<%@ Language=JavaScript %> فايز سارة السوريون وفكرة تغيير النظام
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 


السوريون وفكرة تغيير النظام

 

 

فايز سارة

 

يكاد يتفق السوريون جميعًا على فكرة تغيير النظام في سوريا، ولهذا التوافق ضرورات ابرزتها الاحداث الاخيرة، رغم ان تغيير النظام، كان بين امور مطلوبة منذ سنوات طويلة، غير ان ذلك لم يصل إلى ما فرضته تداعيات الأزمة السورية الراهنة من ضرورات للتغيير ومن دفع اطراف سياسية واجتماعية مختلفة للسير في هذا الاتجاه.
لقد بدت مطالب المتظاهرين الاولى عندما انطلقت حركة الاحتجاج في مارس (آذار) الماضي محدودة. اذ ركزت على الحرية والكرامة، والتي تندرج في اطار مطالب اصلاحية، كان يمكن للنظام تحقيقها، وتكريسها واقعًا في الحياة السورية، غير ان الوقائع دفعت في اتجاه آخر، اذ ان رد السلطات القمعي والدموي على تلك المطالب الاصلاحية التي وصفت رسميًّا بأنها "مطالب محقة" في وقت لاحق، دفعت المتظاهرين إلى توسيع قوس مطالبهم باتجاه المطالبة باسقاط النظام، الامر الذي يعني مغادرتهم مطالب الاصلاح إلى التغيير.
وتغيير النظام، وان بدا مطلبًا سياسيًّا، فإنه في الواقع يتجاوز ذلك إلى الابعد، ليصل إلى تغيير انماط الحياة والتفكير والتدبير، وهو امر ينعكس على مختلف جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية اضافة إلى انعكاساته على السياسة بوصفها علم وفن ادارة المجتمعات، ما يعني ان توسيع المتظاهرين مطالبهم، جاء تعبيرًا عن عدم رضاهم عن مختلف جوانب حياتهم التي باتوا يودون استبدالها كليًّا او جزئيًّا حسب الاستطاعة.
ولا يقتصر التوجه إلى تغيير النظام على حركة الاحتجاج والتظاهر في سوريا، بل قطاعًا من النخبة السورية الثقافية والاجتماعية، اضافة إلى الجماعات والاحزاب السياسية، يتبنون مطلب تغيير النظام، وهو امر مثبت في برامجهم وشعاراتهم المعروفة قبل انطلاق الاحداث الحالية، والتي اعطت مطلب تغيير النظام زخمًا اكبر، ما دفع هيئة تنسيق المعارضة السورية التي تشكلت مؤخرًا، وجمعت قسمًا كبيرًا من المعارضة السورية إلى تأكيد توجهها نحو تغيير النظام من خلال تبني مشروع مؤتمر وطني، ينقل النظام باتجاه الديمقراطية والتعددية، وهو ما كان قد اشار إلى توجه يماثله الاجتماع التشاوري الذي عقده مثقفون سوريون معارضون مؤخرًا بصورة علنية في دمشق، وقد صدرت اشارات اخرى للتغيير عبر فكرة مؤتمر انقاذ وطني طرحتها شخصيات وطنية وفعاليات سياسية، وكذلك عبر مبادرة لجان التنسيق المحلية، التي ابرزت رؤية قطاع من المتظاهرين لتغيير ديمقراطي مطلوب للنظام في سوريا.
ان توجه الجماعات السياسية والحراك الشعبي العام نحو تغيير النظام، يستند إلى نشاط سوري عام، تكرس في سنوات العقد الماضي من خلال حراك عام، اطلقت فيه وثيقتي الـ99 والألف لعامي 2000 و2001 بما فيهما من مطالب سياسية واقتصادية واجتماعية وحقوقية، تمثل توجه إلى نظام مغاير وبديل للنظام القائم في البلاد، وجرى تكريس مطلب تغيير النظام لدى الجماعات السياسية المعارضة على نحو واضح في اطلاق تحالف اعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي في اواخر العام 2005، وأكدت مقررات مجلسه الوطني اواخر 2007 مطلب التغيير.
لقد قابلت السلطات السورية مطالب التغيير في العقد الماضي بمستوى كبير من التجاهل من جهة والدخول في مواجهات مع المطالبين بالتغيير، فتم اغلاق المنتديات والتضييق على الحريات العامة بتصعيد السلوك الامني اضافة إلى توالي الاعتقالات ضد النشطاء من المثقفين والمعارضين السياسيين، غير ان ذلك لم يمنع من اشارات إلى ضرورات الاصلاح من جانب النظام والحزب الحاكم في مؤتمر حزب البعث عام 2005، لكن دون ان تجد التوجهات الاصلاحية طريقًا للتنفيذ.
ان تصاعد الازمة الراهنة، دفعت النظام إلى استعادة الحديث عن الاصلاح، بل للمضي في خطوات اعتبرت بمثابة خطوات اصلاحية من طراز رفع حالة الطوارئ والسماح بالتظاهر، وبالتوجه نحو اصدار قوانين بينها قانون للاحزاب السياسية، وقانون جديد للاعلام، ثم تطور الامر في الخطاب الاخير للرئيس إلى قول بإمكانية تغيير الدستور كليًّا او جزئيًّا في ضوء الحوار المرتقب، وباعتبار ان الدستور هو النظام العام للحياة الوطنية بقطاعاتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وبسياقاتها السياسية، فإن ذلك يعني التوجه إلى تغيير النظام عند عتبة معينة.
خلاصة الامر اليوم ان السوريين متفقون على مبدأ تغيير النظام بما يعنيه من تغيير انماط حياتهم في التفكير والتدبير، غير انه ثمة تمايزا في المستويات التي ينبغي ان يذهب إليه هذا التغيير. فالنظام يرى ان التغيير لا ينبغي ان يتعدى اصلاحات واسعة محكومة في حدوده، وتحت قيادته. فيما يطالب الآخرون بانتقال نحو نظام مغاير يقوم على الديمقراطية والتعددية والمواطنة والعدالة الاجتماعية وسيادة القانون. وفي ظل واقع الاختلاف هذا يظهر كلام سوري، أخذ يتردد كثيرًا في الآونة الاخيرة، عن نظام انتقالي يكون حلقة وسيطة بين النظام الحالي والنظام المقبل. وسؤال المرحلة يتجسد في قول: هل يكون النظام الانتقالي مفتاحًا لتوافق سوري عام على محتوى التغيير المقبل، وفسحة لانتقال سلمي وهادئ نحو نظام جديد في سوريا؟


فايز سارة*
* كاتب سوري

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا