<%@ Language=JavaScript %> الدكتور بهيج سكاكيني الهبوط الحاد في أسعار النفط العالمية.....العوامل الاقتصادية وتلاقي المصالح السياسية  (1)

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

 

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

الهبوط الحاد في أسعار النفط العالمية.....

 

العوامل الاقتصادية وتلاقي المصالح السياسية 

 

 (1)

 

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

التراجع والهبوط المتسارع في أسعار النفط في الأسواق العالمية في الآونة الأخيرة أثار العديد من التساؤلات المشروعة حول الأسباب الكامنة وراء هذه الظاهرة، حيث انخفضت أسعار برميل النفط الخام في الأسواق العالمية بنسبة حوال 25% في فترة زمنية بسيطة، ما بين يونيو حيث وصل سعر البرميل الواحد 115$ الى ما يقارب 85$ في أكتوبر, نقول تساؤلات مشروعة لأننا قد تعودنا ان أي اضطرابات تؤدي الى عدم استقرار أو حروب في الشرق الأوسط الذي يمتلك ما يقارب من 47% من  مخزون الاحتياطي العالمي، كانت تؤدي دائما الى ارتفاع في أسعار النفط في الاسواق العالمية. وأقرب ارتفاع شهدته الأسواق العالمية حدث مؤخرا عندما سقطت الموصل بأيدي مقاتلي "داعش" في يونيو الماضي، حيث ارتفع سعر برميل النفط الخام من 109$ الى 115$. وسابقا ارتفعت أسعار النفط العالمية عندما قامت الولايات المتحدة بغزو العراق 2003، وكذلك عندما شنت قوات "التحالف" حرب الخليج الأولى عام 1991 "لتحرير" الكويت. وذكرت العديد من مراكز الابحاث المتخصصة بالطاقة أن سعر برميل البترول يمكن ان يقفز الى 200$ في الاسواق العالمية فيما إذا تم الاعتداء على إيران من قبل الولايات المتحدة او ربيبتها الكيان الصهيوني. لكل هذه التجارب السابقة المتعلقة بالمنطقة وبأسعار الطاقة، كان من الطبيعي ان يتساءل البعض على الأقل لماذا نشهد الانقلاب الحاصل على المسار الذي درجت عليه الأمور لعقود من الزمن؟

مما لا شك فيه ان هنالك أسباب اقتصادية محضة والتي في مجموعها ترشح الانخفاض في الأسعار العالمية للنفط. وهذه يمكن ايجازها بسببين رئيسيين:

أولهما الانخفاض على طلب هذه السلعة الاستراتيجية في الأسواق العالمية، من قبل دول الاتحاد الأوروبي التي ما زالت تعاني من حالة الركود الاقتصادي التي مرت بها عام 2008 والتي لم يتسنى بعد للعديد منها من التخلص من آثارها المدمرة على اقتصادها. يضاف الى ذلك تباطىء معدلات النمو الاقتصادي للصين. وهذا الوضع الاقتصادي أفضى الى تراجع معدلات الطلب على البترول في كلتا الحالتين. وإذا ما اخذنا الصين على سبيل المثال ، فان معدلات النمو التي كانت متوقعة في الطلب على البترول الخاصة بالربع الأول والثاني من هذا العام، والتي نشرت في يناير من هذا العام كانت 4% و 3.3% بالترتيب، ولكن الأرقام الفعلية كانت 2.2% و 1.8% على الترتيب. ولقد تراجعت أيضا التوقعات للربع الأخير من هذا العام من 4.6% الى 2.9% بحسب وكالة الطاقة الدولية.

السبب الثاني يكمن في وجود كميات كبيرة في الأسواق العالمية، وحيث ان الأسواق العالمية تخضع للقوى العمياء للسوق، بمعنى خضوعها للعرض والطلب، فانه من الطبيعي ان نتوقع انخفاضا في الأسعار العالمية للبترول الخام. ويعود وجود الكميات الضخمة في الأسواق العالمية الى تدني الكميات التي كانت الولايات المتحدة تستوردها من السعودية بالأساس الى جانب نيجيريا، وذلك لتمكن الشركات الامريكية من استخراج كميات هائلة من البترول والغاز الصخري المتواجد على السواحل الامريكية بعد التقدم الذي حصل في تقنية الحفريات، والذي وضع الولايات المتحدة في مصاف الدول المستخرجة للبترول من أراضيها بحيث أصبحت تنافس روسيا والسعودية. فقد ارتفع الإنتاج المحلي للولايات المتحدة بحسب دائرة الطاقة الامريكية، من 5.7 مليون برميل يوميا عام 2011 الى 8.4 مليون برميل في الربع الثاني من عام 2014، أي بزيادة قدرها 47%، ومن المتوقع أن يقفز الانتاج المحلي الى 9.6 مليون برميل سنويا عام 2020 . وللمقارنة فقط فان السعودية وهي أكبر منتج للبترول بين دول الاوبيك فقد انتجت 9.7 مليون برميل يوميا في سبتمبر الماضي. الى جانب البترول الأمريكي الذي ما زال يستخدم اغلبه للاستهلاك المحلي داخل الأراضي الامريكية حيث لا تصدر الولايات المتحدة اكثر من 400000 برميل يوميا، فان الإنتاج الليبي ارتفع من 240000 برميل يوميا الى حوالي 800000 برميل يوميا وهو مرشح للارتفاع إذا ما استقر الوضع الأمني في ليبيا يوما ما. ومن هنا نجد ان الكميات المطروحة بالأسواق العالمية قد ازداد وخاصة على أثر تحرير ملايين البراميل التي كانت تذهب الى السوق الامريكية من السعودية وغيرها من الدول. أما اعتقاد البعض بان أحد الأسباب يعود الى الأسعار المنخفضة جدا للبترول (25$ للبرميل الواحد من البترول الخام) الذي يتم بيعه من الابار ومحطات التكرير التي استولى عليه تنظيم داعش في سوريا والعراق، حيث يتم تهريبه الى الأسواق العالمية عبر تجار الحرب الاتراك وغيرهم، فانه سبب مردود عليهم لان الكميات التي يبيعها التنظيم لا تتعدى 80000 برميل يوميا في أحسن الأحوال وهذه الكميات هي كمية ضئيلة جدا بتلك المعروضة في الأسواق العالمية.

الانخفاض الحاد بأسعار النفط العالمية يستدعي بالمنطق الاقتصادي السليم ان تجتمع الدول المصدرة للبترول، وتتدارس فيما بينها الأوضاع لمنع هذا التدهور لما له من اثارات سلبية ستنعكس على ميزانيات الدول ومداخيلها وخططتها وبرامجها التنموية داخل بلدانها. نقول ان هذا هو المنطق السليم وهذا قد يستدعي الاقلال من الكميات المعروضة بالأسواق وبالتالي فان هذا يعني ببساطة الاتفاق فيما بين هذه الدول على خفض الإنتاج لكل دولة بنسبة معينة لمنع تدهور الأسعار أو ارتفاعها نسبيا لما عليه الان. ولكن الذي يبدو ان هذا المنطق الاقتصادي سيجابه بقوة من قبل السعودية والكويت والامارات التي حددت موقفها حتى قبل انعقاد مؤتمر دول الاوبيك المزمع عقده في نوفمبر. حيث أعلنت هذه الدول انها لن تقوم بتخفيض انتاجها من النفط وأنها ستقف ضد أي مشروع يدعو الى تخفيض الإنتاج للحفاظ على سعر النفط في الأسواق العالمية. وهذا يضع علامات استفهام كبيرة على ما وراء الاكمة، لان هذا ليس في مصلحة هذه الدول المصدرة للنفط والتي قد تفقد جزءا كبيرا من مدخولها. ليس هذا فحسب بل ان المتتبع لما يجري على هذه الساحة يدرك أن السعودية قد بدأت فعليا بخفض أسعار النفط الخام الذي تقوم ببيعه للأسواق الاسيوية والأمريكية وذلك للحفاظ على حصتها بالكامل، وتجبر الدول شراء كميات قد تكون أكبر من حاجتها تحت هذا السعر المخفض. بمعنى ان السعودية أصبحت مهتمة أكثر بالكميات التي تبيعها وضمان حصتها في الأسواق عن اهتمامها بالأسعار المرشحة بمزيد من الانخفاض، على أمل ان تعوض ما تخسره نتيجة انخفاض الأسعار بزيادة حجم مبيعاتها. ومن هنا نرى ان السعودية قررت اعلان "حرب البترول" والسؤال على من ولتحقيق ماذا؟ ولنا ان نتساءل أيضا هل تخوض السعودية هذه الحرب لوحدها أم أن هنالك من يخوضها معها؟ وما مصلحة كل من هذين الطرفين وأين التقاطع في هذه المصالح الاستراتيجية؟ ونقول استراتيجية لأننا لا نتحدث هنا عن بيع بطاطا او بندورة (مع كامل احترامنا لمصدريها ومستهلكيها)، بل نتحدث عن بيع سلعة استراتيجية.

ربما العودة الى حدث تاريخي اعتبر زلزالا سياسيا غير مسبوق وهو انهيار الاتحاد السوفياتي الذي بدأ عام 1985 من القرن المنصرم، قد يلقي الضوء على استخدام سلاح النفط لتحقيق مآرب استراتيجية. فهذا الحدث وبحسب العديد من المحللين أتى على خلفية عمل مشترك بين الولايات المتحدة والسعودية. في هذا العام رفعت السعودية من انتاجها النفطي من 2 مليون برميل يوميا الى 10 ملايين برميل يوميا، مما أدى الى هبوط حاد في سعر برميل البترول الخام في الأسواق العالمية من 32$ الى 10$، واضطر الاتحاد السوفياتي عندها لبيع بعض الكميات 6 دولارات. كانت ضربة قاسية تلقاها الاقتصاد الروسي المبرمج والذي كان يخضع لعملية تخطيط، ولم يستطع استيعابها وكانت احدى الأسباب الرئيسية لانهيار الاتحاد السوفياتي. نعيد التذكير بهذه الحادثة مع تقديرنا ان الظروف الاقتصادية والمناخ السياسي الدولي السائد الان يختلف اختلافا جذريا لما كان عليه عام 1985، ولكنه من المفيد ان نستذكر التاريخ واحداثه، لان فيه استشراق للمستقبل، وفائدة في فهم الديناميكية على الساحة الدولية والمصالح الاستراتيجية التي تحرك الأمم والشعوب.

لسنا بحاجة الى كتابة المزيد لتبيان ان السعودية قد بذلت كل ما لديها من جهد ومال وقامت بتوظيف علاقاتها الدولية السياسية والدبلوماسية واعلامها ومنابر مساجدها، واموال البترو دولار في تجنيد وتدريب وتسليح إرهابيين جمعتهم من كل أرجاء العالم، وقامت بإرسالهم الى سوريا بهدف اسقاط الدولة السورية، لتشفي غليلها وحقدها الاعمى وثأرها القبلي في محاولة بائسة ويائسة لضرب ما سمته "الهلال الشيعي"، وهي التي حولت وحرفت الصراع في المنطقة الى صراع "سني-شيعي" بالرغم من ان الصراع في جوهره سياسيا وليس طائفيا او مذهبيا، وكان وما زال الصراع العربي – الصهيوني هو لب وجوهر الصراع في منطقتنا، مهما حاول المضللون اخفاؤه. كما وأننا لسنا بحاجة لمزيد من الكتابة لتبيان أن السعودية قد بذلت كل جهدها وما زالت لمنع حدوث أي تقارب او تفاهمات بين إيران والدول الستة الكبرى حول برنامجها النووي وخاصة التقارب مع الولايات المتحدة. كل هذا لان الوصول الى اتفاقية نهائية تعني عودة إيران لاعبا رئيسيا ذو ثقل ووزن على الساحة الإقليمية والدولية والأهم من ذلك أن ذلك سيكون باعتراف دولي. وفي هذه الحالة سترفع كافة العقوبات عليها وتعود صادرات البترول والغاز الى ما كانت عليه سابقا وربما أكثر. وترى السعودية في هذا تهديدا لمكانتها ودورها الإقليمي من طرف والى عودة منافس قديم في مجال تصدير الطاقة من جانب آخر، وهي التي بنت سياستها الخارجية طيلة هذه السنوات على أساس ان الولايات المتحدة ستبقى على عداء دائم مع الجمهورية الإسلامية في إيران. السعودية تدرك أيضا أن إيران وروسيا تدعمان بشكل علني وواضح الدولة السورية على جميع الأصعدة، وان كلا البلدين لا يتركان مناسبة الا ويؤكدان دعمهما للدولة السورية ولخيار الشعب السوري، وبأنهما لن يسمحا بتكرار التجربة الليبية. ولقد حاولت السعودية وبكل وقاحة متناهية شراء الموقف الروسي وذلك من خلال اغراءات مادية وعقد صفقات تجارية واسلحة تقدر بعشرات المليارات من الدولارات، وضمان عدم منافسة الغاز والنفط الروسي التي تصدره الشركات الروسية الى دول الاتحاد الأوروبي، بالإضافة الى ضمان السيطرة على ولجم المقاتلين الإرهابيين من الشيشان ومنعهم من افشال الدورة الأولمبية الشتوية التي أقيمت في روسيا. هذا ما حمله وتضمنته الزيارة التي قام بها سابقا امير الارهاب بندر بن سلطان عندما استلم الملف السوري. هذه المحاولات باءت بالفشل الذريع فروسيا وبوتن ليست فرنسا وهولاند الانتهازي الذي ينتظر المكارم الملكية.

يتبع......

الدكتور بهيج سكاكيني

 

الهبوط الحاد في أسعار النفط العالمية.....

العوامل الاقتصادية وتلاقي المصالح السياسية (2)

الدكتور بهيج سكاكيني

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا