<%@ Language=JavaScript %> محمد السعيد ادريس  إيران وروسيا والسيناريو الليبي
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

 إيران وروسيا والسيناريو الليبي

 

 

محمد السعيد ادريس

 

يبدو أن ما حدث في ليبيا من نجاح عسكري لحلف شمال الأطلسي، لم تقتصر رسائله على سوريا وحدها، خصوصاً بعد التقرير الذي نشره المندوب الروسي لدى الحلف، بضوء أخضر من رؤسائه، وكشف فيه عن وجود نوايا أطلسية لتكرار السيناريو الليبي في سوريا، والطموح بعد ذلك لإعداد عمل عسكري ضد إيران، الرسالة وصلت إلى روسيا قبل إيران، وهي أن قلاع روسيا في الشرق تتهاوى لمصلحة الغرب الأمريكي والأوروبي، كما وصلت الرسالة إلى إيران أيضاً، وهي أن رياح ثورات الربيع العربية ليست كلها رياحاً عطرة، كما كان يأمل الإيرانيون، وأنها قد تهدد مصالحهم الإقليمية، وربما تصل إلى الداخل الإيراني نفسه .

 

تحسبات إيران جاءت مبكرة قبل روسيا، فقد أدركت أنها مضطرة للتعامل مع هذه التطورات الخطرة بتخطيط جديد يراعي ما حدث من تطورات تخص الأزمة السورية، وتداعياتها على المستويين الإقليمي والدولي .

 

فالأزمة السورية تزداد خطورة داخلياً، حيث تواصل المعارضة تصعيد تظاهراتها وصمودها، وترتب أوضاعها السياسية بتشكيل مجلس وطني انتقالي، وقيادة سياسية موحدة، كما تتفاعل بنشاط مع أطراف إقليمية، وخصوصاً تركيا ودولاً عربية، ومع الغرب الأوروبي على وجه الخصوص، في الوقت الذي لم يتراجع فيه النظام عن خياره الأمني، ولم يستطع أن يقدم مبادرات سياسية جادة تلقى قبول المعارضة، فكل ما قدم هو مجرد إصلاحات شكلية هدفها المحافظة على النظام واحتكاره المطلق للسلطة، وهيمنته بأعوانه ورجاله على مؤسسات الدولة وأجهزتها، ما أدى إلى تفاقم الأزمة واستمراريتها، وفتح المجال للتدخل الإقليمي والدولي .

 

أما على المستوى الإقليمي، فالدور التركي والعربي يزداد ابتعاداً عن النظام في سوريا بعد سحب بعض الدول العربية لسفرائها من دمشق، وبعد افتقاد تركيا الأمل في اصلاح النظام السوري .

 

الأهم من ذلك، هي التطورات الجديدة في علاقات تركيا مع “إسرائيل” بعد طرد أنقرة السفير “الإسرائيلي”، وقطع علاقات التعاون العسكري مع الدولة الصهيونية، وهو تطور يعني بالنسبة لإيران أن تركيا تتجه إلى أن تصبح قوة إقليمية ذات نفوذ متزايد، وأن هذه النفوذ لن يصب حتماً في مصلحة إيران، وقد يهيئ مستقبلاً لدور تركي عسكري ضد النظام السوري .

 

وهذا معناه أن سوريا معرضة لأن تكون ساحة مواجهة بين إيران وتركيا، جاءت تطورات سقوط نظام القذافي تحت ضربات الأطلسي وتفاقم الضغوط الاقتصادية الأوروبية والأمريكية ضد النظام السوري والتقرير الذي كشفه مندوب روسيا لدى حلف الأطلسي ليحمل رسائل مهمة لإيران تقول إن الخطر يقترب من سوريا ومنها إلى إيران .

 

الإيرانيون أدركوا ذلك، وبدأوا بإعداد سياسات جديدة للتعامل مع الأزمة السورية بدافع من الخوف على الداخل الإيراني نفسه، من هذه السياسات الضغط على النظام السوري لإعطاء الحل السياسي الأولوية على حساب الحل الأمني، وتبني مطالب الإصلاح والتوقف عن التعامل مع الأزمة باعتبارها فتنة داخلية و”مؤامرة خارجية”، وفتح مجال الحوار مع تركيا للحيلولة دون خلق محور إقليمي بخصوص الأزمة السورية، ثم التعامل الإيجابي مع روسيا كطرف دولي يمكن التنسيق معه بخصوص سوريا، وأيضاً بخصوص الملف النووي الإيراني .

 

لكن الأهم هو ما يخص الداخل الإيراني، وبالذات استحقاقات الانتخابات التشريعية التي من المقرر أن تجري يوم 2 مارس/آذار المقبل، حيث يسعى النظام ليس إلى توحيد صفوف المحافظين فقط، من تقليديين وأصوليين، بل وفتح مجال المشاركة أيضاً بشروط أمام الإصلاحيين في محاولة هدفها تحقيق أعلى درجات التماسك للجبهة الداخلية .

 

العلاقات بين إيران وروسيا تنظر إليها إيران الآن من منظورين، الأول إيراني بحت يخص المصالح المشتركة، وفي مقدمتها تشغيل مفاعل بوشهر، وملف التسليح الروسي لإيران، ثم الملف النووي، والثاني إقليمي يتعلق بالدور الروسي الإقليمي، وخصوصاً ما تتعرض له مصالح روسيا ونفوذها من تآكل بسبب أحداث الثورات العربية، على نحو ما حدث في ليبيا، ومرجح حدوثه في سوريا .

 

هذا المنظور وضع إيران أمام ضرورة التنسيق مع روسيا، فإيران في حاجة ماسة للدعم الروسي على كل المستويات، وروسيا في حاجة إلى إيران باعتبارها آخر معقل للنفوذ والمصالح، ولن تسمح بسقوطها، وهذا ما جعل إيران تقبل العرض الروسي الخاص بتفعيل حوارها مع الغرب، والذي كان قدمه وزير الخارجية الروسي، وحمل اسم “خطة الخطوة بخطوة”، رغم كل تحفظات إيران على هذه الخطة وتحسباتها من الموقف الغربي .

 

لذلك، قبلت إيران هذه الخطة على لسان الرئيس الإيراني، وذهب وزير خارجيته علي أكبر صالحي إلى موسكو للتباحث في “حزمة ملفات” تشمل ملف إيران النووي، وتشغيل مفاعل بوشهر، والوضع في سوريا، ويبدو أن تفاهمات مهمة حدثت بين الطرفين ما دفع سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي إلى أن يعلن عقب لقائه صالحي أن مواقف موسكو وطهران “قريبة جداً إزاء ملفات الشرق الأوسط” . وكان صالحي قد حمل معه مشروع مبادرة مشتركة حول سوريا .

 

رهانات إيران على روسيا ودورها يبدو أنها كانت راجحة بدليل الموقف الجديد الذي اتخذته موسكو باسم دول ما يعرف ب”مجموعة بريكس”، التي تضم الدول الكبرى الإقليمية الناشئة (البرازيل، روسيا، الصين، الهند وجنوب إفريقيا)، وهي الدول التي تمثل 40% من سكان العالم، و14% من إجمالي الناتج العالمي . ففي لقائه مع نظيره البرازيلي أعلن سيرجي لافروف أن دول “مجموعة بريكس” لن تسمح بتكرار السيناريو الليبي في سوريا . وقال “إذا كان الأمر يتوقف على مجموعة بريكس فإن السيناريو الليبي لن يتكرر”، وقال “نقترح أن يطلب مجلس الأمن الدولي بحزم من كافة أطراف النزاع احترام حقوق الإنسان وإطلاق الحوار”، وتابع “لا يمكننا تشجيع المعارضة في سوريا على تجاهل الحوار” .

 

هل تصدق روسيا هذه المرة؟ هذا ما يشغل إيران الآن .

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا