التصعيد يكمن في امرين الاول، ماتناقلته الانباء عن اشتباك بين مواطنين من طائفتين مختلفتين في مدينة حمص، والثاني، ان حمص مدينة مختلطة دينياً وطائفياً، اذ هي تضم مسلمين ومسيحيين، ويتوزع الطرفين الى مذاهب وطوائف عدة، ويشكل المسلمون من السنة والعلويين أكبر كتلتين من مسلمي المدينة، وهو الامر الذي يستند اليه القول والتفكير في موضوع الصراع الطائفي.
والحق ان مدينة حمص مدينة تاريخية وهي مختلطة منذ زمن بعيد، ولم تكن في يوم من الأيام مدينة صراع ديني وطائفي، بل مدينة تعايش وتعاون، ليس بالاستناد الى تاريخها فقط، وانما استناداً الى وظيفتها الاقتصادية والاجتماعية كمدينة تجارية وصناعية، وبفعل حضورها البارز في الحياة السياسية، وهي التي افرزت ثلاثة من رؤساء سوريا في فترة مابعد الاستقلال، وكان من ابنائها قادة كبار من مختلف الجماعات السياسية في سوريا من قوميين وشيوعيين واسلاميين.
وبغض النظر عما سبق، فإن المدينة في سياق تعاطيها مع مجريات وتطورات الازمة الراهنة في سوريا، ومن باب تحصين وتقوية لحمة سكان المدينة، فقد بذلت جهود متعددة من نخبة الاحياء، لبحث ما يحيط بالمدينة وسكانها من مشاكل وللعمل على معالجتها، وكان من بين آخر ما جدوا للعمل عليه رفض الفتنة الطائفية، والتأكيد على وحدة ابناء المدينة، وتأزرهم في مواجهة الظروف التي تحيط بالمدينة وسكانها، وهو سلوك مشهود للمدينة المشهورة بتآزرها في المستوى الاجتماعي وتراحم وتعاون نسيجها من عقود طويلة.
وقائع مدينة حمص في بعدها عن الصراع الطائفي، تشبه في معطياتها اوضاع اغلب المدن السورية، لكن ذلك لا يكفي لنفي الاحاديث عن صراع طائفي في سوريا، وقد تكررت تلك الاحاديث، وتصاعدت في الاشهر الماضية من عمر الازمة التي تعصف بالواقع السوري، خاصة وان هناك اطراف بعضها داخل النظام تدفع نحو هكذا صراع، لانه يعيد تركيب الازمة الحالية بمعطيات غير معطياتها الحقيقية بما فيها من معطيات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، دافعاً الى اختصارها في صراع بين طوائف، ولاشك ان اجهزة امنية واعلامية من داخل النظام تمثل بعض الاطراف المنخرطة في التحشيد الطائفي وفي الدفع نحو صراع طائفي.
غير ان الدفع والتحشيد باتجاه الصراع الطائفي، مازال ابعد من ان يترك اثراً ملموساً في الحياة السورية، ليس فقط بسبب بعد السوريين عن العنف وهو امر معروف عنهم، وميلهم الى السلم. بل بسبب الارث الثقيل الذي خلفته مرحلة الثمانينات من صراع اتخذ طابعاً طائفياً بين السلطة والجماعات الدينية المسلحة، وقد اشتغل السوريين ومازالوا على ذلك الارث لتصفيته، والاهم مما سبق، ان السوريين في حراكهم الشعبي الراهن، دأبوا على رفع شعارات وترديد هتافات تناهض استخدام القوة وترفضه، وتؤكد على فكرة الوحدة الوطنية والجوامع المشتركة للسوريين، وتعلن تضامن الجميع مع بعضهم بعضاً، كما دأبت هتافات المتظاهرين والمحتجين على ارسال التطمينات باتجاه كل مكونات الجماعة الوطنية في سوريا.
وهتافات وشعارات الحراك السوري، لاتهدف الى تطمين السوريين فقط. انما هدفها الاساسي هو ايضاح الطابع التحرري للحراك الشعبي في مساره نحو الحرية والكرامة ومن اجل دولة ديمقراطية تعددية، توفر العدالة والمساواة وحقوق الانسان على قدر واحد لكل السوريين، مما يجعل الحراك ابعد مايمكن عن التهيئة او الانخراط في صراعات طائفية، وهو توجه يتماثل مع ما تتبناه جماعات المعارضة السورية في سعيها الى تغيير وطني ديمقراطي، اكدت مرات انه تغيير سلمي.
ان مخاوف الصراع الطائفي هي مجرد مخاوف، لكن هذه المخاوف، يمكن ان تتزايد في حال عدم مباشرة الحل السياسي واستمرار مجريات الحل الامني وتفاعلاته ولاسيما في ظل عمليات التحشيد الاعلامي التي تسهم في الاحتقانات الطائفية، وفي ظل استمرار مشاركة جماعات الشبيحة الموالية للنظام في التصدي والتعدي على الحراك الشعبي قتلا وجرحا واعتقالاً وتخريباً للممتلكات، وهي سياسات تدفع الى منزلقات الحرب في الداخل والى التدخلات الاجنبية العنيفة، وربما الاثنين معاً، مما يعني ضرورة الاسراع في وقف مسارات الحل الامني والتوجه نحو الحل السياسي من اجل تغيير ديموقراطي تعددي يتناسب مع طموحات السوريين بالتغيير.

 

 

فايز سارة
كاتب سوري

f.sara60@gmail.com

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا