<%@ Language=JavaScript %> د. كمال خلف الطويل في الأزمة السورية
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

كتبت قبل شهر في دمشق

 

في الأزمة السورية

 

 

د. كمال خلف الطويل  

 

 

خلفية :  

 

تقف سوريا الآن عند مفترق طرق لعلّه الأخطر في تاريخها ما بعد الاستقلال .. مدعاته حال الاستعصاء الذي وصلته الأزمة الوطنيّة الكبرى عبر
 
الشهور الخمس الفائتة , والتي ستفضي , بالضرورة , إلى واحدٍ من مخرجين : إما الإنزلاق إلى احتراب أهلي دموي عمره بالشهور بل ربما بالسنين ,
 
وكلفته مليون ضحية بين قتيل ومشوّهٍ ومقعد ,
أو , التوصّل إلى تسويةٍ تاريخيّةٍ كبرى - لطالما احتاجها الوطن السوري منذ أمد ليس بقصير
 
– عنوانها التغيير , ومتنها استبدال نظام بتشييد دولة ... دولة مدنية حديثة على قاعدة عقد اجتماعي جديد تتراضى عليه أطياف
 
المجتمع السوري , ووفق ثوابته الوطنيّة والقوميّة.  
                  

والحال أنّ سوريا بطبيعتها وطبائع مجتمعها بلد تسويات .. لكن السؤال المعلّق فوق الرؤوس هو : هل ننجز مساومة ً كهذه على خلفيّة 2000 ضحيّة , أم أنّ استحقاقها سينتظر إلى أن يرتفع العداد إلى عشرات , بل ربما مئات الألوف ؟؟
 

يتراءى للناظر أن أجواء كلٍّ من النظام والشارع تشي بغياب الإستعداد النفسي بعدُ للقفز إلى قطار التسوية بكلفة اليوم .


 من هنا ضرورة إيصال كليهما لتلك القناعة الجمعيّة , ونحن مازلنا في شوط ماقبل الكارثة ... لسببٍ بسيط : وهو أنّ النظام لا يقدر بحالٍ من
 
الأحوال على العودة إلى طريقته في الحكم قبل 15 آذار , وأنّ الشارع غير متوفّر على قدرة إسقاط النظام بالقوّة ....من ثمّ فمنطق الأشياء

يقول : لا مندوحة عن الصفقة.

ولمّا كان النظام هو الحاكم والمسئول , فبدهي أن يكون المطالب بالمبادأة والحكمة والشجاعة الأدبيّة , قبل المواطن الفرد ومجتمعه الأوسع.

 

لذا فإن حزمة من السياسات الصادمة والإيجابيّة التي يمكن اقتراحها وتوقّعها من رئيس الجمهوريّة , وفي بحر رمضان الرّاهن , تضحي أمر اليوم .


 أمّا اشتراط ذلك بضمان سلوك الشارع فهو ليس من السياسة - وهي فن المخاطرة المحسوبة بامتياز - في شيء , وبعلم أنّ التظاهر السلمي كان
 
في الأساس وسيلة ضغط الشارع الوحيدة على النظام , بصرف النظر عمّا تراكب عليه أو وازاه من أعمال مسلّحة – لا صلة لها بجوهر ذلك
 
الحراك - وإن تسببت بتعقيد المشهد وتكاثر اختلاطاته المشوِّهة .  
 

 

حزمة المقترحات:

 

كان لرئيس الجمهوريّة عشيّة الأزمة شعبيّةٌ واسعة لا جدال حولها.. لكن شهوراً خمسة من الأزمة صدّعت تلك الشعبيّة ... والّتي لازال في وسعه
استعادتها , أو جلّها , إذا مضى إلى مكاشفةٍ أمينةٍ مع شعبه في حديثٍ مباشر من العقل و القلب إلى العقل والقلب ... فحواها :

أنّنا جميعاً على المفترق سالف الذكر , وأمامنا تحدّي الفرصة الأخيرة الّتي يتوجّب علينا اهتبالها للتو واللحظة , وأنّ سوريا كلّها : دولةً ومجتمعاً ...جيشاً و نظاماً ...شعباً واقتصاداً ..دوراً و قدْراً ..جغرافية وتاريخاً ..تحت التهديد , وأننا سنواجه معاً بكفالة حريّة المواطن , معطوفة 
على تحرر الوطن , ذلك التهديد , وسنطوي معاً صفحةً أليمة آن آوان طيّها .

و بوازع مسئوليته الأولى كرئيس للبلاد فهو يعلن :

 

1-  وقف النار الفوري على كامل الجغرافيا السوريّة , وعودة القوات المسلحة الى ثكناتها بالتدريج.

2-  من يستمرّ بإطلاق النار سيواجَه بعمليات أمنية موضعيّة تتعامل معه جراحيّاً وبحزم .

3-  تشكيل لجنة وطنيّةً من 50 عضو تضع مسودة دستور جديد خلال 3 شهور لتقدّم إلى مجلس النوّاب الجديد لمناقشتها ثمّ إحالتها للاستفتاء العام بعد البت فيها.

4-  إطلاق سراح كل المسجونين والمعتقلين السياسيين , وإصدار عفو عام وشامل عن كل القضايا السياسيّة , وإلغاء قانون 49.

5-  رد الحقوق إلى أصحابها على الفور سواءً من مصادراتٍ أو استملاكاتٍ أو آثار ابتزاز , ما تقادم عليه الوقت منها أم ما استجّدّ خلال الأزمة.

6-  القبض على المتسببين الفعليين بإيذاء الناس خلال الأزمة وإحالتهم إلى محكمة علنيّة , سواءً منهم من بدأها في درعا أم من شابههم في محافظات أخرى لحقت بها .

7-  معاملة كل ضحايا الأحداث , عسكريين ومدنيين , كشهداء للوطن , وتعويض أسرهم وفق تلك القاعدة , مع تخصيص أيام ثلاثة للحداد الوطني.
8-   القيام بجولة شاملة عبر البلاد تبدأ بدرعا وتنتهي بدير الزور , تلي فترة الحداد .

9-  طي ملف المفقودين وفق أليّة ملائمة وكريمة تحفظ حقوق المتضررين وأسرهم .
10-  إنشاء هيئة وطنيّة للمصالحة والعفو تتعامل مع ملفات ما بعد 8 آذار 63 الجرميّة على الطريقة الجنوب إفريقيّة والمغربيّة .

11-  تشكيل حكومة إنقاذ برئاسة رئيس الجمهوريّة , وتضم شخصيّات من المعارضة الوطنيّة  , إضافة لتكنوقراط كفؤ , مع احتساب حقائب الداخليّة والخارجيّة والدفاع على حصة البعث.

12- إلغاء سلطة الضبطيّة القضائيّة للمدنيين لأيّة جهة عسكريّة أو أمنية ، وحصرها بالنيابة العامّة وفق مذكرة توقيف لا يزيد عن أسبوعين على ذمّة التحقيق ، ليصار بعدها إما إلى الإفراج أو الإحالة إلى القضاء الطبيعي .

13- الفصل الجماعي لمنتسبي سلكي الشرطة والقضاء من عضويّة حزب البعث.

14- بالمقابل , تبقى أحوال القوات المسلّحة على ما هو قائم لحين تحرير الجولان.. مع إعمال مبدأ أنّ وزير الدفاع مدني , معطوفاً على إلغاء منصب نائب القائد العام لتضاف صلاحياته لرئيس هيئة الأركان العامّة .

15- إعادة ترميم " دولة الرعاية " بكل ما تتطلبه من استيفاء حقوق الفقراء وذوي الدخل المحدود.. من دعمٍ لأسعار السلع التموينيّة الأساسيّة لمستحقيها , وتوفير طبابة مجانيّة , وتعليم مجاني بكل مراحله , وتأمين ضد البطالة , وإسكان زهيد الكلفة .

16- حظر الاحتكارات في قطاعات الاقتصاد والأعمال.

17- الدعوة إلى انتخابات نيابيّة عامّة مطلع 2012, وتكون من أولى مهام مجلس النوّاب الجديد مراجعة وإقرار مسودة الدستور الجديد , 
وإعادة النظر في قوانين الأحزاب والانتخابات والإعلام والإدارة ( الحكم) المحليّة والطوارئ والتظاهر والسلطة القضائيّة والجامعات والجمعيات
والعقوبات وغيرها.

18- تحقيق الاستقلال القضائي عبر إتباع سلك القضاء لمجلس القضاء الأعلى الذي يرأسه رئيس محكمة النقض .. و بضمنه
النيابة العامّة و التفتيش القضائي .

19-  إلغاء امتيازات أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية , بما فيها حزب البعث , وفك أي ارتباط بينها وبين أجهزة الدولة , أو بينها وبين المنظمات الشعبية.
20-
 تشكيل مجلس للأمن القومي برئاسة الرئيس وعضويّة نوابه ورئيس مجلس الوزراء ووزراء الدفاع و الداخليّة و الخارجيّة ورئيس المخابرات العامّة ورئيس هيئة الأركان العامّة ومدير المخابرات العسكريّة .. وله أمين عام متفرّغ .

21- فصل الفرع الداخلي عن إدارة المخابرات العامّة ليصبح تخصصها الأمن القومي البحت ( التجسس الخارجي و مكافحة التجسس الداخلي وتقديرات المعلومات ).. ودمج هذا الفرع مع إدارة الأمن السياسي تحت عنوان : إدارة الأمن الوطني , وتتبع وزارة الداخليّة .
22-
  إتباع المخابرات الجويّة لإدارة المخابرات العسكريّة أمنيّاً , ولقيادة القوّات الجويّة إداريّاً .

23-  إلغاء منظمة طلائع البعث , وتحويل اتحاد شبيبة الثورة إلى جناح شبابي لحزب البعث (شبيبة البعث) من سن السادسة عشر فما فوق .

24- إلغاء وزارة الإعلام , وإنشاء اتحاد الإذاعة والتلفزيون على منوال BBC , ومجلس أعلى للإعلام من شخصيّات يرشّحها رئيس الجمهوريّة وخاضعة لإقرار مجلس النوّاب .

25- تحريم التمويل الأجنبي للجمعيّات , على كافّة أنواعها , وفق القانون .

26- إعادة تنظيم القطاع العام بهدف فصل الملكيّة عن الإدارة , وتطبيق مبدأ الربحيّة مصحوباً بشدّة المحاسبة .. مع عقد مؤتمر للإدارة والإنتاج لمناقشة قضاياه واستخلاص دليل عمل للمرحلة القادمة.

27- توجيه أقصى الاهتمام إلى المنطقة الشرقيّة إنماءاً و دعماً , مع تخصيص ثلث عوائد إنتاجها للإنفاق على خطّة تنميّة عاجلة لها .
28- إحقاق العدالة الضريبيّة بالتشديد على التحصيل الصحيح من دخول الأغنياء , مع تحصينه من غوايات الفساد و الإفساد.

29- دمج المحافظات الحاليّة  في محافظات أكبر هي : دمشق ، حلب ، حوران ، الساحل ، العاصي والفرات , يديرها محافظون برتبة وزير يتبعون رئاسة مجلس الوزراء , مع إلغاء وزارة الإدارة المحليّة , ولتتم بعدها انتخابات الحكم المحلي في ربيع 2012 لانتخاب مجالس المحافظات
 و المناطق والنواحي والقرى.

30- دمج الهيئة المركزيّة للرقابة و التفتيش مع الجهاز المركزي للرقابة الماليّة في جهاز واحد اسمه : الهيئة المركزيّة لرقابة الدولة , وتتبع مجلس النوّاب.

حزمة الإجراءات هذه لا أقول كفيلة - بالقطع - , لكنّها مُيسّرة - بالترجيح – لتضييق فجوة الثّقة المهولة بين النظام والجمهور وتجسيرها , وصولاً إلى إغلاقها حقّاً وفعلاً.

 والحريّ أن ينتهي تعبير *نظام* من التداول في القاموس السياسي السوري , كما سقط قبله حاجز الخوف , لنشيد معاً دولة تستوعب سلطةً حاكمة تأتي بالانتخاب الحرّ والنزيه , ويتم تداولها بسلاسة الاستمرار والتجدّد , بدءاً من الانتخابات النيابيّة مطلع 2012 , ووصولاً إلى
 الانتخابات الرئاسيّة مطلع 2014 .

رمضان – 2011  فرصة أخيرة , أو تكاد , تنتقل فيها سوريا إلى طور متألّق من تاريخها , تجمع بين جنباته محاسن نهجها الخارجي ومزايا تسويتها الداخليّة , في سبيكة خلاص تحفظ نسيج المجتمع وتدعّمه , وتسدّ منافذ التاّمر ورعاته .

 إنّ منجاة النظام الحقيقيّة – عكسما يظنّ بعض أهله – هي في " دولنة " السياسة , وفي تخليصه من رزايا تراكمت على وفي جسده , من لدّن أصحاب المصالح , وأوصلت قطاعات , يتزايد اتساعها , من الجمهور الى حالة من النفور نحوه لايعسر تلمسها. 

 

إن الطريق إلى التغيير هو في السَوس لا في الدّوس .

 

 

 دمشق 8/8/2011

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا