<%@ Language=JavaScript %> د.أحمد ابوزيد الشعوب لاتموت‏!‏
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 


الشعوب لاتموت‏!‏

 


د.أحمد ابوزيد


العصر الحالي عصر تمرد الشعوب في كثير من أنحاء العالم علي حكوماتها وإثارة الشكوك حول سياساتها المعلنة‏,‏ وحول نزاهتها وقدراتها علي إدارة شئون الدولة بما يتفق مع مصالح الجماهير العريضة من الفئات الفقيرة, ويراعي تحقيق العدالة الاجتماعية بين كافة المواطنين
فثمة انحياز واضح في معظم الدول نحو الطبقات الغنية علي حساب الفقراء والفئات الأولي بالرعاية وتستوي في ذلك الشعوب الأكثر تقدما في العالم الغربي وشعوب العالم الثالث الأكثر تخلفا وفقرا. والأحداث المتتالية التي تكشفها وسائل الإعلام تبين مدي زيف العديد من نظم الحكم في تلك الدول المتقدمة, ومدي الفساد الذي يعتري نظم الحكم فيها وما تنفرد به تلك النظم من كذب وافتراء لتبرير سياستها إزاءالمشكلات الخلافية الشائكة المتصلة بالعلاقات بين الدول. وفي الولايات المتحدة بوجه خاص يتساءلون عما إذا الحكومات المتعاقبة, ديمقراطية أم بلوتوقراطية( حكومات الأثرياء) لاتأخذ في الاعتبار حقوق الطبقات الفقيرة بينما تمالئ الطبقات الغنية التي تتولي تمويل الحملات الانتحابية لمرشحي للرئاسة بمئات الملايين من الدولارات نظير ماسوف يحصلون عليه في حالة الفوز وهذه في رأي بعض الكتاب قمة الفساد.
ولم تسلم حكومات العالم الثالث من التعرض لذلك الفساد الذي يتخذ أشكالا متنوعة تجعل منها مضرب الأمثال خاصة أنه في الوقت الذي تتعرض فيه حكومات الغرب للمساءلة القانونية تعمد حكومات العالم الثالث إلي المراوغة ومزيد من التدليس لتبربر فسادها وتجد في وسائل الإعلام مايساعدهاعلي مواصلة السير في نفس الطريق. لكن الشعوب التي طال بها انتظار الإصلاح يبدو أنها ضاقت بسوء حالها فبدأت تعبرعن غضبها وتنقلب علي حكامها ويتخذ ذلك التحول الآن حركات احتجاجية مختلفة مثل الاحتجاجات الفئوية للمطالبة بتحسين أوضاعها المعيشية إلي الاعتصامات التي تعطل الحياة الاقتصادية إلي احتلال الطرق الرئيسية التي برع العمال الفرنسيون بالذات في تنفيذها بنجاح وهكذا. وهذه كلها تشير في آخر الأمر إلي أن الشعوب قد تصبر ولكنها لا تستسلم للخديعة, وأنها يقظة دائما وتستطيع الأخذ بزمام الأمور لتثبت أنها في آخر الأمر مصدر السلطات علي ما اتضح من أحداث مصر الأخيرة. وليست مصر الوحيدة في ذلك الشأن بل الظاهر أن هناك ما يمكن تسميته بالمد الثوري في كثير من أنحاء العالم المتقدم والنامي علي السواء, وهذه الحركات الثورية ليست طارئة وترجع في العالم الثالث إلي ما بعد الحرب العالمية الثانية كماهو الشأن في أفريقيا. ففي الفترة بين عامي 1945 و1965 شهدت القارة ما لا يقل عن54 حركة ثورية قامت بها القبائل ضد حكامها الذين استجابوا لفترات الخمود الظاهري الذي خيم علي شعوبهم إلي أن فوجئوا بتحدي هذه الصعوبة علي غير انتظار.
ومع أن ثورات الشعوب لم تتوقف في أية فترة من فترات التاريخ نتيجة التفاوت الصارخ بين فئات المجتمع الواحد إلا أن شيوعها وانتشارها في العقود الأخيرة واندلاعها بين مختلف طبقات المجتمع لأسباب مختلفة واتخاذها أساليب متنوعة للتعبير عن المطالب يجعل منها ظاهرة جديرة بالاهتمام لأنها تعيد إلي الأذهان اندلاع هذه الظاهرة في القرن التاسع عشر بين الفلاحين في الولايات الجنوبية من الولايات المتحدة في أمريكا لسوء أحوالهم الاجتماعية والاقتصادية. وبطبيعة الحال لم تكن تلك الحركة في المجتمع الأمريكي علي نفس الحجم من الضخامة وقوة التأثير الذي نشاهده الآن, لكنها دخلت التاريخ وأصبحت تؤلف حركة ثورية فاصلة تحركها الشعوب دون ان يكون وراءها في بداية الأمر علي الأقل زعماء أو مفكرون ثوريون يقودونها فأصبحت تعرف بالحركات الشعبويةpopulist
وهي تسمية لها دلالتها وأهدافها التي حققتها رغم تصرف وتعنت الطبقات الغنية وهذا هو ماتحققه الحركات الشعبوية الحالية رغم قوة رأس المال ومؤامرات الأغنياء. هذه الحركة الثورية التي غيرت الأوضاع في الجنوب الأمريكي وجدت مؤازرة كاملة من المفكر الاجتماعي الاقتصادي الكبير في عصره هنري جورج صاحب كتاب الفقر والتقدم الذي ترجم إلي العربية منذ زمن طويل ويستحق القراءة والدراسة حتي الآن لأهميته. فقد كان هنري جورج يؤمن بأن الأيديولوجيات المحافظة هي وسيلة لتبرير الجشع والاستغلال ونشرهما بين الشعوب. وكانت الحركة الشعبوية تنادي بتطبيق مبادئ الديموقراطية الحقيقية وتهدف بعد انتشارها إلي تحقيق العدالة السياسية والاجتماعية والاقتصادية بين أعضاء المجتمع وحماية الفقراء المعدمين من استغلال الأغنياء والرأسماليين. وتراجع مصطلح الشعبوية من الاستخدام إلي أن ظهرت حركات التمرد والرفض للحكومات علي مستوي العالم في العقود الأخيرة وبدأت الكتابات تظهر لدراسة التغيرات التي تشمل معظم دول العالم الآن نتيجة ثورة الشعوب ومطالبتها بحقوقها المشروعة. ولعل من أهم هذه الكتب كتاب عن الإقناع الشعبوي ظهر عام1995 لـ ميكائيل كازين الأستاذ بجامعة هارفارد. وتتميز الحركة بظهور بعض مظاهر السلوك التي تكاد تنفرد بها والتي تعطيها في نفس الوقت طابعا شعبويا خاصا لعل أهمها كما هو واضح في مصر إلي حد كبير ظهور فئات من البشر يدعون انتسابهم إلي مبادئ الحركة ومؤازرتهم لها منذ البداية أي ظهور جماعات تتخذ من الدفاع عن مطالب الجماهير العريضة وسيلة توصلهم في آخر الأمر إلي الاستئثار بالحكم وهي جماعات تختلف في توجهاتها السياسية والاجتماعية بل والدينية لكنهم يشتركون جميعا في إجادة استخدام لغة الخطاب الشعبوي القائم علي مخاطبة العواطف لاكتساب الجماهير الضخمة عن طريق الخطابة التي تلهب روح الجماهير غير المتعلمة. وهذه ظاهرة واضحة بشكل خاص في العالم الثالث الذي يعطي مايسميه الكاريزما أهمية كبري دون أن يدرك أبعاد الكلمة او المقصود منها, وهذا يجعل من الصعب إلي حد كبير تصنيف الشعبوية وهل هي نظام سياسي أم مجرد حركة ثورية ضد نظم الحكم الجائرة, التي لا تراعي العدالة الاجتماعية بين أفراد المجتع أم أنها مجرد ظاهرة اجتماعية وثقافية أفلحت في أن تفرض نفسها علي الفكر السياسي وبخاصة في العالم الثالث.كان المثل السائد قديما يقول إن الجماهير هي وقود الثورة أما الآن فقد أصبحت الجماهير صانعة الثورات

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا