<%@ Language=JavaScript %>

 

 

 

 

" حدود الانتظار"

 

 

حمزة الحسن

 

 

من المحتمل ألا يطول انتظار تحرير تكريت أكثر من المتوقع،
رغم ان التوقف الحالي في نطاق المعقول،
لاعادة تقييم الوضع وتعويض الخسائر في الرجال والسلاح وفي غيرها،
لكن زيادة جرعة الانتظار أكثر، سيترك آثارا سلبية في نفوس الجنود والمحاربين،
ويعرضهم لشتى أنواع الاسئلة والتأويلات،
والانتظار الطويل يفرغ الحماس والطاقة النفسية،
ويؤدي الى الانهاك النفسي والقلق وكل المشاعر السلبية،
ويُفرغ الاندفاعة الأولى من طاقتها الخلاقة،
ويصيب الجبهة الخلفية بالبرود وكثرة التأويلات التي تنعكس على المحاربين،
ويمنح العدو فرصة التأقلم مع وضعية الحصار،
والمناورة والبحث عن ثغرات والقيام بهجمات مستمرة للانهاك،
دون أن ننسى تقلبات السياسة ودور الوقت والمفاجآة وحاجة الجيش الى وقت طويل في الطريق الى الموصل قبل قدوم الشتاء.

أما دعاة توقف الهجوم في اليوم الأول من نهاية الصفحة الأولى، كما لو أن الأمر يتعلق بحافلات سياح توقفت في منتصف الطريق، وليسوا جنوداً ومحاربين في الطريق الى الموت،
فهؤلاء ينطبق عليهم المثل العراقي الشهير:
" يدبج حيل المـــا شايـــــــــــفهه، والشايــــــــــفهه يلف عمامة"،
لأن الحرب ليست نزهة في حديقة.

من تقاليد الحروب : اذا اُنذرت وحدة عسكرية بواجب القيام بالهجوم
فمن المفروض ان يتم الهجوم في حدود الاربع والعشرين ساعة،
أو يُلغى،
وتعود الوحدة الى منطقة الأمان والانسحاب من خط الحشد،
لأن الجنود هم بشر اولاً وقبل شيء،
وليسوا آلات،
ومنظومات المشاعر والعواطف تحتاج الى الاستقرار والابتعاد عن الخطر الحاد والمباشر،
كما ان وضع المحاربين لأيام طويلة أمام عدو انتحاري يائس،
سيكون في منتهى القسوة،
كوضع المشنوق أمام حبل المشنقة في انتظار مستمر،
وحالة الحرب تتعلق بمواجهة موت بصرف النظر عن الدوافع،
وتمس أعمق غرائز الانسان،
وانتظار الهجوم أقسى من وقوعه:
في الانتظار تشتغل قوى التخيل المنهكة في كل الاتجاهات،
مع عوامل أخرى كالحراسات والنوم في العراء والطقس وعادات الطعام،
وحساب الاحتمالات وصد الغارات،
وفي حال وقوع الهجوم يصبح الواقع نفسه هو المشهد الوحيد.
العوامل النفسية، العنصري البشري، يلعب الدور الرئيس وقد تتحول أحدث الأسلحة الى حديـــــــد مهمل عندما يكون حاملوها منهكين، قلقين، مصلوبين على خشب انتظار مجهول.

هذا الوضع يعرفه القادة في الميدان ويحسبون له كل الحسابات,
لكنه غير معروف بالنسبة لقادة سياسيين ، كقادة العراق، لم يحملوا يوماً سيفاً ولا قلماً، ولا حاربوا في صحراء بالخيل والليل،
وكل خبرة البعض من هؤلاء، من دون تعميم، لا تتجاوز حروب السرير والمنابر والقنوات ونصب المكائد للخصوم ومتابعة اخبار الأرصدة وغسيل الأموال.

بل ان عضواً برلمانياً يفترض ان يكون في خطوط التماس اليوم، نشر ، في هذا الوقت العصيب، على صفحته أفضل الطرق للف البطانيا كإختراع ملهم للجماهير،
مع ان الرجال تركوا البطانيات للقتال والنوم في العراء.

من المعطيات والمعلومات والتسريبات والمتابعات،
يلوح ان قراراً بمسح التحصينات والمنشآت والقصور الرئاسية الباقية تحت سيطرة داعش قد أُتخذ،
وان اسلوب الاقتحام المباشر بوحدات خاصة قد صار في المرحلة الثانية بعد القصف السجادي التدميري،
لأن الدخول السريع سيقود الى نتائج كارثية،
خاصة وان العدو متموضع وفي قتال مصيري ويعرف المسالك،
ويتحرك عبر انفاق وزرع الالغام الشبكية والمنفردة في كل مكان،
عكس المهاجم الذي يندفع نحو أرض مليئة بكل الاحتمالات،
لذلك فإن النسية المعروفة في مثل هذه الاحوال أن يكون عدد المهاجمين 3 أو 4 أفراد مقابل العدو الواحد،
فليس كل هؤلاء سيصلون الى الهدف في النهاية،
وهذه بشاعة الحرب.

من مؤشرات قرار مسح القصور الرئاسية وتحصينات داعش الاخرى خارجها بالسلاح الثقيل وتحويلها الى مقبرة وهي 50 قصرا من البناء الصلب والمحصن والمبني لمثل هذه المواقف نتيجة مشاعر الأمن المفرط للدكتاتور،
وصول راجمات فجر 5 الى تكريت،
مع راجمات أبابيل المصممة ضد المنشآت الحصينة والسميكة والقادرة في ثوان على تحويل ثكنات وقواعد عسكرية متينة الى أرض محروثة جاهزة لزراعة البرسيم الذي يليق كطعام لكثير من ساسة هذا البلد.

هذه الاسلحة النوعية لا تستعمل ضد خنادق عادية يمكن التعامل معها بالمدافع والهاونات والدبابات.

الايام الثلاثة القادمة ستحسم أمر الهجوم،
واذا استمر هذا الانتظار القاسي والمستنزف أكثر من اسبوع كحد أقصى،
فهذا يعني بلا شك ان هناك مشكلة ،
خاصة وان من بين محاصري داعش قادة من العيار الثقيل،
ممن أسسوا التنظيم،
ويعرفون اسراره العميقة:
هل ستدفن هذه الاسرار، وبعضها معروف، تحت صواريخ فجر 5 وأبابيل؟
أم ان زيادة جرعة الانتظار
ستساعد هؤلاء في التملص من مصير مهلك؟

حمزة الحسن

 

 

25.03.2015

                                                                                                                   >> عودة الى الصفحة الرئيسية

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

25.03.2015

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org