<%@ Language=JavaScript %> هاني المصري نحو استراتيجية جديدة للتحرر الوطني الفلسطيني
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

نحو استراتيجية جديدة للتحرر الوطني الفلسطيني

 

 

هاني المصري

 

بعد وثيقة «استعادة زمام المبادرة: الخيارات الإستراتيجية الفلسطينية لإنهاء الاحتلال» الصادرة في آب 2008، أصدرت مجموعة التفكير الإستراتيجي الفلسطيني وثيقة جديدة بعنوان «نحو إستراتيجيات جديدة للتحرر الوطني الفلسطيني - خيارات لتحقيق الغايات الفلسطينية في ظل انهيار المفاوضات الثنائية».

مجموعة التفكير هي منتدى مفتوح وتعددي للحوار والنقاش الإستراتيجي، يقوم الفلسطينيون من خلاله من مختلف الأطياف السياسية والاجتماعية بالتحليل الإستراتيجي لبيئة الصراع مع إسرائيل؛ لتقوية وتوجيه المشروع الوطني الفلسطيني.

إن الوثيقة ليست كاملة، وقابلة للتطوير، ويمكن تطويرها أو الاستفادة منها، ولا تزعم أنها تشكل إستراتيجية وطنية فلسطينية جديدة؛ لأن هذه المهمة هي مسؤولية ممثلي الشعب الفلسطيني، وتسعى الوثيقة إلى تقديم تحليل معمق للخيارات الإستراتيجية، التي من شأنها المساهمة في صوغ الإستراتيجية المأمولة، لا سيما في ضوء سقوط عدد من الافتراضات الأساسية التي قامت عليها الحركة الوطنية الفلسطينية حتى الآن، لدرجة انتفاء القدرة على تطبيقها، ما يفرض إعادة بنائها وتجديد النظام السياسي بمختلف مكوناته بشكل جذري ديموقراطي، بما يكفل النهوض بالشعب الفلسطيني وتمكينه من السير قدمًا وبثبات على طريق تحقيق أهدافه الوطنية.

وتكمن أهمية الوثيقة في أنها تفتح الحوار حول القضايا الإستراتيجية، وهذا أمر مفقود تمامًا أو نادرًا في ظل الانهماك المستمر للقيادات والنخب الفلسطينية بـ«اليومي والمباشر» وملاحقة التطورات والأحداث، ما أدى إلى وقوعهم أسرى الفعل ورد الفعل وفقدان القدرة على المبادرة التي لا يمكن أن تتجسد بفاعلية دون رؤى وتخطيط إستراتيجي للمستقبل.

إن تحديد الأهداف هي المسألة الأولى التي تسبق وضع الإستراتيجيات الكفيلة بتحقيقها.

إن الأهداف الفلسطينية التي استقرت عليها الحركة الوطنية الفلسطينية منذ نهاية الثمانينيات حتى الآن، التي تضمنتها وثيقة الاستقلال الصادرة في 15/11/1988، هي: إنجاز حق تقرير المصير بما يشمل إقامة دولة فلسطينية بعد إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإنجاز حقوق اللاجئين الفلسطينيين بموجب قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي بما يضمن تحقيق العودة والتعويض، وتحقيق المساواة للفلسطينيين الموجودين داخل إسرائيل وضمان حقوقهم الفردية والجماعية، بالإضافة إلى الهدف الآني المتمثل في رفع الحصار عن غزة.

توجد اختلافات فلسطينية حول الأهداف أو تفسيرها. فهناك آراء ترى أن ما قامت به إسرائيل منذ قيامها واحتلالها قَطَعَ الطريقَ نهائيًا على إقامة دولة فلسطينية، وآراء أخرى ترى أنّ هذا الحل في طريقه إلى النهاية، ما يفرض طرحَ خياراتٍ وبدائل أخرى.

صحيح أن هذه الأهداف تعرضت للتنازلات والتآكل عبر مسيرة المفاوضات الثنائية كما يظهر في الموافقة على مبدأ تبادل الأراضي (الذي يشمل ضم الكتل الاستيطانية لإسرائيل)، وعلى حل متفق عليه لقضية اللاجئين، والاستعداد لفصل قضايا الحل النهائي عن بعضها البعض وعن وحدة الشعب الفلسطيني وقضيته عبر التركيز على إقامة الدولة وإهمال حق العودة، والوصول أحيانًا إلى حد المقايضة بينهما، والتفاوض على الحدود والأمن أولا، وغيره من السياسات التي اعتمدت خلال عملية المفاوضات، وأدت إلى الكارثة التي نحن فيها التي من معالمها تطبيق الالتزامات من جانب الفلسطينيين دون تحقيق مبدأ التبادلية.

وتضمنت الوثيقة السيناريوهات المقبولة لدى معظم أو قسم كبير من الفلسطينيين، وهي: دولة فلسطينية مع تسوية عادلة تنجز حقوق اللاجئين في العودة والتعويض، ودولة واحدة ثنائية القومية، أو ديموقراطية، أو اتحاد كونفدرالي بين الأردن وفلسطين، أو دولة فلسطينية مستقلة. ولا توضع هذه السيناريوهات على قدم المساواة، ولا تشمل جميع السيناريوهات، فهي لم تتطرق لسيناريوهات أخرى تتحدث عن تحرير فلسطين وإقامة دولة فيها إسلامية أو قومية.

وتطرقت الوثيقة للخيارات (أو المسارات) الإستراتيجية التي تضمنت احتمالية العودة إلى المفاوضات الثنائية، وإعادة بناء الحركة الوطنية وتجديد النظام السياسي، ومضاعفة الدعم العربي والإقليمي والدولي، والمقاومة «الذكية» ومقاربة القضايا وكيفيات الدفاع عنها، والاستعداد (للخطة ب) المتمثلة بحل السلطة، من دون أن تتعمق أكثر في هذه الخيارات، لأن هذه المهمة من أهم مكونات الإستراتيجية الفلسطينية التي يفترض أن يضعها الفلسطينيون المبادرون لها والقادرون عليها؛ لأن هناك آراء بأن القيادة والقوى القائمة عاجزة عن تقديمها.

إن الوثيقة تقترح الخيارات الإستراتيجية (أو المسارات) التي يمكن أن يسير عليها الفلسطينيون، ولا تقدم الوثيقة هذه الخيارات بشكل حيادي باعتبارها متساوية، بل توضح أن خيار المفاوضات الثنائية لم يعد مطروحًا على الطاولة بعد الآن بعد إفشال إسرائيل المتكرر له، وتدعو إلى إعادة بناء إستراتيجية تحرر وطني جديدة.

يجب أن تستند أي عودة إلى المفاوضات إلى أسس ومرجعيات جديدة، وإلى قبول إسرائيلي بمبادئ القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، بحيث تكون المفاوضات لتطبيقها، وليس للتفاوض حولها. ولضمان ذلك لا بد أن تكون المفاوضات في إطار دولي كامل الصلاحيات وفاعل ضمن جدول زمني قصير وآلية تطبيق ملزمة، وإن مثل هذه المفاوضات لا يمكن أن تحدث دون أن يملك الفلسطينيون أوراق القوة والضغط.

وتركز الوثيقة على ضرورة عدم وضع الخيارات الإستراتيجية في معارضة بعضها الآخر، فمثلا يمكن ويجب استبدال هدف إقامة الدولة على حدود 1967 عندما تتأكد استحالة تحقيقه بهدف إقامة دولة واحدة، لأن القدرة على تحقيق هدف الدولة تراجع في ظل استمرار الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بخلق الحقائق الاحتلالية والاستيطانية في القدس وبقية الضفة الغربية، بما يفتح الطريق لإقامة دولة واحدة على أساس تحرير فلسطين، أو إقامة دولة واحدة ثنائية القومية أو ديموقراطية.

ومن الأخطاء الكبرى التي وقع فيها القادة الفلسطينيون والحركة الوطنية الفلسطينية أنهم في كل مرحلة جديدة «تجب ما قبلها وتبدأ من الصفر من جديد»، وهذا يلغي إمكانية الاستفادة من الدروس والعبر وتجاوز الأخطاء والنواقص والثغرات وتكريس الإنجازات والمكتسبات والبناء عليها.

تأسيسا على ما سبق، لا تدعو الوثيقة عن وعي إلى حل السلطة فورًا الآن، بل إلى إعادة النظر بشكل ووظائف السلطة، بحيث تخدم الإستراتيجية الجديدة للتحرر الفلسطيني التي من المفترض أن يضعها الفلسطينيون، وكلما كان ذلك أبكر كان أفضل.

وإذا فشلت الإستراتيجية الجديدة ولم تتمكن السلطة من القيام بوظائفها الجديدة كأداة في يد المنظمة وبرنامجها الوطني فعليها ألا تواصل العمل كرهينة للمساعدات والاتفاقات وشروط الرباعية (خصوصا التنسيق الأمني، ونبذ العنف والإرهاب، والاعتراف بإسرائيل، والخضوع لاتفاقية باريس الاقتصادية)، بل يمكن أن تنهار السلطة في مجرى المواجهة المحتملة الجديدة، أو بمبادرة من الفلسطينيين أنفسهم على أساس إعادة مسؤوليات إدارة السكان إلى إسرائيل بوصفها القوة الاحتلالية. وإن خطوة كبرى كهذه على ما فيها من صعوبات جمة تعيد الصراع إلى مجراه الطبيعي والحقيقي، وتكشف زيف وبطلان ونهاية عملية المفاوضات الثنائية الطويلة الأمد، التي استغلتها إسرائيل لتعزيز وتكريس احتلالها وقطع الطريق على أي حل عادل أو حتى متوازن للقضية الفلسطينية.

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا