<%@ Language=JavaScript %> زياد دياب  بقايا ما تبقى !!
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 بقايا ما تبقى !!

 

 

زياد دياب

 

رقيق هذا الوجد الذي يخترمنا آناء التفكر في دعوى الزي الذي يرتدينا، نستجلب عنوة آثارا تناشدنا أن ننساها، ونمضي حاملين صلبانا تغرف من دمائنا، وفي كل بطن مهرجان للأرق، ومواسم للبكاء المر... محارب مر من زمن لا يمر بسهولة، احتزم وجوها ألفا، ووجهي لا زال مغبرا، أناصر الشغف الممزوج بالألفة، وأرتمي على أعتاب طمأنينة موهومة.

المعرفة قلق الكائن المعاند، طواحين الهواء شبق لا يرتوي، ووجوه الأحبة مزارات ذاكرة مترهلة، أبغض آلهتي، أشتاق رباتكم، أبغض رباتي، يلتبسني الأمل الذي نثره الأنبياء ذات سماء خالية الكواكب...

وهذا انا بوجهي المخفي كجدلية لا حل لها، وهذا أنا وارف وعاذر وقمين بالذكرى المرة، وهذا أنا ذاكرة منتعظة، ورغبات معلبة، وهواجس كالنمل تأكل جسد الحلم... وهذا أنا بعض منكم، بعض من حلم مات غضا، وبعض من أيام ملأى بضباب عقيم.

هذا أنا رجل بلا حقيبة أحارب كل سراب الأرض، هذا أنا رجل بلا حبيبة أعاقر كل دنان القدر، واعتزل الأشواق، كنبي مل الإشراق، فنفى نفسه في ظل شجرة سهو.

قالت لي أمي قبل أن ترحل بأيام: اللعنة مركب يحترق في بحر لا يهدأ، كنت أعقد النزوات في سلاسل من ضوضاء سماوية، وأوشم جبيني باسماء وطلاسم لسلالات الجن، ورقصة النار نشيج يختنق في أوردتي المترعة بالخيبة.

   قالت لي أمي الكثير من الحبق، فنثرت ذكراها في نهر الحياة عساني أتحررمن ظلها الممتد، أرسلتها من ضفاف الحزن إلى ضفاف القداسة، نصبتها قديسة للفراغ، وسكنت الضفة الملأى بالضجيج الآدمي.

ملأت حواسي بنساء مطهمات، كن يتثائبن عن عبق يذكرني بالسقوط الأول، وتنفتح في رياضهن جنات وهم لا ينقضي...أغلفهن بقصائد موشاة، وأرسلهن عبر الماء زوارق من قصب.

هذا أنا بعض منكم، وبعض من شغب محبب إلى نفوس حان غسقها ...

بيت بلا سقف، ونصر بلا قبعة، وحسرتان من مطاط لزج، ومساحة شاسعة من الشحم تدعى وطن، هكذا ارسمها للآخرين، لئلا يطمع الساردون بقضم الحكاية، وعند كفيها المعشوشبتين، يرتدي قلبي سروالا أبيضا ناصع الألم، والسماء الخالية الكواكب ما تزال في عتمتها... أنادي ايتها العتمة الغائرة... ما أنت سوى نور أوغل في الارتفاع حتى تبدد.

يبادرني صديد الأسئلة باندياحات من مهل الذاكرة، أخاديد تحتل كتفي كما رمح يحفر مجرى في أعالي أولمب يعج بالاساطير، وأنثر لها تعب عيني، وبعضا من ترانيم الحداد، فتمضي دون التفاتة، وفي إثرها يمضي قلبي متلفعا بخيبة مزركشة... السماء معطف رمادي لشتاء لا يتناسل، والافق كجبين ضيق... تغشاني كالفجاءة عبلة الساعدين،وفي ذيلها هيفاء شبه ضامرة، أسميها في أعماق سري، لاضيف الى الاسماء كلها اسما جديدا ماكان لقيامة أن تبادر نسل البداية دون اكتماله... قامة كأغنية جبلية، وعينان كمدلهم شتاء طويل، وثغر يبز الدم النافر من نحر رغبة... مصباحان يؤرجحان أمنيات الف، ولعنة كالافعى تتسلل إلى مضيق يعج بالسلالات، ضياء ينداح مكللا بقبعة قاتمة، وطن مليء بثمار عجرة، وموانئ صاخبة لا تكف عن الصهيل.

كيف للجد أن يجود بك لأولاد الحارة، كم هو عظيم جد لا ينكر هيامه، كم هو عظيم جد يمنح الكائنات خفقة من اطلالة الهضبة الأعلى... كم هو عظيم جد ينفذ من جغرافية اللذة، ليرسم للكائنات تاريخ الحسرات.

ايتها الانثى الممزوجة بحيوات معلبة، صلصالك تفاح تخمر بأنفاس حملة الجد، يربكني أن تكوني في مداري، ويربكني ألا تكوني...فهل لي أن أتدلى من تمائم تتأرجح من عمرك الصاخب.

هي...ليست وهما... وأكثر من حلم... وحقيقة تجاورني في كل ناصية... وكلما فاض خدر بما يحتويه.. تقول لي: بعضي هنا... وكلي هناك.

ارقد بجوار مصلاي، فأنا هائمة في زمنك ...

- تجولي بساتين الرغبة، فأنا بعض ثمارك...

أنا وهي نشيج يعبر الزمن، وألوهة تبددت ذات تبجح، فانشطر الحلم الفضي، وترامى عبر الأنحاء ذرات ضوء ..

هي وأنا.. ذاكرة تعج بالحواس اليقظة، وجسدان من صلصال خالطه إثم البداية

تعبق بي، أنتشر فيها.. تشتعل حماسة الكائنات.. ويغدو المكان مهرجان خلق.. أناديها بكل مافيها، فتصحو على مفاتن لم تدر بخلدها، أحتال على ثمرها، أسّاقط رطبا جنيا، تمتزج الانفاس حرى، فتلتمع في المقل بيادر غلال.

تشف هي عن الف امنية مؤجلة... وأشف أنا عن انكسارات قادمة، تغزوني ماضيا لا بد أن يعبق، وأحتلها قادما لابد أن يضيء... نلتف على شجرتنا، نحفر عليها هياجنا، ونخصف من ورقها على أبصارنا.. لتتدفق الرغبة حيث تشاء.

يوقع بنا الوشاة، ويترصدنا القضاة، ويحكم بفنائنا أعيان القسوة... وكلانا زهر في غير اوانه، زهر في غير مكانه، ارض ملأى بالجراح، وسموات غامضة... والعمر استراحة محارب على مفترق قلب.

- تعالي الي... فأنا أصيصك...لاشيء يروي جذورك ويسبغ عليها الدفء مثلي ...

- تعال إلي... فأنا بدؤك ومصيرك...كما خرجت ... تعود...

* * *

الف وجه يجاورك ولا تنسى انعطافة رمشها، الرغبة ولغت عمرك، وستغرق وأنت في هجير صحراء جافة، ستختنق بالهواء الطلق، ستعيش كمظلة بالية على شاطئ مهجور، ستدون الأيام سنينا من يباب، هكذا هم... وهكذا يرسمون قدرك قبل أن تلدك أفكارك الملوثة بلعثمة إله مقال.

قراد الأحرف شظايا معان لاتفصح عن وجهها في جلاء، وهم أشلاء هوية بائرة... لا ذاكرة تنتعظ هنا...لا أحلام تنتشي في ظلمة ليل... سيأتون اليك من كل حدب وقلب، سيمطرون منفاك بلعنات جارحة.. سيطل عليك وجه الجد يقول لك أنا وأنت صنوان، لا تسلس قيادك لشيطان الغبار الأزلي.

لا تنحني لربات تفوح منهن رائحة العادة الكونية، لا تحترق بنارهن، فهن لسن أنت، وهن لسن هي، إنما هن هن، كما هن ...

الطرق تتسرب تحت كعبك العالي، المدينة تتآكل في مداك، وثمة وراء يمتص الوجوه القادمة، وثمة ثقب أسود يترصدك على بعد قلب أو قلبين، وربما قبل مفترق منية عاجلة.

هاهم يستحضرون ملائكة الموت، ليزفوا جثتك إلى جحيم خمدت ناره في انتظارهم..حاذر.. إنهم هم!... ذات ضغينة... اصطادوا وجهها، رفعوه رايات تغري الغيم المعاند، فهطلت زخات لؤم، ونبتت عند أبواب البيوت شجيرات حنظل... ذات نسيان... تبسم الوجه المسروق، فكان الطوفان...

* * *

بيادق بلا سند، أحجار أمنية خاسرة، وأنت يتيم اللوعة، نثرت لهم كل أزهار روحك، ومنحتهم غيمك مترعا، فانكروك عند أول نخاس، امض من هنا، دعهم يلوكون خطواتهم المغروزة في طين مجبول بدم فاسد لاحلام تأبى أن تتوضأ.

هم ... يأتونك من كل فج بوجوه من غبار، وأمنيات من ضباب، وهويات كالسراب... يأتونك جراداً..يأتونك قبائل انكسار...لا شيء يغطي عري أوهامهم، لاشيء يعبق بأعطافهم، وعيونهم مطفأة كرماد بارد.

هم ... كسالى يصعدون هضاب لعنتهم، كقطيع يساق إلى حتفه، كغيم منتبج بالسخام، يطلبه العطاشى، فلا يعطشون بعده، هكذا هم، يعاتبونك، يشهرون بك، يلعنونك، وفي آخر ليل عابس، يمجدونك ويسبحون لك ثم تغفر لهم كجدة تمسد رأس حفيدها الأرعن.

هم.. بقايا زمن لم يكن، وفتات مائدة من الوهم، آثار كئيبة وزخارف متقنة على سوط كان يدهم الغابرة.. لا زهر هنا سوى في أكاذيب متقنة لتاريخ يعج بكائنات لم تكن كما كانت، لا ماء هنا، لا هواء، مريخ يزعم ساكنوه جنات عدن تجري من تحتها السلالات الزرقاء.

سيحتفون بك حينا... سيرمون قدرهم المكفهر بك، ستكون لهم دريئة أفلحت طويلا؛ قبل ان ترمى..

هكذا هم بقايا ما تبقى ............  زياد دياب

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا