<%@ Language=JavaScript %> يوسف علي خان الحاجة ام الاختراع
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org               مقالة للكاتب يوسف علي خان                    

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

الحاجة ام الاختراع

 

 

يوسف علي خان

 

هذا مثل شائع تداوله الكثيرون وهو ينطبق على الواقع ولا بد ان يكون كذلك 0فالانسان تجده يبدع وينشط تحت الضغط او الحاجة او الحرمان 0 وعلى العكس فتجده كسولا متقاعسا وفي حالة استرخاء تام اذا ما توفر كل شيء لديه او رفعت عنه كل الضغوط او كان في حالة بحبوحة وثراء فيجد في مايملكه يعوضه عن العمل والاجتهاد او الابداع فينصرف بما يتوفر لديه من مال الى اللهو والعبث ومضيعة الوقت في الترهات او النوم والاسترخاء طالما يجد كل ما يتمناه دون عناء او جهد يبذله 00وبالطبع على عكس الفقير المعدم او من يحصل على مورد رزقه من عرق جبينه ومن جهده الخاص المتميز فهو في حركة دؤوبة ونشاط مستمر لتطوير نفسه وزيادة خبرته لتحسين عمله كي يكون له دور المنافسة مع الاخرين من ابناء صنفه او حرفته   وهو امر لايتعلق بالافراد فقط بل قد يسري هذا الامر على الجماعات او الشركات التجارية والصناعية من استمرارها في محاولة التطوير وانتاج الاحسن  كذلك بالنسبة للدول  والامثلة كثيرة ومتعددة وما نراه اليوم من الدول الغنية بمواردها تعتمد في ما تتمتع فيه من بهرجة ورخاء ورفاه على الدول المنتجة الصناعية التي توفر كل شيء لها من مستلزمات الرفاهية والعمران والمأكولات والملبوسات فهي دول مستهلكة غير منتجة وكسولة ونتيجة لذلك تجد الجهل متفشيا بنسب عالية والتصنيع منعدم ولا مراكز ابحاث فكل شيء ياتيها جاهز دون أي عناء مقابل ما تكتنزه اراضيها من موارد طبيعية حباها الله فيها خاصة النفط الذهب الاسود واثمن ما تحتاجه الدول الصناعية في الوقت الحاضر 00 كذلك هذا الامر يسري على الدول المسالمة والمحايدة 00 والفرق بينها وبين الدول التي تقع تحد التهديد والعدوان هو ان الدول المسالمة والمحايدة التي لايتوفر لها موارد طبيعية جاهزة للبيع مثل النفط  فانها تتجه الى  التصنيع ولكن  تجد صناعاتها تختلف عن الدول المهددة بالغزو والحروب فالمحايدة تتجه الى تصنيع الاجهزة المدنية كالسيارات والثلاجات   والساعات والعدد والاجهزة الكهربائية التي يحتاجها المرء في حياته اليومية على عكس الدول المهددة بالحروب فقد تجدها تتجه الى التصنيع العسكري من صنع مختلف الاسلحة كالدبابات والمدافع والطائرات المقاتلة وهذا يتطلب المعرفة والعلم وهذا لا يتأتى إلا عن طريق الاكثار من المدارس والمعاهد ومراكز الابحاث ان كان ذلك بالنسبة للدول المحايدة او المهددة بالحروب 00 اما الدول التي تمتلك الموارد الجاهزة فتجد الثقافة فيها متواضعة الى حد الجهل المطبق مع انك تجد فيها كل مظاهر الحضارة في ما تمتلكه من عمارات وادوات ترفيهية كالسيارات وكل ما صنعته المهارة التقنية الاجنبية  من ابتكارات غير انك تجد اهلها في جهلهم يعمهون يقضون او قاتهم على ارائك جالسون او في افرشتهم نائمون او مع الغواني يتطارحون  او في صالات اللهو والعبث للدولارات ينثرون 00  كما ان الدول اثناء الحرب تكون اكثر نشاطا في اجراء البحوث والتجارب من اجل الابتكار وتطوير ما يتوفر لديها من اسلحة للتفوق على الاعداء فحتى القنبلة النووية مثلا كانت نتيجة الضغوط والتسابق بين دول الحلفاء ودول المحور للفوز والانتصارفي الحرب العالمية الثانية  وكذلك الحاسوب كان قد طور بشكل متسارع خلال تلك الحرب من اجل كشف الرسائل السرية وكشف الشفرات المتبادلة بين قيادات الحلفاء اثناء تلك الحرب والانشطة التي كان يقوم بها العدوالالماني او العكس وعلى اية حال فالامر لايتوقف في استمرارية النشاط وتكثيف الجهد بالنسبة للافراد على الاسباب التي ذكرناها وانما هي الحاجة والضغوط المختلفة المصادر هي الدافع الحقيقي لحركة الانسان الفردي او الجماعي في كل مكان 00 فقد يكون للضغوط العاطفية تأثيرها الكبير في خلق اعظم الشعراء والادباء بما يندفعون به للتعبير عن مشاعرهم العاطفية تجاه محبيهم فيبدعوا بنظم اعظم القصائد او يكتبوا اروع الروايات وهو ما يطلق عليه بالالهام فلكل شاعر او اديب ملهمته التي تفجر عبقريته الادبية كي يصوغها شعرا او يكتبها ادبا رفيعا او رواية يعبر بها عن معاناته داخل قرارة نفسه 00 كما قد يكون الملهم هو الوطن فينظم الشاعر اعظم قصائده الوطنية في مناسبة او غير مناسبة فالابداع والابتكار اما ان يكون ماديا كالصناعات والمبتكرات التي وصل اليها العلم في عصرنا الحاضر او ان يكون معنويا كما يحدث لدى الكتاب والشعراء او كتاب القصة والرواية 00 كما قد تكون الهواية سببا في اتجاه الشخص الى ناحية من نواحي الحياة المختلفة خاصة الفنية فقد يتجه المرء الى الموسيقى فيبدع بالعزف بقدر تشوقه لها وتعلقه بها وكذلك بالنسبة للرسام والنحات وغيرها من الفنون 00 فقد دفعني حبي للموسيقى ان ادخل معهد الفنون كي اتعلمها واقتني الالات المختلفة مثل العود والكمان وغيرها وفي وقت من الاوقات وعندما افتقدت العود ولشوقي الشديد له قمت بصناعته بنفسي بعد ان كنت اقضي معظم اوقاتي عند احد صناع العود حتى اتقنت صناعته واستطعت ان اصنع اعدادا منها فالحب والرغبة هو نوع من الضغط النفسي الذي يدفع المرء للعمل والانتاج والابداع والخبرة وهي لا تكتسب بغير الممارسة المستمرة  فقدرة الانسان لاحدود لها اذا ما اراد استغلالها وتوفر شرط الحب او الحاجة وكما يقال فعلا ( الحاجة ام الاختراع ) وقد يتحقق من ضغط الحاجة ا والرغبة او كليهما  الخبرة والتطوير والابداع ولولا ذلك لبقي الانسان يعيش حياة البداوة او حياة التخلف كما نحن فيها الان وكما قال احد الاثرياء في احدى الدول العربية ( لماذا نتعب انفسنا ونشتغل طالما لدينا المال فالنجعل غيرنا يخدمنا ويقدم لنا كل ما نحتاجه ) فبهذه العقلية لازلنا نعيش وبهذه العقلية سوف نبقى في اخر الركب فقد قيم وضعنا احد الاقتصاديين العرب خلال عشرة سنوات بجدول حسابي يصف فيه تقدم الغرب في كل سنة وبقائنا على ما نحن عليه وكما يلي

    

 

تطور الغرب في السنة0000  وبقائنا  نحن          

------------------------------------------

2                                  1    

8                                  2    

16                                3    

32                                4     

64                               5       

128                             6        

258                              7      

516                              8        

1032 ضعف                    9  ضعاف                

فتصوروا الفارق الذي سنكون عليه بين ما يصل اليه الغرب من تقدم وما سنكون عليه من تخلف خلال العشر سنوات القادمة ان لم نتحرك00 فتوفر المال لايبرر الكسل والتقاعس عن العمل كما يفهمه مالكوا النفط الزائل00 ولكن وللاسف ان ظاهرة الابداع لا نجدها بشكل عام إلا عند الفقراء من الناس فمعظم المبدعين من الشعراء والادباء والكتاب والرسامين والموسيقيين بل وحتى العلماء هم من الفقراء والمحتاجين والمضغوطين  وقد يكون حالة التعويض عن شعورهم بالحرمان هي التي تدفعهم للابداع والابتكار فكل هذه العوامل تدفع امثال هؤلاء للكتابة او للرسم اولغيرذلك وما يؤكد صحة هذا الرأي اني قد احتجت يوما الى غرفة نوم فقد وجدت سعرها في الاسواق غالية الثمن وكنت تحت ضائقة مالية  وشعرت بالقدرة على صنعها فصنعتها بنفسي وقد اعجبت كل من شاهدها ثم صنعت مائدة طعام ومكتبة لطيفة وضعت بها كتبي ولقد كان للحصار المفروض على العراق بعد سنين طويلة  دور مهم في مساعدة ابنائي الذين حرموا من العمل ومورد الرزق فصنعت لهم معمل لصنع كابحات السيارات والكلجات بيدي وبتصميمي الخاص  وقمنا بانتاج احسن انواع الكابحات التي بيعت في الاسواق من قبل باعة المفرد على انها صناعة اجنبية واستمروا خلال مدة الحصار يصنعونها حتى قيام الاحتلال حيث انصرف كل منهم الى عمله وفق شهادته حيث عين زوج ابنتي استاذا في كلية الطب فهو طبيب اختصاصي اضطره صدام للعمل مع اولادي في صناعة الكابحات وترك مهنته الاصلية وكذلك اولادي عادوا الى العمل في الدوائر كل حسب اختصاصه فقد تمكنوا من اجتياز محنة الحصار لما تعلموه مني من خبر في القضايا الصناعية فالعلم قوة والخبرة حماية والحاجة ام الاختراع فمع كل ما تعرضنا من مضايقات خلال حكم صدام فقد استطعنا تجاوزه بفضل الخبر التي نمتلكها كما استطعت انا نفسي ان اجتاز اصعب الضروف بفعل الخبر التي تعلمتها بدخولي في عدة معاهد تقنية 00 فعندما منعني صدام  من مزاولة المحاماة واغلق مكتب الاخراج الكمركي الذي كنت امارس فيه انجاز المعاملات الكمركية  بسبب امتناعي من المشاركة في الجيش الشعبي واضطراري للاختفاء  فاستطعت ان اعمل في العديد من المهن الحرة الحرفية ولم امد يدي لاحد او او اطأطيء الرأس لخصومي فالخبر التي اكتسبتها مكنتني من تجاوز كل المحن فقدرات العراقي لاحدود لها فهي طاقات عظيمة كامنة لو استغلت بالشكل الصحيح لقدم العراق المعجزات بما يمتلكه مواطنوه من ذكاء ولاستطاع العراق ان يبتز اعظم الدول دون أي مبالغة ولكن وللاسف فقد تمكن الاجنبي ان يشغلنا في صراعات وتقاطعات ليس فيها فائدة للجميع بل على العكس فيها الخراب لنا فان العراقي بامكانه ان يحمي نفسه ويقوم نفسه ويطور نفسه00 فهو بحاجة الى كتاب الاجنبي وعلمه لا الى سلاحه ووجوده المذل داخل الوطن 00 غير ان الاجنبي قد حرمنا من كتبه وعلمه وجائنا بدباباته ومتفجراته ومكائده ليقتل هذا الشعب المسكين الساذج والجاهل والمتخلف ويفرقه الى طوائف وملل و يمنع عنه المعرفة كي يستمر في احتلاله والى الابد 00 ومع ذلك فالضغوط والقهر الذي يعانيه هذا الشعب والحاجة الى الكثير من متطلبات الحياة سوف تدفعه ( أي الشعب) الى تفجير كل طاقاته الكامنة ويمزق اغلال التخلف ويخرج من قمقم الخرافة والشعوذة ليواكب حركة النهضة الصناعية ويلحق بركب التطور الغربي في جميع ميادين الصناعة والعلم وينشر الكهرباء رغم انف المعوقين والمخربين فان استطاع روتنبرغ او اديسن او رايت ان يؤسسوا لهذه الحضارة العظيمة في اوربا فان في العراق عقول لاتقل عن كل اولائك فهم لم يكونوا سوى بشر مثلنا ولم ينزلوا من المريخ ولكنهم وجدوا المناخ الملائم فعملوا ونحن وجدنا الخونة والحصار فاقعدنا وعطل قدراتنا 00 ولكن الطموح والامل والعمل والمثابرة والعزم على النهوض سوف تمكننا من تغيير هذه الصورة التي نعيشها في هذه الايام 00 وان لاتجعلنا المعوقات تثبط عزائمنا بل على العكس فوجود صدام وحصاره علينا انا واولادي واقربائي مكننا ان نصنع ما استطعنا ان نتجاوز جميع ضغوطه وتهديداته فذهب هو وبقينا نحن فما فعله صدام كان حافز انتاج وابداع كرد فعل لجميع مخططاته المحبطة وقد فعل الكثيرون ما فعلناه ونجحوا ولم ينهار سوى الجهلة المتخلفون الذين لم يتسلحوا بسلاح العلم فهووا 00 او الذين كانوا يبحثون عن المناصب فنافسوا صدام فتصدى لهم فقضى عليهم او شردهم في اصقاع الدنيا 00فالمنافسة الحقة يجب ان تكون في مجال العلم لافي مجال المناصب والسرقات00 فما استجد بعد الاحتلال جاء بالعديد من الجهلة الذين لايفقهون من العلم شيئا ولم يجدوا مجالا يتنافسون فيه سوى التصارع على الكراسي ونهب الاموال متخفين تحت مظلة العمالة والانتماءات المختلفة فلم يصلحوا ما خربه صدام بل زادوا البلاد خرابا ودمارا وقتلا وتشريدا باوامر من الاسياد ومن الزعامات المتعددة المرتبطة بالفرسان فمارسوا الظلم ونشروا الظلام ورسخوا الفوضى بين العباد فعلينا ان نتمسك بالمثل القا ئل فمن طلب العلا سهر الليالي 000 فهنيئا ومريئا لك ياشعب العراق  غفوتك الابدية 000!!!  

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا