<%@ Language=JavaScript %> الجيوش الانكشارية سيف ذو حدين يوسف علي خان
   

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين          

 

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                        

 
 

 

 

لا

للأحتلال

 

 

 

الجيوش الانكشارية سيف ذو حدين

 

 

يوسف علي خان

 

اعتمدت في الاونة الاخيرة بعض الزعامات العربية على تجييش وتجنيد بعض الاجانب من الدول المختلفة خاصة الغير عربية وضمهم الى فصائل قواتها لانعدام ثقتها بالمواطنين مما ينتسبون الى قواتها المسلحة خشية التأمر والانقلاب عليها وانتزاع السلطة منها وهو امر ليس بجديد

 00 فلربما قد بدأ مثل هذا الاجراء منذ نشأة الدولة العباسية بشكل واضح وصريح 00فقد اعتمد الخلفاء العباسيون في بداية تكوينهم وقبل تأسيس دولتهم على يد ابو العباس على تشكيل فصائل فارسية كان لها الدور الفعال في نجاح ابو العباس بالوقوف في وجه الخلفاء الامويين والتمرد عليهم ومن ثم اكتساح رقع دولتهم في الشرق وهي الاراضي التي كانت تسيطر عليها الدولة الاموية في مناطق شاسعة من اسيا وتمكنهم من السيطرة عليها واعتمادها نواتا لهذه الدولة الجديدة التي اراد انشائها العباسيون

00 ثم الزحف باتجاه المقر الرئيسي للدولة الاموية في الشام والاستحواذ عليها خطوة بخطوة حتى تمكنوا في الاخير بالالتحام مع الجيوش الاموية في معارك فاصلة انهت الدولة الاموية وبدأت الدولة العباسية في الظهور00 وقد لعب الفرس دورا كبيرا في انتصار هذه الدولة الفتية على الامويين وتشكيل مليشيات وفصائل فارسية وتحت قيادة قادة فرس اعتمدهم الخلفاء العباسيون في تثبيت اركان دولتهم 00

وقد اخذ نفوذ هذه الفصائل يكبر ويقوى ولم يقتصرالنفوذ على القوات العسكرية فقد تغلغل ذلك الجيش الانكشاري في الادارة المدنية واستطاع ان يجد له منافذ عدة خاصة بعد ان ادخل العنصر النسائي واستطاع ان يغري ويدفع العديد من الخلفاء العباسيين من التزوج من نساء فارسيات تمكن عن هذا الطريق  من التدخل بشكل مباشر في امر الدولة والتأثير على سياستها في الحكم 00

حيث ان الفرس لم يستسلموا بعد ان ازال العرب دولتهم العتيدة بفضل الجيوش الاسلامية التي قضت على ملكهم ولكنهم ظلوا يترصدون الفرص للانقضاض على الحكم العربي واعادة الامبراطورية الفارسية وان محاولتهم مساعدة العباسيين والتأثير عليهم عن طريق نسائهم الفارسيات لهو دليل قاطع على تلك المحاولات ومظهر جلي من مظاهرها  00حيث تزوج المهدي من الخيزران وتزوج الرشيد من بعض النساء الفارسيات عدا ما اكتنزه من جواري ملأ به قصوره 00

وسيطر البرامكة على امور الدولة حتى غدا الرشيد اشبه بالاسير لدى العائلة الفارسية حتى ضاق بهم ذرعا ما دفعه الى تكليف عبده سرور بقطع اعناقهم والتخلص منهم 00 غير ان جيوشه التي امتلأت بالقوات الفارسية بقيت عقبة ومعرقل للكثير من تحركاته واستمرار التامر عليه 00

ومع ان البعض من الخلفاء العباسيين غيروا من تنوع الوان وقوميات فصائل جيوشهم فاعتمد البعض منهم على الاتراك في تطعيم الجيوش العباسية فان جميع الخلفاء لم يكن يأتمنوا القادة والفصائل العربية بل كانوا اكثر ما يعتمدون على الفصائل الاجنبية الغير عربية ويأتمنوهم في حراساتهم وقواتهم الخاصة كما فعل المعتصم مثلا غير ان كل تلك الاجراءات كانت سببا فعالا في تقويض الدولة العباسية ولم تحمي اولائك الخلفاء بل على العكس ادت الى زوال ملكهم والقضاء عليهم 00 حيث ساعد الاجانب التتار ومكنوهم من اجتياح بغداد والاستيلاء عليها على يد هولاكو ومن اعقبه من احفاده خلال السنين المتعاقبة

00 فان اعتماد الزعماء العرب على الاجانب من الانكشاريين خطأ فاحش ففي الوقت الذي حاولوا فيه تجنب بني جلدتهم من  العرب وابعادهم عنهم خشية الانقلاب عليهم فقد فسحوا المجال للتغلغل الاجنبي والسيطرة على اراضيهم والفتك بهم فلا يمكن للاجنبي ان يخلص لغير بني جلدته في كل زمان واوان على العكس كان على الزعماء العرب الاعتماد على مواطنيهم والعمل على ارضائهم اجدى لهم وانفع 00

فالتورط بالاجنبي لايمكن ان يحقق لهم السلامة ولا يخلص للبلد الذي يخدم فيه ويدافع عن شعبه

00فصحيح انه مستعد للتصدي للمواطن وقتله دون رحمة او شفقة ولكنه في نفس الوقت يشكل خطرا حتى على الزعيم الذي يسخرهم باغراء المال الذي يبذله لهم فبعد ان يقوى عودهم ويعظم نفوذهم في تلك البلاد ينقلبون على سادتهم ويطيحون بهم ويستولون على الحكم وقصة بيبرس وطقص وغيرهم كثيرون مما انتزعوا الحكم من اسيادهم واصبحوا هم الزعماء وتربعوا على الملك في البلدان العربية  و كتب التاريخ تزخر بهؤلاء التتار والشركس الذين كانوا عبيدا فسيطروا على الحكم وقتلوا اسيادهم من العرب وحكموا البلاد 00

وقد وقع السلاطين العثمانيون في نفس الخطأ الذي وقع به العباسيون من قبلهم حيث شكل سلاطينهم جيشا عرمرما من قوميات مختلفة لا تنتسب الى الامة العثمانية واطلقوا عليه الجيش الانكشاري فقد جمعوهم من شتات البلدان الاوربية والافريقية وذلك بعد ان تعرض بعض سلاطينهم الى مؤامرات الاقارب من العثمانيين محاولين ازاحتهم عن السلطة والسيطرة على الحكم 00

فقوي نفوذ هذا الجيش الانكشاري واصبح بعد فترة وجيزة يهدد نفس سادتهم من السلاطين 00 مما دفعهم في النهاية من تنظيم مكيدة لهم حيث دعى  الوالي العثماني  جميع القادة العسكريين في الجيش الانكشاري  الى وليمة في منطقة ( بير حلان ) قرب الموصل بمناسبة الاحتفال بالعيد الوطني ولدى حضورهم دخل عليهم العديد من الجنود العثمانيين وعملوا فيهم قتلا حتى ابادوهم عن بكرة ابيهم ورموا جثثهم في البئر التي لازالت متواجدة في المنطقة  تذكر قصة تلك المجزرة ونكبة القادة الانكشاريين  وهي شبيهة بنكبة البرامكة في العصر العباسي 00 وهذا الامر هو ما يفعله العقيد القذافي في ليبيا فقد جند له جيشا من المرتزقة الغير ليبيين من المناطق المختلفة ومن جنسيات وقوميات متنوعة عربية وافريقية وحتى اوربية لانعدام ثقته بالليبيين وجعلهم يلتفون حوله لحمايته وشكل منهم فصائل انكشارية جديدة 00 وقد ظهر ذلك جليا حيث اتضح بان الليبين لايريدون زعامته لتعسفه معهم واستغلال موارد ليبيا له ولاولاده فانتفض الجميع ضده فاطلق عليهم جيشه الانكشاري والموزعين في جميع صنوف الجيش حتى في قيادة الطائرات حيث تم القاء القبض على اجانب من الطيارين الغير ليبيين ومن احدى الدول العربية  التي يحكمها زعيم مستبد وحكومة فاشية غاشمة والتي تدعمه وتريد ان يبقى على رأس السلطة في ليبيا 00

واخذوا يقصفون المدن ويقتلون ابناء الشعب الليبي دون شفقة او رحمة فقد دفع اؤلائك الطيارين زعماء بلدانهم لمساعدة القذافي لانهم يعلمون بانه اذا انتصر الشعب الليبي واطيح بالقذافي فسيأتي الدور عليهم بكل تأكيد فحماية لعروشهم هم يحاولون مساندة القذافي للابقاء على حكمه حتى يؤمنوا على استمراريتهم بالحكم في بلدانهم00 ولكن وبكل تأكيد فان ارادة الشعوب هي اقوى من ارادة الظلم والطغيان وسوف يندحر القذافي مهما حاول المطاولة ومهما امتد ت به المقاومة ومهما جند من جيوش انكشارية فسوف تبقى مجرد قوات اجيرة ليس لديها المعنويات العالية التي يتمتع بها الشعب الليبي 00

وسوف يمتد السيل الجارف على هذه الدول التي تحاول مساعدة القذافي بارسال المقاتلين له والطيارين ليقودوا طائراته ضد ابناء وطنه وسيذكره التاريخ بالخزي والعار كما سجله لغيره من الزعماء الذين اجبرتهم شعوبهم على الرحيل  00 وان الجيوش الانكشارية اليوم منتشرة ليس فقط في ليبيا بل هناك دول عربية قد سيطر عليها الجيش الانكشاري سيطرة كاملة واضحى القوة العظمى فيها 00 وهناك في دول عربية اخرى جيوش انكشارية عدة وليس جيش واحد ومن قوميات متعددة تهدد امن وسلامة هذه الدول تحاول تجزأتها وتشتيت اوصالها 00 ومع ذلك فالجيوش الانكشارية مع سيطرتها لقرون عدة في بعض الدول فقد زالت وعادت الحكومات الوطنية تحكم من جديد 00 ومع ان بعض الزعامات العربية تعول على مصير الثورة الليبية وتأمل اجهاضها من قبل القذافي وفشلها كي ترتاح وتتخلص من هذا الكابوس الذي ركبها واقض مضجعها وباتت لاتعرف طعم النوم من القلق والرعب من احتمال نجاحها اذ هي تعلم تماما بان انتصار الثورة يعني زوال حكمها الذي لازال يجثم على صدور العديد من الدول العربية دون وجه حق وخلافا لاارادة شعوبها وبحجج واهية تارة برفع الشعارات الدينية وتارة بالطائفية واخرى بالعرقية الشوفينية او بمواجهة القاعدة البعبع الذي خلقوه من العدم واخافوا به شعوبهم كما تخيف الام اولادها من السعلوة فيناموا خائفين مرتعبين ولكن الاطفال قد كبروا وصحوا ولم تعد تخيفهم سعلوات الدنيا برمتها ولا هذه الخزعبلات التي لاوجود لها على ارض الواقع إلا في مخيلة الجهلة والمنحرفين والمتخلفين ووعاظ السلاطين .

فلم تعد كل هذه الالاعيب تؤثر في شعوب هذه البلدان امام خلو بطونها والم جوعها وضغط الحرمان وانعدام الخدمات وجسامة السرقات والنهب الفاضح على المكشوف .. فان فراغ البطون يقلب العاقل الى مجنون فينتفض دون وعي او مبالاة الى كل ما يمتلكه الحكام من اسلحة او ما يعتمدون عليه من جهات اجنبية

.. وان كل الجيوش الانكشارية سوف لن تنقذهم من مخالب وانياب شعوبهم الذين بالتاكيد سينقلبون الى وحوش كاسرة لاتبقي ولا تذروسوف تصبح كل هذه الجيوش الانكشارية  التي يحتمون خلفها مجرد طائرات ورقية او ريش في مهب الريح ولن يستطيع  فرانكو الجديد ان يجهض الثورات ويعيد عقارب الساعة الى الوراء  ....!!!   

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

 

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا