<%@ Language=JavaScript %> الدكتور بهيج سكاكيني الهبوط الحاد في أسعار النفط العالمية.....العوامل الاقتصادية وتلاقي المصالح السياسية (2)

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

 

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

الهبوط الحاد في أسعار النفط العالمية.....

 

العوامل الاقتصادية وتلاقي المصالح السياسية

 

 (2)

 

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

أما الولايات المتحدة فان همها الأكبر اليوم هو محاولة توجيه ضربة مؤلمة لروسيا التي بدأت تأخذ دورها الفاعل والوازن على الساحة الدولية. هذا الدور الذي يتعزز بعلاقاتها الاستراتيجية مع الصين التي أصبحت تتبوأ المركز الأول في الاقتصاد العالمي، الى جانب ظهور تكتلات اقتصادية عملاقة مثل دول البريكس ومنظمة شنغهاى وغيرها والتي تلعب بها روسيا دورا رئيسيا وفاعلا. وكل هذا أدى الى كسر الاحتكار والهيمنة الامريكية المطلقة على الساحة الدولية التي تمتعت فيها الولايات المتحدة لأكثر من عقدين من الزمن بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، وظهور ما سمي بعالم القطب الواحد. وخير دليل على تعزيز الدور المشترك الروسي الصيني على الساحة الدولية هو استخدام الفيتو المزدوج في مجلس الامن في الأمم المتحدة والذي منع الولايات المتحدة وزبانيتها من شن العدوان على سوريا وتدمير الدولة السورية وتغيير النظام كما كان الحال مع ليبيا. ولقد كتب الكثيرون عن الدور الأمريكي في احداث أوكرانيا وتطور الاحداث وما الت اليه الأحوال الان. ومن الواضح أن التدخل في أوكرانيا لا يمت الى نشر الديمقراطية المزعومة، بل هدف بالأساس الى محاصرة روسيا وخلق بؤرة للتوتر على عقر دار روسيا لحرف انظارها وانشغالها لحماية حدودها وبالتالي الحد من دورها الفاعل على الساحة الدولية، هذا بالإضافة الى بعث الحياة في حلف الناتو وإبقاء الدول الأوروبية تحت العباءة الامريكية. ولم يعد خافيا على أحد أن الإدارات الامريكية المتعاقبة كانت وما زالت تحث دول الاتحاد الأوروبي على التخلص من الاعتماد الكلي على مصادر الطاقة الروسية من غاز وبترول، والعمل على تنويع مصادر الطاقة. وعلى حسب تصريحات نائب الرئيس الأمريكي بايدن الأخيرة أن الإدارة الامريكية عملت على الضغط على دول الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات اقتصادية على روسيا بسبب المواقف من اوكرنيا.

ومن كل هذا نستخلص ان هنالك تقاطع والتقاء بين ما تصبو الى تحقيقه كل من السعودية والولايات المتحدة، وبالتالي فان سلاح النفط يكمن ان يكون سلاحا فعالا إذا ما أحسن استخدامه للضغط والابتزاز السياسي لكل من ايران وروسيا في آن واحد. ولذلك لن يكون من المستغرب او المستهجن أن يكون هنالك صفقة سرية ما بين الدولتين على استخدام سلاح النفط وخاصة فيما يتعلق بالأسعار العالمية له. وليس سرا بأن روسيا كما هي إيران تعتمد الى حد كبير في اقتصادها على تصدير البترول والغاز.  ويشكل تصدير الغاز والبترول ما يقارب من 70% عائدات تصدير السلع الروسية.  ولقد ذكرت صحيفة برافدا الروسية مؤخرا بأن انخفاض سعر برميل البترول الخام ب 12$ سيؤدي الى خسارة مقدارها 40 مليار دولار لخزينة الدولة الروسية.  ومن المعروف ان الميزانية للدولة الروسية للعام 2015 قد بني على توقع ان يكون سعر برميل البترول الخام 100$، وبالتالي فان انخفاض السعر الى ما دون ذلك سيزيد من الضغط على الاقتصاد الروسي الذي يعاني من عقوبات اقتصادية جائرة من قبل الولايات المتحدة ودول الاتحاد الاوروبي، خاصة وأن المرحلة الثانية من العقوبات بدأت تشتمل على قطاع الطاقة الى جانب قطاعات إنتاجية أخرى. هذا بالرغم من وجود تصدع حاصل في مواقف الدول الأوروبية من العقوبات على روسيا وتردد بعضها من الذهاب بعيدا وراء ما تبتغيه الإدارة الامريكية مثل هنغاريا وسلوفاكيا وحتى بولندا. أما ايران فيكفي أن نشير ان العقوبات التي فرضت علها من قبل الولايات المتحدة فيما يتعلق بمجال تصدير البترول والغاز أدى الى تراجع المدخول من هذا القطاع من 118 بليون دولار عام 2011-2012 الى 56$ بليون دولار عام 2013-2014 .

ومن الطبيعي أن تبقى التفاهمات بين الولايات المتحدة والسعودية في هذه الحرب الغير معلنة رسميا سرية. ولكن المتتبع للأحداث يستطيع ان يستشف مظاهر او مواقف تنم على ان هنالك شيئا في المطبخ الأمريكي السعودي. وهذه المؤشرات يجدر التوقف عندها والتمعن بدلالاتها. وبعض هذه المؤشرات يمكن اجمالها بما يلي:

1.    بدء السعودية بتخفيض أسعار البترول التي تبيعها للدول الاسيوية وأمريكا من طرف واحد وخارج اطار الاوبيك. وفي هذ الاطار ذكر مدير مركز السياسات النفطية والتوقعات الاستراتيجية في الرياض لوكالة الانباء "الاناضول" التركية حول تخفيض أسعار مبيعات النفط السعودي "بأن المملكة السعودية تسعى للضغط السياسي على ايران وروسيا ان تبيع النفط بأرخص الأسعار" ,أضاف " ن المملكة العربية السعودية تهدف الى دفع ايران لوقف برنامجها النووي واجبار روسيا على تغيير موقفها من سوريا ...". ولقد قام موقع الوعي نيوز اليكتروني بنقل ما جاء في المقابلة.

2.    الاستجابة الامريكية للطلب السعودي للقيام بتدريب 5000 مقاتل على الأراضي السعودية من المعارضة السورية "المعتدلة". فالسعودية لم تسقط رهاناتها على اسقاط الدولة السورية بعد وما زالت تضعه على سلم أولوياتها، وهي بهذا تخالف الرأي السائد في الغرب الذي أسقط على الأقل في المرحلة الحالية فكرة اسقاط الدولة السورية وخاصة اسقاط الرئيس الأسد.

3.    الدعوة التي أطلقتها السعودية لكل من الدول العشرة لمجلس التعاون الخليجي والأردن ومصر لمؤتمر في جدة اثناء زيارة وزير الخارجية جون كيري، كان بمثابة التمهيد لإقامة "التحالف الدولي" لمحاربة داعش لاحقا في المؤتمر الذي عقد في باريس بعد هذا المؤتمر بأيام.

4.    الاستجابة الامريكية للطرح السعودي بالنسبة للموقف من الرئيس الأسد، حيث عاد كيري كما عاد الرئيس أوباما بالتصريح من أن الرئيس الأسد فقد شرعيته ولن يكون له دور في سوريا، وذلك بعد زيارة كيري واوباما الى السعودية ومقابلة الملك عبدالله.

5.    استعداد السعودية لدفع تقريبا كافة تكاليف الحملة العسكرية على "محاربة" داعش.

6.    تصاعد نبرة تهجم السعودية على ايران في الفترة الأخيرة، بعد فترة وجيزة تم تبريد الأجواء بينهم من خلال لقاء وزير الخارجية السعودي الهزاز مع وزير الخارجية الإيراني في الولايات المتحدة، والتي استبشر البعض خيرا من هذا اللقاء.

7.    الأفضلية التي توليها الولايات المتحدة في المرحلة الحالية للمملكة العربية السعودية بالمقارنة مع تركيا، وخاصة مع التعنت التي تبديه تركيا فيما يخص الانضمام الى "التحالف الدولي" لمكافحة داعش.

ويبقى السؤال المطروح الى أي مدى يمكن ان تذهب السعودية والولايات المتحدة في اللعب على أسعار النفط العالمية في حربهما ضد روسيا وإيران؟ لا بد ان نؤكد أن "حرب البترول" الخفية هذه لها محاذيرها ومخاطرها وأنها سلاح ذو حدين وقد تؤدي الى انقلاب السحر على الساحر.

كما أشرنا ان هذه الحرب لها جانب اقتصادي بالإضافة الى ابعادها وأهدافها السياسية. وبحسب تقديرات البنك الامريكي ميريل لينش فان على السعودية ان تحافظ على سعر برميل البترول قريب من 85$ دولار امريكي لتفادي العجز في ميزانيتها. ويجب ان نذكر هنا بأن الوضع داخل السعودية يدلل على وجود مشاكل اجتماعية وسياسية لا بد من التنبه لها، وهذه التحديات الداخلية بحاجة الى سيولة نقدية قد تصل الى مليارات الدولارات. بالإضافة الى ذلك فان السعودية عليها التزامات مالية تجاه بعض الدول العربية مثل مصر التي تكلف الخزينة السعودية ربما عشرات المليارات، وهي ترى في أن العلاقة مع الدولة المصرية ودعم القادة السياسية والجيش المصري هي علاقة ضرورية الإبقاء خطر تنظيم الاخوان المسلمين بعيدا عنها، الى جانب ضمان دورها الإقليمي الوازن والفاعل، بالإضافة الى إبقاء مصر قريبة من المواقف السعودية. كما أن هناك العديد من صفقات الأسلحة التي ابرمت مع الولايات المتحدة وفرنسا وهذه بحاجة الى المليارات. وكل هذا يشير الى وجود سقف معين على السعودية أن لا تتجاوزه. وفي تقدير بعض الخبراء فان السعودية والولايات المتحدة وحدهما غير قادرتين على التأثير على أسعار النفط.

أما الولايات المتحدة فان محاذيرها الاقتصادية والسياسية قد تكون أكبر من السعودية، وبالتالي هي لا تستطيع الذهاب بعيدا في هذ الامر. ويعود السبب الاقتصادي الى انه في حالة وصول سعر برميل البترول الى السعر القريب من استخراج البترول الصخري الأكثر كلفة من تحت مياه البحار بالمقارنة مع استخراج البترول من اليابسة، فان الدافع لاستخراجه بالنسبة للشركات وهو تحقيق الأرباح يتلاشى وتتلاشى معه عمليات الاستخراج والتنقيب، وبالتالي هذا يعود بالمصائب على الولايات المتحدة. أما السبب السياسي فلا يخفى على أحد ان المنتفع الأكبر من وراء انخفاض أسعار النفط العالمية هي الصين التي تتنازع مع الولايات المتحدة على تبوأ المرتبة الأولى للاقتصاد العالمي وما يحمله هذا من تداعيات على الولايات المتحدة. من المؤكد أن الولايات المتحدة تريد ان تعاقب روسيا على مواقفها سواء في سوريا او في أوكرانيا وغيرها وتسعى الى محاصرتها وتعمل كل ما بوسعها لاحتواء الدور الروسي العالمي والإقليمي، ولكن هذا في تصوري لن يصل الى الحد الذي يجعلها ان تتناسى الاثار المدمرة التي ستنعكس على قطاع الطاقة في الداخل الأمريكي. وهذا بحد ذاته سيضع نوع من الفرملة الذاتية على الحد الأدنى لسعر برميل البترول في الأسواق العالمية والذي يمكن للولايات المتحدة أن تتحمل عواقبه.

في الخلاصة نقول أن مصادر الطاقة بشقيها البترول والغاز، تشكل سلع استراتيجية يستطيع من يملكها أو من يسيطر على طرق امدادها، ان يتلاعب بهذه السلع لتحقيق مصالحه الاستراتيجية اقتصادية كانت أم سياسية، والتي في أغلب الأحيان لا يمكن الفصل بينهما، الا أن هذا في نهاية المطاف يبقى محفوفا بمخاطر ومحاذير، وهذه تضع العراقيل امام الاندفاع الجنوني والقبلي والغير محسوب العواقب من قبل البعض.

 

الهبوط الحاد في أسعار النفط العالمية.....

العوامل الاقتصادية وتلاقي المصالح السياسية  (1)

الدكتور بهيج سكاكيني

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا