<%@ Language=JavaScript %>  علي محسن حميد القضية الجنوبية تحل بالديمقراطية وليس بالمناصفة
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

القضية الجنوبية تحل بالديمقراطية وليس بالمناصفة

 


علي محسن حميد

 

 

عانى الجنوبيون كثيرا جراء سياسات التمييز والتعسف ضدهم خصوصا بعد حرب 1994 الذي كان توريث السلطة من بين أسبابها لأن وحدة نقية تحترم وتطبق اتفاقيتها لم تكن لتساعد على تفعيل سياسة 'الاستبداد والتوريث التي تتطلب بيئة سامة وملوثة وأوراقا تخلط وانتهاك مااتفق عليه وحكم ديكتاتوري لاسابق له في تاريخ اليمن. بعد حرب 1994طبّق الرئيس، ويقال بنصيحة مبكرة من صدام حسين، مبدأ اجتثاث الحزب الاشتراكي اليمني والكوادر العسكرية والإدارية الجنوبية ومنها من كان على غير وفاق مع الحزب ورأت في الوحدة فرصة لهواء 'منعش جديد. ونتج عن هذه السياسة وجود ماسمي بحزب 'خليك في البيت' المكون من عشرات الألاف من القيادات الإدارية 'والعسكرية الكفؤة التي طردت من أعمالها في انتهاك واضح ومتعمد للقوانين التي تسمى زورا في اليمن بالنافذة. وزاد الطين بلة أن الإحلال الإداري 'وخاصة في عدن اقتصر على عناصر شمالية معظمها غير كفؤة وغير نزيهة. وفي عدن وحدها لم يكن يوجد من بين من يتولون منصب مدير عام سوى عدنيا واحدا وعندما طاب لبعض هؤلاء البقاء في عدن تملكوا منازل وأراض اشتم منها رائحة فساد تفضحها عقاراتهم التي لاتمكنهم مرتباتهم من شراء 'أو بناء مثلها. وطبعا لم يكن كل شمالي فاسد كما أن تطور منظومة الفساد أفضى إلى أنه لم يعد كل جنوبي نظيف فالسباق على ممارسة الفساد أضحى سمة الإدارة والعلاقة مع المواطن والتعامل مع المال العام. الجنوبيون شركاء الوحدة ترجموا إيمانهم بها بتخليهم عن دولة مستقلة ونظام كان في طور التطورإلى نظام ديمقراطي تعددي يستوعب دروس الماضي وألامه والعواقب التدميرية للصراعات الدموية تدعمه ثروة نفطية بدئ فعلا في استثمارها وسياسة انفتاح اقتصادي وسياسي. كل ذلك أرعب نظام الشمال الشمولي الذي سارع بالإلحاح على تحقيق الوحدة وحاول وأد أهم ركن فيها بعيد الوحدة وهو التعددية السياسية بمحاولاته المستميتة لدمج الحزب الإشتراكي وحزب المؤتمر الشعبي العام في حزب واحد. وليس من باب المبالغة أن الرئيس علي عبدالله صالح قبل في نوفمبر تشرين الثاني 1999 في عدن مبدأ التعددية على مضض وكذلك الشراكة في إدارة دولة الوحدة بتقاسم الوظائف مناصفة بين الطرفين. وهذا المبدأ كان مقبولا في الفترة الانتقالية التي بدأت عام 1990 وانتهت رسميا عام 1993 ثم اجتثتها حرب غشوم' في عام' 1994. وفي الوقت الذي قبل فيه صالح مبدأ التقاسم كتكيك سمح لقوى متنوعة المشارب للتشهير به بحجة قفزه على' الفارق الديمغرافي بين سكان الجنوب البالغين وقت الوحدة ثلاثة ملايين واحد عشر مليونا هم سكان الشمال. وشخصيا لي تجربة مع التقاسم في عام 1991حين التحقت بالجامعة العربية وعينت سفيرا لها في الهند وطلبت من وزير الخارجية أن يطلب من الرئيس منحي لقب وليس درجة سفير. تمت الاستجابة وصدر قرار جمهوري ولكن مع منح نفس اللقب بقرار جمهوري ثان لجنوبي لاعلاقة له بالوظيفة الدبلوماسية هذا الإجراء كمثال ، لم يكن منطقيا ويصعب' تبريره وكان من نتائج مبدأ التقاسم. ثم تصاعدت الحملات العلنية 'ضد التقاسم بهدف إضعاف الحزب الإشتراكي، وكان صالح بسلوكه المزدوج يشجع كل قول أو فعل يضعف الحزب لكنه يضع نفسه 'في موضع المحامي 'الحصري عن الوحدة واتفاقيتها وفي نفس الوقت يظهر للحزب مدى حراجة موقفه. 'وبلغ التصعيد العدائي ضد الحزب الإشتراكي حد اغتيال 150 من قادته ورفض صالح 'الصريح مطالبة الحزب له باعتقال أو ملاحقة الفاعلين وقوله لهم عبارة لم ينسوها وهي أنه لو وجد القتلة على باب دار الرئاسة فلن يعتقل أي منهم .. وبعد حرب 1994 لم يعد التقاسم 'ذي موضوع وبدأت عملية الاجتثاث بطرد عشرات الألاف من العسكريين الجنوبيين من وظائفهم بدون مسوغ قانوني كانتقام 'لهزيمة عسكرية لصالح في حرب الشطرين الثانية عام1979 ومعهم بضعة ألاف من المدنيين وهؤلا كانوا خميرة وطليعة الحراك الجنوبي وترافق ذلك مع هجرة جنوبية للخارج ارتاح لها صالح الذي بدا سياسة تغيير ديمغرافي في عدن بشكل خاص .'

من الوحدة إلى الاحتلال:
'انتهت الوحدة بالنسبة للجنوبيين كمنجزوطني بعد حرب 1994 وتحولت إلى احتلال وكما يقول باحث غربي عاش في عدن لفترة معقولة وزارها في فترات متقاربة، تحول البوح 'في عدن بالاستياء من النظام وبالتبعية من الشماليين إلى الصمت والصمت تعبير عن الرفض للأمر الواقع. ولقد لمست بنفسي في الأعوام 2005 و2009 و2011 تزايد الرفض للوحدة. في 2005لاحظت وجود قوات دفاع جوي' على ساحل أبين في عدن من منطقة بني حشيش الشمالية وعدم وجود عنصر جنوبي واحد فيها وكان هذا هو الحال في حضرموت وغيرها. وفي نفس العام قابلت جنوبيا من حضرموت في مكتب رئيس الوزراء السابق باجمال راعني وصفه للوحدة بالاحتلال وذكر حضرموت مثالا حيث التواجد العسكري الشمالي البحت والكثيف. هذا الرجل' شارك قبل الوحدة في أعمال مسلحة ضد الجنوب انطلاقا من الشمال وفقد يده وهويحاول اغتيال سياسي جنوبي وكانت 'الوحدةغايته ولكن كما يقول مثل' يمني أصبحت الّلقية سود( الّلقية هي مايود الإنسان الحصول عليه والسّود هو الفحم). نقلت هذه المشاعر لرئيس مجلس الشورى في ابريل نيسان 2005 وأنا أعلم أن كل كلمة تقال في مكتبه تسجل وكان غرضي أن يسمع من يهمه الأمر ويغير سياساته نحو الجنوب . وبجانب الاستياء مما وصف حقا أو باطلا بالاحتلال أضيف إليه تبرم 'الجنوبيين من مد مظلة الفساد الشمالية إلى الجنوب وزيادة الفقروالبطالة واستباحة الأرض وإحساس الجنوبيين بأن ثروتهم النفطية تنهب وأنهم لايستفيدون منها. لقد شاهدت في عدن في يناير كانون الثاني طلبة حفاة يحتفظون بشباشبهم في البيت حتى يأتي العام الدراسي .ومنذ نهاية تسعينيات القرن الماضي بدأ تململ الجنوبيين ومسيرات احتجاجهم على الطرد من الوظائف والتهميش و كانت حضرموت هي السباقة في عام 1997وشهدت صنعاء في فبراير شباط 2004 مسيرة 'جنوبيةاعترضها الحرس الجمهوري وحال دون وصولها إلى الرئاسة لتقديم شكواها ل'ولي الأمر' .ثم تطور الحال من المطالبة بإعادة المفصولين المدنيين والعسكريين إلى أعمالهم إلى الدعوة إلى الانفصال وتطبيق مبدأ تقرير المصير. وأدى ذلك إلى أن تسود قناعة لدى أغلبية الجنوبيين في صنعاء ومنهم من يتبوأ مناصب كبيرة بأنه لو أجري استفتاء في الجنوب لصوت 80' على الأقل منهم 'لصالح الانفصال. كان كل هذا يجري والنعامة مستمرة في دس رأسها في التراب ولاهم لها إلا استمرار الهجوم على نظام ماقبل الوحدة في الجنوب وإلقاء محاضرات رئاسية حول مناخ ماقبل الوحدة التي كانت 'في رأيها شبكة أمان لنظام غير ديمقراطي على وشك الانهيارهرب إلى الأمام لكي لايلقى مصير تشاوتشيسكو. أما ديقراطية وستمنستر في الشمال فحاشى لله أن يأتيها الباطل من أي اتجاه. وهكذا عشنا في أزمات تتراكم ولاتجد حلولا.

تصورلحل للمشكلة الجنوبية: '
عندما ينادي جنوبيون بالانفصال فهم معذورون ولايلامون.إذ لايعقل من شخص طرد من عمله أو شرد من وطنه وعاش لاجئا بعد ان كان يتولى منصبا قياديا وأبعد عن أهله ولايجد أولاده مستقبلا في بلد اللجوء، ويرى حلمه الوطني وقد تحول إلى 'مشروع عائلي 'لايعقل أن يتفانى في محبة الوحدة إلا إذا كان 'نبيا أو مغفلا لأن الوحدة لاتطلب لذاتها ولكن لما تقدمه من منافع لأطرافها. نحن الأن أمام تطورين مهمين وفارقين في الساحة اليمنية أولهما الحراك الجنوبي كإطار معبرعن بعض الجنوبيين يطالب بحق تقريرالمصير مع عدم إغفال وجود كتلة جنوبية لها وزنها تتمسك بالوحدة ولكن مع تصويب مسارها ورفع الحيف الذي لحق بالجنوب وبالجنوبيين أرضا وإنسانا. وثانيهما ثورة الشباب في 17 محافظة يمنية تعبرعن غالبية سكان اليمن شمالا وجنوبا التي من إيجابياتها تراجع مشروع الانفصال وتوحيد النضال اليمني مجددا من أجل إسقاط النظام العائلي. ثورة الشباب أسفرت في 17 اغسطس آب عن إنشاء مجلس وطني انتقالي مكونا من 143 شخصا كإطار ووعاء وطني بديل لسلطة أوصلت اليمن إلى حافة الهاوية من بينهم 60 جنوبيا. وبرغم هذا التمثيل الجيد للجنوبيين فإن بعضهم لايرون في هذا الرقم تمثيلا عادلا لهم' ويطالبون ب50' من عضوية المجلس أي المناصفة وهم مبدأ لاتبرره البنية الاجتماعية والثقافية اليمنية ولا أعداد السكان ولايعزز اللحمة الوطنية وسيكون وصفة لأزمات لاحقة. اليمن ليس به' طوائف كلبنان تبرر المناصفة. وإذا أرضت المناصفة الجنوبيين فلن ترضي الشماليين الذين يشكلون ''تقريبا 80' من السكان. والحل: 'الحل هو في جمهورية جديدة تنقل اليمن إلى حكم الأغلبية وتنهي الهيمنة التاريخية' للأقلية على السلطة والثروة والإدارة ودستور جديد يحرم ويجرم : 1- التمييز والتهميش ويعاقب من يمارس أي منهما.' 2- يؤكد على الجدارة والكفاءة 'وتكافؤ الفرص. 3- ينص العدالة في توزيع الثروة ومشاريع التنمية.4- ينص على مبدأ المواطنة المتساوية في دولة مدنية ديمقراطية 'لاتمييز مناطقي فيها. '5- ينص على مبدأ التداول السلمي للسلطة. 6- يحرم ويعاقب ممارسة الفسادين المالي والإداري والانحيازات المناطقية والولاءات غير الوطنية 7- يرضي الجنوبيين بالنص على تطبيق النظام الفيدرالي أو الحكم المحلي كامل الصلاحيات.
'المناصفة في الحالة اليمنية بوابة واسعة 'للفساد والمحسوبية والمناطقية وإنعاش الولاءات الضيقة وهدم للهوية الوطنية وعرقلة 'بناء دولة عصرية تتكافأ فيها الفرص ويزدهرفي ظلها الوطن وتعويض مافات من فرص للتطور في ظل نظام صالح العائلي.
الانفصال ستكون له توابع زلزالية في الجنوب ذاته وسيكون مقدمة لتطور شبه حتمي يؤدي لانفصال حضرموت عنه. وقد يشاركني جنوبيين الرأي بأن مشاعر غالبية الحضارم نحو الشمال ومحافظات الجنوب الست متساوية أومتوازنة مما يجعل الحفاظ على الوحدة حفاظا على وحدة تراب الجنوب. إن مطلب المناصفة لايعززه سوى وجود معظم الثروة النفطية 'في الجنوب ولكن هذه الثروة زائلة كتجربة الجنوبيين المرّة مع نظام صالح. هناك من يتذرع بالفجوة الزمنية ، أي فترة حكم الاستعمارالبريطاني ( '1839- 1967) الذي' لم يكن فيه اليمن موحدا وتجربة حكم وطني قصيرة بعد الاستقلال لتبرير الانفصال وهذه حجة ضعيفة . و ليعلم الأخوة الجنوبيين أن الصين لم تصبح قوة عظمى مزدهرة إلا بوحدة ترابها وشعبها وأنها 'لم تكن موحدة طوال تاريخها فقد عاشت 470 عاما وهي غير موحدة و673 عاما وهي موحدة جزئيا . ومن أجل يمن ديمقراطي موحد علينا ترك الماضي وراء ظهورنا ونبدأ بداية جديدة معا. 'يمن ديمقراطي موحد كان شعاركم 'قبل الوحدة التي اغتالها صالح ونحن نريد معكم يمنا لاغبن ولاغدرفيه ولاتمييز ،تسود فيه الثقة التي دمرها صالح وأوصلت بعض الجنوبيين إلى قناعة غير صحيحة وهي أن كل شمالي خصما لهم وحليف مستتر أو صريح' لصالح، 'يمن تصبح المواطنة والمساواة هما الركيزتان الأساسيتان لوحدته. من جهة مؤلمة أخرى سنشهد مفارقة لاتغتفر وطنيا وتاريخيا وهي أن الجنوبيين الذين وقفوا ضد انفصال الجنوب إبان الفترة الاستعمارية هم أنفسهم من يعمل من أجل الانفصال. إن من يسير في طريق الانفصال الذي سيكون وعرا جدا ومحفوفا بالمخاطر يكون قد قدم لأعداء الوحدة أكثر من هدية على رأسها حضرموت وربما شبوة. إننا' ننتمي جميعا 'إلى حضارة واحدة ويجمعنا تاريخ مشترك ويجب التعامل مع ماحدث في عهد صالح الأسود كسحابة صيف ثقيلة وقاتمة 'لن تتكرر .

'
كاتب ودبلوماسي من اليمن

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا